الخميس: 16/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

لماذا نحن بحاجة إلى قانون عفو عام؟

نشر بتاريخ: 21/05/2009 ( آخر تحديث: 21/05/2009 الساعة: 16:59 )
رام الله - معا - تنشر مجلة "قضاؤنا" الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى، في عددها القادم والذي سيصدر ويوزع خلال الأسبوع القادم افتتاحيتها بعنوان "لماذا نحن بحاجة إلى قانون عفو عام؟، ونظراً لأهمية هذه الموضوع، وتعلقه بالحق العام المجتمعي وأثر ذلك على العدالة وعمل القضاء في حال إقراره، عملت الدائرة الاعلامية والعلاقات العامة في السلطة القضائية على نشر هذه الافتتاحية على وكالة معا، وهي على النحو التالي:

"خيراً فعل أعضاء اللجنة الخاصة بدراسة القوانين القضائية حين خرجوا من جلسات النقاش التي عقدوها لمناقشة مشروع قانون العفو العام المقدم من قبل مجلس القضاء الأعلى بتوصية تدعم إقرار هذا المشروع بعد ان ناقشوه كلمةً كلمة، ووضعوا عليه كل الضوابط التي من شأنها أن تحول دون إفلات مجرمين خطيرين من العقاب، ودون أن يمس تطبيق هذا القانون بالجانب الحقوقي للمواطنين".

و "إن الغاية المرجوة من إقرار قانون للعفو العام في فلسطين هي للتخلص من عدة آلاف من القضايا الصلحية المنظورة أمام المحاكم منذ سنوات طويلة، ولا يمكن للمحاكم الفصل بها لغياب أحد أطراف القضية فيها أو انعدام قيمة الردع فيها، أو غير ذلك من الأسباب، ومن شأن إبقاء ملفاتها متداولة أمام القضاة أن يبدد وقتهم، ويصرفهم عن متابعة قضايا يكون للفصل فيها قيمة ردعية أكبر، وإغلاق ملفاتها يساهم بشكل فاعل في حل مشكلة تراكم القضايا أمام المحاكم، ويجعل فاعلية المحاكم في تحقيق العدالة بوقت معقول أمراً ممكناً".

ويأتي في الافتتاحية ايضا "إن مشكلة تراكم القضايا أو ما اصطلح على تسميته بـ "الاختناق القضائي" كان نتيجة ظروف موضوعية تعرضت له الأراضي الفلسطينية المحتلة ومؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث أقدمت سلطات الإحتلال الإسرائيلي خلال الانتفاضة التي اندلعت عام 2000 بالدخول إلى المدن الفلسطينية، ودمرت كل شواهد سيادة القانون في هذه المدن، كمراكز الشرطة والأجهزة الأمنية، ومقرات السجون، وفصلت المدن عن بعضها البعض مما حال ولفترات طويلة دون تمكن القضاة من الوصول إلى محاكم، هذا عدا عن ثقافة الانفلات الأمني التي سادت في أوساط المجتمع، وبالتالي تسامح المجتمع بإسقاط حقه العام في بعض القضايا الخفيفة من شأنها أن يساهم في تحقيق أمن المجتمع وليس إضعاف أمنه ومس عدالته".

وجاء ايضا " فطبيعة القضايا التي ستسقط من أمام المحاكم في حال إقرار الرئيس محمود عباس لمشروع القانون بسيطة، وإسقاطها لن يلحق أي أذى على أمن الجمهور، ومن الأمثلة عليها قضايا السب والشتم والتحقير، أو السير في عكس اتجاه الطريق، أو قيادة مركبة دون رخصة، أو الرعي في أراضي الغير، أو قضايا السرقة الخفيفة، أو انتهاك حرمة شهر رمضان، أو مخالفة التدابير الصادرة عن المحكمة، أو غير ذلك من التهم البسيطة، وعدد هذه القضايا بالمناسبة بالآلاف وليس بالمئات".

و " في المقابل استثنى مشروع القانون من العفو العام جرائم خطيرة، مثل التجسس والخيانة، والقتل، والاغتصاب وهتك العرض، وخطف الأشخاص، والرشوة والإختلاس واستثمار الوظيفة، والاتجار بالمخدرات، والتزوير واستعمال المزور، والسرقة، وسلب الأموال وابتزازها، وجرائم التموين والصحة العامة، والتهرب الجمركي، وبيع الأراضي للعدو، وغير ذلك من الجرائم التي لن يشملها العفو وتم التأكيد عليها في مشروع القانون".

واضافت الدئرة الاعلامية في الافتتاحية " إن من شأن الإسراع في إقرار قانون العفو العام، ومرافقة ذلك أيضاً بتعديل قانون تشكيل المحاكم، خاصة فيما يتعلق بالعودة إلى نظام هيئة القاضي الفرد في بعض الجرائم المنظورة أمام محاكم البداية المساهمة في توفير آليات قانونية جديدة في معالجة مشكلة الاختناق القضائي، ويشكل دعم لكل الخطوات الإصلاحية التي يقوم بها القضاء الفلسطيني".

واوضحت ان هذه هي المرة الأولى التي يقترح فيها إقرار قانون عفو عام من أجل إقراره، في حين جرى مثل ذلك مرات عديدة في العديد من دول العالم، وترى بعض مدارس حقوق الإنسان في ذلك جزء من العدالة الانتقالية، التي تقصر طريق انتقال المجتمعات التي عانت طويلاً من غياب العدالة والقانون إلى مبدأ العدالة وسيادة القانون.