الإثنين: 05/05/2025 بتوقيت القدس الشريف

انفجارات إيران الغامضة وصواريخ الحوثي تمهد لمواجهة كبرى

نشر بتاريخ: 04/05/2025 ( آخر تحديث: 04/05/2025 الساعة: 21:47 )
انفجارات إيران الغامضة وصواريخ الحوثي تمهد لمواجهة كبرى


بيت لحم -تحليل معا- تقف منطقة الشرق الأوسط على شفا مواجهة عسكرية واسعة، مع تصاعد غير مسبوق في التوتر بين إيران وإسرائيل، وسط مؤشرات متسارعة تنذر بانفجار وشيك يشمل جبهات متعددة من اليمن إلى طهران.

وتشهد طهران نفسها سلسلة انفجارات غامضة هزّت مواقع حساسة داخل العاصمة، في وقت أعلنت فيه جماعة الحوثي قصفها لتل أبيب، وردّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهديد مباشر بتوجيه ضربة عسكرية لليمن، وربما لإيران ذاتها.

وفيما تتردد واشنطن بين دعم غير مشروط لحليفتها إسرائيل ومحاولة إنقاذ المفاوضات النووية مع طهران، جاءت رسالة طهران واضحة على لسان وزير دفاعها الذي قال: "إذا تعرضنا لهجوم من إسرائيل أو الولايات المتحدة، فسنرد بقوة".

خلال أسبوع واحد، هزت ستة انفجارات على الأقل الأراضي الإيرانية في جميع أنحاء البلاد، أربعة منها في آخر 24 ساعة فقط، مع تسجيل انفجار في "مصنع للدراجات النارية" في قم اليوم بعد الظهر، وفقا للسلطات الإيرانية

ستة انفجارات غامضة في أسبوع: إخفاق أمني أم عملية استخبارية إسرائيلية؟


خلال أسبوع واحد، هزت ستة انفجارات على الأقل الأراضي الإيرانية في جميع أنحاء البلاد، أربعة منها في آخر 24 ساعة فقط، مع تسجيل انفجار في "مصنع للدراجات النارية" في قم اليوم بعد الظهر، وفقا للسلطات الإيرانية.

بدأت الأحداث الليلة الماضية في محطة توليد الكهرباء في مدينة كرج. وبعد ذلك بوقت قصير، وقع انفجار في مصنع لتصنيع السيارات في مشهد، أعقبه انفجار آخر في مصنع للكيماويات في مدينة قم.

الشرارة التي فتحت الباب للتصعيد الإقليمي جاءت من ميناء الشهيد رجائي في بندر عباس، حيث وقع انفجار هائل أدى إلى مقتل 70 شخصًا وإصابة أكثر من ألف، وفق السلطات الإيرانية. وزير الداخلية وصف ما حدث بـ"الإهمال"، بينما نفت وزارة الدفاع الإيرانية أن تكون الشحنة المتفجرة تحتوي على وقود صواريخ، في رد واضح على تقارير غربية ربطت الانفجار بشحنة صينية تستخدم لأغراض عسكرية.

لكن توقيت الانفجار، وطبيعته، وتوالي الانفجارات في مناطق أخرى – بينها العاصمة طهران – دفع مراقبون إلى ترجيح فرضية العمل التخريبي، لا سيما في ظل النشاط المكثف للموساد داخل إيران خلال السنوات الأخيرة، واغتيال شخصيات بارزة في البرنامج النووي والعسكري.
صواريخ الحوثي: الرسائل الإيرانية لا تمر عبر طهران

في ما يبدو أنه رد غير مباشر على الانفجارات، بدأت جماعة "أنصار الله" الحوثية في اليمن – المدعومة بقوة من طهران – إطلاق صواريخ يومية نحو إسرائيل، وصلت اليوم إلى مطار بن غوريون، لأول مرة منذ بدء الحرب في غزة. الهجمات الحوثية، وإن لم تؤد إلى خسائر مادية كبيرة، إلا أن رمزية التوقيت والمكان أثارت الذعر لدى تل أبيب، ودعت إلى عقد مشاورات أمنية طارئة انتهت بإعلان نية تنفيذ عملية عسكرية ضد اليمن.

هذه الهجمات تشير إلى أن إيران اختارت الرد عبر أذرعها الإقليمية، ضمن استراتيجية "الحرب متعددة الجبهات" التي سبق أن تحدث عنها مسؤولون إيرانيون، ما يجعل الصراع أقل كلفة مباشرة لطهران، وأكثر تعقيدًا للرد الإسرائيلي.

إسرائيل تتأهب: تعبئة شاملة ورسائل في العمق السوري

في المقابل، بدأت إسرائيل بتنفيذ خطوات تصعيدية واضحة، أهمها استدعاء 60 ألفًا من جنود الاحتياط، في إجراء لا يتم إلا في ظل تهديد استراتيجي. وترافق ذلك مع غارات جوية على محيط القصر الرئاسي في دمشق، وتحركات إسرائيلية مكثفة على حدود لبنان وسوريا.

وفي الجنوب السوري، حيث أعلنت محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية الحكم الذاتي، دخلت إسرائيل على الخط بدعم ميداني وعسكري لمجموعات درزية محلية. وقد بدأت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقًا) بإرسال قوات بقيادة الرئيس أحمد الشرع نحو السويداء، ما يشير إلى إمكانية تحول المنطقة إلى ساحة صدام جديدة، بدعم وتحريض خارجي.

زيارة ترامب للخليج: توقيت حساس ومعادلات متحركة

تأتي كل هذه التطورات قبل أيام من زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية والإمارات وقطر (13–16 أيار)، وهي زيارته الأولى للمنطقة منذ عودته للبيت الأبيض.

وتُعد الزيارة محاولة لتنسيق مواقف الخليج في ظل التوتر الإيراني الإسرائيلي، كما أنها تأتي بعد جولات تفاوضية وُصفت بالإيجابية بين طهران وواشنطن بشأن البرنامج النووي، ما أثار غضب إسرائيل، التي ترى في أي اتفاق جديد تهديدًا لأمنها.
وبينما تميل إدارة ترامب إلى احتواء التصعيد وإبقاء الباب مفتوحًا للتفاوض، يبدو أن إسرائيل مصممة على منع أي تقارب أميركي–إيراني، حتى لو اقتضى الأمر إشعال المنطقة بأكملها، سواء عبر ضربات في إيران أو تفجير جبهات اليمن وسوريا ولبنان.

هل نحن على أعتاب المواجهة الكبرى؟

الخط البياني الحالي للتوترات يظهر بوضوح أن المنطقة أمام لحظة حرجة؛ إسرائيل تتصرف كمن يسابق الزمن قبل إبرام اتفاق دولي مع إيران، وتحاول فرض واقع جديد بالقوة. في المقابل، إيران توزع رسائلها عبر أذرعها – الحوثي، حزب الله، الحشد الشعبي – وتراهن على استنزاف الخصم وعدم التصادم المباشر.

لكن في حال استمرت الصواريخ الحوثية على هذا النحو، أو وقع تفجير جديد داخل إسرائيل، فإن احتمال الانفجار الشامل يصبح أكثر واقعية، خاصة إذا ترافق مع تصعيد في الجولان أو جنوب لبنان أو الداخل الإيراني نفسه.

المنطقة على حافة مواجهة متعددة الجبهات، تقف فيها الولايات المتحدة في موقع الحَكَم المتردد، بينما تستعد إسرائيل وإيران لحرب قد لا يبقى فيها مكان للوسطاء.

وتأتي سلسلة الانفجارات على خلفية الأزمة في المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة. تم تأجيل الجولة الرابعة من المفاوضات التي كان من المقرر أن تجرى أمس.

يقول الإيرانيون أن هناك أسباباً فنية، لكن وفقاً للمنشورات في الغرب فإن المحادثات متوقفة. أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أمس، عبر تغريدة على تويتر، عن شرط جديد للمفاوضات وهو زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم.

وقال مسؤول كبير في النظام الإيراني إن طهران لا تتعرض لضغوط بسبب التأخيرات، لكن المعلقين يشيرون إلى أن هناك تفاهما داخل القيادة الإيرانية على أنه بدون تغيير كبير في البرنامج النووي - وهو ما من شأنه أن يرضي إدارة ترامب - فإن المنشآت النووية قد تصبح هدفا عسكريا لإسرائيل أو الولايات المتحدة.