الأربعاء: 22/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

بأية حال عدت يا عيد: اجواء من الحزن تخيم على العيد في فلسطين ..والاحتفالات تقتصر على الشعائر الدينية

نشر بتاريخ: 03/11/2005 ( آخر تحديث: 03/11/2005 الساعة: 09:48 )
معا - العيد في فلسطين مناسبة لاستذكار الاحبة الذين غيبهم الموت ، أو أولئك الذين يقبعون خلف القضبان ، او الاحبة الذين يرقدون على اسرة الشفاء .

فأعمال القتل، والاجتياح ،والتدمير التي تقوم بها قوات الاحتلال في الاراضي الفلسطينية ، ترخي على العيد في فلسطين ظلالا قاتمة ـ تنزع من قلوب الفلسطينيين الفرح ، وتنكأ لديهم جراحا غائرة .

فأول ما يقوم به الفلسطينيون صبيحة العيد ،التوجه الى المقابر، لالقاء نظرة، وسكب دمعة وورده ، على قبور احبائهم، واستذكار تللك اللحظات الجميلة التي قضوها معهم، قبل ان يغيبهم الموت .

فمع اشراقة شمس هذا الصباح الثالث من تشرين ثاني 2005 الموافق غرة شهر شوال لعام 1426 هجرية يتوجه المسلمون في فلسطين الى المساجد، لاداء صلاة العيد، بعد ان عاشوا شهرا كاملا من الهداية السامية ،والروحانية الصافية، في شهر كان اوله رحمة ، واوسطه مغفرة ، واخره عتق من النار .

فمنذ ساعات الصباح الباكر ، تقاطر المصلون رجالاً ونساءً واطفالاً ،يرتدون اجمل ما لديهم من ملابس، قاصدين المسجد الاقصى المبارك لاداء صلاة العيد ، فيما اقام بعضهم الاخر صلاة العيد في الساحات ، مستنين بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد لوحظ ازدحام المساجد بالمصلين من مختلق الفئات العمرية ،الذين جاءوا ليعبروا عن فرحتهم باتمام صيام الشهر الفضيل، وبلوغ الاجر بالعبادات، والتقرب الى الله فيه.

وتتميز صباحات العيد في فلسطين عن غيرها من الدول العربية والاسلامية، حيث يخيم الحزن والقلق، والخوف، وشبح البطالة، والفقر على اجواء العيد في ظل الحواجز والحصار ، وعمليات الاغتيال المتواصلة فى الاراضي الفلسطينية .

وينكأ يوم العيد جراحات غائرة لدى الفلسطينيين الذين يتوجهون الى المقابر مستذكرين احبة لهم حال الموت بينهم ،وبين قضاء لحظات العيد الجميلة معهم وبينهم.

مراسل معا التقى شقيقة الشهيد رائد الكرمي، بينما هي متوجهة لزيارة قبر الحبيب ،شقيقها "رائد الكرمي" الذي قضى خلال السنوات الاولى من الانتفاضة ، بينما يرافقها نجلا الشهيد ، حيث عبرت عن مشاعر بللتها الدموع قائلة : "يمر علينا عيد تلو عيد وهو غائب عنا ، لانه بالنسبة لنا ، الاخ ، والاب، و الحبيب، فلا ولد لنا ولا والد ،ولا اخ غيره .".قتلوه ..الله وحده ينتقم منهم "

وتابعت الاخت المفجوعة باخيها تقول :" بين فترة واخرى نأتي الى هنا لتلاوة القران على قبره ،وتنظيف المكان من حوله ،وتزيينه ."

اما الحاجة ام صالح والدة الشهيد صالح نصار ،والاسيرين اياد، ومعاذ نصار، فقدمت الينا بعض الحلوى ،وحدثتنا عن ذكرياتها مع ابنها الشهيد صالح، الذي كان احب ابنائها اليها .

كما تحدثت عن غياب ابنيها معاذ واياد في سجون الاحتلال ، واصابة ابنها الاصغر محمد اصابة خطيرة قبل خمسة اشهر ،حيث نقل الى الاردن لتلقي العلاج .

ولاحظ مراسل معا رجلا يضع نقودا معدنية في سله، ويتجول بين المواطنين قائلا :" لدي ما يكفيني من المال ، واود ان افرح قلوبا مسكينة بالتصدق عليها بالمال يوم العيد عن روح ابني الطاهرة ".

وفي محافظة قلقيلية سلبت الاوضاع الاقتصادية الصعبة التى يعيشها ابناء المحافظة فرحة العيد, حيث يلف الجدار الفاصل المدينة من جميع الجهات تاركا ابناءها يحتفلون بعيدهم شأنهم شأن الاسرى في سجون الاحتلال، فالصورة هي نفسها, فهناك اسرى داخل سجن وهنا اسرى في سجن من نوع آخر الا وهو الجدار، فالفرحة في قلقيلية غالبا ما تكون ممزوجة بطعم الاحتلال، وسكانها المحاصرون اصحاب الاراضي المصادرة اصبحوا ايضا اصحاب ارادة مسلوبة.

ففي العيد نجد الاطفال مع العابهم في شوارع المدينة يلهون فرحين ولكن هذه الفرحة لانجدها ولا يجدوها هم في عيون ابائهم او حتى امهاتهم ، تلك العيون التي طالما بكت خلال السنوات الماضية ، وعيون ابكتها الممارسات الاسرائيلية بحق ابناء هذا الشعب يقول احد المواطنين : "انني كنت كل عيد اذهب مع زوجتي وابنائي الى مزرعتنا التي صادرها الاحتلال, نلهوا ونلعب بين الاشجار ونحضر طعامنا اما اليوم فاقف وراء جدار يمنعني عنها واذا ما وصلتها فلن اجد شيئا فكل شيء مدمر، وساكون مخالفا للقوانين العسكرية .
كما لو كنت داخل دولة اخرى فالعيد هو العيد وانما يقتصر على الصلوات وزيارة الارحام واننا سنفعل كل شيء من اجل ان يفرح اطفالنا في هذا اليوم.