الخميس: 09/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

قضية الرئيس السوداني تعلو على قضية فلسطين في القمة

نشر بتاريخ: 29/03/2009 ( آخر تحديث: 29/03/2009 الساعة: 17:47 )
الدوحة - قطر- موفد وكالة معا- لاول مرة منذ اربعين عاما تتراجع القضية الفلسطينية بشكل تراجيدي في جدول اعمال القمة العربية ، لصالح قضايا افريقيا وعلى رأسها قضية الرئيس السوداني.

وقد يكون من ناحية التحليل الميكانيكي ان الاقتتال الفلسطيني قد أطفأ جذوة القضية الفلسطينية في القمة العربية ألآ انه ومن ناحية التحليل الديناميكي فان العرب قد ملّوا من مقارعة القيادات الفلسطينية المتشاجرة والمتحاربة على مقاعد السلطة الحبيسة في غزة ورام الله . فتشعر وانت هنا ان العرب الذين رغبوا ذات يوم في التدخل ودعم القضية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني قد دفعوا ثمنا باهظا جراء اتهامهم من هذا الجانب الفلسطيني او ذاك بالتدخل في الشأن الفلسطيني.

ولربما كانت كلمات المزاح التي قالها رئيس الوزراء القطري ووزير خارجيتها الشيخ جاسم بن حمد تعبيرا دقيقا عن هذه الازمة ، فحين سأله صحافي لماذا لم تدعى حماس للقمة ( وهو سؤال غير مفهوم اساسا فالدعوات يجري توجيهها للرؤساء وليس للتنظيمات او الحكومات ) اجاب بن حمد بالقول ( توبة نحن نتوب عن التدخل بين الفلسطينيين ) فضحك الجميع وصفقوا لصراحته وجرأته في عرض الازمة.

واذا كان من اعتبارات قومية وسياسية سابقة لحماس الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية فان نار اللوم وحتى لسعات الاتهام قد منعت اية دولة عربية عن التدخل في الشأن الفلسطيني وهو سلاح ذو حدين بالتأكيد ، وبالتاكيد فان هذا الكلام لا يشمل مصر بعد لكن الشتائم والاتهامات ضد مصر وقيادة مصر والهجوم العنيف على قيادة مصر قد تدفع وزير خارجيتها ذات يوم للقول ممازحا او جادا ( نتوب ولا نتدخل في القيادات الفلسطينية).

احد الصحافيين المصريين هنا قال لي بالحرف الواحد ( كان لدي صورة مختلفة عن فلسطين حتى رأيت جلسات الحوار الوطني بينكم في القاهرة وانا اليوم اقول ما لنا وما لهذه القصة تأتون الينا وتشتموننا ). على حد قوله.

الكلام صعب وقد يشكل صدمة لكنه الواقع ، فمئات الصحافيين هنا يسألون عن الرئيس السوداني ودارفور وسفارات العراق ووحدة اراضي الصومال ، وحين تأتي قضية فلسطين على شكل سؤال يرد على النحو التالي ( هل هناك اي قرارات بشأن صراع فتح وحماس ؟ ) اي ان فلسطين قد اصبحت اليوم مجرد " طوشة " بين شيخ مستوزر وقيادة منظمة التحرير التاريخية. دون اي حرارة في الحديث عن التحرير او القدس او حق العودة وأعلى ما يقال هنا ان العرب قد يدرسون مقاضاة قادة اسرائيل على جرائمهم في غزة في نفس المحكمة التي أصدرت حكما على الرئيس السوداني المتهم من هذه المحكمة بقتل مئات الاف السودانيين في دارفور.

وزر الخارجية الدكتور رياض المالكي وفي لقاء مع الصحافيين الفلسطينيين هنا وبحضور الدكتور السفير تيسير جرادات قال ( التحضير للقمة انتهى والقرارات جاهزة وغدا حين يجتمع الرؤساء سيصادقون اوتماتيكيا على مشاريع القرارات واهمها السودان والمصالحة العربية ) .وحين سارعنا لسؤاله عن فلسطين اجاب : سيصدر نداء عن القادة العرب لقادة الفصائل الفلسطينية ليتصالحوا ونحن طلبنا دعم ميزانية السلطة.

اذن لقد تراجعت القضية الفلسطينية من قرار التحرير في الستينيات الى قرار حق العودة الى قرار اقامة دويلة الى قرار نداء المصالحة الى اعادة اعمار غزة ولما يصعب كل هذا الذي ذكرناه اصبح عبئا على العرب والعجم فصار اخر كلام هو دعم ميزانية السلطة ان امكن .

الاثنين يجلس القادة ويوجهون نداء لقادة الفصائل ليتفقوا - بعض الصحافيين الفلسطينيين قال بغض " الله لا يوفقهم ضاعت القضية ) فقلنا في صدورنا من شدة غيظنا صح لسانك وسلم الله فمك. وعندما توجهنا للصحافيين الفلسطينيين هنا بالسؤال اشاروا جميعا الى تراجع القضية الفلسطينية وقال يوسف الشوملي وهو صحافي فلسطيني يعمل في البي بي سي بالقاهرة ( هناك تراجع كبير جدا على صعيد اهتمام وكالات الانباء بالقضية الفلسطينية وقصة البشير هي الان الاهم بالنسبة للوكالات بل ان القمة العربية نفسها لم تعد خبرا عالميا ) .

اذن القرارات التي ستصدر هي تكثيف زيارات العرب للسودان ودعم حكومة الصومال ودراسة دعم ميزانية السلطة . وما يزال مشوار المصالحة الفلسطينية في بدايته ، وبكل امانة لم يتوقف وزراء الخارجية طويلا عند المصالحة الفلسطينية ، ولم يطلب اي قائد عربي نقل الحوار من القاهرة ولم يعرض اي وزير عربي اي بديل عن الحوار في مصر - ولسان حالهم يقول " كان الله في عون مصر " .

الدكتور تيسير جرادات من وزارة الخارجية الفلسطينية قال لمعا ان هناك مشروع من 7 دول عربية وهي مصر وقطر والاردن والجزائر وسوريا ولبنان وفلسطين للحديث مع ادارة الرئيس اوباما والرباعية لتحريك العملية السياسية ، وهي اشبه بنداء هي الاخرى .

والطريف في الامر ان القمة القادمة من المفترض ان تعقد في العراق ولكن يبدو ان معظم الزعماء لن يذهبوا لبغداد لان الاوضاع الامنية خطيرة حسب وجهة نظر البعض ، وقال احد الصحافيين العراقيين لنا ( لماذا تعتقدون انه لا يوجد امن في العراق انه بلد اّمن جدا جدا ) ونقول ممازحين يا سلام بالتأكيد العراق امن جدا جدا تماما مثل عندنا .وما بين المنادى والمنادي بحر من الظنون وسوء النوايا ، ويبقى وجه الرئيس السوداني هو الابرز في هذه القمة
واذا كانت امريكا تفاخر برئيسها الاسود فنحن نرد على ذلك برئيسنا الافريقي وبقوا قابلوني في القمة الجاية.