بيت لحم- معا- عقدت المكتبة الوطنية الفلسطينية ومؤسسة إبداع في مخيم الدهيشة ووزارة الثقافة الفلسطينية ندوة ثقافية لمناقشة كتاب "دقات على بوابة القلب" للكاتبة مريم الصيفي، والذي يتضمن مجموعة من الرسائل المتبادلة بين الكاتبة والأسرى العراقيين في سجون الكويت والذين اعتقلوا بعد اجتياح القوات العراقية للكويت عام 1990.
وشارك في نقاش الكتاب كل من مدير وزارة الثقافة فؤاد اللحام والناشط السياسي كمال هماش والباحث عزيز العصا ورئيس المكتبة الوطنية الكاتب عيسى قراقع، وبحضور نخبة من المثقفين والمهتمين، وعقدت الندوة في قاعة مؤسسة إبداع في مخيم الدهيشة مساء يوم السبت 3 حزيران 2023.
وقال فؤاد اللحام أن دور الكاتبة مريم الصيفي جسّد موقف الأم الفلسطينية التي كانت تهتم بالأسرى العرب وتزورهم بالسجون بسبب عدم قدرة أهاليهم على زيارتهم، وهو موقف إنساني عظيم، حيث استطاعت أن تخفف آلامهم من خلال مراسلتها لهم وفتحت لهم الفضاء الخارجي والأمل بالحرية.
وقال كمال هماش في مداخلته أن الكتاب يروي قصة حقيقية بين الكاتبة وأسير عراقي اسمه ناجي الجبوري، وهو شاعر وفنان ومبدع، لافتاً إلى أن الرسائل تحولت إلى شفاء للوحدة والقهر والسجن من قبل أم فلسطينية لاجئة احتضنت ابنها المظلوم، وحررته من زمن السجن وأعطته الأمل بكل الحب والدفء، وتمتزج هذه العلاقة الأدبية بآمال ومشاعر؛ فيتولد جنس جديد من أدب الرسائل الذي يقاوم كل أشكال القهر والحرمان وينتصر لإنسانية الإنسان.
وأضاف هماش أن الكاتبة مريم الصيفي عابرة العروبة، وحافظت على دورها كمعلمة حتى في الشعر وفي علاقتها مع المساجين وفي السعي للإفراج عنهم والمطالبة بحريتهم ونشر قضيتهم.
واعتبر الناقد الأدبي عزيز العصا أن الكتاب يقع ضمن أدب رسائل السجون، وهو الأدب المشبع بالعواطف الجياشة والمشاعر الصادقة، ففي كل رسالة يكتبها السجين نجد جوهرة ثمينة من خليط الشعور بالقهر والظلم، مع الرغبة الجامحة للقفز فوق أسوار السجن، ورأى فيه أنه يتعاضد مع أدب الرسائل الخاص بالأسرى الفلسطينيين الذين أصبحوا يشكلون مدرسة تحمل ملامح خاصة لأدب الأسرى، وإضافة جديدة للكثير من الإصدارات التي حملت رسائل من قلب السجون وكسرت القيد والنسيان.
فيما قال عيسى قراقع أن الكتاب يدافع عن إنسانية الإنسان وقيمته العليا المقدسة، ويقف في وجه السجون وأنظمة القمع التي تسعى إلى هدر إنسانية الإنسان، والحط من قيمته وتجريده من ملامحه البشرية، وقد استطاعت الكاتبة أن تحرر الأسير الجبور برسائلها وتنقله من عالم القضبان إلى عالم النور والوجود، كما وأخذت بيده إلى كل مكان من خلال رسائلها الروحية والإيمانية، فالأجساد محتجزة ولكن الأرواح طليقة.
بدورها أشارت الكاتبة مريم الصيفي إلى أن الرسائل المتبادلة بينها وبين الشاعر والكاتب العراقي ناجي الجبوري ظلت متواصلة حتى بعد الإفراج عنه، وأنها صاغت غربة ناجي شعراً ونثراً، وكانت له بمثابة الأم والأخت والصديق، وقامت بزيارة عائلته وهو في السجن، وزيارته بعد الإفراج، وطبعت له ديوانه الذي خرج من السجن بعنوان (سأكتب حتى)، وأضافت أن الأسير ناجي كان حاضراً رغم غيابه ليس بشعره ومخطوطة ديوانه وإنما أيضاً بمعاناته الإنسانية، ووجدت أنه استطاع أن يجعل من الشعر نافذة يطل عبرها على أضواء الشمس وفضاء حرية داخلية لا يمكن لأي قوة على الأرض أن تصادرها منه.
ويذكر أن الكاتبة والشاعرة مريم الصيفي مواليد قرية الولجة المهجرة في فلسطين، وهي مقيمة في العاصمة الأردنية عمان، وصاحبة الصالون الأدبي الشهير المكنّى باسمها، وصدر لها عدة دواوين من الشعر منها وردة الغياب وجذع النار ويبوح الصمت، وشاركت في العديد من الندوات الأدبية على المستوى المحلي والعربي والدولي.