هم في عالم ونحن في عالم آخر بقلم - عبد الفتاح عرار
نشر بتاريخ: 23/07/2008 ( آخر تحديث: 23/07/2008 الساعة: 16:08 )
بيت لحم - معا - على هامش مشاركة فريقي خاراس والأمعري في بطولة كأس النمسا العليا الرابة والعشرين والتي شارك بها 66 فريقا من 45 جنسية مختلفة من اربع قارات مختلفة وقد كنت هناك ضمن بعثة نادي شباب خاراس الرياضي الذي شارك في بطولة مواليد 93 وشاهدت بأم عيني كيف تدار البطولات وكيف يسطر النجاح فكانت تقام في كل يوم 33 مباراة منذ الثامنة صباحا حتى السابعة مساء وكان يدير هذه المباريات فقط اربعة أشخاص شابان وفتاتان من غرفة عمليات تعمل 24 ساعة متواصلة كان يتم نقل الفرق بحافلات حديثة من مقر اقاماتها الى الملاعب وفق جداول زمنية فاذا كانت مباراة الفريق الساعة العاشرة وفق الجدول الذي تسلمته ادارة الفريق فكان يتوجب على الفريق أن يكون جاهزا امام الفندق قبل ساعة من موعد مباراته فتأتي الحافلة لأخذ الفريق الى الملعب المحدد واذا لم يتواجد الفريق في الوقت المحدد تمر الحافلة ولا ينتظر وبذلك يتم تخسير الفريق اداريا وفي العودة من الملعب كانت الحافلة تأتي بعد نهاية المباراة بربع ساعة ولا تنتظر ايضا فان لم تكن جاهزا فتنطلق لمتابعة برنامجها وما عليك في هذه الحالة سوى الاتصال بسيارات أجرة وهذا يكلف مبالغ طائلة لغلاء أجور المواصلات هناك وفور عودتك الى مقر الاقامة تجد النتائج من جميع الملاعب امامك على لوحة الاعلانات وبهذا كان على الفرق الالتزام بالبرنامج والا فقد يكلفك هذا اما خسارة نقاط المباراة أو مبالغ طائلة من الأموال.
البرنامج تم تنفيذه كما تسلمناه من أول يوم دون أي تغيير فكنت تجد الملعب جاهز والحكام ينزلون لأرض الملعب في الوقت المحدد تماما ووجبات الطعام في موعدها دون تغيير ووسائل النقل في حركة دائمة وفق برنامج محدد بساعات معينة وهذا ما جعلني أتذكر ما يحدث في ملاعبنا من التزام بالوقت والتأخير الدائم الذي يواكب برامج مبارياتنا والذي يصل احيانا الى ساعة ونصف وهي مدة مباراة كاملة.
اما عنهم وهنا أقصد الفرق الأوروبية فكان الاهتمام بالفرق المساندة لا يقل عن اهتمامهم بالفريق الاول من حيث التجهيزات والشكل والطواقم المشرفة وخاصة الطواقم الطبية فكل فريق كان يرافقه طبيب مختص خاصة في العظام ومتخصص آخر في الارشاد وما الى ذلك من استعدادات لا نشاهدها في فرقنا وأنديتنا لا أقول هنا في فلسطين بل ربما في الوطن العربي ولكن الانضباط والجاهزية التي كانت تضاهي ما يعمله الاوروبيون كانت موجودة لدى النادي الأهلي المصري الذي كان يشارك بفريق تحت 15 سنة وكان بطلا لهذه الفئة منذ بداية مشاركته في البطولة قبل ثلاث سنوات فكان طاقمه جاهزا ويرافقه طبيب يحمل شهادة الدكتوراه في طب العظام وهو مسؤول فقط عن قطاع الناشئين في النادي الأهلي.
لست أكتب هنا من أجل السخرية أو النقد الهدام ولكني أذكر دروسا تعلمتها هناك وهي التي تصنع المؤسسات والفرق وشاهدت مدى الاهتمام الذي تحظى به الفرق المساندة هناك وقارنته بالاهمال الذي نواجهه هنا في أنديتنا شاهدت النجاح الذي حققته البطولة في وقت قياسي وبأقل عدد من طواقم الاشراف فيما نحن نشكل سيلا من اللجان عند اقامة بطولة لثماني فرق ورغم كثرة اللجان يبقى العمل منقوصا وتسجل اخفاقات عدة. وحقيقة فقد انصب اهتمامي هناك على مواكبة الاجراءات الادارية والتنظيمية ومتابعة غرفة العمليات أكثر من متابعة المباريات التي كانت سبب ذهابي الى هناك وانا أحلم يوما أن نصل الى هذا المستوى وهو ليس صعبا ولا مستحيلا ولا يحتاج الا لنوع من الثقافة ليس الا ورغم سعادتنا برؤية علم فلسطين عاليا خفاقا بين اعلام الدول المشاركة الا أن السعادة تكتمل عندما نرى اهتماما بالفرق الرديفة التي تعتبر هي المستقبل وعندما نصل الى درجة التنظيم والادارة التي يعملون بها.