الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

ضبعونا..

نشر بتاريخ: 20/04/2019 ( آخر تحديث: 20/04/2019 الساعة: 17:18 )

الكاتب: عبد الله زماري

إن من مظاهر المناعة الوطنية، اصطفاف فئات الشعب لمواجهة كل ما يهدد الوطن والشعب، مهما كان هناك من خلافات وتجاذبات سياسية واجتماعية، وأن يقف المواطنون جميعا ليقولوا لا لأي أمر دخيل يهدد حاضرهم ومستقبلهم، وهذه ال (لا) ليست بالكلام فقط، بل بالفعل والمبادرة والانخراط في مقاومة التهديد ومواجهة التحديات.
هذا الأمر بديهي وتلقائي ولا يحتاج لمن يّحُثُّ عليه، ولا يحتاج لاتفاق قيادات، ولا يحتاج ايضا لمظاهر تُثْبِتُ وجوده، شرط أن يتوفر الوعي الكافي بأمرين، الأول الوعي لوجود تهديد، والثاني الوعي بقوة وقدرة الجماهير على الفعل والتغيير، وكلا الأمرين متوفرين في الشعب الفلسطيني، فلماذا اذا لا زال الأمر بعيداً عن جهود واضحة وفعل بيّن يشير لوجود هذه المقاومة ويثبت توفر الأمرين المذكورين، حسنا، يبدو أنه غاب عنّا الوقود المحرّك لذلك وهو الأمل، نعم الأمل، يبدو أننا فقدنا الأمل بقدرتنا على الرفض والتغيير والصمود. فقدان الأمل هذا أمر خطير، فالشعوب التي تفقد الامل تتردى فيها كل مظاهر الايجابية والمبادرة والسعي للتقدم والازدهار وتنحدر فيها القيم الانسانية، الأمل المفقود هنا، لعبت وتلعب به عدة عوامل من السهل تشخيصها ولكن يبدو أننا نعتقد أن تغييرها صعب جداً.
لمناقشة العوامل التي أدت إلى فقداننا الأمل الذي تحدثنا عنه اعلاه، او ضعفه الشديد على الاقل، لا بد تقسيمها إلى قسمين رئيسين، يتعلق الأول بالإحتلال وسياساته، فيما يتعلق الثاني بنا نحن كفلسطينيين.
القسم الاول: أسباب تتعلق بالاحتلال وسياساته.
١_ قوة العدو العسكرية: لا شك أننا نواجه عدوا قوياً، فقد استطاع الاحتلال بناء قوة عسكرية كبيرة تمتلك أسلحة متطورة يتم تحديثها وابتكار الجديد منها باستمرار ومواكبة لتطورات المواجهة مع الفلسطينيين واشكالها المستحدثة، بل ثبت في أكثر من مناسبة أن قوات الإحتلال تجرب على الفلسطينيين أسلحة حديثه قبل تسويقها في العالم لدول وميليشيات خارجية، كما تطورت اساليب الإحتلال بتطور اشكال النضال من إلقاء الحجارة إلى القذائف محلية الصنع المسماة صواريخ، مرورا بكافة الأشكال الآخرى، هذا دفع كثيرا من قطاعات الشعب باتجاه الاقتناع أن لا شيء يجدي في مواجهة قوة الإحتلال العسكرية
٢_ قوة الإحتلال الاستخبارية، وتشمل أمورا مثل: شبكة كبيرة من العملاء (أفرادا وتشكيلات) تتم صناعتهم منذ ما قبل الإحتلال وحتى الآن ولإتمام ذلك تسخر دولة الإحتلال امكانيات كبيرة، ثم شبكات التحكم والسيطرة (مثل الكاميرات ووسائل المراقبة) إضافة إلى السيطرة على وسائل الاتصال، هذه العوامل وغيرها تسهل على العدو القبض على و/أو تصفية المناضلين الذين يقومون بعمل عسكري أو شبه عسكري ضد الإحتلال (جيشه ومستوطنيه) مما يقود معظمنا إلى الاقتناع أن لا أحد ينجو من الاعتقال أو الاغتيال اذا ما قام بعمل ضد الإحتلال.
3- فهم الإحتلال لنا كشعب بعد أكثر من سبعين عام من الإحتلال، سخر خلالها الإحتلال عملاءه وعلماءه لدراسة المجتمع الفلسطيني وانماط سلوكه وردات فعله، وما لحق هذا الفهم من إجراءات أدت إلى تقزيم الطموح الفلسطيني، وتخفيض سقف توقعاته، بل والتنبؤ بردود أفعال الفلسطيني الجماعية والفردية في الغالب وهذا ايضا جزء من مصفوفة التحكم والسيطرة التي تمارسها دوائر الإحتلال وتطورها باستمرار.
٤_ بطش الإحتلال وإجراءاته القمعية والتي تمتد من الاستدعائات إلى الاغتيال مرورا بالعنف والهدم والأبعاد والحرمان من الحقوق وهذه جميعها تطال المناضل وعائلاته واصدقاءه، بل أحيانا اي شخص قد يساعد المناضل ولو بالصدفة. هذا أدى إلى رفع عامل الخوف والرهبة إلى نفوس قطاعات واسعة من الشعب.
5- منظومة "القوانين" التي سنّها الإحتلال على مر السنوات، بهدف القمع والتضييق والارهاب الموجهة كلها ضد الفلسطيني شعباً وارضاً ومنظومات سلوك.
6- التحالفات التي اقامتها دولة الإحتلال مع القوى الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة، والتي ادت إلى عدم انصياعها للقوانين والقرارات الدولية التي تتخذها المنظامت الاممية ضدها، مع وقوف الولايات المتحدة بالفيتو ضد اي قرار لمجلس الامن يمس "اسرائيل" ، وهو ما رسخ قناعة "ان اسرائيل دولة قوية عالميا ولا يجدي ضدها شيء، وماذا ستجدي جهودنا وقوتنا امام دولة ترفض قرارات الامم المتحدة ومجلس الامن ولا تنصاع لأي منها".
7- تغيير الواقع الجغرافي وعزل الفلسطينيين بعضهم عن بعض، من خلال المستوطنات، والطرق الاستيطانية، والتي تؤدي من بين أمور أخرى إلى منع التواصل الجغرافي، وبالتالي البشري بين التجمعات الفلسطينية بحيث اصبح الفلسطينيين مقسمين جغرافياً ما بين المحافظات، بل وبين التجمعات في نفس المحافظة في كثير من الأحيان، وهذا له اثر نفسي عميق قد لا ينتبه له كثيرون وله علاقة بالوعي او التفكير الجماعي، حيث اننا كمجتمع قبليّ التكوين في معظمه لا زلنا نؤمن بمفهوم أن الكثرة عزوة، والعزوة قوة، وعليه فان تَقَطّعنا عن بعضنا يعني ان عزوتنا اصبحت اضعف وهو من العوامل التي تؤثر على اتساع او انحسار المشاركة الشعبية بالنضال ضد الإحتلال، وفي هذه الحالة فإن التأثير سلبي.
القسم الثاني: اسباب تتعلق بالفلسطينيّ
1- الإنقسام السياسي الفلسطيني الحديث، وأسميناه الحديث لاننا نقصد به الإنقسام الذي نتج عن الانقلاب الذي قامت به حركة حماس في قطاع غزة، حيث انقسم بعده الوطن إلى مؤيد للسلطة او مؤيد لحكم حماس، وفئة أخرى وهي الأغلبية، حسب اعتقادنا، ترفض الإنقسام ولا تؤيد أحد طرفيه، لكن هذه الأغلبية الصامتة لم تستطع الوصول إلى صيغة تجبر الأقلية على التصالح أو على الأقل إدارة الإنقسام. يؤثر هذا الظرف على الإرادة الشعبية للفعل النضالي، وحتى وإن لم يكن هناك توجيهات من قيادة أحد الأطراف بالفعل أو الامتناع عن الفعل النضالي، لأنه وبكل بساطة فإن الإنقسام داء عضال، يؤثر في كل أعضاء الجسم فيضعف وظائفها، ويخفض إنتاجيتها وتأثيرها على المحيط. وربما لم يكن هناك في يوم ما وحدة وطنية بالشكل المثالي الذي تتحدث عنه الخطابات السياسية، ولكن الانقسام الحالي يسير بخطىً حثيثة نحو الانفصال النهائي في المدى المنظور. نستطيع ان نضيف عليه المسافات الاخذه بالاتساع بين الفلسطينيين في اماكن تواجدهم المختلفة ( الشتات، فلسطين المحتلة عام48، الضفة الغربية، قطاع غزة) فالانقسام يتغلغل كل مكان ومع الوقت سيتلوث كل شيء.
2- نتائج الإنقسام، وهذا سبب آخر، نعم هو مرتبط بالإنقسام كمسبب رئيسي، وإذا افترضنا جدلاً أن الإنقسام سيزول الشهر القادم، فإن نتائجه على الارجح ستبقى بعد زواله لسنوات طِوَال، وهنا مكمن الخطورة. خلّف الإنقسام وافرز الكثير من التبعات السلبية جدا اضافة إلى الإنقسام بحد ذاته كواقع شديد الضرر، فقد خلف الإنقسام حالة من الاستقطاب الشديد بين طرفيه وانصارهما، تطورت في مستويات عدة إلى حالة عداء للآخر، تنامي ثقافة الكراهية بين الفرقاء بعضهم لبعض، وما هذا الاتساع الكبير لمظاهر الردح الإعلامي وعبر وسائل التواصل الاجتماعي بين فرقاء الإنقسام الا افراز جليّ لثقافة الكراهية التي ذكرناها. هذه الامور أوصلت أنصار اللّاعِبَيْنِ الفلسطينيين الأكبرين، إلى تحوير التناقض الرئيسي المفترض أنه مع الإحتلال إلى تناقض مع الآخر الفلسطيني بحث اصبحت الجهود موجهة نحو (اقتتالٍ) وان كان إعلامياً في معظمه، وهذا يعني بالضرورة انحسار الفعل النضالي من شكل المشاركة الشعبية الواسعة إلى شكل "الهَبّات" محدودة الزمان والمكان ومحدودة المشاركة الشعبية كذلك. وباتت المشاركة الشعبية الواسعة محصورة في حراكات داخل المدن الفلسطينية وموجهة لقضايا داخلية مطلبية اكثر منها تحريرية نضالية مثلما رأينا في حراكات المعلمين، الضمان الاجتماعي، وحراك بدنا نعيش في غزة مؤخراً. أدى الانقسام ايضا الى بروز ثقافة الانقسام في جانب آخر وهو ان هناك جيلا من الشباب تشكل وعيه في ظل الانقسام فهو لا يتذكر (الوِحدَة) ولا كيف كان النظام السياسي والحياتي وقتها، فالجيل ما دون 25 سنة من العمر، تشكّل وعيهم في ظل انقسام سواء هنا في الضفة الغربية او هناك في قطاع غزة، وهؤلاء الشباب اليوم هم الفئة الاكثر تمترساً خلف آرائها وآراء الطرف الذي تسانده، وهي التي تحمل السلاح ضد الآخر الفلسطيني، سواء السلاح الناري او سلاح الاعلام ووسائل التواصل وهي بالتالي الفئة الاكثر تشبعا بثقافة الكراهية والخطاب العدائي، هذا في ما يخص انصار طرفي الانقسام، اما بقية هذا الجيل الذي لم يؤيد احد طرفي الانقسام لكنه بالضرورة يعاني من آثاره فهم الفئة الاكثر انكفاءا وسلبية (على الصعيد الجمعي) فمنهم متميزون جدا في مجالات دراستهم ومهنهم واهتماماتهم، لكن النضال من اجل التحرير او حتى الثقافة الوطنية تكاد تكون غائبة كلياً وهو ما اثبتته اكثر من تجربة لاعلاميين مع جيل الشباب.
3- لجوء كثير من الفلسطينيين الى تفريغ الغضب والنقمة والضغط، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويستوي في هذا الناقم على الاحتلال، مع الناقم على السلطة، او الناقم على أي طرف كان، فقد اصبح يكفي ان يحمل احدهم هاتفه النقال ليكتب على فيسبوك منشورا ناريّاً يشتم فيه الاحتلال ويدعو الى مقاطعته او مقاومته، او ان يكون منشوره موجها ضد السلطة الفلسطينية او الرئيس بالنقد او الشتم، ليهدأ هذا المواطن بعدها ويخف احتقانه ويعود لممارسة حياته اليومية مع شعور بالانجاز وانه "عمل إشي" ضد الوضع. يحتاج هذا الامر حقيقةً، الى دراسة نفسية اجتماعية معمقة تتناوله من كل جوانبه يقوم بها مختصون.
4- التغيرات السلبية التي تسللت الى التركيبة النفسية السلوكية للفلسطيني كفرد، ومن ثم كسلوك جماعي، وأعراض سلوكيّة، وبعض هذا التغيرات اتسع ليصبح ظاهره لا تغفلها عين المتابع ولا تفكير الباحث، ومن هذه التغيرات والأعراض مثلاً، الشعور بالاغتراب، غياب القدوة الوطنية، انسداد الافق، الشعور بعدم الجدوى والذي يطال كل شيء، الشعور بعدم القدرة على التغيير، تسرّب الاستسلام، انتشار النكتة الساخرة ضد الهموم الكثيرة وربما كانت السخرية هي آخر سلاح قبل الإنكفاء والإنكسار الذي قد يطول (وهذا ما لا يرجوه أحد، لذلك ترى اغلبنا ينكر اننا يئسنا أو اننا شارفنا على الانكسار) مع ان الدلائل تشير الى اننا مجرد نكابر لا اكثر.
5- ابتعاد معظم الشعب عن الأرض، والعمل بها، او على الاقل زيارتها بشكل متكرر، حيث لم يعد الفلاح يزرع ارضه او حتى يعمل بها الاعمال الاعتيادية، وهذه عملية متراكمة بدأت منذ ان اصبح عمل الفلاح في مزارع الاحتلال اكثر عائدا ماليا من عمله في ارضه هو، فتركها رويدا رويدا سعيا وراء مال اكثر، وبعد قدوم السلطة الفلسطينية وتركّز مقراتها ودوائرها في بعض المدن الرئيسية ومن ثم تركيزها كلها في رام الله، هذا التركيز الذي تزامن مع قيام قوات الاحتلال باغلاق معظم طرق الضفة ومن لم تغلقه فقد جعلت التنقل عبره عملية مضنية محفوفة بالمخاطر، مما حدا بعشرات الآلاف الى ترك القرى والهجرة الى المدن بحثا عن الرزق، الاستقرار، وهربا من بهدلة التنقل على الشوارع خارج المدن..الخ مما افرز مظاهر جديدة ميزت المدن الكبرى وسكانها لسنا في معرض ذكرها وشرحها هنا.
6- الفجوة المتزايدة ما بين المواطن و"النخب" وليس المقصود هنا "القيادة" و"الحكومة" بل بين المواطن العادي والسياسي في طبيعة ومفهوم الخطاب والممارسة والهموم، وبين المواطن العادي والاكاديمي في لغة الحوار وصيغ الحل والتفكير بالمستقبل الخ الخ، وبين المواطن العادي وأصحاب الثروات في نوعية وجودة الحياة واختلاف الهموم والمشكلات، وبين المواطن العادي وتنظيمه السياسي ان كان منتمياً، او التنظيم السياسي ككل حيث لم تعد تلك العلاقة التقليدية التي حكمت سابقا علاقة التنظيم بافراده بالاتجاهين، حيث يؤدي كل منهما ما عليه تجاه الاخر ضمن رسالة وطنية يحملها التنظيم، فقد اقتصر الامر اليوم على الشعارات السياسية، التركيز على التنظيم وليس على الفرد وتعبئته فكريا، واصبح المواطن مؤيد التنظيم لا يتجاوز حدّ قيمته فهو "صوتٌ" في الانتخابات او رجلين تمشيان في مسيرة ذكرى انطلاقة الحزب او الحركة. اصبح هناك ازمة ثقة عالية ما بين المواطن البسيط وكل ما هو نخبوي بدءًا من السلطة الحاكمة (في شقي الوطن) وانتهاء بادارات منظمات الاعمال والمؤسسات الرسمية والاهلية والاكاديمية، وازمة الثقة هذه مجال واسع لابحاث علمية كبيرة تبحث في اسبابها وتداعياتها.
7- شعور الفلسطيني بالترك والعجز امام تغوّل قوات الاحتلال ومستوطنيه، خاصة في المناطق المسماة "ج" وهو امر ينمو في علاقة تبادلية مع فقدان الامل الذي تحدثنا عنه آنفاً، حيث يفقد الأمل فينكفيء عن الفعل النضالي فيأتي تغوّل الاحتلال ليقلل ما بقي من أمل فيزداد الانكفاء وينمو الاستسلام. وهذه السلسلة بحاجة الى كسر بطريقة ما تعيد الامل وترفع المعنويات فتحفّز الفعل النضالي ليعود زخمه كما كان يوما، لكنه أمر ليس يسيراً ولا قريباً.
8- اختلاف الهموم ومقاصد الجهد والتفكير (يندرج ايضا ضمن الفجوات الاجتماعية) فبينما تنشغل شرائح كبيرة من المجتمع الفلسطيني في هم تحصيل متطلبات الحياة اليومية الاساسية مثل الطعام واللباس والكهرباء واقساط الجامعات وتفني في ذلك جلّ وقتها، نجد شرائح اخرى يضيع وقتها في امور كماليّة رفاهيّة لا تعد من أساسيات الحياة ابدا بالنسبة للشرائح الاولى، فانشغال الفرد بنوع سيارته، او لون اظافرها، وانشغاله بكم فتاة يحادثها ليلا وانشغال الكثيرين بالسهرات والرحلات، والصور التي اصبحت فرضا يوميا عبر وسائل التواصل بحيث اصبح الكثيرون يعيشون على سطح شاسة العاتف او الحاسوب، هذا كله ليس بالضرورة ان يتجمع في شخص واحد طبعا، ولكن مع انتشار وسائل التواصل والتكنولوجيا اصبح الجميع يرى ما يفعل الجميع فلم يعد هناك اسرار، ومن ناحية نفس_اجتماعية فان هذا يعني ان لا قواسم مشتركة بين فئات مختلفه من الشعب، فكلٌّ منهم يشعر انه يعيش واقعا مختلفا وربما في عالم مختلف. يبدو هذا التشخيص للوهلة الاولى امرا قليل الاهمية ولا يؤثر على الحراك النضالي الاجتماعي، ولكن لنتذكر هنا اننا لا نتحدث عن اربعة اشخاص هنا وخمسة هناك، نحن نتحدث عن انماط تتسع يوما بعد يوم.
- بامكاننا في نهاية هذا القسم ان نشير الى ان هناك عوامل تتعلق بالبعد العربي فيما يخص القضية الفلسطينية وتاثير التطورات التي حصلت على الساحات العربية في السنوات القليلة الماضية على الشعب الفلسطيني وقضيته وهمومه. لكن ذكر هذه العوامل وتاثيراتها يحتاج إفاضة نتركها لمقال قادم.
خلاصة:
الصورة الفلسطينية قاتمة جدا ومثيرة للتشاؤم والهلع، داخليا واقليميا ودوليا، والقضية الفلسطينية تمر باسوأ اوقاتها وظروفها ربما، والشعب الفلسطيني في ادنى درجات الوحدة لا سياسيا ولا حتى اجتماعيا، وتنتشر ظواهر سلبية عديدة في جسدنا منها ما هو نفسي مثلما ذكرنا في المقال اعلاه ومنها ما يتعلق بالعنف والمخدرات والجنس الخ الخ والتي باتت امورا اكثر وضوحا من ان يتم انكارها، وهذه الظروف من ضمن ظروف سلبية اخرى ترسم صورة بشعة لما نحن فيه لكنها ايضا لا توحي بوجود "أمل" نحو تغير للأفضل، على المدى المنظور على الاقل، ليبرز سؤال الاسئلة، ما العمل؟!
ليس هناك مجال لسرد وشرح خطط وبرامج هنا فلست مؤهلا لمثل ذلك اولاً، والامر ثانيا يحتاج لما يشبه الاجماع او على الاقل الاقرار الواسع له من قبل اللاعبين الفلسطينيين المؤثرين، ولكن على الاقل نستطيع القول هنا ان علينا جميعا اذا ما وافقنا على التشخيص الوارد في المقال ان نساهم كل من موقعه وحسب قدرته في اعادة بناء وتعزيز "الأمل" بمفهومه الوطني والجماعي، المصحوب قطعاً بسعي الفرقاء الى توافق، او حتى تجاوز الفرقاء جميعا وان يعود الشعب صاحب الفعل والقرار.
* باحث/ معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي