سلفيت- معا- كأنها فصول من كابوسٍ لا ينتهي... في تسع ليالٍ حالكة، امتدت أيدي الاحتلال لتطرق أبواب المنازل في بلدتي بروقين وكفر الديك غرب سلفيت. اقتحم الجنود البيوت كما تقتحم الذئاب أوكار الأمان، ناشرين الرعب والدمار، وتركوا وراءهم وجعا لا يُمحى.
في كفر الديك، وقفت سمر مذهولة في منزلها الذي لم يعد كما كان. الأثاث مبعثر، الممتلكات مدمّرة، والصمت يخيّم على المكان. قالت وهي تحبس دموعها: "اقتحم جنود الاحتلال منزلنا فجأة، وحوّلوه إلى ثكنة عسكرية. المنزل الذي تركته نظيفا ومرتبا، لم يعد كما كان. حتى ذكرياتنا من صور تذكارية واوراق ثبوتيه لم تسلم."
ثم أضافت بحسرة: "حشرونا في غرفة صغيرة لساعات، ثم طردونا خارجا، بينما احتموا داخل منزلنا. اضطررنا للعيش عند أقاربنا مؤقتا لمدة خمسة ايام وما اصعبها من ايام"
بدورهل روت سناء الديك، مشهدا لا يقل قسوة: "اقتحموا منزلنا ثلاث مرات، وكانوا يتفننون في التخريب. وضعونا جميعا (12 فردا ) في غرفة واحدة لساعات طويلة، ثم سرقوا أموالنا، والتي تقدر بأربعة آلاف دينار، كان زوجي يخطط لشراء أغنام لنبدأ مشروعنا في ظل الظروف الصعبه، ولكن لا تأتي الرياح كما تشتهي السفن.
وتابعت بصوت متهدج: "ما آلمني أكثر من كل شيء هو تمزيقهم لكتاب الله، وصور الرئيس الراحل ياسر عرفات. لم يتركوا زاوية إلا وعبثوا بها، حتى غرفة التخزين لم تسلم."
ومن بروقين، وصفت هديل الاقتحام بأنه كالكمين:"دخلوا كما لو أنهم يصطادون فريسة. صراخ، تهديد، وبنادق موجهة نحونا، ضربوا والدي وشقيقي بوحشية، ثم طردونا دون السماح لنا بأخذ هواتفنا."
وأضافت:"احتلوا منزلنا ثلاثة أيام، وخلالها سرقوا مبالغ مالية وأجهزة الاتصال، والأصعب من ذلك التقاط المجندات صور تذكاريه بغرفتي الخاصة"
أما مدحت، من بروقين، قال بألم:"سرقوا ذهب زوجتي الذي يقدَّر بـ33 ألف شيقل، إضافة إلى مبلغ من المال. كسروا كل أثاث المنزل وطردونا خارجه، ولا نعلم ما نقول غير حسبنا الله ونعم الوكيل".
ترك الجنود خلفهم بيوتا منهوبة، وأرواحا مكسورة، وصمتا ثقيلا يحكي من الوجع ما تعجز الكلمات عن وصفه. وعلى أنقاض الألم، تقف العائلات تحاول أن تلتقط أنفاسها، وتعيد نبض الحياة من جديد.