نشر بتاريخ: 27/06/2019 ( آخر تحديث: 27/06/2019 الساعة: 11:08 )
الكاتب: مراد حرفوش
ما أن وصل الرئيس الامريكي دونالد ترامب على رئاسة البيت الابيض وبدأت مشاهد الارباك في مجرى الاحداث والعلاقات الدولية بين العديد من الدول وخص فيها الشرق الاوسط الذي زاد الطين بله عندما اعلن بشكل صريح دون مواربة او غبن ان القدس عاصمة دولة اسرائيل هذه القرار المعلن الذين لم يجرؤ على ذكره أي رئيس امريكي سابق ، ورغم تواطؤ الرؤساء الامريكان السابقين مع اسرائيل.
هذا القرار وزادها سلسلة من القرارات التي لا تختلف ولا تقل اثارة عن القرار الاول الذي اتخذه في 6/ 12/ 2017 القرار الذي كانت اسرائيل تنظره على آحر من الجمر وبهذا الاهداء أهداء "القرن" الذي قدم على طبق من ذهب ساعد دون ادنى شك اليمين الاسرائيلي وخاصة بيبي نتياهو في زيادة رصيده في المجتمع الاسرائيلي والذي أعلن اكثر من استطلاع نحو زحف المجتمع الاسرائيلي برمته اتجاه اليمين الشعبوي ، وغياب شبه تام الى اليسار وحتى اليسار الوسط ـ
وأمام هذه الظروف المواتيه والناضجة لا سيما ان القوى الفلسطينية منقسمة على ذاتها وهذا الانقسام اخذ موقعه في التفسخ السياسي والاجتماعي في المجتمع الفلسطيني والكل يرقص حسب اهوائه ، وقوى اليسار في غيبوبة شبه كاملة صعب ان تعود الى وعيها رغم الصدمات الكهربائية التي ضربت في اجسادها الا انها ليس بوارد الرجوع سابق عهدها وكان غابت مع غياب مؤسسيها ورعيلها الاول الذين رحلوا عن روح العالم مجبارين او مكرهين لا فرق .
وبهذا السياق الذي لا يقل خطورة في عقد ورشة المنامة التي يراد منها رشوه الفلسطينيين ب 50 مليار دولار وإحداث تنمية مستدامة، ومشاريع اقتصادية وتحويل الاراضي الفلسطينية الى مناطق الأحلام وبناء الجامعات، والجسور المعلقة، والمطارات، في اتجاه نفسه الولايات المتحدة الامريكية شنت حصارا ماليا واقتصاديا على الشعب الفلسطيني وأوقفت كافة اشكال الدعم عن السلطة الفلسطينية حتى مستشفيات القدس لم تسلم من هذه الحصار والعقوبات التي فرضت عليه، عن أي ازدهار يتحدثون وبالأمس القريب كان هناك العديد من المشاريع الاقتصادية التي طرحت كخطة كيري، وكان أي ادارة امريكية تأتي ينبروون المستشارون المتفزلكون والمسئولين في اعداد الخطط والمشاريع وكان الفلسطينيون همهم الوحيد الاموال غير مدركين ان الشعب الفلسطيني يريدون ارض وحرية ودولة ولن يقبلوا ان تمس حقوقها الوطنية مهما كلفهم من ثمن باعظ التكاليف.
وان تخاذل قادة العرب والتي اصبحت وقاحتهم لدرجة البغي دون خجل ، حيث تطابقت كمان كان في ادبيات اليسار يقال عنهم كمبرادور الاستعمار والامبريالية وما زالوا يقومون في هذه الادوار مدركين كامل الادراك بأنهم ينفذون سياسة معادية الى شعوبهم وشعوب المنطقة والعالم الحر الان ان الكرسي والجاه والمناصب اصبح يتجاوز كل حياء او كرامة التي باعوها منذ زمن حفاظا على بقاءهم واستمرارهم هم وأبناءهم من بعدوهم في سدة الحكم.
فعلينا ان نذكرهم ونقول الى ملك البحرين غيرك اشطر ، فغيرك قام في مهمته على اكمل وجه غيَر وتغير دون ان تتحرك ببنت شفه من ترامب او احداً من الرؤساء والقادة الاوروبيون عندما ادركوا ان وظيفتهم انتهت وحان ميعاد تغييرهم وليأتي غيرهم من اجل الاستمرار بتنفيذ مهمة اخرى.
جميع هذه الخدمات المجانية التي يقدمها الحكام العرب وملوك وأمراء الخليج لن يجعلهم في مناأه ومأمن طالما يلتحفون في عباءة الامريكان والي متغطي فيهم عريان على عكس قادة الثورة الايرانية الذين ما ان وصلوا الى سدة الحكم وأعلنوا من اليوم الاول للعام 1979 عداءهم الى امريكا وحلفاؤها، وأصبحوا قوة اقليمية دون منازع وتمددت اذرعها في المنطقة امام اعيون ومسامع امريكا وبسطت سيطرتها ونفوذها على العديد من الدول في المنطقة ورغم الحصار المالي والاقتصادي وفرض العقوبات عليها منذو ما يقارب 40 عام ولم تتنازل او تتراجع بل أقدمت على بناء مفاعلها النووي وهو قوة اضافية الى قوتها في المنطقة وخلال العامين الماضين ابرم اتفاق فيما ذكر 1 5 على من اجل بقاء المفاعل النووي للخدمات السلمية وتدنى مستوى تخصيب اليورانيم في المقابل رفع العقوبات عنها وتسهيل بيع النفط وغيرها من القضايا المالية والتجارية المختلفة ، وعندما تراجع ترامب عن عهده معهم تراجعوا عن سلميته وهذه مرتكز قوة الى انها تتعامل مع ترامب ومع دول العالم بمنطق الندية والحزم وليس بمنطق الخجل والاستعطاف.
علينا ن نعترف ان القادة الايرانيون ماهرون في اللعبة السياسية ولغة القوة والمناورات والمناكفات السياسة واللعب بين حقول الالغام .
وفي ذات السياق الذي لا يمكن ان نفصل ما يجرى في منطقة الخليج وأزمة خليج عدن وإسقاط الطائرة الامريكية عن ورشة المنامة وصفقة القرن التي يجول ويصول فيها كوشنير وجرنبيلات من باب اعادة ترتيب اولويات المنطقة التي في جوهرها وأساسها توفير مناخات وظروف تحقق احلام اليمين الاسرائيلي الذي بنى افكاره اللاهوتية من خروفات وأساطير ان فلسطين ارض الميعاد، وبناء هيكل سليمان بما ذكرى في التلمود، لا سيما ان الكهنة ليلا نهارا يدرسون اطفالهم في ما يسمى مدارسهم الدينية على هذه اللوائح التوراتية.
وما جنيى لحتى اللحظة من "الخريف" العربي هو تمزيق الجسم العربي وتشريد الشباب وهذه مجرى بالزبط ، ونجحت امريكا وإسرائيل بتبديل الاولوية في العداء الى ايران والذي اصبح شغلنا الشاغل وعودنا اللدود واليوم اسرائيل الصديق الذي يساعدنا في الخلاص من الدولة الفارسية التي تتزعم العداء التاريخي لأهل السنة كما يدعون منذ ما انقسم المسلمين ما بين معاوية وعلى وما تولد من مشارب فكرية ومذاهب طائفية قالت ما قالت وبعثت في سمومها الكثير من خلال منابر الشيوخ وأصحاب العمامات ومدارس الفكر والدعوة حتى اصبح هذا لا يطاق ، وتوسعت وتشعبت احبال الكره والبغض وكبرت المكائد حتى اصبحت تصب لصالح شريان امريكا وإسرائيل .
ان الذي يتابع مجريات ومشهد الاحداث في اليمن والعراق ولبنان يدرك مدى عمق الازمة وتفسخ العظم عن اللحم في هذه الجسم العربي الذي يزيد يوما بعد اخرى ورشح الملح الامريكي بينهما لالتهاب الجرح وتمزيعه لخدمة الامبريالية والاستعمار في المنطقة.
وأمام هذه الوضع المتأزم والاحتقان عالي المستوى اولا ك فلسطينيون عليهم اغلاق صفحة الانقسام السياسي وتغير مسار التسوية نحو المواجهة والمجابة وفسح المجال لجيل الشباب ليتقدم في تبؤه قيادة النضال الفلسطيني، وإجراء الانتخابات للمؤسسات العامة ، وإعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية وللقوى الوطنية والإسلامية كحركات تحرر وطني ، ثانيا عربيا اعادة اللحمة العربية وتعزيز الديمقراطية في مؤسسات المجتمع العربي ، والتعامل مع امريكا بمنطق المصلحة والندية وليس الاب المرعب والابن المطيع ، عليهم التعامل على ان اسرائيل العدو الاول والأخير وليس ايران .
قد يكون حلما ولكن نستطيع تحقيه وليس ببعيد .
وإذا ما قراؤه جيدا مجمل المفاعيل والتطورات الجارية عالميا وإقليميا سيأتي يوما ونقول على العرب السلام .