الثلاثاء: 20/05/2025 بتوقيت القدس الشريف

في جامعة الخضوري وكلية فلسطين التقنية وكلية دار الكلمة فيلم "قمر 14" مأساة مخيمات اللاجئين في حكاية بطل ملاكمة

نشر بتاريخ: 12/11/2008 ( آخر تحديث: 12/11/2008 الساعة: 21:33 )
بيت لحم - معا - يعيش فرج درويش، بطل الأردن والعرب في الملاكمة، حياة بائسة هو وعائلته في مخيم البقعة للاجئين الفلسطينيين في الأردن، وهو ما قد يثير دهشة البعض نظرا لكونه بطلا من الدرجة الذهبية في البلاد.
إلا أن سبب بؤس فرج هو رفضه اللعب مع ملاكم إسرائيلي في إحدى البطولات التي أقيمت في تركيا قبل أعوام، ما تسبب في حرمانه من اللعب.
هذه القصة ليست من نسج الخيال، بل حقيقية يعيشها الشاب فرج، وصورتها المخرجة الأردنية ساندرا ماضي من خلال فيلمها "قمر 14"، الذي عرض مؤخرا في مهرجان شاشات لسينما المرأة في دورته الرابعة في قصر رام الله الثقافي، وفي جامعة فلسطين التقنية-خضوري في طولكرم وكلية فلسطين التقنية في رام الله، وكلية دار الكلمة في بيت لحم.
الفيلم، الذي تصل مدته إلى 46 دقيقة، يخوض في تفاصيل حياة فرج وعائلته في مخيم البقعة، والمأساة التي حلت عليه بعد أن حرم من اللعب، الذي يعتبره (فرج) أمرا معنويا أكثر من كونه ماديا.
وقد تميزت الصورة في الفيلم بقربها من شخصياته، حيث تبرز تفاصيل الوجه، وطريقة التفكير، والأفعال اليومية، مما أضاف لمسة إنسانية، بدلا من كونه فيلما يوثق حياة شخص وبيئته.
كما أن المخرجة استخدمت تعبيرات بسيطة ورموزا ثانوية قد يكون لها معان كبيرة في الفيلم، كقول أحدهم إنه يطمح للشهرة والبطولة في الملاكمة للظهور على علب مشروب البيبسي أو "ريد بول"، وهو ما يعتبر حلما متواضعا جدا بالنسبة لأشخاص في أول حياتهم.
في الجانب الآخر، يلعب الصوت في الفيلم دورا مهما للغاية كالصورة تماما، حيث أن المخرجة ماضي تستعين بأصوات قد لا تكون لها أية علاقة بأحداث الفيلم، إلا أنها تضيف معان جديدة للمشاهد السينمائية، كالمشهد الذي يقوم فيه فرج بضرب كيس الملاكمة، وينطلق من خلف لكماته صوت كضرب الرصاص يدل على غضبه من الواقع المر الذي يعيشه.
المأساة الإنسانية في الفيلم لم تقتصر على فرج وعائلته فحسب، بل عايشت كاميرا ساندرا ماضي سكان المخيم في السوق والحارات والأزقة، ليتعرف المشاهد أكثر على الوضع الإجمالي الذي يعيشه فرج "البطل".
وتبني ماضي في أحداث الفيلم على سؤال محدد يدور في ذهن المتفرج، ألا وهو: ما الذي يدفع مثل هذه البطل إلى العيش في مثل هذه الظروف؟ ليأتي الجواب في الوقت المناسب، وهو أن فرج رفض اللعب ضد ملاكم إسرائيلي في إحدى البطولات بتركيا، ما دفع الاتحاد الأردني للملاكمة لحرمانه من اللعب مدى الحياة.
وما يزيد الأمر سوءا بالنسبة لفرج أنه يزور أحد أفراد الاتحاد الأردني للملاكمة، ليعامله الأخير بجفاء وكأن البطل (فرج) يتسول.. بينما كان كل ما يطلبه هو العودة للعب بدلا من السير بلا وجهة محددة في الشوارع.
إلا أن جميع مطالب فرج قوبلت بالرفض.
جميع من هم في المخيم، وفقا لما جاء في الفيلم، نصحوا فرج بعدم تقديم أي رسالة اعتذار لأنه ببساطة لم يتركب أي خطأ، فقد كان يدافع عن مسألة يؤمن بها طويلا، وهذه كانت إحدى الرسائل التي أوصلها الفيلم للمتفرجين.
إلا أن المشهد الذي يعتبره النقاد قمة الفيلم كان في النهاية عندما جلس فرج مواجها الكاميرا، وبدأ بالحديث إليها حول ما آلت إليه حاله، ويقول: "الناس يرون أنني بطل، أسافر وأجوب الدنيا، ولكنهم لا يعلمون أنني إذا أردت أن أشتري علبة بيبسي لأشربها فإنني لا أستطيع.." ويبدأ فرج بذرف دموعه حزنا على حاله.
وحول ما إذا كان فرج وعائلته قد شاهدوا الفيلم، تقول ساندرا ماضي: "لقد كان فرج أول من شاهد الفيلم، وقد أعجبه كثيرا.. وهذه كانت الشهادة الأهم بالنسبة لي، لأن ذلك يعني وصولي إلى الهدف الذي كنت أسعى إليه."
وتضيف ماضي: "عرضت الفيلم للمرة الأولى في مخيم البقعة بالأردن، وحضره أكثر من 1500 شخص من سكان المخيم، وتلقيت دعما كبيرا من المؤسسات الشعبية والاجتماعية هناك.. وقد قوبل باستحسان جميع من شاهدوه، لأنهم أحسوا أن هذا الفيلم يحمل همومهم جميعا، وليس هم فرج وحده."
يذكر أن ساندرا ماضي هي مخرجة أردنية من جذور فلسطينية عملت في مجال إخراج الأفلام الوثائقية، حيث أنتجت فيلمها الأول عن الكاتب الأردني محمد طمليه، وتعمل حاليا على فيلمها الوثائقي الثالث.