نشر بتاريخ: 27/05/2008 ( آخر تحديث: 27/05/2008 الساعة: 22:06 )
بيت لحم - معا - تعرفت على عبد الحكيم سرار - الرئيس الأكثر جدلا في سيرة وفاق سطيف الجزائري - قبل خمس وعشرين سنة ، عندما كان قائدا للوفاق ، من مركز الليبرو ، رغم انه لم يكن اكبر اللاعبين سنأ ، ولا أبرعهم مهارة ، ولكن الله وهب السرار موهبة القيادة ، فقاد فريقه إلى أعالي المجد الأفريقي والآسيوي .
وعندما اعتزل سرار اللعب ، كانت القيادة هاجسه الأول ، فتسلق المراتب ، حتى وصل إلى سدة القيادة ، في النادي الذي لم يعمل لغيره ، معتمدا على موهبة القيادة ، التي لا تكفي وحدها في ملاعب العرب ، التي تحتاج إلى مواهب إضافية ، تحتم معرفة القائد في ميادين الكرة بخفايا اللعبة وكواليسها ، وسرار - كما عرفته - يتقن هذا الفن ، ويتمتع بنفس طويل ، جعل الصحافة الرياضية تطلق عليه لقب " الناقة " !
المهم أن سرار عرف من أين تؤكل كتف البطولات ، فقاد فريقه للبطولة الجزائرية ، ولبطولة العرب مرتين ، قبل أن يعلن بعد صافرة الكويتي سعد كميل الأخيرة في مباراة الختام ، مفاجئة لم يتوقعها أحد ، وملخص الإعلان أن سرار سيعتزل الإدارة الرياضية !
ولنني أعرف سرار أشك في جدية الرجل في هذا التصريح ، وأتوقع أن يستجيب لنداء الوفاق ، الذي ما زال بحاجة لجهوده .
ورغم أنني لم أكن على وفاق مع سبل الكولسة ، التي يعتمدها السرار ، إلا أن نجاحات الرجل تحتم علي التصفيق لانجازاته ، ولكن الفضل أولاً .. وأخيرا للوفاق فلنصفق للنسر الأسود ، نادي وفاق سطيف ، الذي أنجب من جنبات عين الفوارة رجالا أحسنوا المنازلة فوق المستطيل الأخضر ، وأعادوا للكرة الجزائرية بسمتها ، وشيئا من هيبتها ، وأمجادها التليدة !
فمنذ فوز منتخب الجزائر الأخضر بكأس أمم إفريقيا سنة تسعين ، ترجل فرسان بلد المليون ونصف شهيد عن صهوات جيادهم ، وتوقفوا عن صناعة الحدث في الملاعب ، وجلب الانتصارات للملايين ، من محبي الجزائر ، الذين طالما صفقوا للبلومي والماجر والعصاد والفرقاني وابن الشيخ ، وقبلهم للمخلوفي والزيتوني والكرمالي !
ومنذ ذلك الحين لا يتوقف عشاق المستديرة العرب عن السؤال ، الذي أصبح محيرا للمحللين الرياضيين ، ومضمون هذا السؤال الطلسمي : أين الكرة الجزائرية ؟ وما هي أسباب العطب ، الذي أصاب قطار الخضر ، عالي الكعب ، الذي كسب رهان السبق في ملاعب خيخون وواد الحجارة ، يوم وقف نشامى الجزائر منتصبي الهامة ، يجارون بندية نجوم ألمانيا والبرازيل ؟!
إنه سؤال محير ، فك شيئا من طلاسمه نسر الهضاب العليا الأسود ... الوفاق ، الذي عاد من بعيد ، فارضا اسم الجزائر ، مرصعا بالبطولات ، في ملاعب كلّ العرب ، محققا الظفر أمام أندية ، تنفق دولُها الملايير على قطاع كرة القدم .ا
نعم ، لقد ربح الوفاق رهان سرار، وعاد العريبي "أشهر مدرب في تاريخ الوفاق" إلى أزقة سطيف ، ليتأكد أن غرسه قد أينع ، وان الوفاق ما زال شامخا يعانق الرجال ، سيدا للنفس الطويل ، متألقا دائما كالفينيق يخرج من تحت الرماد محلقا ... فعاد العريبي ، لينام قرير العين في لحده !
صفقوا للوفاق ، يا عشاق الجزائر ، ثورة .. ودولة .. وشعباً .. وكرة نظيفة .. طالما روّت ظمأكم ، بانتصارات قربت المسافات ، بين الفقراء والأغنياء ، في زمن العولمة ... صفقوا للجزائر أندية ولاعبين ، سيكون الوفاق - بإذن الله - مثلهم الأعلى ، للعودة إلى ساح التنافس بكبرياء ، مؤمنين بما تملك الجزائر من نجوم ، سيصنعون مزيدا من الأمجاد في الملاعب ، عندما يجدون اليد الحانية ، التي تحسن توجيههم !
نعم إنها سطيف .. كما عودتنا .. مشتلة للنجوم منذ مخلوفي وكرمالي .. الى زيايا وبن عيسى ، مرورا بصالحي وخلفة وشنيتي وعجيسة وزرقان .... إنها سطيف .. ما زالت تعزف بوفاقها ألحان المجد في الملاعب ، وصفقوا أكثر لزيايا ، الذي سجل هدف النصر الأكبر ، لأنه كشف عن شعار التضامن مع غزة ، عندما سجل هدفا في عز الثلج ، بمرمى الفيصلي !
إنها سطيف ، التي في خاطري ، ولها منا أطيب التهاني ، ولها منا ان لا نتوقف عن النشيد لها ، على إيقاع الرجولة ، التي تبدع في الملاعب ، وتخرج من جنبات العين الفوارة دم جديد ، من الشباب الدائم ..نعم ، إنه نشيد العز لسطيف ، في عرس وفاقها المتألق ، وفرحة العمريات ، بزغرودة عجت بها الصبايا ... بارقة انتصار !
هو العزف للكرة الجزائرية النظيفة ، والفنون الماجرية ، التي رقصّت المعلقين ، بلوحات أبدعها جيل الجزائر الذهبي ، في العصر الماسي ! إنها زغرودة عادت لتطرب عشاق الفن الجزائري ، في ليل القحط الكروي .
إنه غيض من فيض من انجازات سرار وصحبه على رأس الوفاق ، وليس معقولا أن يغادر الناجحون سدة القيادة ، ولكن سرار قال : أريد مغادرة الموقع الأول في الوفاق ، قبل أن أرغم على المغادرة تحت وقع الحجارة ، كما حصل مع غيري ...
والحق يقال إن من علامات الساعة أن يترك الموفقون سدة القيادة ، ويتمسك من لم يحصدوا إلا الخيبة بالكراسي ، ومن علامات الساعة أيضا ، أن يكون أمثال الداهية سرار غير قادرين على العيش في محيط العرب الكروي ، لأن الأمر يوحي بسوء العاقبة !
والحديث ذو شجون
[email protected]