الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

خاص معا- لماذا قرر القائد مروان البرغوثي تشكيل قائمة الحرية؟

نشر بتاريخ: 08/04/2021 ( آخر تحديث: 08/04/2021 الساعة: 17:17 )
خاص معا- لماذا قرر القائد مروان البرغوثي تشكيل قائمة الحرية؟


بيت لحم-خاص معا- في البداية، اسمح لي أن أهنئ أخوتنا المسيحيين بمناسبة عيد الفصح متمنية لهم فصحا مجيدا، وكوننا أيضا على مشارف شهر رمضان الكريم نرجو من الله ان يبلغنا وإياكم الشهر الفضيل، وأن يعيده على الأمة العربية والإسلامية باليمن والبركات، وأن نحتفل قريبا بهذه المناسبات في مدينة القدس وهي حرة، وأملنا بفضل هذا الشهر الكريم أن يرفع الله عنا وعن شعبنا وعن العالم بأسره براثن هذه الجائحة التي نعيشها وأن ينعم على شعبنا وامتنا جميعا بالصحة والسلامة.

كما أود أن أشكركم على هذه المقابلة التي أعتقد أنها جاءت في الوقت المناسب حيث أننا تعمدنا عدم التحدث للإعلام خلال الفترة الماضية و آثرنا عدم الدخول في حلقة الفعل ورد الفعل، وحتى نستطيع أن نناقش اختلافاتنا بطريقة موضوعية وباحترام متبادل وفي بيئة حريصة على مصلحة حركة فتح والوطن.

ورداً على سؤالك لماذا شكل ابو القسام قائمة الحرية. أبو القسام حريص على حركة فتح كل الحرص، وهو كما قال "أنا صناعة وطنية ١٠٠٪ وصناعة فتحاوية ١٠٠٪ " وهي بيته الذي سيبقى فيه طوال حياته، وهو أحد مؤسسي شبيبة الحركة، ولعب دورا محوريا في بناء تنظيمها وقواعدها التي انتفضت مع باقي شعبنا في وجه الاحتلال خلال الانتفاضتين الأولى والثانية. كما أن مروان تقلد مواقعه بالانتخاب ولم يعين فيها، واختار ألا يلتحق بالسلطة الوطنية الفلسطينية عند تأسيسها حتى يكرس حياته وجهده للحركة. ولذلك اي خطوة يتخذها مروان فهي حتماً تنبع من حرصه على الحركة بمبادئها وتاريخها وأهدافها ومناضليها ودورها المركزي في النضال الوطني الفلسطيني.

وهو يعتبر أن الوفاء لفتح يعني الوفاء للنهج الذي اعتمدته الحركة عند تأسيسها والذي صنع قوتها وشعبيتها، وأعني بذلك أن فتح بتكوينها تستمد قوتها من الشعب ومن قربها من نبض الشارع ومن تقدمها الصفوف ومن إيمانها ودفاعها عن التعددية وتقبلها للنقد والاختلاف ودفاعها عن الحق في المبادرة والمعارضة داخلها وخارجها وهكذا أصبحت فتح أم الجماهير وصانعة القيادات وحامية المشروع الوطني والديمقراطية وهذا النهج اتبعناه في عهد ياسر عرفات رمز القضية الفلسطينية ونبقى ملتزمين به.

تتمثل قناعة مروان في أن هذه الانتخابات تشكل فرصة لتتلاحم فتح مع شعبنا وأن تستنهض طاقاتها في هذه المرحلة المصيرية لقضيتنا، ويعتبر أن كل القرارات المتعلقة بالانتخابات يجب أن تخدم هذه الغاية وتحترم الديمقراطية والتعددية داخل الحركة وخارجها وتعزز الحوار الوطني المسؤول لتقييم الحقبة السابقة واستخلاص الدروس والعبر وترجمتها خلال هذه الانتخابات إلى مشروع إنقاذ وطني تلعب حركة فتح دورها الطبيعي فيه.

يؤمن مروان بأهمية عقد انتخابات المجلس التشريعي خاصة بعد مرور 15 عاما دون عقدها، وذلك انطلاقا من أن المجلس التشريعي هو الذي يؤمن مساحة للحوار والنقاش والتداول حول كيفية الخروج من الوضع الحالي وتحقيق الوحدة الوطنية، ونظراً أيضا لدوره الرقابي على السلطة التنفيذية وسن القوانين بشكل يكفل حرية وكرامة أبناء شعبنا ولا يعتدي عليها، وإقرار الميزانية بشكل ينسجم مع الأوليات الوطنية والاجتماعية.

وأراد أن تخوض حركة فتح هذه الانتخابات بقائمة موحدة مبنية على معايير محددة وشفافة ومتفق عليها، وإشراك كافة اطر الحركة في بلورتها، بعيدا عن الإقصاء والتهميش، وأبدى جاهزيته ليكون شريكا في هذا الجهد وفقاً لهذه الرؤية، وهذا ما قاله للأخ حسين الشيخ عندما التقى به في سجن هداريم. ولكن للأسف تم اتخاذ عدد من القرارات حالت دون ذلك.

ما هي هذه القرارات؟

لا أريد أن أخوض في التفاصيل هنا ولكن على سبيل المثال التعديلات على قانون الانتخابات بشكل يحد من حق الترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية وقرار فصل الأخ ناصر القدوة وآليات اتخاذ القرار عند تشكيل قائمة الحركة.

ومروان متخوف من أن بعض السياسات والممارسات ستؤدي لعزوف عدد من الجمهور الفتحاوي والمستقلين عن التصويت أو عدم اختيار قائمة فتح. واعتبر أن من الواجب تشكيل قائمة للانتخابات التشريعية تكون عنوان فتحاوي وطني ديمقراطي بإمكان كل هؤلاء اللجوء له في هذه الانتخابات ويشكل حجر زاوية في تعزيز الديمقراطية والتعددية داخل الحركة وخارجها. وفي رسالته لنا التي طلب فيها تشكيل هذه القائمة قال مروان "ثقوا بأن هذا القرار حكيم وسليم ويخدم مصلحة الحركة والوطن".

ولكن دعني أؤكد لكم أن القائمة الرسمية تشمل مناضلين ورفاق درب نعتز بهم ونتمنى لهم التوفيق والنجاح ولا يمكن إلا ان نكون جنباً إلى جنب تحت قبة البرلمان في الدفاع عن حقوق شعبنا وحريته وكرامته.

ولكن هل خروج مروان من تحت مظلة فتح لن يخسره من شعبيته؟

مروان لم ولن يتخلى عن فتح. إن أحد أسباب شعبية مروان هو أنه عندما يرى شيئا خاطئا يقول عنه إنه خطأ ويعمل على تعديله، وهو جريء في مواقفه وفي فعله. وصراحة من يعتقد أن مروان سيتغير أو كما قال البعض "سيعقل"، بمعنى سيقبل بما هو قائم، فهو مخطئ. مروان كل يوم يدفع ثمن قناعاته ولن يتخلى عنها.

كما أن شعبيته ليست وديعة في البنك ننتظر فوائدها آخر السنة. هي حصيلة نضال مستمر على مدار ٤٠ عاما ووفاء للشعب والقضية، وهو لا يطلق الشعارات بل إن قال فعل. عندما يتحدث مروان عن الحقوق والحريات فتاريخه يشهد له أنه دافع عنها بكل وجدانه، وعندما يتحدث عن الوحدة الوطنية فقد مارسها في الميدان وداخل الزنازين وصاغ وثيقة الأسرى للوفاق الوطني التي وقع عليها قيادات الفصائل في الأسر وأجمعت عليها الفصائل الفلسطينية ودعمها شعبنا الفلسطيني وما زالت حتى يومنا هذا المرجعية لكل حوارات المصالحة، وان تم تنفيذها سنحقق وحدة الصف والموقف والوطن والشعب.وعندما يتحدث مروان عن محاربة الفساد فهو كان رأس الحربة داخل المجلس التشريعي وكان ينتقد السلطة عندما يلزم. وعندما يتحدث عن النضال والكفاح هو لم يقل ذلك وهو في قاعات مغلقة بل قال كلمته من الميدان وفي الزنازين وعندما يتحدث عن المقاومة الشاملة هو مارسها ولم يكتفي بالمطالبة بها.

وشعبنا شعب أسرى ولا توجد عائلة ليس فيها اسير أوشهيد. ومروان دخل الأسر وهو شبل وعاد للزنازين كقائد في منتصف العمر، وها هو الآن أصبح له أحفاد وهو في الأسر. وبقي قريب من الناس ومن نبضها وكل ما يقوم به منسجم مع المبادئ التي ظل يطالب بالالتزام بها على مدار عقود من الزمن وكل المحاولات لتغييب مروان عن الشارع والشعب الفلسطيني بائت بالفشل.

البعض يقول بأن تشكيل قائمة مع ناصر القدوة سيضر بالأخ مروان نظراً للاختلاف الواضح بينهما؟

هل يعقل أن مروان الذي يتحدث عن الوحدة الوطنية مع احترام اختلاف التوجهات والآراء والايديولوجيات لا يستطيع أن يشكل أو يدعم قائمة فيها أشخاص لديهم تجربة مختلفة عن تجربته؟ هذا ما ميز فتح أنها جمعت اشخاصا من أطياف وتجارب مختلفة وتتجاوز اختلافاتها وتعطي الأولوية للنضال من أجل الحرية والعودة والاستقلال. والاخ ناصر له تجربته الهامة التي يجب احترامها والاستفادة منها.

والأخ ناصر القدوة كان واضحاً عندما طلب من مروان أن يقود هذه القائمة، ومروان فعلا يقودها من خارجها، وعندما قال أن هذه القائمة سترشح مروان البرغوثي للرئاسة لكي يستكمل جهوده في تحقيق الوحدة الوطنية واستنهاض طاقاتنا في مواجهة الاحتلال والاستعمار وضمان احترام حرية وكرامة كل ابناء شعبنا بمختلف انتماءاتهم ودون تمييز او اقصاء ام تهميش او تحييد.

وتضم القائمة قيادات نضالية فتحاوية ومستقلين لهم فكرهم ومواقفهم وتجربتهم، وفتح كانت دائما تعمل على أن تكون الأقرب للمستقلين والآن هل أصبح وجودنا في قائمة مع فتحاويين ومستقلين شيء معيب؟ بالعكس نحن نفتخر بذلك. وعلى فكرة لو ذهب مروان والأقرب منه وحدهم في قائمة كان سيقال يطالب مروان بالتعددية ولا يمارسها، بمعنى من يريد الانتقاد سيجد دائما سبباً للانتقاد، وهذا حق نؤمن به ونتقبله في إطار التعبير عن الراي.

ولكل من يسأل هل مروان يدعم ويقود هذه القائمة؟ الإجابة نعم، وكل شيء يدل على ذلك من اسمها: قائمة الحرية، إلى شعارها وهو أيدي مروان وهو يرفع شارة النصر رغم القيود، ألى توجهها المبني على وثيقة الأسرى للوفاق الوطني التي صاغها مروان البرغوثي ووقع عليها قيادات الفصائل في الأسر، بالاضافة طبعا إلى إعلان الاستقلال الفلسطيني.

وهل تتحرر فلسطين بالمقاومة أو بالعمل السياسي والدبلوماسي؟

موقف مروان من العمل السياسي والدبلوماسي واضح، هو مقتنع باهميته ومثلا يعتبر أن فتوى لاهاي في موضوع الجدار هامة للغاية وساهمت في دحض الرواية الإسرائيلية بأن الجدار أنشأ لأسباب أمنية. فقد أكدت المحكمة أنه أنشأ لتكريس الاستيطان وضم الأراضي. والأخ ناصر ساهم بشكل كبير في تحقيق هذا الإنجاز الوطني. تحفظ مروان هو على فكرة أنه من الممكن تحرير الأرض والشعب من خلال العمل السياسي والدبلوماسي بمعزل عن الفعل المقاوم على الأرض، وهو صاحب مقولة اننا نخطئ إن اعتمدنا على فعل مقاوم على الأرض دون أن يكون مرافق بعمل سياسي ودبلوماسي يحميه ويساهم في تحقيق أهدافه. كما نخطئ إن اعتقدنا أن الفعل السياسي والدبلوماسي سيكون مؤثر بغياب الفعل المقاوم على الأرض. ومروان لعب دائما وبالتوازي دورا سياسيا ومقاوما، ما نقصده هو التكامل في إطار المقاومة الشاملة واختيار الأسلوب أو الأساليب المناسبة في كل مرحلة وبما يخدم مصالح شعبنا وأهدافه الوطنية وليس اختيار أسلوب حصري دون غيره. وهذه القائمة منسجمة مع هذا التوجه.

ولكن من الممكن انتقاد تشكيل قائمتكم التي أيضاً لم تخضع لمعايير معلنة مسبقا.

انا أقر أنه ليس من السهل تشكيل قائمة في بضع ساعات، وهذا يثبت أننا كنا على أمل أن يتم إيجاد حلول لتفادي هذا السيناريو وكنا نتعامل بنوايا حسنة وبرغبة شديدة بالوصول الى توافق .وللأسف هذا لم يحصل. ولكن مرة أخرى قائمة الحرية تضم العديد من المناضلين و الكفاءات ونهجها واضح وتعكس إيماننا بالتعددية والتغيير والديمقراطية والحرية، وجهدنا جميعا يجب تكريسه لحرية الأسرى وحرية شعبنا ولانهاء الحصار والاستعمار والاحتلال ولتكريس الإمكانيات لدعم من يقفون على خط الجبهة مع الاحتلال والأكثر تضررا من سياساته بدأ بالقدس وغزة والخليل والاغوار وصولاً لمدننا وقرانا التي قطع أوصالها وحاصرها الجدار ولدعم صمود شعبنا في المخيمات ولكن ايضا لضمان حقوق وحريات شعبنا وحقوق المرأة والدفاع عن التعددية والديمقراطية الفلسطينية واستقلال القضاء وفصل السلطات ولمواجهة أي انتهاك لهذه الحقوق من أي جهة فلسطينية كانت ولاعطاء اصحاب الكفاءات الفرص التي يستحقون وخاصة الشباب.

ما موقفكم من تصريحات الأخ ناصر القدوة ورد حماس عليها؟

موقفنا كان وما زال وسيبقى "شركاء في الدم شركاء في القرار"، وأن "الوحدة الوطنية هي قانون الانتصار". وهذا لا يعني أنه لا وجود للأختلاف أو أن اياً منا معصوم عن الخطأ. ومن المهم أن ينم الحوار بيننا عن احترام متبادل لإرثنا وتاريخنا ومناضلينا ونضالنا المشترك، وعن قدرة على مناقشة حتى أصعب القضايا بهدوء بعيدا عن التخوين والتكفير، وبما يعكس قراراً واضحاً بتغليب التناقض الرئيسي مع الإحتلال على أي تناقضات ثانوية أخرى. وحركة حماس والجهاد الإسلامي هم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني والاجتماعي الفلسطيني ونتطلع الى التحاقهم بمنظمة التحرير الفلسطينية بما يخدم وحدانية التمثيل الفلسطيني.

ما هي رسالتكم بمناسبة هذه الانتخابات؟

يجب أن لا ننسى أن الشعب هو مصدر السلطات وحامي القضية. وإن كان شعبنا غير راض عن الوضع القائم أو إن وصلنا إلى طريق مسدود يجب أن لا نغلّط الشعب ونحمّله مسؤولية الأخطاء، بل نعيد النظر في السياسات المتبعة. مروان يعمل على هذا التغيير داخل حركة فتح ومع كافة الفصائل بما في ذلك حماس لأن المرحلة تتطلب عملية إنقاذ وإعادة النظر في التوجهات والأدوات وتحتاج إلى جهد مشترك من ١٤ مليون فلسطيني والأحرار حول العالم للخروج من المأزق الكارثي الذي يعصف بقضيتنا. يعتقد البعض أن الهدف من هذه الانتخابات هو شرعنة الوضع القائم وتكريس الأمر الواقع في حين يجب أن تكون الانتخابات انطلاقة للعدول عن الأخطاء وتصحيح المسار والخروج من عنق الزجاجة. المصالحة هدفها ليس تكريس الأمر الواقع بل التغلب عليه بما يحفظ وحدة التمثيل والمصير والشعب والوطن وينسجم مع حق شعبنا في تقرير مصيره وهذا المدخل للعمل المشترك لإنهاء الحصار والاحتلال ولتحقيق الحرية والعودة والاستقلال.