الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

"كورونا"... سلاح الحرب الإقتصادية العالمية

نشر بتاريخ: 15/03/2020 ( آخر تحديث: 15/03/2020 الساعة: 12:52 )
"كورونا"... سلاح الحرب الإقتصادية العالمية
الكاتب: سامر سلامه
إنها الحرب الإقتصادية العالمية التي بات لا مفر منها في ظل تفاقم العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة وشريكها اللدود الصين. ففي مناسبات عدة هدد الرئيس الأمريكي ترمب الصين والمكسيك ودول الخليج وحتى حلفائه في أوروبا وكندا بالعمل على تغيير قواعد التجارة العالمية التي تتم على حساب الولايات الأمريكية بحسب زعمه. وفي أحد جولاته الإنتخابية قد وعد الرئيس ترمب بدفع كامل مديونية الولايات المتحدة الأمريكية والبالغة في العام 2016 ما يقارب 19 ترليون دولار (19 ألف مليار دولار) خلال ثماني سنوات. فمنذ اللحظة الأولى لوصوله إلى البيت الأبيض بدأ الرئيس ترامب بتطبيق مخططاته الإقتصادية بتغيير قواعد التجارة الدولية بين الولايات المتحدة ودول العالم. فماذا كانت النتيجة؟ لقد إرتفعت ديون الولايات المتحدة خلال الثلاث سنوات من عمر ترامب في البيت الأبيض بما يقارب الثلاث ترليون دولار أي بواقع ترليون دولار عن كل عام لتصل ديون الولايات المتحدة إلى 22 ترليون دولار في العام 2019. أي أن الرئيس الأمريكي قد فشل في تحقيق ما يريد خلال جولته الأولى من الرئاسة الأمريكية!

فماذا عن "كرورنا"؟

لا يمكن أن نجزم أن فايروس كوفيد 19 قد تم إنتاجه في مختبرات مصانع الأسلحة الجرثومية ولكننا نستطيع الجزم أن هذا الفايروس وتوقيت ظهوره والحملة (البروبوغندا) الإعلامية المرافقة له تبدو لنا وكـأنها مبرمجة لتحقيق هدف خفي ما ولمصلحة جهة دولية ذات وزن عالمي كبير. كيف لا ونحن نشاهد الخوف والرعب من هذا الفايروس وكأن المصابين به سيموتون حتما بالرغم من أن نسبة الوفيات لإجمالي المصابين به لا تتعدى الـ 5% ومعظمهم من كبار السن أو ممن يعانون من أمراض مزمنه بحسب التقارير الطبية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية. ولكن لماذا كل هذا الرعب من هذا الفايروس. بإعتقادي إن السبب هو الحملة الإعلامية المستعرة المواكبة له التي تسعى لنشر تقارير عن المصابين وأعدادهم المتزايدة بشكل لحظي ! وما هي النتيجة؟ إعلان حالة الطواريء في العديد من الدول، وتعطيل المرافق الإقتصادية الحيوية، وشلل وسائل المواصلات الدولية وخاصة المطارات، وتوقيف عجلة الإنتاج! وبالنتيجة النهائية وإذا طال عمر المرض فإن العالم أجمع سيدخل في كساد عالمي لم يحصل له مثيل منذ العام 1930. أليست هذه نتائج الحروب؟ ولكن هذه المرة هي حرب إقتصادية عالمية بنتائج كارثية على إقتصادات الدول وخاصة الفقيرة منها وبأقل الخسائر البشرية. نعم إنها حرب بدون خسائر بشرية ولكنها لا تحترم كرامة الإنسان الذي سيجد الكثيرين منهم بين ليلة وضحاها مفلسين بعد أن كانوا ينعمون بالرفاهية الإقتصادية في بلدانهم! فبحسب التقارير الإقتصادية الصادرة عن الدول التي إنتشر فيها كورونا فإن خسائرها تصل إلى ترليون دولار كما في الصين وعشرات المليارات في دول مثل كوريا واليابان وإيطاليا.

فمن المستفيد إذا؟

بإعتقادي إن المستفيد الأكبر هي الولايات المتحدة التي تمتلك أكبر إقتصاد في العالم وحتى هذه اللحظة فإنها لم تمنى بأية خسائر إقتصادية تذكر بالمقارنة مع الصين (إلا اذا خرج موضوع إنتشار المرض في الولايات المتحدة عن السيطرة). وبحسب الإقتصادي الفلسطيني طلال أبو غزالة فإن الولايات المتحدة تسعى من خلال حربها الإقتصادية العالمية، إجبار الصين للجلوس على طاولة المفاوضات لبحث مستقبل الإقتصاد العالمي وضمان هيمنة الولايات المتحدة إقتصاديا على العالم مع إعطاء الصين دورا أكبر في هذا الإقتصاد العالمي. إلا أن الصين ترفض بحث هذا الموضوع مع الولايات المتحدة حتى الآن. وبحسب المعطيات الدولية فإننا لم نرى حتى الآن أي بصيص أمل بإمكانية التوصل إلى تفاهمات إقتصادية بين العملاقين الإقتصاديين الصين والولايات المتحدة لهذا علينا أن نتوقع الأسوء خلال هذا العام.

ما أثر هذه الحرب الإقتصادية على فلسطين؟

إن الإقتصاد الفلسطيني إقتصاداً صغيراً وهشاً يتأثر بشكل كبير بأي هزة على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي. وما يزيد الطين بلة أن الإقتصاد الفلسطيني يعتبر إقتصاداً تابعاً بشكل كبير لإقتصاد دولة الإحتلال الأمر الذي يجعل من السياسات الحكومية المحلية في ظل الأزمات والهزات الدولية الكبيرة محدودة جدا أو عديمة الجدوى ليس بسبب ضعف نجاعة السياسات المحلية وإنما لعدم إمتلاك الحكومة الوطنية القدرة على التأثير في مقدرات الإقتصاد الوطني بسبب إستمرار الإحتلال وسيطرته شبه الكاملة على إقتصادنا الوطني. كما أن الإقتصاد الوطني الفلسطيني قد خرج للتو وقبل ظهور "كورونا" بأيام من أزمة مالية بسبب قرصنة أموال المقاصة من قبل دولة الإحتلال كادت أن تؤدي إلى إنهياره! وها هي أزمة "كورونا" قد خيمت من جديد على المشهد الفلسطيني ليس فقط الصحي وإنما الإقتصادي أيضا. فبعد ظهور أول حالات من المرض في بيت لحم حتى تم إغلاق المحافظة بالكامل بالإضافة إلى المؤسسات الإجتماعية والتعليمية وبعض المنشآت الإقتصادية في باقي المحافظات. فبيت لحم ومعها أريحا تعتمدان بشكل كبير وأساسي على الأنشطة الإقتصادية المرتبطة بالسياحة. فضمن الإجراءات الصحية المتبعة لمواجهة "كورونا" قد تم أولا إغلاق كافة الفنادق والمطاعم السياحية في المحافظتين وإلغاء كافة الحجوزات لأجل غير معروف في وقت الذروة السياحية لمناسبة أعياد الفصح المجيدة وهذا يعني أن قطاع السياحة في فلسطين سيتكبد خسائر لا يمكن تحملها وستترك الأزمة آثارا طويلة المدى. ولن يتوقف الموضوع عند هذا الحد بل سيشمل قطاعات إقتصادية ومحافظات أخرى في حال إنتشر المرض بشكل كبير. فعجلة الإنتاج بدأت بالطباطؤ في ظل الأزمة في جميع أنحاء البلاد بعد تعطل المدارس وبالتالي السماح للنساء والأمهات بالتعطل أيضا. كما أن العمل داخل الخط الأخضر سيتضرر بشكل دراماتيكي في حال أغلقت دولة الإحتلال الحواجز العسكرية ومنعت العمال من الوصول إلى أماكن عملهم داخل الخط الأخضر الأمر الذي سيزيد من عمق الأزمة وسيدفع بالإقتصاد الوطني الفلسطيني إلى مرحلة من الكساد.

ما هو المطلوب؟

بالتأكيد لا نستطيع إهمال المعادلة الطبية من هذه المواجهة الدولية فما تقوم به الحكومة من إجراءات لمواجهة المرض يعتبر في غاية الأهمية وتفاعل الشعب الفلسطيني مع الإجراءات والتعليمات الصادرة عن الحكومة شيء عظيم أيضا ليكتمل تلاحم الشعب والحكومة لمواجهة التحديات. ويبقى التحدي في قدرتنا على الصمود إقتصاديا في مواجهة نتائج تلك الإجراءات التي سيكون لها إنعكاساتها على الظروف المعيشية للشعب الفلسطيني. فالمطلوب إستمرار هذا التلاحم المذهل بين الشعب والحكومة والتحضير الجيد لما بعد "كورونا" وإيجاد الوسائل الخلاقة لتعويض المتضررين من الآثار المترتبة عليه.