الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مليونية يوم الأرض و كورونا: وجهة نظر مغايرة

نشر بتاريخ: 12/03/2020 ( آخر تحديث: 12/03/2020 الساعة: 15:00 )
مليونية يوم الأرض و كورونا: وجهة نظر مغايرة
الكاتب: حيدر عيد
أكتب هذه المقالة انطلاقاً من تأييدي المطلق للمقاومة الشعبية و ضرورة مواجهة الاحتلال و الأبارثهيد من خلال مقاومة جماعية تشمل كل قوى الشعب الفاعلة، وذلك يتطلب قيادة واعية على قدر المسئولية التاريخية الملقاة على عاتقها. و هذا ينطبق على #مسيرة_العودة_الكبرى (حيث أنني لا أعترف بالأسماء الجديدة التي أضيفت لها) و ضرورة تجديد الروح النضالية التي أدت لانطلاقها قاعدياً، بمعنى أنها عبرت في بداياتها، و لفترة غير قصيرة، عن تطلعات يتمحور حولها شبه إجماع وطني إلى أن تم تغيير الإسم و استخدامها كورقة حزبية تعبر عن عدم فهم لطبيعة المقاومة الشعبية و تراكم أهدافها بعيداً عن أجندات فصائلية ضيقة.

و بناء على ذلك أستغرب من قرار الدعوة لمليونية بمناسبة يوم الأر ض الخالد في هذا الوقت بالذات الذي نتابع به تحذيرات عالمية عن خطر انتشار فيروس كوفيد19، بل إعلانه وباء تبعاً لمنظمة الصحة العالمية. لكن يبدو أن تقديرات "الهيئة العليا لمسيرات العودة و مواجهة الصفقة" تختلف عن باقي دول دول العالم، بما فيها مناطق السلطة الوطنية و حتى دولة الاحتلال و الأبارثهيد و الولايات المتحدة! لنأخذ إيطاليا كمثال لدولة عاشت في البداية حالة من الإنكار لفترة غير طويلة قبل أن يرتفع معدل الإصابات إلى مستويات مرعبة أدت إلى حجر البلاد بأكملها وقطعها كلياً عن الخارج، مع تسجيل أكثر من عشرة آلاف إصابة و 827 حالة وفاة. و في باقي أرجاء المعمورة يتعكس أثر الوباء على الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والفنية و الرياضية حيث أغقلت مدارس و جامعات في أكثر من15 دولة أبوابها، وتعاني البورصات العالمية من تدني خطير في مستوياتها، ناهيك عن الضرر الذي أصاب قطاعات الصحة و المواصلات...إلخ و نفس هذا المنطق ينطبق على مناطق الضفة الغربية حيث اتخذت السلطة الوطنية إجراءات جدية للحد من انتشار المرض بعد الإعلان عن إصابة 31 مريض حتى اللحظة.

في الوقت الذي نشهد محاولات هائلة في كل بلدان العالم لاحتواء مرض كوفيدا 19 والتعامل مع آثاره المدمرة، من خلال تجنب التجمع و الحشود الكبيرة ندعو نحن في غزة المحاصرة و المنكوبة لمليونية في ظل وضع صحي كارثي لن يمكنه بأي شكل من الأشكال التعامل مع هكذا وباء. وهو ما يدعو للتساؤل عن سبب الإصرار على التعبير عن الوطنية الفلسطينية في هذا الوقت الاستثنائي، و إن كان في ذكرى يوم الأرض، من خلال المخاطرة بأرواح الألوف من الناس. هل هناك ضمانات لا نعلم عنها، مثلاً؟!

وجود هكذا وباء عالمي يحمل خطورة كبرى و انتشاره في أرجاء المعمورة يتطلب مواقف استثنائية لا يختلف اثنان عليها، لكن الاختلاف في هذا الموضوع يعبر عن عطب هائل في نظام سياسي تعود على اتخاذ القرارات بطريقة مغرقة في تقليديتها و لا تستطيع التعامل مع أي طارئ يتخطى منظومة التفكير التقليدية.

فلنؤجل مليونية يوم الأرض لأن الشعب الفلسطيني، بنسائه و أطفاله و شبابه، و في كل أماكن تواجده، يريد أن يشارك بها من خلال مواجهة الخطر الوجودي الرئيسي الذي يمثله الاحتلال و الأبارثهيد، و بعيداً عن خطر الإصابة بمرض فتاك لا يميز بين الصغير و الكبير.