الثلاثاء: 16/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

عن تصريحات السفير العمادي اتحدث

نشر بتاريخ: 11/09/2019 ( آخر تحديث: 11/09/2019 الساعة: 11:00 )

الكاتب: حيدر عيد

تصريحات السفير القطري محمد العمادي التي أدلى بها في مقابلة مع موقع الجزيرة الإنجليزية تثبت أن نظرة إمارة قطر للعلاقة مع الشعب الفلسطيني لا تقوم على أساس الشراكة في النضال ومواجهة مشروع الاستعمار الاستيطاني والأبارثهيد الصهيوني الذي يهدف لتصفية القضية الفلسطينية. إنها علاقة تقوم على أساس تحسين شروط القهرالمركب الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني. لا أكثر ولا أقل. 
فبالنسبة للسيد السفير، الذي يمثل حكومة الإمارة، كل التنظيمات الفلسطينية وإسرائيل في سلة واحدة, والكل مستفيد و في حالة صراع دائم للسيطرة على غزة. ومن الواضح أن أن كل الجلسات الودية بين من من المفترض أنهم يمثلون المقاومة والصمود, وما تحمله هذه المفاهيم من قيم سامية تسعى للتحرير، لم تترك أي أثر في تفكير سعادة السفير.
يقول العمادي في لحظة صدق نادرة أن "قطر تتمتع بعلاقات ممتازة و استراتيجية مع كل من الإسرائيليين والفلسطينيين. ونحن نحظى باحترام كبير من قبلهما... و"وجودنا سهل تثبيت الهدوء أحياناً على الرغم من العنف الذي يتصاعد أحياناً أخرى".
وهذا يدعو للتساؤل إن كانت أي من التنظيمات التي يلتقيها السفير في غزة، وحتى الضفة الغربية، قد أشارت له لو حتى تلميحاً، أن زياراته المتعددة والمتكررة تقوض معايير المقاطعة التي أقرها المجتمع المدني الفلسطيني وقواه السياسية قبل 12 عاماً. بل أن ما يقوم به من لقاءات ودية مع "الطرف الآخر" ينطبق عليها تعريف التطبيع حرفياً!.
قد يكون من الضروري تذكيره أيضاً أنه لا يوجد "طرفان" متساويان في القوة, وبالتالي فإن حيادية قطر المزيفة تصب في صالح إسرائيل. وكما قال الأسقف دزموند توتو، أحد أبرز المناضلين ضد نظام الأبارثهيد و المناصر المبدئي لحركة مقاطعة إسرائيل،"إذا كنت محايداً في حالات الظلم فقد اخترت أن تكون بجانب الظالم".
وقد كان من واجب من التقاهم من الفلسطينيين أن يذكروه أن القضية الفلسطينية ليست قضية خبز و كهرباء و معونات مالية، على أهميتها، بل هي قضية من أجل الحرية والعدالة والمساواة وتقرير المصير والتحرير. قد لا تكون هذه المفاهيم معروفة في قاموس النخب الحاكمة في "مدن الملح،" ولكن الدماء التي تسيل على أرض غزة التي يزورها أحياناً عن طريق نقطة تفتيش "إيرز" والتي يحرسها جنود إسرائيليون مدججون بالسلاح للتأكد من عدم تمكن غزي واحد من مغادرة ما أطلقت عليه منظمات حقوق الإنسان الدولية "أكبر سجن مفتوح على سطح الكرة الأرضية" هي دماء طاهرة تعبد طريق الحرية الطويل, و لاتنتظر مقابلاً مادياً.
فالسيد العمادي يتحرك بحرية، ويعقد لقاءات مع وزراء إسرائيليين, ومع "منسق شئون المناطق," أي الضابط الكولونيالي الذي يتحكم بحياة سكان الضفة الغربية و قطاع غزة المحتلين، وللتذكير فإن السفير العمادي كان قد أدلى بتصريحات "مثيرة" لموقع واللا العبري قبل فترة من أن" علاقاته مع المسؤولين في اسرائيل ممتازة"، حيث قال انه على اتصال دائم بالمسؤولين الإسرائيليين ومن بينهم منسق اعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية.
إن التطبيع القطري يقوم على فهم غريب للبراغماتية و يعني عملياً الحفاظ على علاقات ودية مع جميع الأطراف. فالكل "صديق" بغض النظر عن المسئولية الأخلاقية و القومية، وللأسف فإن هذه الخيار لا يعبر عن الدعم الأخوي المبدئي الذي يتبناه الشعب القطري، وشعوب الخليج عامة، دعم لا مقابل له يقوم على أساس مبدئي، مؤمن بحق الشعب الفلسطيني التاريخي والأخلاقي بفلسطين حرة، وطن تسوده الحرية والعدالة والمساواة!.