الخميس: 09/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

مشروع القطار المعلق...اعلان للسيادة الإسرائيلية على البلدة القديمة

نشر بتاريخ: 31/01/2019 ( آخر تحديث: 31/01/2019 الساعة: 14:36 )

الكاتب: د. علي الاعور

قبل اربع سنوات ونيف قام احد زعماء الجالية اليهودية في الولايات المتحدة الامريكية بزيارة القدس ووقف على المنطقة المرتفعة من جبل المكبر ونظر الى البلدة القديمة واذا به يرى قبة الصخرة المشرفة ساطعة بلونها الذهبي وشوارع القدس القديمة واسوار ومآذن القدس وكنائس القدس وعلى الفور غادر المكان وقال "القدس كما هي ولم يتغير فيها شيء"..
هذه التصريحات تعكس ما تتعرض له القدس والبلدة القديمة من عملية تهويد وهدم للمباني والمنازل والحياة القاسية التي يعيشها المقدسيون في البلدة القديمة مما يضطر أهلها الى الصمود تحت ظروف اجتماعية واقتصادية ومعيشية قاسية.
وفي يوم الأربعاء ، 13 ديسمبر 2018، عقد اجتماع للجنة الوطنية للبنية التحتية الإسرائيلية من اجل تقديم مشروع تلفريك القدس والذي يربط ساحة البراق بالقدس الغربية ويستغرق تنفيذ المشروع 15 شهرا بتكلفة 200 مليون شيكل.
ويوم امس صادقت اللجنة الوطنية للبنية التحتية الإسرائيلية على إقامة مشروع تلفريك الذي يربط القدس الغربية بالقدس الشرقية وصولا الى ساحة البراق وربط جبل الطور بالبلدة القديمة وصولا الى سلوان بعدد كبير من العربات الكهربائية المعلقة وسرعة تحركها بزمن سريع في الساعة وعدد الأشخاص الذين يستقلون تلك العربات الهوائية حيث يصل عددهم الى ثلاثة الاف شخص في الساعة ويستغرق تنفيذ المشروع 15 شهرا مع منح مهلة للمعترضين على المشروع مدة ستون يوما.
وفي تحليل لهذا المشروع الذي يقوده وزير السياحة ياريف ليفين ووزير المالية موشيه كحلون الذي وفر مبلغ 18 مليون للتخطيط والمشاركة العامة في المرحلة الأولى من المشروع وقال ليفين حول المشروع " ان المشروع سوف يغير وجه القدس ويغير معالم المدينة ويسهل على الزوار والسياح الوصول لساحة البراق في دقائق معدودة" وهناك اهداف اقتصادية لدى المنظمات الصهيونية العاملة في البلدة القديمة واشهرها منظمة العاد التي تسيطر على سلوان ومؤسسة تراث ما يسمى بالحائط الغربي (ستريت) التي سوف تجنى أرباح هائلة من السياح حوالي 3000 شخص كل ساعة وتحرك عربة تلفريك كل 10 ثوانٍ بالركاب وتذهب عائدات المشروع نحو مشاريع تهويد القدس وفرض السيادة عليها بطرق مختلفة.
ووفقا للمشروع سوف تكون كل عربة قادرة على نقل ما يصل إلى عشرة ركاب، وفي أوقات الذروة، 73 عربة ستكون على الخط. ويبلغ طول الخط 1.4 كيلومتر، وسيكون النظام تلقائيا، وكل 15 إلى 20 ثانية يغادر القطار حتى لو لم يكن هناك ركاب. وسوف تكون سرعة القيادة 21 كم / ساعة وتستمر 4.5 دقيقة.
ومن أجل بناء المشروع، سيكون من الضروري بناء 15 عامودا كبيرا من الإسمنت المسلح بارتفاع 26 مترا
وسوف يواجه المشروع هدم عدة طوابق من منازل في الخط الذي يمر به المشروع واكد المخططين للمشروع ان خط تلفريك القدس سيكون اقل ارتفاعا من اسوار القدس.
ومن الواضح ان الجانب السياحي والاقتصادي ليس مهما بالنسبة للقائمين على المشروع بقدر ما يهدف اليه المشروع من الناحية السياسية وهي فرض واقع جديد في البلدة القديمة وفرض مزيد من السيطرة الإسرائيلية وبالتالي اعلان السيادة الإسرائيلية بالكامل على البلدة القديمة وترك اللاعبين الاخرين سواء كانوا اللاعبين المحليين او اللاعبين الاقليمين بعيدا عن تغيير الامر الواقع في البلدة القديمة بقرارات إسرائيلية.
وتتضح الصورة المأساوية من عملية تغيير معالم المدينة المقدسة التاريخية والاثرية والعمرانية والدينية او حتى طمس تلك المعالم من خلال ارتفاع القطار الهوائي اعلى من البنايات والمنازل في البلدة القديمة ، وهذا يمثل تهويدا للبلدة القديمة بشكل خاص والقدس بشكل عام لطمس الهوية الفلسطينية والعربية والإسلامية والمسيحية للمدينة المقدسة.
ومن المعروف فان اتفاقيات جنيف الرابعة عام 1949 والقانون الدولي الإنساني وتوصية محكمة لاهاي الدولية عام 2004 والتي أعلنت "يمنع على دولة الاحتلال اجراء اية تغييرات ديموغرافية او ثقافية او عمرانية في الإقليم المحتل كما أعلنت محكمة لاهاي ان القدس الشرقية هي إقليم محتل وعلى إسرائيل التوقف عن تنفيذ اية سياسات تعمل على تغيير معالم وملامح المدينة المقدسة".
اعتقد ان هذا المشروع سوف يعمل على خلق إشكاليات سياسية بين إسرائيل والدول الإقليمية وخاصة الأردن التي لديها اتفاق سلام وعلاقات دبلوماسية مع إسرائيل بالإضافة الى اعتراف إسرائيل بالسيادة الأردنية على الحرم الشريف منذ عام 1967 وحتى تفاهمات جون كيري عام 2015 .
اما فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط وحل الدولتين بين الإسرائيليين والفلسطينيين فان المدينة المقدسة كانت و مازالت هي مركز الصراع وعنوان الحل وبالتالي فان هذا المشروع سوف يعطل عملية السلام والوصول الى سلام عادل وشامل وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية الى جانب إسرائيل .

*باحث ومختص في شؤون القدس والمسجد الأقصى