الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

تصعيد وتيرة الاستيطان وبناء الجدار الفاصل يقضيان نهائياً على آفاق قيام دولة فلسطينية

نشر بتاريخ: 14/06/2005 ( آخر تحديث: 14/06/2005 الساعة: 09:43 )
نابلس-معا المتتبع لوتيرة الاستيطان المتصاعدة في ظل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وخاصةً حكومة شارون، التي تضع ذلك على رأس أولوياتها، واستراتيجية ثابتة في سياستها تجاه المناطق الفلسطينية المحتلة منذ عدوان الخامس من حزيران عام 1967، يدرك أن هذه الحكومة لم تكتف بحماية ودعم كافة النشاطات الاستيطانية التي يقوم بها قطعان المستوطنين، وعصاباتهم المنفلتة من عقالها، وتدمير البنى التحتية للشعب الفلسطيني، وفرض الحصار الخانق عليه، وعدم تمكينه من ممارسة حياته بصورة طبيعية على أرضه وممتلكاته، وتشجيع عصابات المستوطنين كي تنهب المزيد من الأراضي، وتقيم عليها تجمعات وكتل استيطانية جديدة، تمد أذرعها كالأخطبوط في كل اتجاه، وكذلك غض الطرف عن الاعتداءات اليومية التي يقومون بها ضد المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، في مختلف المدن والقرى والبلدات الفلسطينية.
إلى جانب هذه النشاطات الاستيطانية، فإن بناءها لجدار الفصل، يؤكد ما أشرنا إليه في تحليل هذه السياسة مطلع العام 2005، "بأن شارون يراهن على عامل الزمن ليفرض حقائق ووقائع استيطانية على الأرض من شأنها أن تعرقل أي حل سياسي في المستقبل ومن شأنه أن يوفر فرصةً ولو ضئيلة أمام الشعب الفلسطيني بإقامة دولته الوطنية المستقلة على الأراضي المحتلة عام 1967". حيث أن هذه الوقائع لن تسمح بقيام أكثر من كيان مقطع الأوصال، وكانتونات متناثرة، ومحاصرة بالكتل والتجمعات الاستيطانية، ومخنوقة بحواجز يجري تحويلها إلى معابر ثابتة، تمنع التواصل بين أجزاء هذا الكيان، الأمر الذي يحول فيه التعامل مع الأراضي المحتلة منذ عام 1967 كوحدة جغرافية وسياسية واحدة، أو حتى دويلة مستقلة.
وليس أدل على ذلك من التقرير الذي نشرته "حركة السلام الآن" مؤخراً، والذي ترى فيه "استحالة تنفيذ حل دولتين لشعبين، بسبب تسريع وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية، ومواصلة بناء آلاف الوحدات السكنية داخل المستوطنات الكبرى". حيث يظهر التقرير مدى تسارع هذه الوتيرة وخاصةً داخل المستوطنات الكبرى "معاليه أدوميم وبيتار عيليت وموديعين عيليت"، وتنشر 23 عطاء للبناء. ويجري العمل على قدم وساق في 21 موقع استيطاني خارج حدود المستوطنات، وتشهد أكثر من 40 مستوطنة حركة بناء في مراحل مختلفة، ويتواصل العمل في شق شارعين التفافيين، ونشر 123 عطاء في ثلاث مستوطنات منذ مطلع العام الحالي 2005، وهي "جفعات زئيف" في محافظة القدس، و"أريئيل والكنا" في محافظة سلفيت، ويتواصل البناء في الأشهر الأخيرة من العام الحالي، وتوسيع مستوطنات "الكنا وألفيه منشيه وتسوفيم" في محافظة قلقيلية، وهذه المناطق تقع غرب الجدار وشرق الخط الأخضر، ويظهر البناء الثابت والتوسيع للمستوطنات الموجودة، أنه رغم تصريحات الحكومة، أن الجدار لن يكون الحدود الجديدة لإسرائيل، فإن الحقائق على الأرض تثبت عكس ذلك. أما البناء الذي يجري حالياً في "معاليه أدوميم" خاصةً إلى الشرق منها (المنطقة 7)، هو وسيلة للاستيلاء على مناطق كاملة شمال وشرق وجنوب الجدا رالذي تعتزم حكومة شارون بناؤه، حيث من المخطط له أن يمر شرقي "معاليه أدوميم" ويضم 5 مستوطنات إضافية، أما خطة الحكومة للبناء غربي المستوطنة المذكورة، تهدف إلى إنشاء امتداد كامل للمنطقة التي ستصل إلى 15كم شرق القدس، وجميعها داخل المنطقة المشمولة بالجدار، والتي ستمنع فعلياً أي طريقة لتنفيذ حل "الدولتين لشعبين"، البناء الاستيطاني في الضفة الغربية يستمر، ويجري بشكل رئيسي في المستوطنات الكبرى المحيطة بالقدس، ومعظم البناء يخطط له بالتنسيق مع مخططات الحكومة لبناء جدار الفصل ، حيث تبقى المباني بأيدي إسرائيل، وهذا يعني محاولة واضحة لفرض الحدود الجديدة للضفة الغربية على الفلسطينيين، والتي ستضم مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية لإسرائيل، وفي غضون ذلك فإن البناء الاستيطاني في نطاق أصغر في المستوطنات سيبقى خارج الحدود الحالية للجدار، وسيشمل طرقاً التفافية إضافية، ومن الواضح من تصريحات الحكومة الإسرائيلية، أن خطة شارون للضفة الغربية هي "توسيع الكتل الاستيطانية"، وهذا ما يفسر البناء والتطوير الاستيطاني المزدهر الذي يجري في أنحاء الضفة الغربية اليوم.
أخيراً، إذا ما أضفنا لكل ذلك مجمل النشاطات الاستيطانية الأخرى على مدار الأشهر الثلاث الأخيرة، والتي جاءت لتؤكد ما ورد في تقرير "حركة السلام الآن"، والمتمثلة بمصادرة أراضي وإخطارات بمصادرة 28931 دونماً معظمها مزروعة بأشجار الزيتون، واللوزيات وغيرها، وتجريف آلاف الدونمات الزراعية، وتنفيذ عشرات الاعتداءات من قبل المستوطنين ضد المواطنين والمزارعين الفلسطينيين وممتلكاتهم وأراضيهم، وشملت مختلف المحافظات (أكثر من 30 اعتداء)، واقتلاع آلاف الأشجار، وخصوصاً أشجار الزيتون، وإقامة بؤر استيطانية جديدة احتجاجاً على خطة الفصل. تكون حكومة شارون قد نفذت خطتها الاستراتيجية بفرض وقائع استيطانية على الأرض، تلغي إمكانية التوصل إلى تسوية للصراع في أية مفاوضات سياسية مقبلة، وتقضي على إمكانية قيام دولة فلسطينية.