الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل تغيرت الخليل ام تغيرت الاخلاق الانسانية ؟؟

نشر بتاريخ: 09/06/2005 ( آخر تحديث: 09/06/2005 الساعة: 20:22 )
بقلم سوزان لورنكو
خلال رحلة قمت بها مع زملاء لي من منظمة مراقبة الحواجز الى الخليل ، سيطر فيها جوّ من الاحساس بالخوف والوحشية ، من اي معنى استثير بداخلنا ، كان يسكننا شعور الرهبة من الحرب ، هذا الشعور تلخص من التاثير المدمر الذي تركه الاحتلال على جيل من الشباب الاسرائيلي و الفلسطيني عند الاحساس بتهدبد خارجي أو جسدي ، فان الواحد منا يتعاطى مع الموقف بشكل بدائى غريزي ومن دون تخطيط .
حالة الرعب التي يعيشها ذلك العدد القليل من الفلسطينيين في حارة اليهود في الخليل تبدو واضحة تماما ، وهذا ما زاد من شعورنا بالاحباط واليأس فيما يتعلق بالمستقبل .
ان على أولئك المستوطنين الاسرائيليين ، وقوات الجيش ، وحرس الحدود المتواجدون في الخليل ان يفصلوا ما بين مشاعرهم وأحاسيسهم ويكبتوا عواطفهم ، ويتقبلوا بشكل غبي ، وبلا تفكير في هذه الحياة اليومية البائسة .
اذا كان هذا ينطبق على الاسرائليين ، فانه وبدون ادنى شك ، أكثر فظاظة ، وسوء" ، وقسوة على الفلسطينيين ولنعرف ذلك هذه بعض من المذكرات( عن الزيارة 15 للخليل ) ..
لقد سلكنا الطريق 35 الذي يقودنا من كريات غات الى حلحول حيث لا بد من المرور عبر معبر ترقوميا ، ، انه الفراغ في هذه المنطقة الموحشة والمحروسة من قبل قوات حرس الحدود (( كان العمال العرب في السابق يقطعون هذا الحاجز يوميا للذهاب الى أماكن عملهم داخل اسرائيل )) أما الان فلا ترى سوى الكلاب الضالة في تلك المنطقة ، ثم تتجه عبر الطريق العنصري رقم 60 المخصص فقط للاسرائيليين الى الخليل ، لقد لاحظت في منطقة اذنا تحديدا ان التلال المطلة على الطريق مرصوفة بالحجارة ، لكن المزيد من الحجارة والصخور موجود على جانبي الطريق ، وذلك لمنع الاهالي ( الفلسطينيين ) من استعمال اي شيء سوى البغال والحمير في عملية تنقلهم ، ، الطريق شبه خال ، مررنا عبر العديد من المستوطنات ، والقواعد العسكرية ، واخيرا لمحنا الخليل عبر التلال المحيطة ، وعلى الطرق فانك تجدها مغلقة بالحجارة والسواتر الترابية من الجهتين ، مما يجعل على المارة الفلسطينيين ما يشبه المستحيل ان يسلكوها ويعبروا الطريق العنصري من والى مدارسهم .
الحياة تبدو مختلفة في مستوطنة كريات أربع " المبوبة " فهي تنمو بسرعة ، تملؤها الورود والازهار ، وبناية البلدية الضخمة ، وسط كل مظاهر الراحة المعتادة للمستوطنات وساكنيها ، الحرس الخاص بالمستوطنة يقوم بفحص هويات الداخلين والخارجين من والى المستوطنة ، لاحظنا وجود قاعدة امنية ضخمة في طرف المستوطنة من بعيد مع مرسلات هوائية ضخمة مثبتة على تلة ، كما راينا نقطة عسكرية كبيرة والعديد منها على اسطح المنازل الخاصة ، الوجه البشع لاستبداد الاحتلال يقف امامنا الان بكل فظاظة ، انها المرة الاولى التى تتاح لنا فيها الفرصة لرؤية دورية عسكرية ، يسيرون بشكل انفرادي ، اليد على الزناد ، في الطريق المؤدي الى الخليل يمرون خلال الشبان الفلسطينيين الذين بدأت اجازتهم الصيفية للتو ، مدينة الخليل القديمة ، محلات مغلقة ، بيوت مهجورة .. اطلال ... شوارع محفرة ، هذا هو الطريق الى المكان المقدس لكلا الديانتين الاسلام واليهودية .
الجيش موجود حيثما تولي وجهك ، وحرس الحدود يقبعون خلف متاريسهم ، لا وجود لمدنيين سوانا على الاطلاق ، يمكن ملاحظة العلاقة المتشابكة بين الديانتين بوضوح ، فعلى الجانب الايمن من الشارع تلاحظ وجود المحلات التي تبيع الاشياء المتعلقة باليهود كغطاء الراس وخلافه ، ومن الجهة المقابلة تجد محلا شرقيا للفخار حيث يعمل احد الفلسطينيين على زخرفة هذه القطعة او تلك ، لا وجود لمحل آخر يفتح ابوابه ، كل شيء يبدو وكانه مهجور ، جميع الابواب مغلقة باحكام ، لقد تم تثبيت نجمة داود على كل واحد من تلك الابواب الحديدية بشكل مرعب ، الزملاء بدأو يفكرون برعب الموقف ، كيف كانت مثل هذه الرموز تعيد الذاكرة
الى العهد النازي في اوروبا ؟؟
في كل زاوية يوجد نقطة عسكرية " اسمنتية " حيث يقف جندي مدجج بسلاحه، بين الفينة والفينة تجد جنديا يسير ساحبا اقسام مسدسه او بندقيته ........ ثمة القليل، والقليل جدا من الفلسطينيين الذين ينسلون خلسة ضمن هذا الجو الذي لا يمكن ان يكون له شبيه من السواد والحزن في اي مكان في الدنيا ، وصلنا الى مقام " سيدنا ابراهيم " وجدنا ضريحا لطفل اسرائيلي تم قتله من قبل قناص فلسطيني ،، وبقربه يوجد بيت تم ترميمه حديثا ، ومجموعة من الاطفال المستوطنين يلعبون فيما تراقبهم والدتهم ذات التنورة الطويلة ، المنازل تم حمايتها بجدران سميكة من الاسمنت ، والعيون الساهرة لحرس الحدود ، ..... اننا في منطقة "حرب".
فهناك اكياس من الرمل ،ومكعبات اسمنتية ، نقاط مراقبة ، وكذلك بناية جدا حديثة ، وكنيس يهودي كتب عليه (( بيت مدراش ، كريات أربع ، هذه حبرون )) ، هنا ، تتجلى المشاعرالمتبلده ، وهنا يتجلى عدم النسيان باسوأ الصور .
أحد الجنود يشعر بالغضب لانه تم السماح لنا بالمرور عبر النقطة التي يحرسها ، حاول استدعاء الضابط المسؤول عنه دون جدوى ، هنالك القليل من المحلات المفتوحة ، وكذلك القليل من السكان المتواجدين في المنطقة ، كنا نلاحظ سعادة في عيونهم لاننا متواجدين هنا ، ونشعر ببهجة في تلك العيون عندما يلقون علينا التحية ، وبسخاء يعرضون علينا اشياءهم ، اثنان من الشباب الغربيين النشطاء يشعرون يالغضب العارم ، لم يكونوا محزونين بما يروه ، لكنهم لا يستطيعون فهم ما يرون .
والان وعلى بعد عشرة دقائق من مقام ابراهيم ، تل الرميدة ، وقف جندي آخر غاضب يمنعنا من عبور المنطقة ، انه كما الاشارة الضوئية الحمراء ممنوع المرور ، وهو كذلك يمنع اولئك المستوطنين من الاسرائيليين من العبور باتجاه المنطقة الفلسطينية ، العديد من الفلسطينيين مروا بجوارنا ، لا شك انهم يتساءلون عما يوجد خلف المكان الذي نقف فيه ، اخيرا استطعنا ان نلمح حركة الناس ، وسيارات أجرة صفراء اللون ، لقد كان ذلك هو الاثر الوحيد لوجود حياة في تلك المنطقة ..
المترجم :
مراقبة الحواجز (( منظمة يهودية يسارية تجمع اساتذة الجامعات والمثقفين الذين تطوعوا منذ عام 2001 لمراقبة وتسجيل اعتداءات الجنود الاسرائيلية على السكان الفلسطينيين على الحواجز العسكرية )) .