الجمعة: 10/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

وغابت شمس البرلمان القديم ...... اذكروا محاسن برلمانكم

نشر بتاريخ: 13/02/2006 ( آخر تحديث: 13/02/2006 الساعة: 20:23 )
تقرير وكالة معا - قانونيا وثقافيا ، سياسيا ونضاليا ، والاهم اخلاقيا انتهى البرلمان الفلسطيني الاول ، وغابت شمسه الباهتة ليدخل متبخترا او متسربلا في جوارير مدراء الارشيف في خزانة التاريخ الباردة ، وليبدأ الفلسطينيون جولة جديدة من الحياة البرلمانية.

ويعتبر المجلس التشريعي الفلسطيني من أحدث البرلمانات العربية على الإطلاق، كما أن حضوره أخذ موقعا سياسيا واعلاميا بارزا على مسرح الإحداث ما جعل حماس وفصائل المعارضة الفلسطينية الاخرى التي رفضت المشاركة في انتخابات الرئاسة او دخول منظمة التحرير تسارع للمشاركة في انتخابات المجلس التشريعي لاهميته التي لم يستغلها حزب فتح الحاكم على افضل وجه.

وبحسب موقع دويتشه فيله الالكتروني " فان المجلس التشريعي الفلسطيني الذي كان مطيعا لرئيس السلطة الفلسطينية الراحل ياسر عرفات, قد تحول تدريجيا الى مؤسسة جريئة قادرة على التمرد على فرض القرارات وتلعب دورا سياسيا متناميا ".

وقد انتخب الفلسطينيون داخل الاراضي المحتلة مجلسهم التشريعي الثاني في الخامس والعشرين من يناير العام 2005 ,وذلك بعد عشر سنوات من انتخاب المجلس الأول في العام 1996.

وقد دعي نحو 3,1 مليون ناخب في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية, وقطاع غزة لاختيار 132 نائبا في المجلس. وكانت الانتخابات التشريعية الأولى جرت في الأراضي الفلسطينية في 20 كانون الثاني/يناير 1996 بموجب بروتوكول خاص ارفق باتفاق اوسلو الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية مع الحكومة الإسرائيلية في 1993.

و بموجب هذا البروتوكول الخاص بالانتخابات التشريعية, يقتصر عمل المجلس التشريعي على الامور الحياتية لفلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة ولا يملك صلاحية البحث في المسائل المتعلقة بقضايا الحل الدائم لأنها من صلاحيات منظمة التحرير الفلسطينية.

وقد تنافس في الانتخابات الاولى 672 مرشحا افرادا غالبيتهم العظمي من حركة فتح, على 88 مقعدا برلمانيا. وبلغت نسبة المشارك حينذاك 76% في الاقتراع الذي قاطعته حركة المقاومة الاسلامية (حماس) والجبهتان الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين.

ونظرا لمقاطعة هذه الفصائل المعارضة لاتفاق اوسلو الانتخابات, شكلت الغالبية العظمى في المجلس من اعضاء فتح (63 من 88) مما جعل المجلس طوال السنوات العشر, مطيعا لعرفات, رئيس اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس السلطة الفلسطينية.

وقد تعثر المجلس التشريعي في بداية عمله خصوصا في الضفة الغربية بسبب عدم وجود مقر خاص به واضطر النواب لعقد جلساتهم البرلمانية في المدارس وقاعات خاصة او حكومية, الى ان تبرعت الحكومة اليابانية ببناء مقر للمجلس التشريعي في رام الله بالضفة الغربية في العام 1999 .

وتنقل نواب المجلس من الضفة الغربية الى قطاع غزة وبالعكس بتصاريح اسرائيلية خاصة تم وقف العمل بها مع بدء الانتفاضة الفلسطينية في 2000. واصبح نواب المجلس في السنوات الست الماضية لا يحضرون الجلسات بشكل مباشر بل بالربط بين قاعتي المجلس في الضفة الغربية وقطاع غزة بنظام "الفيديو كونفرنس".

وكان يفترض ان ينهي المجلس التشريعي الاول اعماله بعد خمس سنوات من انتخابه, مدة الفترة الانتقالية التي نص عليها اعلان المبادىء بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي. لكن الفترة الانتقالية استمرت وسط تبادل الاتهامات بين الجانبين بعدم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه واستمر المجلس التشريعي في عمله عشر سنوات بفضل مراسيم اصدرها عرفات وكانت الغطاء القانوني لعمل المجلس.

لولاء لعرفات لم يمنع المجلس من كشف عدد من قضايا الفساد في الحكومة الفلسطينية كان ابرزها تقرير الفساد الذي شمل غالبية الوزراء واعلنه في 1997.

وقد دفع هذا التقرير عرفات الى تغيير الحكومة والإعلان عن خطة الإصلاح في عام 1988 وقد لعب المجلس التشريعي الفلسطيني دورا مهما في الحياة السياسية الفلسطينية وخصوصا في نقل السلطة بشكل قانوني وهادىء عقب وفاة عرفات في تشرين الثاني/نوفمبر2004.

ونص القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور) على ان يتولى رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطة الفلسطينية في حال شغور المنصب لاي سبب من الاسباب, ويقوم بالتحضير لانتخاب رئيس جديد للسلطة خلال ستين يوما. وهذا ما حدث فعلا اذ تولى رئيس المجلس روحي فتوح المنصب حتى انتخاب رئيس. وكان يفترض ان يتم انتخاب رئيس السلطة الفلسطينية في الانتخابات التشريعية المقبلة كما حدث في الانتخابات التشريعية الاولى

لكن انتخاب محمود عباس في التاسع من كانون ثاني/يناير الماضي بعد وفاة عرفات, سيؤدي الى بقائه رئيسا للسلطة الفلسطينية اربع سنوات, حسب القانون امضى عباس منها عاما واحدا.

اخذ المجلس يلعب دورا متزايدا في السلطة الفلسطينية بعد وفاة عرفات في تشرين الثاني/نوفمبر 2004. فقد صادق المجلس التشريعي بشكل تلقائي على الحكومات السبع التي شكلها الزعيم الفلسطيني التاريخي منذ قيام السلطة الفلسطينية, باستثناء الحكومة التي قدمها عام 2002 وتضمنت وزراء وردت اسماؤهم في تقرير رسمي حول الفساد. وصادق المجلس التشريعي في نهاية الامر على التشكيلة الحكومية بعد اسبوع, بعدما ان ادخل اليها عرفات تعديلات طفيفة.

في المقابل اضطر احمد قريع لاجراء تعديلات جذرية على اول حكومة لما بعد عرفات شكلها في شباط/فبراير 2005 حتى تحصل على موافقة المجلس التشريعي, حيث طالب اعضاء المجلس بتنحية وزراء اعتبروهم غير أكفاء او فاسدين.

وفي تشرين الاول/اكتوبر 2005 صوت النواب على مذكرة تلزم محمود عباس بتشكيل حكومة جديدة, تعبيرا عن استيائهم من اداء الحكومة في مجال مكافحة الفوضى الامنية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ورفض عباس هذا الطلب واضطر النواب الى التخلي عنه بسبب اقتراب موعد الانتخابات التشريعية التي ستنبثق عنها حكومة جديدة.

ومن المتوقع ان يتشدد المجلس التشريعي اكثر في مواقفه مع سيطرة حركة المقاومة الاسلامية حماس على غالبية مقاعده ، وهي التي تحمل على الفساد المتفشي في الادارة.

لكن المجلس لم يحظ بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين بسبب تغييره لمواقفه وقراراته ، وقد وضعت غالبية استطلاعات الرأي الفلسطينية حول اداء المؤسسات الفلسطينية, المجلس التشريعي في ذيل المؤسسات الفلسطينية ، وقد غابت اليوم شمس البرلمان القديم ، ولم يذرف الشعب الفلسطيني الدموع على ذلك ، الا ان الاعضاء القدامى وغالبيتهم من فتح ربما ، وربما اجهشوا بالبكاء لانهم الخاسر الاكبر في لحظة المغيب ، اما في الصباح فتشرق شمس البرلمان القادم ، والناس يملؤهم الامل ان يعوضهم التاريخ خيرا .