الخميس: 16/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الوصيّة الـ 11

نشر بتاريخ: 29/01/2019 ( آخر تحديث: 29/01/2019 الساعة: 17:24 )

الكاتب: عميره هس
هآرتس- ترجمة: أمين خيرالدين

هل يُسْمَح لليهودي الذي يؤدّي فرائضه الدينيّة بإطلاق النار من بندقية يوم السبت المقدّس؟ هذه هي الوصيّة أل – 11. والمطلوب هو إطلاق النار على الظَهر ثمّ القتل، عندما يكون الأمر متعلّقا بعربي وجودُه يزعج الوصيّة "إنهب أرضهم كي تعيش في فيلاّ". هكذا قُتل حمدي نعسان من المُغير. نزل المتهمون بالقتل من إحدى البؤر الاستيطانيّة التي أنجبتها مستوطنة شيلو في أل- 20 سنة الأخيرة. السؤال المهم كيف ستبرر الشرطة عدم تحديد هويّة المتهم بالقتل، أو كيف ستستَبْدِل النيابة العامة تهمة القتل مع سبق الإصرار إلى قتل غير مقصود، وعندئذ إلى دهس نبات بريٍّ.
في شَهْرِي سبتمبر/أيلول و نوفمبر/تشرين الثاني قدّم المحامي الياس خوري شكوى للمستشار القضائي العسكري في منطقة يهودا والسامرة، بأنّ مستوطنو شيلو يهددون بالسلاح ويطردون سكان قرية قريوت من أراضيهم، وبعد ذلك يستَوْلون على الأرض. ردّ عليه المستشار القضائي بأن المستوطنين في شيلو لا يتبعون له. الشرطة، من جانبها، لم تكن مستعدّة للتحقيق بالموضوع. ومع ذلك قام نائب المستشار القضاتي العسكري بجولة في المكان، ووجد أنه فعلا يوجد زرع في مناطق واسعة من الجهة الثانية من الأراضي المُخصّصَة للمستوطنة.
لم يكن هذا في آخر السنة الماضية، إنّما كان هذا عام 1981. هذا أحدّ النماذج التي قدّمتها يهوديت كارف، في حينه وكيلة المستشار القضائي للحكومة، ذكرت في تقريرها في مايو/ أيّار 1982 عن تقصير المؤسسة إزاء ما يقوم به الجنود والمستوطنون من عُنْفٍ ضدّ الفلسطينيين في الضفة الغربيّة. لذلك،Cut the bullshit. يكفى التعامل مع جريمة القتل في المُغير على أنها برْقة أصابتنا فجأة، ويكفي عدم اتخاذ خطوات فوريّة وضروريّة في التحقيق - كشيء شاذ. بعد ما يقارب الأربعين سنة يجب الاعتراف بدون تردد: التقصير المقصود خَلَقَ لدى المستوطنين عنفا وتوسعا وجرأة أكثر وأكثر.
المستوطنون هم أداة – مرغوب بها وثمينة - لدى حكومات إسرائيل، المؤسسات المُوَطِّنَة في الدولة، المقاولون، عاشقو النبيذ وجبنة الماعز. الأراضي التي لا يمكن نهبها بواسطة القوانين الإسرائيليّة – قمّة إبداع افضل المُشَرِّعين لدينا – ينهبونها بواسطة العنف المقدس ودوران عيون المستوطنين. كل الحقائق كانت مطروحة أمام الشعب الإسرائيلي منذ أربعين سنة. لم يكترث الشعب، لأن الشعب الإسرائيلي مستفيد أوستستفيد بؤرة عدي- عاد نتيجة العنف. لو كان الأمر يهمّ الشعب، لانضمّ آلاف – وليس عشرات – لمنظمة تعايش ولِ"محاربين من أجل السلام" في الدفاع عن أراَضٍ يطمع بها رُعاة الأبقار.
بالمناسبة انضمّت مجموعة من منظمة "محاربون من أجل السلام" سنة 2011 إلى أوّل قطف للزيتون في قرية جالود، في قسيمة قام المستوطنون بعنفهم، ومعهم الجيش، بمنع وصولأصحاب القسيمة إليها على مدى عقد من اللسنين. قام مجهولون ( من المؤكد أنهم مجهولون) من البؤرة الاستيطانيّة إيش كودش، بمرافقة جنود، بمهاجمة أصحاب القسيمة ومهاجمة قاطفي الزيتون حتى أن إسرائيليّة القاطفين لم تساعد على كشف هويّة المتّهَمين، ناهيك عن تقديمهم للمحاكمة.
قرية قريوت هي الحد الشمالي الغربي لمجموعة قرًى فلسطينيّة شمال رام الله. تقع قرية المغير في الطرف الجنوبي – الشرقي من مجموعة هذه القُرى. في منظر متنوّع من الجبال، المروج، التلال والوديان، وما بها من مزروعات تنعش النفس، وكروم زيتون وأشجار مثمرة، ومساحات واسعة من المراعي والمنتزهات. مثابرة الإدارة المدنيّة، عنف المستوطنين وأوامر المناطق العسكريّة المُغْلَقَة أمام الفلسطينيين حوّلت هذه المنطقة الخلاّبة إلى "غوش شيلو": المنطقة هي إسرائيليّة، وبداخلها عالقة محميّات الهنود الحمر، بعد أن فشلنا من التخلّص منهم. اليوم هدف العُنف – من المراسيم التي تنفّذها الإدارة المدنية والتي يفرضها المستوطنون (حرق، وتقطيع الأشجار خاصّة)— أسفة، المجهولون— هو واحد: حشْر الهنود الحُمْر بقْدر المُسْتطاع في مناطقهم المبنيّة، وأخذ كل ما تبقّى لديهم. ليعملوا في البناء في المستوطنات، ما دام زيتهم غير مُجْدٍ.