غزة- معا- قالت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، اليوم السبت، إن الجيش الإسرائيلي استخدم مدنيين كدروع بشرية بشكل منهجي خلال العمليات العسكرية الجارية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بحسب شهادات سبعة فلسطينيين جرى استخدامهم كدروع بشرية وتم إرسالهم إلى المباني والأنفاق للبحث عن المتفجرات وأفراد المقاومة، كما أكد الشهادات جنديان اسرائيليان تحدثا للوكالة.
أيمن أبو حمدان، أحد الذين اعتقلهم الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، أغسطس الماضي، ويبلغ من العمر 36 عامًا، قال لـ "أسوشيتد برس" إن الجنود الإسرائيليين أخبروه أنه سوف يساعد في "مهمة خاصة"، ثم البسوه زي عسكري وثبتوا كاميرا على جبهته، ولمدة 17 يومًا، أُجبر على تفتيش المنازل كل حفرة في الأرض بحثًا عن أنفاق، مضيفًا أن الجنود كانوا يقفون خلفه وبمجرد التأكد من خلو الأماكن من المتفجرات يدخلون المكان، وبعد الانتهاء من مبنى يتم نقله إلى المبنى التالي.
ويوضح أبو حميدان، أن الساعات الوحيدة التي كان يقضيها دون قيود في يديه وغير معصوب العينين، أثناء استخدامه كدرع بشري، وبمجرد أن تنتهي مهمته يقضي باقي الوقت مقيدًا في غرفة مظلمة، مؤكدًا أنه تعرض للتعذيب لإجباره على تلك المهمات، "ضربوني وقالوا لي: ليس لديك خيار آخر؛ افعل هذا أو سنقتلك"، يقول الشاب الفلسطيني.
ووصفت منظمات عاملة في مجال حقوق الإنسان استخدام الجيش الإسرائيلي للمدنيين الفلسطينيين كدروع بشرية، بأنه "أصبح إجراءً اعتياديًا يُستخدم بشكل متزايد في الحرب"، فيما قال ناداف فايمان، المدير التنفيذي لمنظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية، المناهضة للاحتلال وتعمل على نشر انتهاكات الجيش الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، إن المنظمة جمعت شهادات من جنود إسرائيليين حول استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية، ما أثبت وجود "فشل منهجي وانهيار أخلاقي مُريع" داخل الجيش، لافتًا إلى إدانة إسرائيل استخدام "حركة حماس المدنيين كدروع بشرية، في الوقت الذي يفعل فيه جنود الجيش الإسرائيلي الشىء نفسه".
وجمعت "أسوشيتد برس" شهادات ثلاثة عسكريين إسرائيليين، اثنان منهما جنديان تحدثا للوكالة الأمريكية، وضابط ثالث أدلى بشهادة لمنظمة "كسر الصمت"، أكدوا أن القادة في الجيش الإسرائيلي كانوا على درايةٍ باستخدام المدنيين كدروع بشرية، ومنهم من أصدر أوامر بذلك، حتى أن هذا الفعل يتخذ مسميات مختلفة داخل جيش الاحتلال مثل "بروتوكول البعوض" أو "الدبابير" وغيرها من المصطلحات المُهينة.
وقال الجنود إنهم كانوا يتلقون التعليمات عبر أجهزة اللاسلكي من قبل قادتهم تامرهم بـ "إحضار بعوضة"، أو "اصطياد واحدة من الشارع" وهي اختصارات كان يفهمها الجميع، فيما أسفر استخدم الجنود الإسرائيليين الدروع البشرية عن تسريع العمليات العسكرية، وتوفير الذخيرة، وتجنيب الكلاب المقاتلة الإصابة أو الموت، وفق الشهادات التي جمعتها الوكالة.
وأكد أحد الجنود الإسرائيليين في شهادته، إن وحدته حاولت رفض استخدام الدروع البشرية في منتصف عام 2024، لكن قيل لهم إنه ليس لديهم خيار آخر، وأخبرهم ضابط رفيع المستوى إنهم "لا ينبغي أن يقلقوا بشأن القانون الإنساني الدولي" الذي يحظر هذا الفعل.
وفي آذار/ مارس العام الماضي، اعتقل مسعود أبو سعيد البالغ من العمر 36 عامًا في مدينة خان يونس وسط قطاع غزة، ثم جرى استخدامه لمدة أسبوعين كدرع بشري من قبل الجيش الإسرائيلي، حيث أُجبر على دخول منازل ومبانٍ ومستشفى مشتبه وجود أنفاق فيها، توسل للجنود لعدم استخدامه كدرع بشري قائلًا: "لديّ أطفال وأريد أن ألتقي بهم"، حسبما يقول لـ "أسوشيتد برس"، وبينما رفض الجنود كل توسلاته للقاء أطفاله، قابل أبو سعيد شقيقة مصادفة داخل منزل أثناء تنفيذه لمهمة درع بشري كان شقيقه يقوم بنفس المهمة ولكن لوحدة عسكرية أخرى.
تعانق الشقيقان بمجرد اللقاء، يقول أبو سعيد "ظننت أن جيش إسرائيل أعدمه".
من جانبه، نفى جيش الاحتلال استخدام المدنيين كدروع بشرية، مؤكدا أنه يحظر هذا الفعل، بحسب بيان أرسله الجيش لوكالة "أسوشيتد برس"، شدد فيه على أنه يحظر أيضًا إجبار المدنيين على المشاركة في العمليات العسكرية، مضيفًا أنه يحقق في عدة حالات تُزعم تورط فلسطينيين في مهمات عسكرية، لكنه لم يُقدم أي تفاصيل، ولم يُجب على أسئلة الوكالة حول تفاصيل هذه المهمات ومن أمر بها.
ووصفت حركة حماس في بيانٍ اليوم ذلك بأنه "يمثّل دليلًا إضافيًا على ارتكاب هذا الجيش الفاشي لجرائم حرب وانتهاكات ممنهجة للقانون الدولي"، مشددًا أن الشهادات تؤكد أن استخدم المدنيين كدروع بشرية "لا يمثّل حوادث فردية، بل يكشف عن سياسة منهجية مدروسة، تعكس الانهيار الأخلاقي والمؤسسي في صفوف هذا الجيش الإرهابي".