السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

خطر الاستيطان يداهم سلفيت والجدار الفاصل ويحوّلها إلى سجن كبير

نشر بتاريخ: 18/06/2005 ( آخر تحديث: 18/06/2005 الساعة: 17:31 )
نابلس-معا- تعيش محافظة سلفيت وقراها حالة من البؤس والتمزق بفعل عمليات الاستيطان الصهيوني والجدار الفاصل، وتتميز منطقة سلفيت بالكثافة السكانية القليلة والوعورة التضاريسية. أما عن الاستيطان فقد بدأ فيها قبل غيرها ما عدا مدينة القدس المحتلة والتي بدأ الاستيطان والتوسع الاستيطاني فيها منذ احتلالها عام 1967، فمنطقة سلفيت قد بدأ فيها الاستيطان منذ عام 1975 . ولموقعها المتميز والمهم جغرافيا ، فقد بدأ التوجه المكثف للاستيطان فيها بإقامة العديد من البؤر الاستيطانية الصغيرة والتي سرعان ما تضخمت وكبرت على حساب أراضي قرى هذه المحافظة. فقد تمت السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي وضمها لحدود المستوطنات، تحت بند أوامر عسكرية ومصادرة لأغراض عسكرية.
إن الابتلاع المستمر للأراضي لصالح تمدد المستوطنات لأمر مرعب فعلا وأصبح يشكل خطورة واضحة ومرعبة على حياة الناس في هذه المحافظة، وما هو حاصل في قرية مردة وقرية مسحة لهو دليل واضح لهذا التمدد. حتى صارت منازل المستوطنين لا تبعد سوى مسافات قليلة تعد بالأمتار عن منازل الفلسطينيين أصحاب الحق الشرعي والموجودون أصلا في المنطقة منذ آلاف السنين ، والشواهد التاريخية التي ما زال بعضها قائم إلى الآن يدل على حق الناس في أراضيهم وإنهم موجودون فيها قبل أي أناس آخرين.
لاستيطان.. خطر حقيقي يداهم سلفيت:
بدأ الاستيطان الصهيوني في منطقة سلفيت منذ بداية السبعينات بهدف إسكان المزيد من المستوطنين من المهاجرين الجدد القادمين من خارج فلسطين، وأيضاً لكسر التوازن الديمغرافي في هذه المحافظة لصالح المستوطنين، ومن الضروري إلقاء نظرة على الزيادة التصاعدية والكبيرة في عدد المستوطنين في هذه المستوطنات حيث أن هذه الزيادة ليس لها علاقة بما يسمى النمو الطبيعي للمستوطنات أو التكاثر الطبيعي للمستوطنين، بقدر ما لها علاقة بسياسات حكومية رسمية وبأنشطة الجذب التي يمارسها مجلس المستوطنات في منطقة سلفيت، الأمر الذي يفسر هذه الزيادة هو أن حكومة الاحتلال تسعى جاهدة في التهويد الكامل للمنطقة، حيث أن السيطرة على هذه المنطقة ومضاعفة الاستيطان فيها يعني سلخ شمال الضفة الغربية عن جنوبه، وبالتالي انعدام التواصل الجغرافي بين شمال الضفة عن جنوبها، وهذا ما يفسر طبيعة الكيانات الاستيطانية في هذه المحافظة وكذلك شبكة الطرق والشوارع التي تم شقها وإنجازها ومنها ما هو قيد الإنشاء.

يؤكد رئيس الحكومة الاسرائيلية أريئيل شارون حول الاستيطان في محافظة سلفيت الفلسطينية أن كل المستوطنات التي تقع حول مستوطنة ارئيل بالإضافة إلى أن ارئيل نفسها ستبقى خاضعة للسيطرة الأمنية والسياسية الصهيونية، وهذا يعني بأن محافظة سلفيت قد داهمها الخطر الحقيقي جراء وجود هذه المستوطنات. والذي مضمونه شطر وتقسيم وتفتيت أوصال المحافظة، وفصل التجمعات والقرى الفلسطينية بعضها عن بعض، وإنهاء التواصل الجغرافي فيما بينها، الأمر الذي سيسفر عن نتائج عكسية وخطيرة على واقع الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بين أهالي هذه المحافظة. وكذلك سيكون له انعكاسات خطيرة على الترابط الأسري بين الناس من قرية إلى أخرى، فسيؤدي إلى تقطيع الأوصال، وإعاقة التطور والتواصل والاجتماعي والاقتصادي داخل المجتمع الفلسطيني.

المستوطنات الاسرائيلية في سلفيت:
مستوطنة "ارئيل" وتعد أكبر تجمع استيطاني في المنطقة، وقد أنشأت على أراضي مدينة سلفيت وقرى مردة وياسوف واسكاكا وكفل حارس، حيث تم الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي، ومصادرتها من أصحابها لأغراض استيطانية. وتعد هذه المستوطنة مركز المستوطنات الصهيونية في هذه المنطقة.
وتعتبر هذه المستوطنة أيضا من الناحية الاستراتيجية السياسية من أهم المستوطنات التي أقيمت في الضفة الغربية، لوقوعها في وسط الضفة الغربية، و يجري حاليا إتمام شق ما يسمى شارع عابر السامرة (أ - ب) امتدادا من الخط الأخضر غربي محافظة سلفيت باتجاه الشرق والجنوب الشرقي وصولا إلى الأغوار الوسطى بما يشمل توسيع النفوذ الاستعماري في (حوض مستعمرة ارئيل) وهذا ما يعني السيطرة الكاملة على أراضي قرى و بلدات، سنجل، ترمسعيا، المغير، شمال محافظة النابعة لمحافظة رام الله، وقريوت، جالود، اللبن الشرقية و الساوية التابعة لمحافظة نابلس، ويفصل بالتالي محافظتي نابلس ورام الله عن بعضيهما بثكنة استيطانية واسعة، وتفصل الأغوار عن وسط الضفة الغربية، وتحول أراضي محافظة سلفيت حتى الخط الأخضر إلى معزل كبير.

وبهذا المخطط تكون السلطات الاسرائيلة قد عملت على دق إسفين ضخم من الكتل البشرية الاستيطانية، تمهيدا لمفاوضات الحل النهائي إذا حصلت هذه المفاوضات فعلا، حتى يسهل على أي حكومة السيطرة السياسية والميدانية على أي كيان فلسطيني يمكن قيامه في المستقبل.

مستوطنة "القنا": وهي أول مستوطنة أقيمت على أراضي المنطقة، وهي سلسلة من المستوطنات التي كان يخطط لإقامتها على الخط الأخضر بهدف إقامة خط بشري عازل بين الضفة الغربية وباقي أرض فلسطين المحتلة عام 1948.
كذلك فقد أقيمت هذه المستوطنة على أنقاض مركز للجيش الأردني كان قائما قبل عام 1967، وهي عبارة عن أكثر من تجمع استيطاني ملاصقا لبعضها البعض، وتمت مصادرة أراضي واسعة من أراضي قرية مسحة الواقعة على الخط الأخضر على الحدود الغربية لمحافظة سلفيت.

مستوطنة "بركان": عبارة عن تجمع استيطاني صناعي كبير وهي من اكبر التجمعات الصناعية في (إسرائيل)، وفيها استثمارات بلميارات الدولارات.
وقد أقيمت على أراضي قرية حارس.

مستوطنة "بدوئيل": من المستوطنات الدينية التي أقيمت بهدف تعزيز النزعة الأيديولوجية المتطرفة التي أقيمت على أساسها (دولة إسرائيل).
وهذه المستوطنة أقيمت على أراضي قرية كفر الديك، كذلك فان لها أهمية استراتيجية بالنسبة لإسرائيل حيث من داخل هذه المستوطنة يستطيع الإنسان أن يرى بنايات تل أبيب الشاهقة.
وكذلك لقربها من الخط الأخضر ولوقوعها على تلة مرتفعة، وهي حلقة تربط بعض المستوطنات بعضها ببعض.
مستوطنة "ايلي زاهاف": وهي أيضا على أراضي قرية كفر الديك، وقريبا على مستوطنة "بدوئيل".
ووجود هاتين المستوطنتين على أراضي كفر الديك حولت حياة أهالي القرية إلى جحيم والى سجن ومعزل.
مستوطنة "بروخيم": أقيمت حديثا في بدايات اشتعال الانتفاضة الفلسطينية الحالية، على أراضي قريتي كفر الديك وابروقين.
مستوطنة "اليعزر": وهي مستوطنة صغيرة حديثة الإنشاء منذ أربع سنوات. أقيمت على أراضي قرية كفر الديك. وموقعها ملاصق لموقع اثري بيزنطي مميز هو (دير سمعا) حيث ببناء هذه المستوطنة يكون الموقع في معزل، ولا يستطيع احد زيارته أو الوصول إليه.
مستوطنة "كريات نطافيم": أقيمت على أراضي قرى دير استيا وقراوة بني حسان وتمت لأغراض الاستيطان مصادرة أراضي واسعة من أصحابها في القريتين، وهذه الأراضي مزروعة بأشجار الزيتون.
مستوطنة "تفوح": أقيمت هذه المستوطنة على أراضي قرية ياسوف، وتطل هذه المستوطنة علة مفرق زعتر الذي يفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبه وكذلك الطريق الذي يؤدي على الأغوار الوسطى. وسكان هذه المستوطنة هم من المتدينين المتطرفين أتباع مئير كهانا. الذي قتل في الولايات المتحدة الأمريكية قبل سنوات، والذي كان يدعو اتباعه على طرد العرب الفلسطينيين من أرضهم فلسطين إلى الخارج.
"ارئيل/ب": تقع غرب مستوطنة "ارئيل" الكبرى، وقد أقيمت على أراضي قريتي حارس وابروقين وهي مستوطنة صناعية.
مستوطنة "الكانا/ب": إلى الشرق من قرية سرطة. وقد أقيمت على أراضي هذه القرية. التي افتقدت الكثير من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون، وهي مصدر الدخل الأساسي للمزارعين في هذه القرية.
مستوطنة "يا كير": أقيمت على أراضي ديراستيا وهي تقع إلى الغرب من القرية.
مستوطنة "جينات شمرون": تقع أيضا في أراضي قرية ديراستيا إلى الشمال الغربي منها في منطقة وادي قانا.
مستوطنة "كرني شمرون": تقع في أراضي دي استيا في منطقة وادي قانا.
مستوطنة "نوفيم": أيضا أقيمت على أراضي قرية ديراستيا.
مستوطنة "عمانوئيل": تقع إلى الشمال من قرية ديراستيا إضافة إلى مستوطنات "يا كير"، "جينات شمرون"، "كرني شمرون"، "نوفيم"، أقيمت على أراضي قرية ديراستيا. وهذه المستوطنات ضمن سلسلة من التجمعات الاستيطانية التي تم إنشاؤها ضمن حوض وادي قانا الشهير. الذي يختزن في باطن أرضه حوضا مائيا ممتداً للحوض المائي إلي تتميز به محافظة سلفيت. وأيضا فان هذا الوادي هو عبارة عن منطقة طبيعية متميزة بأحراشها. بحيث تصنف ضمن المناطق الطبيعية والمحمية في فلسطين.
مستوطنة "عيتص افرايم": تقع إلى الشمال الغربي من قرية مسحة وقد صودرت مساحات واسعة من أراضي مسحة و سنيريا وعزون لأغراض الاستيطان.
جدار الفصل العنصري:
تواصل سلطات الاحتلال الصهيوني العمل في إقامة الجدار الفاصل الغربي على امتداد الخط الأخضر، وفي خضم هذه العملية تدمر قوات الاحتلال الصهيوني المزيد من الأراضي والممتلكات الفلسطينية ، تشمل تجريف الأرض الزراعية وقلع الأشجار ومصادرة المزيد من هذه الأراضي لصالح التوسع الاستيطاني. إضافة إلى ذلك عزل أجزاء أخرى داخل الجدار من جهة الغرب. ومن ضمن هذه الأجزاء تجمعات سكانية سيكون مصيرها عالقا بين غول الجدار و( الخط الأخضر) ومن هذه التجمعات في المحافظة قرى وبلدات دير بلوط والزاوية ورافات، إنها ستكون معزولة وستتحول حياتهم إلى جحيم في داخل جدار العزل العنصري التي تقوم بتنفيذه حكومة الاحتلال.
بل إن الأمر تتعدى خطورته إلى أكثر من ذلك . حيث أن الجدار سيأتي على نتاج الحضارات التي ازدهرت على أرض فلسطين أرض الرسالات.
لا سيما وأن محافظة سلفيت تحتضن أكثر من 130 خربة أثرية إضافة إلى المقامات الدينية سيكون مصيرها في مهب الريح. إما إلى التدمير بفعل مسار الجدار أو العزل داخل الجدار بحيث لا يستطيع أحد الوصول إليها.
هذه الشواهد التاريخية والأثرية لهي دليل على عمق هذه الحضارات وعمق الثقافة الفلسطينية التي توارثناها جيلا بعد جيل.
وتشكل قضية الجدار واحدة من أخطر التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطيني، إذ إن هدف الجدار في محافظة سلفيت هو خلخلة الترابط الأسري والاجتماعي لا سيما وأن هذه المحافظة تتسم بأراضيها الشاسعة وتتسم بموقها الاستراتيجي في وسط الضفة الغربية وأيضا تتسم بقلة عد د سكانها الفلسطينيين. الأمر الذي أدى إلى الغزو الاستيطاني السريع للأراضي هذه المحافظة.

وبالانتهاء من إقامة الجدار فان السلطات الاسرائيلية تكون قد أجهزت على أي إمكانية فعلية لقيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وتتمتع بالسيادة على أراضي ذات وحدة جغرافية إقليمية وسكانية وحدود واضحة معترف بها وتسيطر على أمنها، ومن المهم الالتفات إلى أن الجدار يدمر أي إمكانية لوجود عمق تنموي وامني وسكاني فلسطيني.
أهالي المحافظة متخوفون من مخططات حكومة الاحتلال و من الجدار الذي سيعمل على عزل مدينة سلفيت عن معظم القرى المحيطة بها. وتحويلها إلى سجن داخل الجدار ومستوطنة "ارئيل".