الجمعة: 01/08/2025 بتوقيت القدس الشريف

تقرير لمعهد أريج: المواطن الفلسطيني بين بندقية المستوطن وجرافة الاستيطان

نشر بتاريخ: 31/07/2025 ( آخر تحديث: 31/07/2025 الساعة: 16:07 )
تقرير لمعهد أريج: المواطن الفلسطيني بين بندقية المستوطن وجرافة الاستيطان

القدس- معا- تشهد الضفة الغربية، تصعيدًا غير مسبوق في اعتداءات المستوطنين بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم، وسط حماية مباشرة من جيش الاحتلال وصمت دولي يثير تساؤلات حول التواطؤ في تنفيذ سياسة ممنهجة لتهجير السكان.

ووفقًا لتقرير صادر عن معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج)، اكد انه خلال الأعوام الأخيرة الماضية، فقد شهدت تصاعدًا غير مسبوق في أعداد الهجمات الاستيطانية التي ينفذها المستوطنون في الضفة الغربية، حيث أن الثمن الذي يدفعه المواطن الفلسطيني لا يُقاس بعدد الهجمات التي ينفذها المستوطنون، بل بالمعاناة اليومية التي تطال جميع جوانب الحياة من صعوبة الوصول إلى مصادر المياه والأراضي الزراعية وخاصة القريبة من المستوطنات والبؤر الاستيطانية، وتقييد الحركة حيث يقوم المستوطنون باغلاق مداخل القرى والطرق وتعريض المواطنين لأشكال متعددة من العنف النفسي والجسدي.

وجاء التقرير على النحو التالي:

يومًا بعد يوم، وعامًا بعد عام، يتكرر المشهد ذاته في الضفة الغربية المحتلة، عنف الى اعلى المستويات، واعتداءات مستوطنين لا تتوقف، وصمت دولي أمام المعاناة اليومية للمواطنين الفلسطينيين. ففي الأراضي الفلسطينية المحتلة، تتحول حياة المواطن الفلسطيني إلى معركة يومية للبقاء والعيش بأمان وسلام، أمام الهجوم الاستيطاني الإسرائيلي المتسارع، والسياسة الممنهجة للمستوطنين الإسرائيليين وسلطات الاحتلال الإسرائيلي. لقد بات عنف المستوطنين الإسرائيليين جزءًا لا يتجزأ من المشهد اليومي للفلسطينيين، خاصة في القرى والمناطق البدوية المحاذية للمستوطنات والبؤر الاستيطانية الاسرائيلية، حيث يزرع ويفلح الفلسطيني أرضه تحت تهديد السلاح، ويرسل أبناءه إلى المدرسة وسط مخاوف اعتداءات المستوطنين، ويبيت قلقا من هجوم محتمل من المستوطنين الذي قد يفقده منزله أو مزرعته أو ممتلكاته الخاصة أو حتى حياته.

وتحت حماية جيش الاحتلال الاسرائيلي، تتسارع أيدي المستوطنين لتفرض واقعًا جديدًا على الأرض الفلسطينية، من خلال الاعتداءات المتكررة التي تشمل ولا تقتصر على حرق الأشجار المثمرة فقط، بل الاعتداء على الفلسطينيين، وسرقة وتخريب الممتلكات، وإلحاق الضرر بالمنازل والمنشآت، إلى جانب الهجمات الجسدية التي تكلف الفلسطيني حياته. هذه الاعتداءات لا تُعتبر حوادث فردية أو صدفة، بل هي جزء من سياسة عنف ممنهجة تهدف إلى تهجير المواطن الفلسطيني من أرضه، وتفريغ المناطق من مواطنيها الفلسطينيين، تمهيدًا لتوسيع المستوطنات والبؤر الاستيطانية غير الشرعية والاستيلاء على الأراضي للأغراض الاستيطانية المختلفة.

ووفقًا لإحصائيات صادرة عن معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج) خلال الأعوام الأخيرة الماضية، فقد شهدت تصاعدًا غير مسبوق في أعداد الهجمات الاستيطانية التي ينفذها المستوطنون في الضفة الغربية.

حيث أن الثمن الذي يدفعه المواطن الفلسطيني لا يُقاس بعدد الهجمات التي ينفذها المستوطنون، بل بالمعاناة اليومية التي تطال جميع جوانب الحياة من صعوبة الوصول إلى مصادر المياه والأراضي الزراعية وخاصة القريبة من المستوطنات والبؤر الاستيطانية، وتقييد الحركة حيث يقوم المستوطنون باغلاق مداخل القرى والطرق وتعريض المواطنين لأشكال متعددة من العنف النفسي والجسدي.
لقد أصبح الفلسطيني محاصرًا ليس فقط بجدار الفصل العنصري، بل بشبكة عنف تبدأ من المستوطن ولا تنتهي عند القوانين العسكرية الاسرائيلية الجائرة. فيما يلي جدول بانتهاكات المستوطنين الإسرائيليين بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في الأعوام القليلة الماضية.

الجدول رقم 1 يظهر تصاعد لافت في انتهاكات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة خلال السنوات القليلة الماضية بحيث لا يمكن قراءته بمعزل عن الوضع الأمني والسياسي في الضفة الغربية المحتلة والحرب الإسرائيلية الجائرة على قطاع غزة المحاصر، اذ يعكس هذا الازدياد في اعمال العنف، التواطؤ والتقاعسً الممنهج من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في قمع عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم وثرواتهم الطبيعية وأراضيهم. فمع مرور الأعوام، باتت هذه الانتهاكات أكثر تنظيمًا وعنفا، مستهدفةً القرى الفلسطينية والممتلكات خاصة وأماكن العبادة والثروة الحيوانية التي تعتبر مصدر دخل للعديد من العائلات الفلسطينية والأشجار المثمرة والأراضي الزراعية، بل وأرواح المدنيين الفلسطينيين، ما يُنذر بتدهور خطير في الوضع في الضفة الغربية المحتلة. كما ولا يمكن تجاهل أن تصعيد العنف من قبل جماعات المستوطنين يتزامن مع توسيع المستوطنات الإسرائيلية وإقامة المزيد من البؤر الاستيطانية وتشييد الطرق الالتفافية هذا بالإضافة الى مصادرة الأراضي الفلسطينية من خلال اصدار العديد من الأوامر العسكرية بذرائع واهية، وازدياد عدد الحواجز الإسرائيلية التي أقامتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي خاصة بعد شهر تشرين الأول 2023 (بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة), الامر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول الهدف الحقيقي وراء ارتكاب هذه الهجمات: هل هي مجرد أعمال فردية أم جزء من سياسة تهدف إلى ترهيب المواطنين الفلسطينيين ودفعهم نحو التهجير القسري للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية؟ وهذا بالفعل ما حدث خلال الأشهر القليلة القادمة، اذ عملت جماعات المستوطنين على تهجير عشرات العائلات البدوية من أماكن سكناها في الضفة الغربية المحتلة، مع التركيز على التجمعات البدوية في كل من محافظات الخليل (جنوب الضفة الغربية) ورام الله (وسط الضفة الغربية) والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية التي كانت تقطنها. ففي دراسة لمنظمة بتسليم الإسرائيلية حول التجمعات البدوية التي تم استهدافها من قبل جماعات المستوطنين منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في شهر تشرين أول 2023 وحتى تاريخ هذا التقرير، حيث بلغت 38 تجمعا تم ترحيلها بالكامل من أماكن سكناها (مع التركيز على التجمعات البدوية في محافظتي رام الله والخليل) هذا بالإضافة الى تجمعات أخرى تم استهدافها جزئيا وترحيل بعض العائلات منها.

كما أن الأرقام الواردة في الجدول رقم 1 ليست مجرد احصائيات بل هي مؤشر خطير لتصاعد العنف الممنهج في الضفة الغربية المحتلة بشكل لا يحمل الصمت عليه ومحاسبة جماعات المستوطنين وحكومة الاحتلال التي تقف صامتة أمام هذه الاعتداءات ومطالبة المجتمع الدولي للوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني من أجل الحصول على حقوقه المشروعة في الأرض والمسكن[2] وحرية الحركة[3] وحرية العبادة والحصول على الخدمات الصحية والحقوق الأساسية المأكل والمشرب وغيرها من الحقوق.

وفي تفصيل لانتهاكات المستوطنين التي تم ارتكابها في الفترة الواقعة بين شهري كانون الثاني وحزيران, 2025، فقد سجل معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج) ما يزيد عن 1400 اعتداءا في الفترة السابقة الذكر تنوعت ما بيت الاعتداء على دور العبادة والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية والاعتداء على المدنيين والثروة الحيوانية والممتلكات والمصادر الطبيعية وغيرها ..

وكان لكل من محافظات الخليل ورام لله ونابلس (على التوالي) النصيب الأكبر من حيث حجم الاعتداءات اذ سجلت محافظة الخليل الأعلى بين محافظات الوطن.

في الختام

إن الانتهاكات التي يمارسها المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة بحق المدنيين الفلسطينيين، بما في ذلك الاعتداءات الجسدية، وحرق الأراضي والأشجار والتهجم على الممتلكات من منازل وسيارات وممتلكات، والتهجير القسري، تُعد تجاوزات وخروقات جسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان والتي منها التالي: -

تنص اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 (المادة 49)[4] على انه "يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلي أراضي دولة الاحتلال أو إلي أراضي أي دولة أخري، محتلة أو غير محتلة، أيا كانت دواعيه.

كما تنتهك هذه الممارسات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)، وخصوصًا المادة 17 التي تنص على التالي:" 1. لا يحوز تعريض أي شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، لتدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته، ولا لأي حملات غير قانونية تمس شرفه أو سمعته. 2. من حق كل شخص أن يحميه القانون من مثل هذا التدخل أو المساس."

بالإضافة الى ذلك، تعتبر المادة رقم 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998) “نقل السلطة القائمة بالاحتلال لأجزاء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها" جريمة حرب (المادة 8).