الإثنين: 20/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

"وين الراتب": الجوع يطرق ابواب منازل موظفي غزة

نشر بتاريخ: 14/03/2009 ( آخر تحديث: 14/03/2009 الساعة: 19:12 )
غزة - خاص معا - لن يكون ذاك اليوم بعيدا عندما يضطر أحد موظفي السلطة بقطاع غزة إلى بيع ما يملك وما لا يملك، والحديث عن "تحويشة" أصبح ضربا من الخيال فهم لا يملكون أي مبلغ مادي مع رواتبهم المتقطعة والتي لا تسد رمق جوع أسرهم وأطفالهم في ظل الغلاء المعيشي الحاد بقطاع غزة.

أطفال المواطن محمد. ح، خمسة آخرهم توأمان وهو مساعد أول بالسلطة لا يعرف إن كان قادرا بعد اليوم على الوفاء بالتزاماته كأب أو انه سيعلن استقلاله من هذه المهمة الربانية، قال لـ"معا:" أنظر للدجاج وأجد الكيلو الواحد بعشرين شيقل ثم أنظر للحمة أجد الكيلو بخمسين وأكثر ثم أشيح بنظري إلى باقي الخضار ولا أستطيع النظر بالطبع إلى الفواكه، فاخبروني كيف سينمو أطفالي؟

ينطبق هذا الحال على سبعين ألف موظف بينهم مدني وعسكري من موظفي السلطة، وكما قال عدد منهم لـ"معا" فإنهم لا يعلمون حقا متى موعد صرف رواتبهم ويتنامى لديهم شعور بأنهم سيعودون إلى فترات اللا راتب أو " وين الراتب فش فش".

اليوم يقترب الشهر من منتصفه ولا ينطق أحدا بجملة حول رواتب موظفي القطاع وهم لا يملون يوميا من النظر إلى شاشات التلفاز أو الاستماع إلى المذياع أو المواقع الإخبارية الإلكترونية علهم يسمعون خبرا ما وينطوي اليوم على حاله فيما تزداد أسعار البضائع والسلع يوميا بالقطاع وتصبح في متناول الأغنياء فقط أما الموظفون فأصبحوا يطلقون على أنفسهم صفة الفقر لأن بيوتهم أصبحت خالية من المؤن والمواد الغذائية.

أبو أحمد ملازم أول بالرياضة العسكرية قال لـ"معا :" عندما أفكر في استضافة أحد على وجبة الغذاء فإنني أعمل ألف حساب إن كان راتبي سيكفي لبقية الشهر أو أنني سأضطر للاستدانة من القريب والغريب بعد أن مللت من الدين".

وموظف اخر قال لـ"معا" :" لا عزومات اليوم فقد انطوى هذا العهد وجميعنا يشتاق للحوم ولأطباق المنسف والمقلوبة والفتة"، مضيفا:" كلنا على ذات الحال".

وآخر اكد أن الأمر لا يتوقف عند الغذاء وحاجات أسرهم للطعام بل يتعدى ذلك إلى التزاماتهم الشهرية كإيجار البيت وفواتير الماء والكهرباء والهاتف وجوالاتهم التي تصفر أرصدتها منذ اليوم الخامس للراتب وانعدام الزيارات الاجتماعية والتي تحتاج بالطبع إلى التهادي والهدايا وغيره.

موظف آخر تساءل متعجبا:" هل يلزم لصرف رواتبنا قرضا من البنك فأين اموال الدول المانحة ولماذا لا يتم الضغط على الاحتلال لتحويل الشيقل إلى قطاع غزة وتركه في أزمة أم أن أزمتنا لا يشعر بها احد".

نقابة الموظفين بالقطاع العام بقطاع غزة أكدت على وجوب صرف رواتب هؤلاء وعدم المساهمة في مضاعفة معاناتهم أمام الغلاء بالأسعار.

عاطف عسقول الناطق باسم نقابة الموظفين بدا متعجبا من صرف رواتب الموظفين بالضفة الغربية وكذلك داخل قطاع غزة لموظفين كشوفاتهم بالضفة الغربية وعددهم مئات.

وقال :" لقد تم صرف رواتب بضع المئات من الموظفين من داخل القطاع لأن كشوفاتهم من الضفة الغربية هذا يعني ان البنوك تقوم بصرف الرواتب ولكن أي موظف ممن كشوفاتهم على قطاع غزة لا يقبل البنك بصرف راتبه".

واضاف :" لا نريد ان نقاتل الناطور بل نريد العنب أي الهدف أي اننا لا نريد الخوض بالاسباب بل ما نريده فقط هو انهاء معاناة هذا القطاع العام وعدم تركهم للضغط النفسي الذي ينهشهم كل شهر" بالاشارة إلى عدم توفر فرص عمل بديلة تغنيهم عن رواتبهم التي يتلقونها من السلطة.

وطالب الغزيون ونقابة الموظفين بالقطاع الرئيس محمود عباس بإصدار أوامره لصرف رواتب الموظفين لا سيما بعد ان اصبح هذا الملف بين يديه بعد استقالة رئيس الوزراء د. سلام فياض وحكومته.

وقال عسقول :" الرئيس هو من كلف سلام فياض ومن قبل استقالته وهو من كلفه بالاستمرار بها وعليه فهو المسؤول أمام هذه الشريحة وأمام شعبه عن هذه الشريحة فهم يستحقون صرف رواتبهم وهو امر لحاجة لتدخل شخصي من الرئيس".