الإثنين: 20/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

خسرناك يا ابن نَحْف بقلم : د.ابراهيم حمامي

نشر بتاريخ: 25/12/2005 ( آخر تحديث: 25/12/2005 الساعة: 14:59 )
غزة -معا- في غفلة من أمري وعلى حين غرة وصلتني الرسالة عبر البريد الالكتروني حاملة نبأ رحيل علم وقلم، عرفته عبر الصحف والمواقع، وعبر الكلمات والحروف، لم نتراسل أو نتحادث يوماً، ولم أعرفه وجهاً لوجه، لكن قلمه كان دائماً كالسيف في يد من لا يخشى في الحق لومة لائم، وكلماته مزجت الأدب بالنبض الحر، وتعابيره كانت من القلب للقلب، لينتج لنا روائع، والأجمل توقيعه الذي كان دائماً يحمل اسم قريته الشمالية الصغيرة في مساحتها والكبيرة في عقله ووجدانه - نَحْف.

الكاتب والباحث وجيه عمر مطر عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب و الصحفيين الفلسطينيين، ورئيس فرع ليبيا، عضو المجلس القومي للثقافة العربية رحل فجأة، في حادث أليم صباح يوم الجمعة 23/12/2005 في ليبيا عن عمر يناهز الثامنة والخمسين، لنخسر قلماً نحن بأمس الحاجة إليه في مواجهة الظلم والطغيان، لكن كلماته ستبقى بالتأكيد علامة مميزة تلاحق الطغاة الفاسدين كاللعنة أينما حلّوا، وليترك لنا واجب ومهمة أن نكمل المشوار حتى نحق الحق أو نلحق به في ديار الحق.

يُعرف كلٌ منا بانتمائه لهذا البلد أو ذاك أو من هذه القرية أو تلك، أما الراحل وجيه عمر مطر فكانت قريته تُعرف به، فقد ارتبطت نحف باسمه، واصبح القاصي والداني يعرف أنها قرية فلسطينية في شمالنا الحبيب، يعتز بها الكاتب ويفخر بانتمائه اليها، ولا أجد غير نحف لأذكُرَهُ بها ولأُذَّكِّر بها، لأنه أحبها وعشقها، ولأنها الأرض التي ينتمي اليها فهي تحبه وتعشقه، وهذه هي نَحْف وجيه عمر مطر أكتب عنها في وداع القلم والعلم وفاء للمكان الذي أحبه والذي رحل بعيداً عنه، لكن يوم العودة قادم بإذن الله طال الزمن أم قصر:

بلدة/قرية نَحْف

بالفتح والسكون وفاء، تقع في شرق دير الاسد على نحو اربعة كيلومترات منها والبلدة القديمة مبنية على تل مرتفع حوالي 380 م عن سطح البحر يبعد عن عكا للشرق نحو 22 كيلومتر وعند توسع مساحة البناء امتدت إلى الجهة الشمالية أي سفح الجبل، وتحيط بأراضي القرية، اراضي «سيجور والبعنة ودير الاسد، وكسرا وسخنين والرامة»، ومن المواقع المجاورة للقرية «الشيخ ربيعة» و«مغارة عوبا» مرتفعان في شمالها. وعوبا قد تكون من «عُبّا» السريانية بمعنى الوسط أو من «عَبا» بمعنى الغابة.

تقع البلدة في مركز منطقة الشاغور بين جبال الجليل الأعلى وجبال الجليل الأسفل.
تقع البلدة في منطقة كسر جيولوجي ظاهر للعيان وهي تله من الصخر الكرتوني (جير رخو) وتفتت هذا الصخر في مناخ البحر المتوسط يعطي تربه رمادية باهته سهلة الحراثه والاستغلال الزراعي. كذلك في هذه الصخور كان سهلا حفر ابار لخزن المياه، وبناء القبور، وحفر مغاور وغيرها.

نَحْف عبر التاريخ

البلده القديمة التاريخية، هُدمت وبنيت مجددا وذلك عدة مرات ابتداء من الفترة البرونزية ومرورا بالعهد الكنعاني والفترة الصليبية .

بناءعلى الحفريات التي اجريت يعود تاريخ البلدة الى العصر البرونزي المتوسط (3000 - 2300 ق.م).

في عهد المماليك 1259 كانت نحف ضمن منطقة نيابة صفد التي كانت مقسمه الى احد عشر عملا احدهم كان الشاغور، وكانت نحف جزءا منه.

في عهد العثمانيين عندما طردوا المماليك عام 1516 لم يحدثوا اي تغيير على المنطقه ولكن عند بداية حدوث الاضطرابات تغيرت التقسيمات واصبحت المنطقه في اخر المطاف تابعه لعكا.

اقام العثمانيون مدرسة في نحف عام 1307 هـ وكان أعلى صف فيها في عام 1942 - 1943 المدرسي الخامس الإبتدائي.

البريطانيون قسموا البلاد الى ستة الوية. ونحف كانت ضمن لواء الجليل ومركزه مدينة الناصرة ولواء الجليل يتكون من خمسة اقضيه (جمع قضاء) وضُمت حينها القرية إلى قضاء عكا.

ونحف تحت الإحتلال كان بها في 7/11/1948م 1247 عربياً، وفي 31/12/1949 بلغوا 1172، وارتفع العدد إلى 1800 عربي في عام 1961.

اثناء الحفريات وفي شهر تشرين ثاني 1961 في الطريق الشرقي المسمى " طريق قبور النصارى" تم العثور على مغاره محفوره وبجوانبها حفرة توابيت، وتدل الموجودات التي عثر عليها في المغاره انها استعملت في القرن الثاني الميلادي وحتى بداية القرن الرابع، حيث تم العثور على اواني وقناديل وبعض القطع الزجاجية والاساور البرونزية وبعض الحلي وادوات عمل سكين.

في صيف 1978 وفي اثناء حفر اساسات لبناء منزل في الطريق الغربي للبلده القديمه عثر على قوس مبنية من لبنات واثناء اجراء الحفريات بمعرفة وضع المكان تم الحفر بمساحة 10م بطول 20م - وتحت طبقه تصل الى حوالي 150 سم عثر على اثار لبيوت وافران لصنع الفخار من العهد البيزنطي القديم.

وعثر كثيرا وفي اوقات متتابعه وعلى مسافات عميقه في الارض واحيانا سطحية على اسس بناء وحفر بعضها للماء وبعضها مداخن ومساكن واعمده حجرية كانت تقوم عليها بيوت الاغنياء او المعابد القديمه والكثير الكثير ما زال موجودا داخل الارض, مباني جديده بنيت على اثار مباني قديمه في بعض المناطق وخاصة منطقة الجامع القديم، يوجد فتحات تحت المباني لطبقات عديده من المباني التي غطاها التراب.

نَحْف : مصدر التسمية

الأسم الأول لنحف قد ضاع فلما نزلها اجداد السكان الحاليين في القرن الخامس عشر الميلادي واقاموا على انقاضها بلده جديده (البلده القديمه ذهبت ضحية الحروب الصليبيه) لم يعد اليها سكانها الأوائل بل سكنتها عائلات من جهات شتى وكل عائله / حموله تعرف من اين جاء اجدادهم الأوائل الى نحف، قسم نزح من منطقة الشام وقسم آخر من مركز البلاد وآخرون جاءوا من ألأردن .

عندما اقام السكان الجدد في البلده ضاع اسمها الأول وبجانب جبل شامخ شديد الأنحدار وبجانب الجبل يقال له باللغه العاميه " لحف جبل " اي ان الجبل يلتحفه" , و"لحف الجبل" تعني سفحه ألأسفل, دعوا البلده الجديده باسم لــحــف ثم تحرفت الى نــحــف , ومن التفسيرات ألأخرى - النحيف من الأرض - الفقير أو من "نحف" تعني الحفر والتقصيب سمتها خريطة جاكوتين (1799) "نافح", أما دراسة ألأرض المقدسه فأسمتها " نيف - Nef " و "نحف - Nuhf " سكنها حوالي 400 نسمه حسب جبرين (2/451), و 475 نسمه حسب شوماخر من عام 1887 .

من الكتابات التي تركها حاكم قيساريا "يوحنان ألألماني" في 1249/4/30 وبها تفصيل عن القرى بجانب عكا وبجانب "سيسور" (ساجور اليوم) و"مرجكلون" (مجدالكروم اليوم) يظهر ألأسم "CASALENEF " وهو أقدم ذكر لقرية نحف .