الأربعاء: 24/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

رواية مشانق العتمة ليسري الغول والفوضى الخلاقة

نشر بتاريخ: 07/08/2021 ( آخر تحديث: 07/08/2021 الساعة: 19:30 )
رواية مشانق العتمة ليسري الغول والفوضى الخلاقة

الكاتب: سعيد الكحلوت

انتهيت قبل قليل من قراءة رواية مشانق العتمة للكاتب الجميل يسري الغول، إذ يأخذك الكاتب وعلى متن قارب هجرة غير شرعي في رحلة عميقة داخل شخوص روايته الواقعة في 220 صفحة من القطع المتوسط، كل بطل من أبطاله يتحدث لك عن قصته وبصوته، لتتكون للقارئ صورة عامة عن الواقع العربي التعيس، حيث يفضل المواطن المطحون أن يسلم نفسه لأمواج البحر على أن يظل محترقاً مدعوساً عليه في وطنه .

كانت وزيرة الخارجية الأمريكية كونديرزا رايز قبل نحو عشرين عاماً قد وعدت العالم بشرق أوسط جديد، تسوده الفوضى الخلاقة، هذه الفوضى التي مثلها يسري الغول بشخصية هتلر، رجل الأمن البلطجي المستعد دوماً أن يقتل أي إنسان وأن يحرق أي شيء مقابل أن يعيش النظام، رغم أنه في لحظات الوجد والخلوة يدخل في حوارات داخلية يتعرى فيها أمام نفسه ويخشى من الانقلابات والتغيرات الإقليمية التي تعصف بالمنطقة فيصير الجلاد ضحية يستجدي العطف من ضحاياه أطفالاً و شباباً و شيباً، وحين يعود لغيه يلبس زي الإله الباطش والسيد السادي الذي يتلذذ بتعذيب أعداء النظام.

المواطن الفلسطيني في غزة حاضر بقوة في الرواية من خلال شخصيات: ابن رشد وهاجر ويونس والطفلة فلسطين، المكتوب عليهم الهجرة والتنقل والسجن القصري، حيث يمنعون من أبسط حقوقهم في التعليم والصحة والتنقل بين المعابر فقط لأنهم يحملون الجنسية الفلسطينية.

ففي كل أزمة يتعرض لها الإنسان الفلسطيني يتذكر بينه وبين نفسه صدماته المتكررة، ليس أولها النكبة وليس آخرها الانقسام.

في حبكة الرواية الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر يفاجئك الروائي يسري الغول بصدمات متعددة بعفوية لغوية سلسة تخلو من الابتذال والاستعراض اللغوي، ويوحد مسارات الشخصيات بمصير واحد هو مصير المنطقة العربية وما يمر بها من أزمات طاحنة يدفع ثمنها المواطن البسيط المجرد من أدنى حقوقه.

مشانق العتمة، رواية رشيقة تقرأ دفعة واحدة، لكنها تزودك بجرعة عالية من الاكتئاب، أراد من خلالها الكاتب الانتقام بقلمه من الفوضى الخلاقة، ووثق بها التاريخ المعاصر "لما يسمى بالربيع العربي ."