الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

معادلة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي... واستعصاء الحلول

نشر بتاريخ: 16/03/2019 ( آخر تحديث: 16/03/2019 الساعة: 23:36 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وعلى غير المألوف في تاريخ الصراعات يزداد تعقيدا يوما بعد اخر، وذلك لصالح اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال التي اصبحت قادرة على التملص من اي جريمة ترتكبها جهارا نهارا بحق الشعب الفلسطيني تحت احتلالها، وكأنها دولة تفوقت على كافة القوانين البشرية بما فيها القانون الدولي والدولي الانساني.
تقرير جولدستون مثلا لا حصرا وهو القاضي اليهودي الذي ادان اسرائيل بارتكابها جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية تلاشى بين غبار الارشيف وكذلك كان مصير كل تقارير الادانة المتكررة من قبل جمعيات ومجالس حقوق الانسان سواء التابعة للامم المتحدة، او تللك الجمعيات المنتشرة في دول العالم المختلفة كمنظمات غير حكومية والتي كثيرا ما تكون غيورة على الانسان وحقوقه اكثر من حكوماتها.
الاهم من كل ذلك هو مئات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للامم المتحدة وعن مجلس أمنها الذي يُفترض ان يكون حامي حمى السلم والامن الدوليين بما في ذلك القرار المعجزة 2334 في ديسمبر 2016 الذي أفلت من براثن الفيتو الاميركي، هذه القرارات جميعها لاسرائيل القوة القائمة بالاحتلال هي ايضا تأرشفت بعد ان حولتها اسرائيل وداعمها الاول اميركا الى مجرد وثائق لا تساوي الحبر الذي كتبت فيه، كما قال شارون في يوم مضى بحق مبادرة السلام العربية مع فارق انها (المبادرة) ستحول الحلم الصهيوني باقامة كيانه على ارض فلسطينية مسروقة الى حقيقة بتعهدها بمنح شرعية من اهل المكان لهذا الكيان.
المضحك المبكي وفي نفس سياق جبروت وغطرسة بني صهيون هو ان "اسرائيل ليست دولة لجميع مواطنيها" وذلك بحسب تصريحات رئيس وزرائها النتن ياهو مؤخرا اذ وعلى الرغم من كون هذا التصريح بمثابة اقرار منه انه رئيس لوزراء دولة ابارتهايد/فصل عنصري الا ان هذه الدولة العنصرية ما زالت تصنف ضمن الدول الديمقراطية وربما تصنف في قادم الايام ولنفس الاسباب ضمن الدول الراعية لحقوق الانسان.
هذه حقائق مخجلة ومؤلمة وتحمل في ثناياها معجم ادانة للموقف غير المعقول وعير الاخلاقي من قبل المجتمع الدولي حيالها ما يعني تراجع الدول القيمية عن مسؤوليتها في حماية قيمها الانسانية التي تتشارك فيها مع الفلسطينيين والتي قامت عليها كدول متمدنة واساسها حقوق الانسان. هذا التراجع تتوج بصمت لا يمت للانسانية بصلة من قبل هذه الدول حيال كل هذه المعاناة اليومية التي فاقت سقف التحمل البشري والتي يعانيها الشعب الفسطيني الواقع تحت نير هذا الاحتلال الصهيوني العنصري والذي لم يعرف التاريخ لا المعاصر ولا القديم اسوأ من هكذا احتلال خصوصا وانه (الاحتلال) يمارس كل جرائمه في القرن الحادي والعشرين الذي يشهد نهضة قيمية انسانية وثورة تكنولوجية تُمَكِن اي كان في اي مكان في العالم من سماع أنات وآهات الفلسطينيين في معاناتهم من وحشية هذا الاحتلال دون ان تهتز لاي من هؤلاء المستمعين قصبه وكأن الشعب الفلسطيني شعب هبط على هذه الارض من غير حساب وبالتالي لا مكان له بين شعوب العالم.
ومع ذلك وفي الوقت الذي نؤكد فيه ثانية على تقصير المجتمع الدولي تجاه كل هذه البشاعة في جرائم الاحتلال الصهيوني حيال الشعب الفلسطيني الذي لا ذنب له سوى انه يريد ان يستمر في العيش كما كل شعوب العالم على ارضه التي خصته بها الطبيعة منذ البدايات والتي سرقها منه المحتل الصهيوني في سنة 1948 وللاسف بمباركة ومشاركة من قبل جهات نافذة في المجتمع الدولي رضوخا للابتزاز الصهيوني الذي ما زال قائما الى يومنا هذا، الا اننا وفي نفس هذا الوقت ومن اجل الموضوعية في نقل الرواية ومصداقيتها ومن اجل البحث عن حلول لمعادلة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والتي هي معقدة جدا لا بد وان نعترف ان هناك اسهامات من قبل البعض الفلسطينين والتي ارى كما غيري كثر انها ترقى الى تبرير خطايا صمت الاخرين وتقصيرهم .
هذا الاعتراف لا يعني بالضرورة رفع سقف القدرة الفلسطينية لتطال السماء ولكنها بالتأكيد قادرة على ان تطال من ساهموا في خلق هذا الوضع المزري وغير المسبوق من التردي في الواقع الفلسطيني، وذلك بسبب ان رؤوس المسؤولين عن ذلك تحولت الى اعشاش للمصالح الشخصية والحزبية غير الوطنية وذلك على حساب المصلحة الوطنية وبالتالي الى فساد وافساد مالي وسياسي واداري وديني جعل من معادلة الصراع اكثر تعقيدا مما هي عليه ولصالح الشق الاحتلالي من هذه المعادلة.
وذلك على عكس ما اثبتت الطبيعة صحته من ان هناك حل لاي معادلة مهما كانت معقدة وذلك من خلال توفير العوامل المساعدة لتفكيكها وبالتالي حلها وهو الامر الذي يقف دونه الاحتلال الذي يعمل دون كلل ومنذ اليوم الاول مستخدما كل ادواته من اجل تعقيد هذه المعادلة، واستحالة تفكيكها بما في ذلك مواصلة الاستيطان وسرقة الارض وزرع بذور الفساد والتحريض لافساد التربه الوطنيه الفلسطينيه وحديثا بتعزيز الانقسام وتسمينه بدولارات قطريه بحسب اعتراف النتن ياهو وعلى الجانب الدولي اشهار سيف عداء الساميه بوجه كل منتقد للجرائم الصهيونيه لضمان استمرار الاحتلال وضمان تملصه من كل جرائمه.
ما سبق لا ينفي ابدا حقيقة ان الشعب الفسطيني ما زال يملك كل مقومات واسباب الانتصار كباقي الشعوب التي تحررت من نير الاستعمار والتي لم تتمكن من ذلك الا بعد ان تمكنت من كنس كل المعيقات الذاتيه لهذا الانتصار اولا، وهذا يقودنا الى اهمية وضرورة الاستفاده من تجارب تلك الشعوب وذلك بكنس اصحاب المصالح غير الوطنيه الذين ينخرون كالسوس في هيكل الوطنيه الفلسطينيه والذين يستخدمهم الاحتلال كعامل مساعد لصالح عدم حل معادلة الصراع من اجل بقائه جاثما على الارض وعلى صدور اصحابها الفلسطينيين. مع ادراك بان كنس هؤلاء ليس بالامر السهل كونهم يتلونون بيننا كالحرباء تارة باسم الوطنيه وتاره باسم الدين ويتمتع الكثير منهم بذكاء غير عادي لدرجه اننا اصبحنا نصدقهم .