القدس- معا- في كل عام، ومع الذكرى السنوية لاحتلال الشطر الشرقي من مدينة القدس (حسب التقويم العبري)، يتحول الأقصى إلى مسرح لإعادة تمثيل السيطرة والسيادة على المسجد، وكأن الاحتلال للمسجد يحدث الآن.
منذ ساعات صباح اليوم، مشاهد صعبة أعادت للذاكرة مشاهد السيطرة الأولى على المسجد، وانتهاكات خطيرة جرت في المسجد الأقصى، فالمئات اقتحموا المسجد، صلّوا وغنّوا ورقصوا ورفعوا الأعلام الإسرائيلية فيه، بمشاركة وزراء وأعضاء كنيست وكبار الحاخامات المتطرفين.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية إن 1427 مستوطنًا اقتحموا الأقصى خلال فترة الاقتحامات الصباحية.
ونفّذ المستوطنون اقتحاماتهم للأقصى على شكل مجموعات متتالية عبر باب المغاربة، الذي تسيطر سلطات الاحتلال على مفاتيحه منذ احتلال القدس. وعكست أعداد المقتحمين (العدد النهائي لاقتحامات الصباح) أعداد المجموعات، حيث كانت الشرطة قد أعلنت بأنها ستسمح لست مجموعات بالتواجد في الأقصى في آن واحد، ليتمكن أكبر عدد ممكن من دخوله في هذا اليوم.
وتحوّل الأقصى خلال الاقتحامات إلى "ساحة لرفع الأعلام الإسرائيلية"، حيث قامت مجموعات من المستوطنين برفع الأعلام داخله، منهم من وضعه على كتفه، ومنهم من رفعه عاليا ولوح به، كما أدّوا الصلوات الجماعية، ورقصوا وغنّوا، وردّدوا الصلوات في كافة أنحاء المسجد، كما شكّلوا حلقات صلوات مختلفة، وتمكنوا من إدخال أدوات الصلاة إليه وأداء طقوسهم وسط باحاته، بحماية شرطة الاحتلال.
وكأن الأقصى تحوّل إلى مكان لعقد جلسة خاصة للكنيست، فتقدّم الوزير المتطرف إيتمار بن غفير اقتحامات الأقصى، وشارك في الاقتحامات اليوم الأعضاء: تسفي سوكوت، وأرئيل كلنر، وعميت هليفي، وإسحاق فسرلوف، وإسحاق كرويزر.
ومنعت سلطات الاحتلال المسلمين من دخول الأقصى منذ ساعات الصباح، ونشرت قواتها بأعداد كبيرة على أبواب المسجد، ووضعت الحواجز الحديدية، وطالبت المصلين بالعودة إليه بعد الساعة الثالثة والنصف (بعد انتهاء الاقتحامات).
ولم يختلف المشهد داخل الأقصى عن خارجه، فعلى أبواب الأقصى رقصات وغناء وأعلام إسرائيلية.
ودعت جماعات "الهيكل" المتطرفة منذ عدة أيام للمشاركة في اقتحامات المسجد الأقصى خلال فترتي الاقتحام اليوم، إضافة إلى جولات ومسيرات على أبوابه من الجهة الخارجية، ورفع الأعلام، والسير بها داخل أزقة وأسواق البلدة القديمة، تحضيرًا للمسيرة المركزية في ساعات العصر (رقصة الأعلام)، والتي تنطلق من غربي القدس وصولًا إلى حائط البراق.
ذكرى احتلال الشطر الشرقي لمدينة القدس يسعى المستوطنون، وبمساندة رسمية، إلى تجديدها كل عام، سواء باقتحام الأقصى أو بالمسيرات الفردية على أبوابه وفي أزقته، وصولًا إلى المسيرة المركزية.
ومنذ ساعات اليوم، سار المستوطنون في شوارع القدس، خاصة في حيّي الصوانة والشيخ جراح وسلوان، ورفعوا الأعلام الإسرائيلية، ورقصوا وغنّوا فيهما.
واقتحم مستوطنون المقر الرئيسي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في حي الشيخ جراح بمدينة القدس، وهو المقر الذي كانت إدارة الوكالة قد أُجبرت على إخلائه بعد تمرير قانون "حظر الأونروا" من قبل سلطات الاحتلال.
وفي بلدة سلوان، تقعد جلسة حكومة داخل البؤرة الاستيطانية (مدينة داوود).
وطالبت شرطة الاحتلال من سكان حي وادي حلوة في سلوان، عدم توقيف مركباتهم أمام منازلهم وأبلغتهم بأنها ستقوم بإعتلاء أسطح عدد من المنازل خلال اليوم، وحذرتهم من أي اعتراض أو عرقلة لعمل القوات.
دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين بأشد العبارات اقتحامَ وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، وعددٍ من أعضاء الحكومة والكنيست، على رأس مجموعة كبيرة من المستوطنين المتطرفين، للمسجد الأقصى المبارك/الحرم القدسي الشريف، تزامنًا مع ما يُسمّى بمسيرة الأعلام، وما رافقها من ممارسات استفزازية مرفوضة، في انتهاك صارخ للوضع التاريخي والقانوني القائم، والتزامات إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال.
وشددت الوزارة بأن ممارسات هذا الوزير المتطرف واقتحاماته المتواصلة للمسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف لا تلغي حقيقة أن القدس الشرقية مدينة محتلة لا سيادة لإسرائيل عليها.
وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير الدكتورة سفيان القضاة، رفض المملكة المطلق وإدانتها الشديدة لهذا الاقتحام من قبل الوزير المتطرف بن غفير ووزراء وأعضاء من الحكومة والكنيست والمستوطنين المتطرفين، وتسهيل شرطة الاحتلال الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى، باعتباره خرقا فاضحا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومحاولة لفرض وقائع جديدة في المسجد، وتقسيمه زمانيا ومكانيا، كما تعكس عبثية وتأجيجا مرفوضا للأوضاع في ضوء توسيع إسرائيل حربها على قطاع غزة، وتصعيدها الخطير في الضفة الغربية المحتلة.
وحذر السفير القضاة، من مغبة وعواقب استمرار هذه الانتهاكات، مطالبا إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بوقف جميع الممارسات الاستفزازية للوزير المتطرف بن غفير والمستوطنين المتطرفين، التي تعد استمرارا لسياسة الحكومة الإسرائيلية المتطرفة الرامية إلى مواصلة التصعيد الخطير في الضفة الغربية واقتحامات المدن الفلسطينية.
وجدد تأكيد أن المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته البالغة 144 دونما، هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، وتنظيم الدخول إليه.