الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

صفقة القرن.. خدعة الأرقام

نشر بتاريخ: 24/06/2019 ( آخر تحديث: 24/06/2019 الساعة: 10:17 )

الكاتب: عماد عفانه

توالت المشاريع الأمريكية لحل القضية الفلسطينية، منذ سنوات طويله، فكلما تولت إدارة أمريكية جديدة أعلنت مبادرة لحل القضية الفلسطينية، من باب لزوم ان يكون لكل إدارة أمريكية جديدة موقف تجاه كل الأزمات في العالم بما فيها القضية الفلسطينية.

وتقوم مبادرة ترامب الجديدة تجاه القضية الفلسطينية والتي تسمى بصفقة القرن على برامج اقتصادية لكن من المتوقع أن تصاب بالإخفاق بسبب الافتقار لأفق سياسي يحظى برضى الضحية، لأنهم يصفونها بأنها خطة أمريكية برؤية صهيونية.

ويقوم نهج كوشنر صهر ترامب صاحب الخطة المقترح على خطة مالية يبلغ حجمها 50 مليار دولا، من خلال إقامة صندوق لدعم اقتصاديات الفلسطينيين والدول المستضيفة لهم كمصر والأردن.

ويلعب كوشنر على وتر الحاجة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية من جانب وقطاع غزة المحاصر من جانب آخر، من خلال ممارسة الضغط على السلطة بتسريب معلومات حول هذه الاستثمارات التي ستغير شكل الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية وغزة، إذا ما وافق الفلسطينيون على الخطة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه السلطة.

وحسب الخطة فإنها تشمل 179 مشروعاً للبنية الأساسية وسيتم إنفاق أكثر من نصف الخمسين مليار دولار في الأراضي الفلسطينية، في حين ستتم إقامة بعض المشروعات في شبه جزيرة سيناء المصرية لتشغيل الفلسطينيين بهدف تفريغ غزة وتخفيف الاكتظاظ والاحتقان.

صحيح أن خطة ترامب لن تجد طريقها للتطبيق السياسي الا بعد حلحلة الوضع السياسي "الإسرائيلي" نهاية العام الحالي على الأقل.

غير ان مختصين أمثال مصطفى البرغوثي الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية يقولون إن الخطة ليست سوى خدعة كبرى للتغطية على تصفية القضية الفلسطينية برمتها، والجميع يعلم أنه ما من بديل اقتصادي أو غير اقتصادي لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

وأضاف أن من المهم تحليل حقيقة الأرقام التي تم إيرادها وتضخيمها، وكذلك فهم المغزى السياسي الحقيقي للمشاريع التي ذكرت.

وأوضح البرغوثي في تصريح له ستة نقاط تتضمن الحقائق الرئيسية التي تكشف جوهر الخداع في الخطة المطروحة:

1- رقم خمسين مليار دولار الذي ذكر هو لمدة عشر سنوات أي بمعدل خمس مليارات سنويا فقط.

2- رقم خمسين مليار كما ذكر كوشنر يحتوي فخاخا خطرة فنصف المبلغ المذكور حسب تصريحات كوشنر، أي خمسة وعشرون مليار دولار سيكون قروضا بفوائد وليس منحا، وهذه قروض ستثقل كاهل الفلسطينيين ان نفذت الخطة بمزيد من الديون التي ترهقهم أصلا.

وبالإضافة الى ذلك فان 11 مليار دولار من المبلغ المذكور ستكون من رأس المال الخاص الذي سيسعى للربح وليس لدعم الاقتصاد الفلسطيني ومن المشكوك فيه اصلا ان يمكن جمع هذا المبلغ.

3- أربعة وأربعون بالمئة أي حوالي نصف الخمسين مليار(28مليار) لن تعطى للفلسطينيين بل ستصرف في الدول العربية المجاورة (مصر والاردن ولبنان) بهدف توطين اللاجئين وتصفية حقوقهم الوطنية في العودة، ولإنهاء وجود وكالة الغوث الدولية، وهي في الواقع محاولة لسلب التبرعات التي تقدم حاليا لوكالة الغوث لدعم اللاجئين الفلسطينيين وتحويلها إلى أموال في خطة كوشنر لتصفية حقوق اللاجئين بعد تدمير وكالة الغوث وخدماتها الصحية والتعليمية.

4- بالتالي فان المنح المقترحة للفلسطينيين لن تتجاوز ثماني مليارات دولار لعشر سنوات، اي بمعدل 800 مليون سنويا وهو ما تدفعه في المعدل الدول العربية والأوروبية للسلطة الفلسطينية حاليا، أي أن المساعدات الموعودة هي نفس المساعدات الموجودة ولكن سيتم تقييدها

ب جعلها مشروطة بتنازل الفلسطينيين عن القدس وعن حقهم في دولة وعن فلسطين بكاملها بقبولهم لضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية لإسرائيل.

5- ما طرحه كوشنر من مشاريع مقترحة لغزة موجه لفصل غزة بالكامل عن فلسطين، ولربطها بالكامل بجزيرة سيناء المصرية وهذا يستدعي يقظة فلسطينية ومصرية إزاء محاولات تحويل غزة الى مشكلة مصرية وفصلها بالكامل عن فلسطين.

6- مصدر معظم الأموال المذكورة الدول العربية، ولكن ان كانت الدول العربية تنوي دعم فلسطين فلماذا تحتاج أن تجعل دعمها مشروطا بتنازل الفلسطينيين عن حقوقهم الوطنية بما في ذلك حقهم في القدس وحقهم في دولة، وحق اللاجئين في العودة، ولماذا تحتاج الدول العربية ان توجه مساعداتها عبر الولايات المتحدة وإسرائيل.

وفي الخلاصة قال د. مصطفى البرغوثي أن هذه خطة ليست لتحسين حياة الفلسطينيين أو معيشتهم أو حل مشاكلهم الاقتصادية، بل خطة لتدمير مستقبلهم الوطني وقدرتهم على البقاء في وطنهم فلسطين، وهي تمس بمصالح الفلسطينيين والشعوب العربية، وتسعى لدق إسفين بين الفلسطينيين والعرب، ولذلك يجب على الفلسطينيين والعرب رفضها جملة وتفصيلا.