الثلاثاء: 30/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

قمع الأسرى الفلسطينيين وقائع جرمية ملطخة بالدم...

نشر بتاريخ: 27/02/2019 ( آخر تحديث: 27/02/2019 الساعة: 13:49 )

الكاتب: ناصر دمج

مدير وحدة الدراسات والأبحاث في نادي الأسير الفلسطيني

قمع الأسرى الفلسطينيين.. وقائع جرمية ملطخة بالدم من التشريفة إلى القتل بالرصاص الحي

مقدمة
دشنت دولة الاحتلال الإسرائيلي سجل جرائهما بحق الأسرى الفلسطينيين والعرب، مع بدء مرحلة أسر واعتقال المناضلين والمناضلات الفلسطينيين والعرب، في عام 1948 وصولاً 1967م إلى الآن.
في معتقل بيت ليد – كفار يونا ويعرف بالعبرية بــ (בית הסוהר אשמורת) وثق المقطع الأكثر وضوحاً في هذا السجل، ومع افتتاح معتقل عسقلان عام 1970م، شهد القمع والتعذيب أطوارا متتالية من الوحشية المنفلتة من عقالها، التي اصطلح على تسميتها بالتشريفة، حيث كان يُضرب الأسرى بالعصي حتى الموت لرفضهم الخروج إلى العمل، مثلما حدث مع الأسير الشهيد "عمر الشلبي" بتاريخ 22 تشرين أول 1973م، أو لعدم طويهم للبرش على المسطرة مثلما يريد السجانين (جرمانو أو بوكاره)، وصولاً إلى إجبارهم بالقوة على فك إضراباهم عن الطعام، في هذا التقرير سنقدم عرضاً مكثفاً لأبرز محطات قمع الأسرى وقتلهم.

قمع الأسرى في معتقل نفحة عام 1980م
بتاريخ 14 تموز 1980م، شرع الأسرى المتواجدون في هذا المعتقل بإضراباً جماعياً عن تناول الطعام، رداً منهم على سوء الظروف العامة فيه، حيث أبُلغ الأسرى من قبل إدارة المعتقل بلائحة ممنوعات، تسببت بتدهور العلاقة بينهم من اللحظة الأولى لوصولهم إليه، ومنها:

1- أن فترة النزهة هي 15 دقيقة فقط.
2- وممنوع عليهم التجمهر في ساحة النزهة.
3- وأن إدارة نفحة لا تعترف بممثلهم الاعتقالي.
4- وأن زيارتهم لذويهم مدتها (15) دقيقة.
5- وممنوع عليهم ممارسة الرياضة في ساحة النزهة.
6- وممنوع عليهم العمل في مطبخ أو (مردوان – ممر) المعتقل.

في مساء 13 تموز 1980م، سلم الأسرى إدارة المعتقل كشفاً بمطالبهم التي قد تسهم في تحسين ظروف عيشهم، وإلا شرعوا في اليوم التالي بإضرباً مفتوحاً عن الطعام، وجاءت مطالب الأسرى على النحو التالي:-

1- تركيب أسرة للنوم.
2- السماح لهم بإدخال راديو وتلفزيون.
3- تحسين نوعية وكمية الأكل.
4- السماح لهم بإدخال الكتب والصحف العربية والعبرية.
5- توسيع نوافذ الغرف بما يسمح دخول الشمس والهواء إلى داخلها.
6- التوقف عن سياسة العقاب الجماعي والفردي وعزل الأسرى في الزنازين، وحرمانهم من الأكل إثناء عزلهم، والاكتفاء بتقديم الخبز والماء لهم فقط لا غير.
7- أن تكون زيارة الأهل مرة كل أسبوعين ولمدة ساعة كاملة.
8- السماح لهم بإدخال الملابس الشتوية والصيفية والأغطية.
9- السماح لهم بشراء أطعمة وأغذية من كانتين المعتقل غير المسموح بها حتى تاريخه.
10- إطالة وقت ساعة النزهة لتصبح ساعة بدلاً من ربع ساعة.

قتل المضربين عن الطعام
مع انتصاف نهار الحادي والعشرون من شهر تموز لعام ألف وتسعماية وثمانون، وهو اليوم السابع للإضراب، نقلت إدارة معتقل نفحة (26) أسيراً مضرباً إلى معتقل الرملة، وكان بانتظارهم هناك سربين من الجنود والشرطة المدججين بالعصي والدروع، عُرف منهم مدير مصلحة المعتقلات الإسرائيلية العامة حينذاك "حاييم ليفي"، ومعه مدير معتقل الرملة "روني نيتسان" وكان مجرماً كبيراً، لقي مصرعه فيما بعد على يد أحد السجناء الجنائيين اليهود بسبب بطشه وتعسفه.

وعلى الفور بوشر بإدخال الأسرى واحداً واحد إلى عيادة المعتقل، حيث بدأ مسئولها وأسمه "رافي روميه" بمساعدة سجان عربي اسمه "نواف مصالحة" ومعهم آخرين من رجال الشرطة من مفتولي العضلات، وباشر هؤلاء جميعاً بتثبيت الأسير على كرسي، لكي يسكبوا في حنجرته وعن طريق الأنف بوساطة بربيش (الزوندا – بربيش التغذية القسرية) ماء وملح مذابان؛ ليستقر هذا المزيج الحارق داخل معدة الأسير الخاوية من الطعام منذ سبعة أيام.

ولكن ؟!
هذا المزيج لم يجد طريقه إلى مِعد (راسم حلاوة وعلي الجعفري وإسحاق المراغة) بل استقر في رئاتهم ليحرقها على الفور ما تسبب باستشهاد (راسم حلاوة وعلي الجعفري) على الفور بتاريخ 22 تموز 1980م، واسشتهاد "إسحاق المراغة" بعدهما بعام واحد.

قتل أسعد الشوا وبسام السمودي
مع تمام الساعة الثامنة من صباح السادس عشر من شهر آب لعام ألف وثمانماية وثمانية وثمانون، أقترب ضابط إدارة معتقل كتسعيوت المناوب "راتس" من بوابة قسم المعتقلين الأشبال طالباً منهم الخروج إلى العمل، ممثل القسم قال له:، لن نخرج للعمل؛ قررنا التوقف عن العمل.

فعاد الملازم ليبلغ إدارة المعتقل بما سمع، فعاد من جديد إلى القسم ومعه قوة كبيرة من الجنود، وفتحوا باب القسم وطلبوا من الأسرى الامتثال لأمر التعداد الأمني، فجلس الجميع على الأرض، وبدأ الضابط "راتس" بإختيار بعض الأسرى وأخرجهم منه، أما الأسرى في القسم المقابل لقسم الأشبال فيشاهدون ما يحدث لزملائهم، بينما الدم يغلي في عروقهم، فبدأ "راتس" ومعه باقي الجنود بضرب الأسرى الذين إخرجوا، أمام زملائهم في القسمين المتقابلين.

سمع الجميع نداء الاستغاثة الصامت؛ والصادر عن من يتعرضون للضرب، وبسرعة إستجاب الجميع لهذا النداء، فانطلقت شرارة الإنفجار مع تعالي صراخ الأسرى في القسمين المتقابلين، ولاحقاً باقي الأقسام، وبدأ الأسرى عن بكرة أبيهم بإلقاء الحجارة على الجنود، وتحول المعتقل بجميع أقسامه إلى بركان يقذف حمماً من الغضب.

تملك الخوف والذهول الضابط "راتس" والجنود الذين معه، فهربوا من القسم وتركوا الأسرى خلفهم ، بينما الصرخات تتعالى وتشتد، لأن الأقسام الأخرى البعيدة عن مكان الحدث لا تعلم ماذا يجري، لكنها تعرف ما هو المطلوب منها، وهو مواصلة الهتاف والصراخ وإلقاء الحجارة، في هذه الأثناء عاد إلى القسم راتس ومعه مدير المعتقل العقيد "ديفيد تسيمح" ومعهم عشرات الجنود والمجنزرات والسيارات المزودة بخراطيهم رش المياه.

بدأت المعركة بين الجانبين، الأسرى بحجارتهم الصغيرة وبعض أواني الطعام والأحذية، مقابل الأسلحة النارية التي تطلق الرصاص الحي في كل إتجاه، تعالت سحب الدخان الأبيض فوق الخيام فبدأ المشهد من بعيد وكأن حريقاً أشتعل داخل الأقسام.
الصراخ والهتاف يتواصلان، رغم كمية الغاز الهائلة التي تم ضخها نحو الأسرى، في هذه الأثناء يظهر مدير المعتقل "تسيمح"، وكان عصبي المزاج هائجاً كثور مصارعة أسباني، لأنه لم يتوقع أن يرى مثل هذا الأمر في يوم، تولى على الفور إعادة توزيع الجنود، وأستل من يد أحدهم بندقية أم 16 قصيرة الحجم، وكان أكثر شراسة وعدوانية من باقي الجنود، وبدأ بالسب والصراخ على الأسرى، قائلاً:
"أيها الكلاب توقفوا، وإذا كان بينكم رجل فليواجهني ويقف أمامي" فتصدى له "أسعد الشوا" وهو من مخيم الشاطئ في قطاع غزة، وكان نحيل القوام شديد البياض، وله من العمر تسعة عشر عاماً، بينما كان متكئاً إلى عامود خيمته يقاوم إحتمال سقوطه أرضاً لأن رئته أمتلأت بالغاز المسيل، وبما تبقى له من أنفاس قال لــ [تسيمح] أنا رجل أيها الكلب".

لم يردد أسعد كلماته مرة ثانية، لأن عشرة رصاصات استقرت في صدره على الفور، وأرداه القاتل "تسيمح" في مكانه، فنفرَ الدمُ من صدره ساخناً ليخضب رمل النقب بحمرته القانية، لقد سمع الجميع صوت الرصاص، وقلة من الأسرى الثائرين لاحظوا سقوط "أسعد الشوا" على الأرض، لكن القريبين منه رفعوا وتيرة الصراخ فتجدد قصف الجنود بالحجارة والأحذية، أما القاتل ذهب إلى مكان أخر من أرض المعركة، وقف أمام خيمة الأسير "بسام السمودي" ومن جديد يصوب بندقيته كقناص محترف ويطلق رصاصتين نحو رأس الأسير "بسام السمودي".

طوي السادس عشر من آب بسقوط شهيدين وإصابة 80 آخرين بجراح مختلفة بسبب الغاز المسيل والرصاص المطاطي، وسجلت إسرائيل بهذا الجرم سابقةٌ جديدة قوامها أن تم قتل أسرى عُزل من أي سلاح؛ دون وجود أي مبرر لاستخدام الرصاص الحي، سيما أن الغاز المسيل للدموع سيفي في الغرض.

قتل محمد الأشقر
بتاريخ 22 تشرين أول 2007م، استشهد الأسير "محمد الأشقر" داخل أسره في معتقل كتسعيوت، وهو مجرد من أي سلاح أيضاً، بسبب إصابته إصابة مباشرة في رأسه بالرصاص الحي، وإصابة 250 آخرين بإصابات مختلفة، وتجدر الإشارة هنا إلى أن عشرة أسرى فلسطينيين قتلوا بالرصاص الحي من عام 1967م – 2019م وهم:

الرقم أسم الشهيد تاريخ الاستشهاد مكان الاستشهاد البلد/ وملاحظات
1 قاسم أحمد الجعبري 27/5/1969م
جبال الخليل من مدينة الخليل أطلق عليه الرصاص الحي داخل طائرة مروحية وألقي منها بعد شهر من اعتقاله
2 محمد خريزات
14/10/1969م معتقل الصرفند من بلدة عيترون قضاء بنت جبيل جنوب لبنان تم قتله بالرصاص الحي بعد يومين من اعتقاله
3 أسعد جبر زكي الشوا
16/8/1988م معتقل النقب من مخيم الشجاعية في قطاع غزة قتل بالرصاص الحي من قبل مدير المعتقل ديفيد تسيمح
4 بسام إبراهيم السمودي 16/8/1988م معتقل النقب من بلدة اليامون في جنين قتل بالرصاص الحي من قبل مدير المعتقل ديفيد تسيمح
5 نضال زهدي عمر ذيب 8/2/1989م
معتقل مجدو من مدينة رام الله قتل بالرصاص الحي من قبل حراس المعتقل
6 عبد الله محمد إبراهيم أبو محروقة 10/8/1989م معتقل النقب من دير البلح في قطاع غزة قتل بالرصاص الحي من قبل حراس المعتقل
7 صبري منصور عبد الله عبد ربه 7/7/1990م معتقل عوفر من قرية الجيب قتل بالرصاص الحي من قبل حراس المعتقل
8 موسى عبد الرحمن 18/1/1992م
معسكر عتصيون شمال مدينة الخليل من قرية نوبا قتل بالرصاص الحي بعد أسبوعين من اعتقاله من قبل حراس المعسكر
9 إبراهيم محمد البرادعة 21/11/2000م معسكر عتصيون شمال مدينة الخليل من مدينة الخليل قتل بالرصاص الحي بعد ثلاثة أيام من اعتقاله من قبل حراس المعسكر
10 محمد صافي صالح الأشقر 22/10/2007م معتقل أنصار 3 من بلدة صيدا قضاء طولكرم قتل بالرصاص الحي من قبل القوات الإسرائيلية الخاصة التي اقتحمت معتقل النقب

علماً إن إجمالي عدد الشهداء الذين سقطوا داخل الأسر الإسرائيلي من عام 1967م إلى الآن هو 206 أسرى، ترجلوا لأسباب مختلفة، منهم 71 أسيراً استشهدوا بسبب التعذيب داخل زنازين التحقيق، و 51 أسيراً استشهدوا بسبب الإهمال الطبي المتعمد، و74 أسيراً استشهدوا بسبب ضرب وقمع الأسرى الفردي والجماعي داخل المعتقلات وهو الذي ظهرت أثاره فيما بعد، وهذا النوع من القتل يندرج تحت باب القتل العمد و10 أسرى استشهدوا بعد إصابتهم بالرصاص الحي.

وحدات القمع الإجرامية
تستخدم دولة الاحتلال الإسرائيلي وحدات القمع المختارة خلال عمليات اقتحامها لأقسام وزنازين وخيام الأسرى، ومنها:
(يحيدت نحشون יְחִידַת נִחְשון و يحيدت درور יְחִידַת דְרור و يحيدت متسادا יְחִידַת מֶצָדָה)، وهي مزودة بالأسلحة النارية ومسدسات الصعق الكهربائي والعصي والدروع ومعدات رش الغاز المسيل للدموع، وبالكلاب البوليسية من فصيلة (ميلنواه - سوبر دوغ) المعروف بشراسته وتدريبه العدواني، وهو يتمتع بقدرة عالية على العمل ويتحمل الألم، وهو مفضل بالنسبة لتلك الوحدات، لقدرته الخارقة على العمل حتى الموت؛ ولا يكترث لأي شيء بجانبه سوى تنفيذ مهمته المحددة، وتمتلك مصلحة المعتقلات الإسرائيلية منشأة خاصة بكلابها، تحتوي على 600 كلب، موجودة في معتقل الدامون.

وتتعمد وحدات قمع الأسرى ترك أثاراً جارحة خلفها؛ لتتسبب بإيقاع الرعب في قلوب ضحاياها، ما قد يردعهم مستقبلاً عن ارتكاب مخالفات جديدة تستدعي تعريضه لتنكيل وأذى جربوه.

كما تتعمد تلك الوحدات تخريب ممتلكات ومقتنيات الأسرى، وإتلاف المصاحف والرموز الدينية، وإجبار الأسرى على خلع ملابسهم بالكامل وتفتيشهم جسدياً، ومن ثم حشرهم مع بعضهم بعضاً وهم عراه، ما يخدش رجولتهم ويمس كبريائهم، ويجعلهم ينظرون بخجل شديد لبعضهم البعض، سيما إنها تطلب منهم القيام بحركات مشينة مثل الزحف على الأرض أو النباح والجرى كالكلاب، وكل ذلك يتم تحت عدسات الكاميرات التي تتعمد تصويرهم وهم بهذه الوضعية.

واعتبرت منظمة أمنستي هذا التصرف بأنه يحاكي جرم الاغتصاب الذي تقوم به عصابات الإجرام المنظمة في إفريقيا بحق ضحاياها، لتوكيد هزيمتهم ودفعهم للهرب أو الانتحار ومن ثم تفكيك أسرهم تحت طائلة الفضيحة، وهو مسلك لم يسبقه مسلك مماثل في الوصول لهذا الدرك المنحط في سلم البربرية وإجرام الدولة المنظم.

لأن هذه الممارسات طالت في عام 2017م المعتقلين الأطفال في قسم (7) في معتقل هشارون، فيما بعد قامت المخابرات الإسرائيلية بتهديدهم بنشر صورهم وهم عراة إن لم يتعاونوا معها.

تشريع القمع وإلباسه اللبوس القانونية
دخلت عمليات قمع الأسرى طوراً جديدا من الخطورة، بعد إقرار المشرع الإسرائيلي مجموعة من القوانين التي تمنح القمع والتنكيل ما يلزمه من تغطية، حيث شهد عام 2018م حملة محمومة من قبل أعضاء الكنيست الإسرائيلي لسن المزيد من القوانين والتشريعات الضاغطة على الأسرى والأسيرات، ومنها:

مشروع قانون طرد عائلات منفذي العمليات
تم تقديم هذا القانون كواحد من قوانين العقوبات الجماعية بحق عائلات منفذي العمليات على خلفية مقاومة الاحتلال حسبما عرفهم القانون، بحيث يتم طرد أفراد عائلاتهم خلال مدة أقصاها 7 أيام، وتم إقراره بالقراءة الأولى بغالبية 69 عضو كنيست بتاريخ 19 كانون أول 2018م.

مشروع قانون خصم الأموال التي تدفعها السلطة الوطنية الفلسطينية لعائلات الأسرى والشهداء.
تم إقرار قانون احتجاز جزء من المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية خلال عام 2018م بما يوازي قيمة المخصصات التي تدفع كإعانات للأسرى والشهداء، والتي تم تقديرها بواقع مليار ومئة مليون شاقل سنوياً، وقد حمل القانون عنوان، خصم أموال للسلطة الفلسطينية بسبب دعم (الإرهاب).

قانون إلغاء الإفراج المبكر
تم طرح مشروع هذا القانون بتاريخ 3 أيار 2018م، وأقر بالقراءة الأولى بتاريخ 5 تشرين ثاني 2018م، فيما أصبح نافذاً بالقراءتين الثانية والثالثة بتاريخ 25 كانون أول 2018م وينصّ على منع تقليص فترات الاعتقال للأسرى الفلسطينيين "ممن أدينوا بتهم متعلقة بالقتل"، وبعدم استثناء أحد ممن قام بعمل "نضالي ومقاوم للاحتلال"، حتى إان كان حسن السلوك خلال فترة اعتقاله أو بسبب المرض الشديد.

مشروع قانون حكم بالإعدام
تم طرح هذا القانون الأكثر تطرفاً عام 2015م، ثم أعيد طرحه في كانون أول 2017م وحظي بموافقة الائتلاف الحكومي وصادق عليه الكنيست بالقراءة التمهيدية يوم 3 كانون ثاني 2018م بتصويت 52 مقابل رفض 49 عضو كنيست، ويتضمن القانون الحصول على موافقة اثنين من القضاة العسكريين ولا يشترط الإجماع لاتخاذ القرار بإعدام أسرى فلسطينيين أدينوا بقتل إسرائيليين، علماً بأن الاحتلال قد مارس الإعدام فعلياً وميدانياً خارج نطاق القانون حيث أعدم نحو 250 مواطن فلسطيني منذ تشرين أول 2015م.

مشروع قانون عدم تمويل العلاج للجرحى والأسرى
تم طرح هذا القانون في شهر تشرين ثاني من عام 2018م للانتقام من الاسرى الفلسطينيين المرضى بحجة مقاومة الاحتلال، بحيث يتم تغطية نفقات علاج الجرحى والمرضى من الأسرى، على حساب أهالي المصابين الأسرى أو أن تخصم من أموال السلطة الوطنية الفلسطينية والتي تقدر وفق ادّعاء الاحتلال بـ 40 مليون شيكل سنوياً.

قانون التفتيش الجسدي والعاري للمعتقلين ودون وجود شبهات
صادقت اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع يوم 19 تشرين أول 2015م، على مشروع قانون يمنح أفراد الشرطة صلاحية إجراء تفتيش جسدي حتى لى عابري سبيل غير مشتبهين، تحت حجة مكافحة العنف، وبالتالي يصبح كل فلسطيني عرضة للتفتيش الجسدي دون اشتباه ملموس.
واستكمل بمشروع قانون التفتيش العاري الذي تم طرحه ومناقشته ضمن لجنة الدستور التابعة للكنيست يوم 28 تشرين ثاني 2018م بذريعة منع المعتقلين من تهريب إدخال أغراض للزنازين في مراكز الشرطة وبموجب القانون يسمح للشرطة باستخدام القوة لتنفيذ التفتيش العاري، بحيث يهدف هذا القانون للاساءة المتعمدة وإهانة الأسرى.

مشروع قانون منع الزيارات العائلية
قدم عضو الكنيست اورن حازان مشروع قانون لمنع الزيارات العائلية للأسرى وخاصة الذين ينتمون لتنظيمات تحتجز جنود أو إسرائيليين واستثني من القانون زيارات المحامين ومندوبي الصليب الأحمر الدولي هذا القانون كان قد تم تقديمه في 18 حزيران 2017م وأعيد تقديمه ثانية يوم 21 تشرين أول 2018م وصادقت عليه اللجنة الوزارية للتشريع وأجيز بالقراءة الأولى يوم 25 تشرين أول 2018م، وحمل اسم قانون تعديل أنظمة سلطة المعتقلات.

مشروع قانون احتجاز جثامين الشهداء
استهدف هذا القانون فرض قيود وعقوبات وزيادة معاناة ذوي الشهداء المحتجزة جثامينهم وفرض شروط قاسية وكبيرة على مراسيم التشييع والدفن وتخويل الأجهزة الأمنية وقائد المنطقة العسكري باتخاذ إجراءات بما فيها تحديد أماكن الدفن وكان عضو الكنيست ووزير الأمن الداخلي جلعاد أردان قد تقدم بمشروع القانون حيث تم إقراره بالقراءة التمهيدية يوم 24 كانون ثاني 2018م وبالقراءة الثانية يوم 27 شباط 2018م وتمت المصادقة عليه من الكنيست بالشكل النهائي يوم 7 آذار 2018م، وهذه القوانين تنضم الى قوانين متطرفة سابقة تجاه الأسرى تم فرضها ما بين العامين 2015م - 2018 م، منها:

مشروع قانون حرمان الأسرى من التعليم
• قانون اعتراف المحاكم المدنية الإسرائيلية بقرارات المحاكم العسكرية في إسرائيل
• قانون محاربة الإرهاب.
• مشروع قانون إدانة فلسطينيين دون شبهات
• تطبيق القانون الجنائي الإسرائيلي في الأراضي المحتلة لصالح المستوطنين
• قانون إعفاء المخابرات من توثيق التحقيق
• قانون محاكمة الأطفال دون سن 14 عاماً
• قانون تشديد عقوبة الحد الأدنى على راشقي الحجارة في القدس
• قانون رفع الأحكام بحق الأطفال راشقي الحجارة

خلاصة
يستخلص من ذلك، أن إسرائيل ارتكبت وما زالت جرم قتل الأسرى الفلسطينيين والعرب بشكل منظم، وذلك خلافاً لأحكام اتفاقية جنيف المكونة من (4) معاهدات، وجميعها بينت حقوق وواجبات الدولة القائمة بالأسر وحقوق وواجبات الأسرى أنفسهم، وكذا حقوق و واجبات المدنيين الخاضعين لسلطان الدولة الأجنبية القائمة بالاحتلال تجاه السكان المدنيين فى وقت الحرب، وواجبات الدولة القائمة بالاحتلال نحوهم.

وتضمنت معاهدة جنيف الثالثة مجموعة واسعة من القوانين التى كفلت حماية الأسرى والمعتقلين، مع شروح تفصيلية للإجراءات التطبيقية، بما فيها تلقي الأسرى للعلاج والإفراج عنهم فى نهاية المطاف، حيث شددت على وجوب معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية فى جميع الظروف، مبينة أن لديهم حصانة ضد أى عمل من أعمال العنف، وضد الترهيب والشتائم.

كما حدد القانون الدولى الإنسانى الشروط الدنيا للاحتجاز، وتطرق إلى الوسائل المعيشية مثل ظروف الاحتجاز والمأكل والملبس والنظافة والرعاية الطبية، وتوفر المعاهدة حماية واسعة النطاق للمعتقلين المدنيين أثناء النزاعات المسلحة الدولية، إذ تبرره أسباب أمنية قهرية لذلك الاعتقال هو إجراء أمنى، ولا يمكن استخدامه كشكل من أشكال العقاب، وهذا يعنى أن كل شخص يعتقل يجب الإفراج عنه فى أقرب وقت، حال أن الأسباب التى استدعت الاعتقال لم تعد موجودة.

إلى ذلك، أدلى الجنرال الإسرائيلى المتقاعد "أرييه بيروه" بإفادة لصحفية نيويورك تايمز في عام 1995م، مفادها إنه قتل بمساعدة جنود آخرين (49) أسيراً مصرياً بعد اعتقالهم أحياء في شهر تشرين أول 1956م، وهو ما يمكن تكيفيه قانونياً كجرم دولة منظم ينطوي على عقد النية المسبقة لانتهاك حقوق أسرى الحرب، التى تقع تحت بند الجرائم المنظمة ضد الإنسانية.

وفتح هذا الاعتراف الطريق لفيض من الاعترافات المماثلة، التي أدلى بها ضباط وجنود إسرائيليون عن قتلهم لأسرى حرب أردنيون وفلسطينيون ومصريون، ومن المعلوم أن هذا النوع من الجرائم لا يسقط بالتقادم، لأن الاتفاقيات الدولية المشار إليها في هذا التقرير، والمنظمة لأوضاع أسرى الحرب والقانون الدولى والتى تعتبر العنف والقتل بجميع أشكاله، والتشويه والمعاملة القاسية والتعذيب وانتهاك الكرامة الشخصية وإعدام الأسرى دون حكم صادر من قبل محكمة توفر جميع الضمانات القضائية القياسية، وحجب العلاج عن الجرحى والمرضى؛ انتهاكاً صارخاً وجرائم ضد الإنسانية.

يستدل من ذلك على بداية الطريق الذي على المستوى السياسي الفلسطيني أن يسلكه، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، للبدء بمساءلة إسرائيل عن ما اقترفته من جرائم بحق أسرى الحرب الفلسطينيين والعرب.

ومطالبتها بإماطة اللثام عن مصير 29 أسيراً أردنيا و53 أسيرا مصريا و 5 أسرى فلسطينيين وأسير لبناني واحد، فقدت آثارهم بعد احتجازهم من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، والدفع بهذه المعطيات كملف مستقل أمام المحكمة الجنائية الدولية بصفتها أحد الكيانات القضائية المختصة فى متابعة قضايا الانتهاكات ضد الإنسانية.


مصادر التقرير ومراجعه:
1- نادي الأسير الفلسطيني، (تقرير) المؤسسات الحقوقية: الاحتلال اعتقل أكثر من (5100) مواطن خلال العام 2018م
2- منظمة العفو الدولية، https://www.amnesty.org
3- ناصر دمج، الأجسام والكيانات الإسرائيلية المساهمة في قمع الأسرى الفلسطينيين، http://www.maannews.net/Content.aspx?id=973894&fbclid=IwAR1SdAXnk5BWSYKz4NAvp5ScDMWNGnZ3n-jzbsMQs6vRFuNj2Pt7iskvkXc
4- مصلحة المعتقلات الإسرائيلية العامة، https://www.gov.il/ar/departments/prison_service
5- اتفاقية جنيف المرخة في 12 آب 1949م، منشورات اللجنة الدولية للصليب الأحمر
6- القانون الدولي المتعلق بسير العمليات العدائية، مجموعة اتفاقيات لاهاي، منشورات اللجنة الدولية للصليب الأحمر