الجمعة: 17/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

يديعوت احرونوت: وزارة المالية الفلسطينية طلبت رسميا مساعدة الموساد في البحث عن اموال عرفات وحساباته البنكية

نشر بتاريخ: 12/11/2005 ( آخر تحديث: 12/11/2005 الساعة: 15:30 )
معا- في الوقت الذي يجاهر فيه قادة السلطة، باتهام جهاز الموساد الاستخباري الاسرائيلي، بالوقوف وراء عملية اغتيال، وتسميم الرئيس الراحل ياسر عرفات, نشرت صحيفة "يديعوت احرونوت "الصادرة اليوم، تقريرا اخباريا مطولا ، يثير علامات استفهام كبيرة ، للكاتبة" سميدار بيري"، جاء على صفحتين كبيرتين، مرفقا بالصور، حمل عنوان :"وزير المالية الفلسطيني سلام فياض طلب من الموساد الاستخباري الاسرائيلي مساعدته في البحث عن اموال عرفات وحساباته البنكية .

وبحسب الصحيفة ،فان مبلغ "مليار "دولار لايزال مفقوداً .

وكالة "معا" ترجمت التقرير، الذي ورد على الصفحتين 14 و 15 عن ملحق الصحيفة السياسي،في عددها الصادر اليوم .

يقول التقرير: قبل ثمانية أشهر, يعني بعد أربعة أشهر فقط من رحيل رئيس السلطة ياسر عرفات، وصلت رسالة مفاجئة لمصادر الاستخبارات العسكرية, تحمل طلباً فلسطينياً من وزير المالية سلام فياض ،لجهاز الموساد الاسرائيلي يقول فيها "ساعدونا في العثور على أموال عرفات وحساباته السريّة ".

وورد في الرسالة عبارة مفاجئة ومذهلة تقول: أن فياض "يعتمد على جهاز الموساد في العثور على الملايين". وورد أيضاً "لا نستطيع أن نقيم مؤسسات دولة من دونها".

وبعد هذه الرسالة وصلت رسالتان أخريان من قادة فلسطينيين كبار يقولون فيها "لا يضيرنا أن المخابرات الاسرائيلية تبحث معنا، وأن المهم هو أن نعثر على الأموال".

فياض أوضح في رسائله، ان الحديث يدور عن "600 "مليون دولار اختفت بعد رحيل عرفات, ولكن شخصيات أخرى وفي رسائل أخرى تحدثت عن مبلغ "900 "مليون دولار وأكثر.

وفي أوساط المخابرات الاسرائيلية فوجئوا من تسريب النبأ للصحافة, واضطروا بعدها للاعتراف "نعم, نحن لا نزال نبحث عن الأموال" وهمس مصدر استخباري اسرائيلي رسمي " ولكن CIA الأميريكية وأجهزة استخبارات أوروبية أخرى وافريقية انضموا للمهمة, وهناك تنسيق استخباري عالمي, وهناك تقدم, ولكن أي نشر لهذه الأنباء سوف يضر بمصلحة التحقيق, لا سيما وأن هناك مندوبين سريين من كل المخابرات العالمية تشارك في البحث عن ثروة عرفات وأن نشر الأنباء سيضر بسلامتهم".

من يملك مفاتيح الحسابات البنكية؟

وكما يعرف حتى الآن, فان عرفات لم يستخدم الأموال الطائلة في خدمة حساباته الشخصية, فهناك 7% من الميزانية الوطنية لمؤسسات السلطة جرى نقلها لحسابات بنكية عالمية, ومنها مؤسسة الرئاسة الفلسطينية, وجزء من الأموال استخدمها لتثبيت مكانته في الحكم، كحوافز لاتباعه, وهناك أموال كانت تصرف بسخاء لأتباعه أقربائه.، ويتركز جهد التحقيق اليوم في عقول خبراء الاستخبارات على استثمارات السلطة التي كان يديرها محمد رشيد, المستشار الاقتصادي والشخصي وحافظ سر عرفات.

قبل عام، وحين كان عرفات يصارع الموت في المستشفى العسكري في باريس, أقسم محمد رشيد أن عرفات كان يعيش حياة زهد وتقشف وهو (أي محمد رشيد) لا يعرف كم من الأموال يخبىء.

ولكن البعض يعرف بناء على تقديرات أن ما بين " 600 "مليون دولار الى" 900" مليون دولار مفقودة من الحسابات وأن محمد رشيد يجب أن يعرف أين هي؟

"ليس من الصدفة أن عرفات المتشكك اختار له مستشاراً فلسطينياً" يلمح مصدر رسمي اسرائيلي كبير في اشارة الى الكردي محمد رشيد ،المعروف باسم خالد سلام, (والذي تقرّب من عرفات وأقنعه باستثمار ملايينه خارج اطار السلطة, وهذه الاستثمارات لم تكن تدور في اطار الحمولة، أو العشيرة ،أو التنظيم الفلسطيني, وانما كانت تدور على أساس الثقة الشخصية بين عرفات ومحمد رشيد, الذي استغل أن عرفات يثق به ولا يثق بأحد غيره في كل الاستثمارات السرية المالية.

محمد رشيد الذي يسكن في رحاب القاهرة, وليس بعيداً عن سكن السفير الاسرائيلي هناك, يتحرك في أرجاء العالم ،وبالأساس في العالم العربي ،وأفريقيا بواسطة طائرة خاصة, وفي الأيام الأخيرة من عمر عرفات كان يستقر في فندق" جورج الخامس" في باريس، وبعد ذلك عاد الى ادارة أعماله في مصر.

حتى اليوم, فان كل محاولات الحصول على معلومات من الرجل، وعن الحجم الدقيق لاستثماراته الخاصة في مجال السياحة في افريقيا ،وشركات التلفون، والهاي تيك ،وشركات المقاولات العالمية ،لم تسفر عن نتائج واضحة.

" نحن نعرف" يقول مسؤول في الموساد "ان جماعة السلطة يحاولون الحفاظ على علاقة طيبة مع محمد رشيد الذي استجاب بدوره لطلبهم, لذلك فهو يأتي الى غزة ،ورام الله بين الفينة والأخرى, ويستثمر تارة هنا وتارة هناك ولكن في اللحظة التي يحاولون فيها دفعه الى جدار الاتهام المالي يسارع الى التملص".

ان عملية البحث وراء أموال سرية وحسابات مالية لعرفات، لم تثمر شيئاً حقيقياً حتى الآن , وفي أوساط الاستخبارات الاسرائيلية هناك من يقول, أن مئات الملايين لن ينجح أحد في الكشف عنها الى يوم الدين, وأن محمد رشيد ، رجل غامض ولكن بصمات استثماره موجودة في العديد من الاستثمارات العالمية, مثل الاسمنت ،والاعلام، والبورصة ،والبنوك، ولكن بسبب حذره من القبض عليه متلبساً بهذه الاستثمارات, فهو يعرف أنه واستثماراته تحت الرقابة الاستخبارية العالمية، وهو قادر على اتخاذ تدابير الحيطة والحذر.

لكن ما الذي يمنع من كشف المليار دولار الضائع؟

ان هناك عشرات الاستثمارات لا يوجد لها اسم مستثمر واضح ،كذلك توجد عشرات الحسابات البنكية الوهمية ،وان اسرائيل نفسها لا تريد أن تتورط مع أصحاب هذه الحسابات أصلاً.

وماذا عن أرملة عرفات؟

جزء من اشارات الاتهام تحوم حول الحسابات السرية لأرملة الرئيس الراحل , الأرملة المسيحية سهى،فمنذ وفاة عرفات, هاجرت سهى الى تونس, في حماية الرئيس التونسي زين العابدين عند زوجته ليلى التي تربطها علاقات صداقة مع سهى.

كما أن الفيلا الضخمة التابعة لها في الحي الباريسي الفخم، قد أغلقت، وجرى اعفاء الحراس والخدم من مهمتهم فيها.

ولا تزال السلطات الفرنسية تبحث حول مبلغ "11" مليون ونصف المليون دولار في حساب سهى، والتحقيق الاستخباري يقود الى أن عرفات أودع المبلغ في حسابها هناك من أجل تبييض الأموال ومثلها مبالغ اخرى في سويسرا.

إن العلاقة غير الواضحة بين عرفات وسهى، اشغلت ليس فقط اصحاب الشائعات والفضوليين وإنما الاستخبارات الاسرائيلية، الموساد مثلاً تلقى طلباً للتحقيق في الصلة المالية بين عرفات وسهى ،وحساباتها البنكية، وطبيعة الاستثمارات باسمها.

ولكن لم يكن أحد جاهزاً لشراء قصة الحب، التي الهبت قلب عرفات بجمال سهى، هذه المترجمة الشقراء المسيحية والتي تصغره بثلاثين عاما .

كما أن أحدًا لم يقنع بالثرثرات، والكلمات، التي كانت تتفوه بها سهى ،حين تتصل من باريس بزوجها المحاصر بالمقاطعة، حيث لا شك بأن سهى ،وعرفات كانا يعرفان أن الخطوط مراقبة وانه يجري التنصت عليهما .

المحققون كتبوا أن زواج عرفات بسهى، كان زواج مصلحة، وتحدثوا عن زوجين لم يسكنا ابداً مع بعضهما البعض وعن شكاوي سهى على قادة السلطة الذين اعتبروه زواجاً لمصلحة سهى الاقتصادية، وكانت هي تقول وتتذمر " إنهم يمسون بمكانة عرفات، ومكانة الدولة".

كانت سهى تنتقد كثيراً محمد رشيد ،وجبريل الرجوب، وجميل الطريفي، ومحمد دحلان بسبب احتكاراتهم الاقتصادية ،مثل الكازينو في اريحا ،والوقود، والاسمنت، وشركة الاتصالات والسجائر، ولكن المحققين يعرفون أنها ومنذ كانت في غزة بدأت تفتح استخباراتها الخاصة في العالم.

وحين اخذت ابنتها زهوة وهجرت الى باريس، قبل خمس سنوات بالضبط، وفي ذروة الانتفاضة،بارك عرفات هذه الخطوة، وسهى كانت تطلب المزيد، وكلما كانت تطلب كان عرفات يعطي، فكانت تأخذ مرتبا شهريا " مئة ألف دولار" ثم ارتفع المبلغ الى "ربع مليون يورو" شهرياً، الى جانب شقة فخمة، وأثاث فاخر، وحراس، ومدرسة خاصة، وتبذير لا حدود له في شراء الملابس، وخدم ،وحشم، ونجومية, وفي مرحلة معينة اشترت لنفسها طائرة خاصة واستثمرت أموالاً في مستشفى للأطفال، ومن وراء ظهر الرئيس أدارت السيدة سهى الكثير من الأمور، وكانت تطلب من الصحافة التعامل معها كأنها فلسطينية "دي لوكس".

سهى عرفات، أثبتت أنها دخلت عالم رجال الأعمال بعدة وجوه, فمن جانب شاركت في أعمال الخير لجمع التبرعات للأطفال الفلسطينيين والعائلات الثكلى والمحتاجين في فلسطين, ومن جانب اخر ،عرفت أن تستغل علاقتها في تسمين ثروتها في الشركات العالمية، بواسطة مستشارين ماليين أو أشخاص وهميين, مثل محمد رشيد الذي يصعب على المحققين أن يثبتوا شيئاً ضده.

وحتى الحظة التي نفثت فيها سهى غضبها ضد " أبو مازن" والذي لم يبد ارتياحاً أبداً لها وضد طاقم القيادة الفلسطينية الذي زار مستشفى باريس كانت سهى تقصد ذلك " أنا أدعو العالم لانقاذ عرفات من الذين يريدون التخلص منه" قالت سهى رسالة صوتية لقناة "الجزيرة "فكانت كمن يحذر القيادة من الاقتراب منها مجدداً.

وحتى حين كان عرفات يحتضر، أتمت سهى ،والقيادة الفلسطينية الصفقة المطلوبة "فقد تمكن سلام فياض من مصادرة طائرتها الخاصة، ولكن سهى لم تعد الملايين للسلطة".

وفي ذروة المفاوضات بين المحامين هددت عائلة عرفات أن تطلب باستعادة زهوة الى وصاية العائلة، وأن تعيش في رام الله, فهمت سهى التهديد, فجمعت حقائبها وصعدت الى أول طائرة متجهة الى تونس, ومنذ ذلك اليوم لم يسمع أحد لها تصريح واحد.

وقد مسح الاعلام الفلسطيني صورها من الأرشيف، وتعيش حياتها الآن بعيداً عن الأضواء , ولكنها لم تتوقف عن ادارة مشاريعها في أرجاء العالم.

عرفت ارملة الزعيم الراحل أنها يجب أن تصمت، فقبل عام وقع لطائرتها حادث خفي, حين كانت هي وزهوة تعودان من مناسبة نقل نعش عرفات من باريس للقاهرة, وفي الطريق الى رام الله, وبينما كانت الكاميرات تؤرج وجه سهى الحزين من وراء الخمار الأسود ودمعات ساخنة تنهال من عيون زهوة على خدها, فجأة اضطرت المروحية للهبوط اضطرارياً ونجت سهى وابنتها باعجوبة, فقررت سهى الغاء مشاركتها في الجنازة في رام الله خشية أن يكون هناك في المقاطعة من يريد أن ينهي حسابه معها.

الفساد:

للفساد ثمن, فالشارع الفلسطيني مذهول من الفساد، والاستخدام الباطل للأموال، التي تأتي من الدول المانحة، وكيف تتسرب الأموال من تحت الطاولة لصالح هذا أو ذاك.

وقد وصل الغضب ان احدى الاستشهاديات الفلسطينيات اللواتي أمسك بهن الجيش الاسرائيلي قبل أن تفجر نفسها للقول : "أنها رفضت أن تسجل شريطاً لوصيتها باسم فتح لأنها حركة فاسدة وسرقت أموال الثورة".

اليوم, ومع مرور عام على رحيل عرفات, جرى وضع حجر الأساس لمتحف عرفات في المقاطعة, وكان من المفروض أن يحضر عشرات الآلاف بعد صلاة الجمعة, ولكن هذا لم يحدث.

شهادات أخرى عن نكران الذاكرة ،ان أي زعيم في العالم لم يتطوع للقدوم الى رام الله في ذكرى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات, ملك السعودية, الرئيس المصري, الملك الأردني, حكام الخليج, والذين وهبوا أنفسهم للقضية الفلسطينية ،لم يأتوا واكتفوا بحمل ذكرياتهم عن عرفات في رؤوسهم.

هذا وتنشر الصحيفة صورة لضريح, ضخم مثل ضريح الامام الحسن, ،سيقام للزعيم الراحل ياسر عرفات في المقاطعة في رام الله، ويشرف على بنائه المهندس جعفر طوقان، وهو أردني من أصل فلسطيني ،وسيكون الضريح جزءا من متحف عرفات الذي سيشمل كوفيته ومسدسه ،وملابسه العسكرية، وكتاب القرأن الكريم، وقلم مذهب، وحتى بيجامته.

وحسب التقديرات سيكلف بناء المتحف ما بين "700 - 800" ألف دولار, حيث وضع خليفته محمود عباس حجر الأساس للشروع في اقامته ،ومن المقرر أن ينتهي العمل به بعد ثمانية أشهر.