الأحد: 06/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

حق العودة - نقاش مع بلال الحسن

نشر بتاريخ: 12/06/2005 ( آخر تحديث: 12/06/2005 الساعة: 18:40 )
حول حق العودة ومشروع كيفيتاس
كتب - سامي حسن
أثار مشروع كيفيتاس منذ بداية طرحه جدلاً مهماً في الأوساط الفلسطينية، وقد ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الكتابات لمثقفين فلسطينيين حول هذا المشروع، وكان منهم الاستاذ بلال الحسن الذي نشر مقالين حول المشروع في جريدة الشرق الأوسط الأول بتاريخ24 /4/2005 وهو بعنوان "هيئات دولية تتحرك فجأة في مخيمات اللاجئين" والثاني بتاريخ 1/5/ 2005 بعنوان " كيفيتاس في دمشق أسئلة بلا أجوبة"
اللاجئون وحق العودة في مقاله الأول يقول بلال الحسن:" لم يسبق لقضية اللاجئين الفلسطينيين أن طرحت نفسها كقضية مستقلة، أو منفصلة عن الإطار العام للعمل النضالي الفلسطيني.... ، فاللاجئون الفلسطينيون هم جزء أساسي من الشعب الفلسطيني، وهم يشاركون شعبهم في النضال من أجل حقوقه الوطنية، ويوجد «حق العودة» داخل إطار هذه الحقوق الوطنية بشكل طبيعي"
بداية أسجل اتفاقي مع السيد بلال أن القضية الفلسطينية وجوهرها موضوع اللاجئين هي قضية واحدة وأن الشعب الفلسطيني هو شعب واحد وموحد بالرغم مما فرضته عليه ظروف النكبة من توزع جغرافي، كما وأتفق معه عل دور اللاجئين الكبير بل والريادي في النضال الفلسطيني في الشتات، والداخل (أراضي ال67) والذي برز كثيراً خلال الانتفاضتين الأولى والثانية. إلا أن هذا لا يلغي حقيقة التراجع الكبير لدور اللاجئين في الشتات خلال العشرين سنة الماضية، وتحديداً بعد توقيع اتفاق أوسلو وانتقال مركز ثقل النضال الفلسطيني إلى الداخل، وهنا يبدو تاريخ النضال الفلسطيني وكأنه يعيد نفسه؟!، فخروج المقاومة من الأردن أدى إلى تراجع دور ونشاط اللاجئين في ذلك البلد، ونموه وتصاعده لدى اللاجئين في سورية ولبنان الذي ما لبث أن بدأ بالتراجع بعد الخروج من لبنان؟! وهذا الأمر يطرح قضية على درجة من الأهمية وهي أنه إذا كانت منظمة التحرير وكافة القوى الفلسطينية حريصة على تحشيد كل طاقات الشعب الفلسطيني وانخراط كافة أبنائه في النضال الفلسطيني فحري بها أن تضع استراتيجية تتكامل فيها مهمات النضال الوطني الفلسطيني في كافة الساحات التي يتواجد فيها الشعب الفلسطيني. إن الحقيقة التي لا يمكن القفز فوقها هي أن اللاجئين الفلسطينيين قد استشعروا خطراً على قضيتهم من مفاوضات أوسلو مما دفعهم ونخبهم لاطلاق حركتهم في الدفاع عن حق العودة وهو ما يذكره السيد بلال الحسن في مقالته عندما يقول:" وقد طرأ تحول نوعي على عمل اللاجئين الفلسطينيين حين اقترب موعد مفاوضات الحل النهائي (عام 1999 ـ 2000). فلما كانت مفاوضات الحل النهائي تتضمن البحث في مستقبل قضية اللاجئين، وكان الكل على معرفة ودراية برفض إسرائيل القاطع لبحث قضية عودة اللاجئين من حيث المبدأ، فقد بادر اللاجئون الفلسطينيون بشكل عفوي إلى تنظيم أنفسهم في هيئات ومؤتمرات.... وقد أحدث هذا التحرك الشعبي الواسع من قبل اللاجئين الفلسطينيين تأثيره الواضح على المفاوض الفلسطيني، فذهب إلى كل جلسة مفاوضات مع الإسرائيليين أو الأميركيين وهو يدرك زخم موضوع اللاجئين ومركزية شعار حق العودة في حياتهم ومطالبهم، وشذ عن ذلك بعض الأفراد الذين تحولوا إلى منبوذين بسبب دعوتهم إلى التخلي عن حق العودة" إذن ما مبرر مبادرة اللاجئين بأنفسهم لاطلاق حركتهم للدفاع عن حق العودة إذا كانوا حقيقة وهم المعنيون بحق العودة والمتمسكون به متيقنين أن قضية اللاجئين هي بيدهم وبالتالي لاخوف عليها؟ وهل حركة الدفاع عن حق العودة هي حركة اعتراضية على أوسلو وممثليها؟هل هي حركة مساعدة لتقوية المفاوض الفلسطيني أم رسالة تحذيرية له؟ إن ما لم يشر إليه السيد بلال الحسن هو أن اللاجئين في الشتات حقيقة هم مهمشون وبعيدون عن صنع القرار الفلسطيني الأمر الذي زاد من مخاوفهم، إضافة إلى ارتيابهم من المفاوض الفلسطيني الذي حقيقة لم يتنازل عن حق العودة ولكننا لا ندري ما طبيعة وحجم التنازلات التي يمكن أن يقدمها في المفاوضات؟
واقع حركة الدفاع عن حق العودة:
إذا كان تشكيل اللاجئين الفلسطينيين لهيئات الدفاع عن حق العودة هو ضرورة تاريخية أملتها تطورات القضية الفلسطينية واتفاقات أوسلو، وإذا كان خطاب العودة هو واحد من عناوين الاشتباك التاريخي المفتوح مع المشروع الصهيوني، وإذا كانت حركة ( حق العودة) قد شكلت كما يقول بلال الحسن وبحق"الاضافة النوعية إلى العمل النضالي الفلسطيني" فإن الحرص على تطوير وتفعيل هذه الحركة وخطابها يتطلب منا رؤية واقعها بجرأة وصراحة بعيداً عن المجاملات والشعارات. إن هذه الحركة اليوم ليست بالقوة التي يصورها السيد بلال الحسن في معرض رده على مشروع كيفيتاس عندما يقول " يتجاهل هذا التحرك الدولي النشاط الشعبي الفلسطيني الهائل القائم على مستوى العالم كله، بواسطة اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم". بل إنها تعاني من مشاكل وأزمات كثيرة على رأسها تلقفها بامتياز لأمراض الفصائل الفلسطينية ، واتساع الخلافات بين الهيئات المكونة لها، وانعزالها عن اللاجئين في غالبية تجمعاتهم واقتصارها على عدد محدود من الناشطين، وعدم قدرتها على استقطاب أعداد مهمة من المثقفين الفلسطينيين، وجمود خطابها عند حدود الشعارات وافتقاده الديناميكية والجاذبية والقدرة التي تمكنه من التحول إلى خطاب شعبي حقيقي ، الأمر الذي شكل موضوعات للحوار بين الهيئات منذ فترة ليست قليلة، وقد شاركنا السيد بلال الحسن في إحدى هذه الحوارات في دمشق. وأعتقد أن التطورات التي تشهدها القضية الفلسطينية والأحداث الدائرة في المنطقة، باتت تتطلب وقفة جدية ومسؤولة وسريعة أمام واقع هذه الحركة التي لا يمكنها في ظل الوضع الذي وصلت إليه من الارتقاء لمستوى التحديات المقبلة حول مشروع كيفيتاس:
لقد شكلت منظمة التحرير الفلسطينية بمكوناتها ومؤسساتها المختلفة( الفصائل الفلسطينية، الاتحادات، النقابات، المنظمات والمؤسسات التخصصية المختلفة....) أنوية المجتمع المدني الفلسطيني في الشتات، ولعبت لفترة طويلة إضافة إلى دورها النضالي المقاوم دوراً مهماً وأساسياً في الحفاظ على هوية المجتمع الفلسطيني وتماسكه، حيث شكلت جسر يربط أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده في العالم، ناهيك عن دورها في تقديم مختلف أشكال الخدمات الاجتماعية.
والحقيقة أنه لا يمكن فهم مشروع كيفيتاس والاشكاليات التي يثيرها إلا في إطار أزمة منظمة التحرير الفلسطينية وتراجع دور مؤسساتها المختلفة في أوساط اللاجئين الفلسطينيين وتهميش دورهم لا سيما في الشتات، وربما أضيف أزمة حركة الدفاع عن حق العودة أيضاً؟ ويمكننا القول أن لا معنى لهذا المشروع خارج هذا الاطار؟
حيث يأتي مشروع كيفيتاس ( وبغض النظر إن كان وافداً أم لا) كمحاولة للاجابة على الأسئلة التي طالما طرحها اللاجئون أنفسهم وضمناً هيئات الدفاع عن حق العودة التي تعتبر نوعاً من أنواع منظمات المجتمع المدني والتي ما كان لها أن تتشكل لو لا وجود أزمة في العمل الوطني الفلسطيني لا سيما في تجمعات اللاجئين وفراغ لا بد من ملئه؟ فالهدف من المشروع كما هو وارد في الوثيقة المنشورة على موقع المشروع على الانترنت والتي يستند إليها السيد بلال الحسن هو: "تقييم كيفية تمكين تجمعات اللاجئين والجاليات الفلسطينية المقيمة في الشرق الأوسط وأوروبا وخارج الوطن على نطاق واسع، من إقامة هياكل وآليات مدنية بما يمكنها من تحقيق اتصال أفضل مع ممثلهم الوطني ومؤسساتهم الوطنية والوكالات الإنسانية التي تقدم العون لهذه التجمعات والجاليات، ومع تجمعات اللاجئين والجاليات الفلسطينية الأخرى داخل وخارج فلسطين.... وسوف يعيد هذا المشروع الصلات الحيوية بين كافة طبقات المجتمع المدني الفلسطيني، ويعيد ربطها مع ممثلهم الوطني منظمة التحرير الفلسطينية، ومع المؤسسات الوطنية التي عانت من التمزق في العقد الاخير".
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل يشكل هذا الكلام خطراً على وحدة وتواصل وتمثيل الشعب الفلسطيني أم أنه يخدم ويحفز ويدفع بهذا الاتجاه؟ إن ما يطرحه المشروع هو شبيه كما ذكرت بما حصل مع لجان حق العودة حيث بادر اللاجئون إلى تشكيل لجان للدفاع عن حق العودة، بينما قامت بعض الفصائل بتفعيل ما هو قائم أي أنها نشطت دورها كفصائل من خلال مؤسساتها أو شكلت لجاناً تابعة لها؟ أولم تسعى اللجان جاهدة للتواصل فيما بينها لتشكيل شبكة للدفاع عن حق العودة على مستوى العالم، وربما نجحت نسبياً في ذلك؟ الآن هناك أزمة في حركة حق العودة ولجانها المختلفة والكل يقر بهذه الأزمة؟ والخروج من هذه الأزمة يكون إما بتشكيل لجان جديدة أكثر نضجاً، أو تفعيل دور اللجان القائمة وتطوير عملها، ولا أعتقد أن هناك حلاً آخر للخروج من الأزمة؟ فهل هناك من يمانع تشكيل لجان جديدة؟ وأساساً هل يملك أحد الحق في ذلك؟
يأخذ السيد بلال على المشروع أنه تجاوزوا لجان حق العودة القائمة وانتقل مباشرة لمخاطبة اللاجئين فيقول " إن الجديد في عمل هذه المشاريع، أنها تخرج لأول مرة من إطار العمل الأكاديمي، وتذهب مباشرة إلى مخيمات اللاجئين لمخاطبتهم، قافزة حتى من فوق كل اللجان الشعبية العاملة في إطار حق العودة... لماذا هذا النشاط وبهذه الطريقة؟ لماذا يتم تجاهل الهيئات القائمة ومواقفها؟" وبالرغم من أن الوقائع تجافي هذا الكلام، وبالرغم من مشاركة العديد من لجان حق العودة في العالم في هذا المشروع، إلا أن ما يلفت الانتباه هو المنطق الذي يتحدث به السيد بلال الحسن، حيث يبدو وكأن المشكلة ليست بالمشروع وما يطرحه، وليس بالجهات التي تقف وراءه بل بالجهة - اللجنة أو اللجان- التي يقصدها( يبدو أن الموضوع عند السيد بلال الحسن أبعد من ذلك، وكأنه يقصد باللجان هيئات و مؤتمرات ومراكز محددة بعينها دون سواها من الناشطين في الدفاع عن حق العودة ؟) وهو ما عاد وأكد عليه في مقاله حيث يقول: " ويكتمل الحل الواضح والمحدد حين تدق هذه الهيئات الدولية أبواب الهيئات الشعبية الفلسطينية التي ينضوي في إطارها اللاجئون الفلسطينيون، لتسألهم ماذا يريد اللاجئون؟ أما إذا فعلت غير ذلك، وتجاهلت هذه الهيئات التمثيلية، فستنشأ إشكالات كثيرة تبرز المخاوف والشكوك".
هنا تتضح الأمور أكثر، السيد بلال الذي لديه مخاوف من موضوع تمثيل اللاجئين و فصل قضيتهم عن سياقها الوطني الفلسطيني العام بات الآن ينظر للجان حق العودة ( أكرر يبدو المقصود هيئات ومؤتمرات ومراكز محددة بعينها دون سواها من الناشطين في الدفاع عن حق العودة) كممثلة للاجئين ؟ ولم يعد أمام هذه اللجان إلا رفع يافطات على أبواب المخيمات مكتوب عليها: توقف.. ممنوع الدخول..ممنوع التحدث مع أحد..ممنوع.... إلا بإذن منا نحن ممثلين اللاجئين؟!
إن منهجية وبنية مشروع كيفيتاس تقوم على أساس أن يعبر اللاجئون عن آرائهم المختلفة من خلال الحوار المباشر في ورشات عمل واجتماعات. ولا أعرف إن كان ثمة مشكلة في ذلك؟! وخصوصاً أن الوصول إلى الناس ودفعهم للحوار والمشاركة هو من الأهداف التي من المفترض أن يسعى إليها أي فصيل وأية لجنة أو هيئة؟
حق العودة في مشروع كيفيتاس:
مما لا شك فيه أن أحد الأسباب التي تجعل من مشروع كيفيتاس إشكالياً هو عدم ذكر حق العودة بشكل مباشر في المشروع؟ وبالرغم من أن الدكتورة كرمة النابلسي ( مديرة مشروع كيفيتاس) قد أوضحت في أكثر من لقاء من أنها بالتأكيد مع حق العودة إذ أنها ناشطة في هذا المجال، وأنها ضد وثيقة جنيف وقد كتبت ضدها مقالاً نشر في الغارديان بعنوان " آمال شاتيلا " وأنها تعتقد أن خدمة قضية اللاجئين وحقهم في العودة تكون بألا يعبر المشروع مسبقاً ونيابة عن اللاجئين عن التمسك بحق العودة، وأن التأثير في الرأي العام العالمي وفي المحافل الدولية المختلفة يكون أقوى عندما يقدم التقرير وقد تضمن موقف اللاجئين المتمسك بحق العودة نتيجة لآراء اللاجئين أنفسهم، إلا أنني سأتناول هذا الموضوع على ضوء ما هو وارد في نص المشروع نفسه :
أولاً: يعبر المشروع صراحة على أن الخلفية التي انطلق منها هي تقرير بعثة لجنة تقصي حقائق اللاجئين الفلسطينين الذي أوصى بترسيخ حق العودة، لقد صدرت النسخة العربية للتقرير بعنوان "حق العودة" وقد صاغ جزءاً منه تحت عنوان" النتائج الرئيسية المستخلصة من شهادات اللاجئين" كل من الدكتورة كرمة النابلسي و بيردجيد جيلشيرست، حيث تم التأكيد على أن قضية اللاجئين هي جوهر الصراع العربي الاسرائيلي، وهي قضيةسياسية وانسانية ، وأن لا حل لهذا الصراع إلا بتطبيق حق العودة وأن اللاجئين يرفضون كل الحلول البديلة ومنها التوطين، وأن الذي يتحمل مسؤولية مأساة الشعب الفلسطيني هو العصابات الصهيونية وبريطانيا والمجتمع الدولي، وأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وأظهر مخاوف اللاجئين من اتفاقية أوسلو، وقلقهم على تقليص دور الأونروا .فإذا كان هذا التقرير هو الخلفية التي يستند إليها مشروع كيفيتاس ، فهل من المنطقي أن يقول البعض المشروع عكس ما يقوله صراحة؟ ربما كان يجب على الخلفية أن تتضمن تقرير لجنة تقصي الحقائق كاملاً بصفحاته البالغة 339 صفحة حسب النسخة العربية؟ ثانياً: إن المنطق السليم يفترض التعامل مع الهدف الواضح والمحدد للمشروع وهو بناء الهياكل المدنية التي يحتاج إليها اللاجئون، وعند ذلك يصبح السؤال المنطقي والعلمي والمنهجي المتعلق بحق العودة هو ما هي الهياكل التي يحتاجها اللاجئون للدفاع عن حق العودة؟ وهل هناك في المشروع ما يمنع أن يعبر اللاجئون عن حاجاتهم إلى هذه الهياكل في حال غيابها، والتأكيد على تمسكهم بها في حال وجودها وفعاليتها؟ تجيب وثيقة المشروع تحت عنوان: المنهجية: " ولا تسعى هذه المبادرة إلى حصر أو تحديد الهياكل والآليات والأولويات التي عبر عنها اللاجئون" إن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: كيف يمكن لحركة حق العودة أن تستفيد في عملها من التقارير الناتجة حول الهياكل وآليات الربط والتواصل بينها؟ وكيف يمكن لها الاستفادة من هذه التقارير كوثائق وحقائق إضافية تصب في خدمة الدفاع عن حقوق اللاجئين وفي مقدمتها حق العودة؟ إن يقيني أن نتائج هذا المشروع ستبين تمسك اللاجئين بحق العودة وحاجتهم إلى تفعيل وتطوير الهياكل القائمة و تشكيل هياكل جديدة للدفاع عن حق العودة تجعلني لا أتفهم فقط لماذا يقول مشروع كيفيتاس عند حديثه عن مستقبل المشروع أنه "لا يستطيع ضمان تأمين هذه المطالب" بل وأجزم على ضوء الظروف الراهنة ونتيجة لمواقف الدول المانحة المنحازة لإسرائيل أنه لن يكون هناك حظوظاً لانجاز المرحلة الثانية من المشروع.
مشروع كيفيتاس في سورية:
ركز السيد بلال الحسن في مقاله الثاني المعنون بـ" كيفيتاس في سورية أسئلة بلا أجوبة" على تفاعلات مشروع كيفيتاس في سورية، ونظراً لعدم دقة المعلومات الواردة في المقال ( كان حرياً بالسيد بلال الحسن، ونظراً لوجود من هو مع المشروع ومن هو ضد المشروع، أن ينوع من مصادر معلوماته، وأن يحاول الحصول على محاضر الحوارات واللقاءات التي أجرتها الدكتورة كرمة النابلسي في سورية) فإنني سوف أقدم وجهة نظري مكثفة حول ما جرى مع مشروع كيفيتاس في سورية منذ البداية وحتى الآن بداية لم يتم القفز فوق هيئات الدفاع عن حق العودة حيث طرح المشروع أول ما طرح مع هيئة من هذه الهيئات وهي " مجموعة عائدون"

كان من المقرر أن تعمل هذه المجموعة في المشروع ولكن خلافات دبت فيها- لا أعتقد أن جذرها يتعلق بالمشروع، بدليل أن هذه المجموعة لم تصدر حتى الآن أي شيء رسمي حول وجهة نظرها بالمشروع- دفعت ببعض مؤسسيها إلى الخروج من المجموعة حاملاً معه المشروع كون المشروع بحثاً أكاديمياً فقد رأى حاملي المشروع أنه لا يحتاج إلى أعداد كبيرة للعمل به، وكانت المشكلة تكمن في تأمين الغطاء الرسمي السوري للعمل في المشروع، ولعل هذا ما يفسر كون منسق المشروع في لبنان هو نفسه منسق المشروع في سورية عندما أدرك القائمون على المشروع أن الظروف أصبحت مناسبة طرح المشروع على عدد من الناشطين في حق العودة في سورية ( بعضهم كان قد غادر هيئاته منذ فترة والبعض الآخر لا زال يعمل فيها) الذين شكلوا فريقاً أولياً للعمل بدأ بدراسة المشروع دراسة دقيقة ومتأنية.
توصل فريق العمل بعد نقاش مكثف إلى وجهة نظر مكتوبة حول المشروع ضمنها التأكيد على التمسك بحق العودة والملاحظات والمخاوف التي يثيرها المشروع والأسباب التي تدفعه للعمل وعلى رأسها تفعيل حركة اللاجئين، واشترط اللقاء بمديرة المشروع قبل الموافقة على العمل، وأن يتم اعتبار وجهة نظر فريق العمل جزءاً أساسياً ومكملاً للمشروع
تم اللقاء بين فريق العمل والدكتورة كرمة النابلسي، وكانت إجاباتها حول الأسئلة والمخاوف مقنعة ومنطقية بالنسبة لفريق العمل، كما وافقت على شرط فريق العمل اعتبار وجهة نظره المكتوبة جزءاً من المشروع .
كان فريق العمل قد توصل إلى أن دفع المشروع باتجاه أهداف أخرى غير بحثية وغير تلك التي عبر عنها المشروع وعمل عليها في كافة تجمعات اللاجئين في العالم يتطلب جهوداً كبيرة، لذلك تم وضع برنامج للدكتورة كرمة النابلسي وفريق العمل لبدء حوار مع الفصائل الفلسطينية وهيئات الدفاع عن حق العودة من أجل مشاركة الجميع في هذا المشروع المعدل كان من الطبيعي بل والصحي أن تثير الحوارات مع الفصائل والهيئات نفس الأسئلة والمخاوف والملاحظات التي أثارها فريق العمل، ولكن ما لم يكن متوقعاً هو الانقسام الحاد بين المؤيدين والمعارضين للمشروع ( أعتقد أن موقف الجبهة الشعبية الرافض للمشروع - الذي لم تعبر عنه بشكل رسمي مكتوب حتى الآن - قد شكل عامل استقطاب قوي لمعارضي المشروع ، وأزعم أنه لو كان موقف الجبهة غير ذلك لما كان هناك أي معارضة تذكر للمشروع في سورية) في محاولة منها للاجابة على استفسارات ومخاوف وشكوك المعارضين للمشروع بعثت الدكتورة كرمة النابلسي بتاريخ 2/5/2005 برسالة إلى فريق العمل و اللجان العاملة بحق العودة في سورية أوضحت فيها مبادىء مشروع كيفيتاس التي تستند على اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، وأن كافة الحقوق القانونية الدولية مصانة في كافة مراحل المشروع وفي مقدمتها حق العودة وفق القرار 194 وأن هدف المشروع إيصال حقوق واحتياجات اللاجئين للمجتمع الدولي لدفعه لتحمل مسؤولياته اتجاه الشعب الفلسطيني واللاجئ، وأكدت في نهاية رسالتها أن هذه النقاط ستدرج بوضوح في المشروع في صيغة مشتركة بالتوافق مع لجان حق العودة العاملة في سورية بينما قرر المؤيدين للمشروع المضي في العمل بالمشروع صدر بتاريخ 3/5/2005 بيان حمل توقيع عدد من لجان حق العودة والمؤسسات الأهلية في سورية يبين وجهة نظرهم ويدعو إلى تعرية المشروع ومقاطعته أسأل الأستاذ بلال الحسن بعد هذا العرض لما جرى مع مشروع كيفيتاس في سورية، وبعد رسالة الدكتورة كرمة النابلسي : إن كان لا زال يعتقد أن مشروع كيفيتاس قد قفز فوق حق العودة واللجان؟
وأختم بما ختم به الاستاذ تيسير نصر الله (عضو لجنة اللاجئين في المجلس الوطني الفلسطيني ورئيس مجلس إدارة نادي يافا الثقافي التابع للجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين ومنسق اللجنة الشعبية للدفاع عن حق العودة في محافظة نابلس) مقاله المنشور في موقعه على الانترنت حيث يقول:" وأعتقد، بما لا يدع مجالاً للشك، أننا أحوج ما نكون لمعرفة مشاكلنا والوقوف عندها بكل جرأة، وعدم دفن رؤوسنا في الرمال، بل مواجهة الأسئلة الصعبة بثقة عالية بالنفس، وأعتقد أن المشروع الأكاديمي المسمى"سيفيتاس" سيساهم في تسليط المزيد من الإضاءات على مشاكلنا وإحتياجاتنا، بمقدار مساهمته في إستفزازنا وإستنفار طاقاتنا ونحن نبحث عن حلول لتلك المشاكل والأسئلة الصعبة، ولكن هذه المرة لن يجدي نفعاً الأسلوب التقليدي في مواجهة الحقائق، بل الأسلوب العلمي والديمقراطي".