الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحلقة تضيق والافق يتسع/ بقلم :عمار زيود / سجن مجدو

نشر بتاريخ: 02/04/2006 ( آخر تحديث: 02/04/2006 الساعة: 16:46 )

ربما يكون المشهد السياسي الفلسطيني مجلل بالسواد حتى القتامة .. لكن المؤكد انه ليس بالشهر الأخير وانما لهذا الشهر ما بعده . ولو حاولنا الغوص بالأعماق لقلنا:

اولا: ان الحكومة الفلسطينية الجديدة بقيادة حماس تعيش مأزقا حرجا لا يخفى على احد وأسباب هذا المأزق يعرفها الجميع مما يجعل مهمة حماس تبدو في غاية الصعوبة .

فبدلا من تطبيق رؤيتها في المزاوجة بين خياري المقاومة والعمل السياسي قوبلت بمطالب تكاد تكون تعجيزية من اعتراف بإسرائيل وتفكيك البنية العسكرية لها حتى تحظى بالاعتراف والدعم الدوليين ولا زالت تتعرض للضغوط من الشرق والغرب وسط حيرة قادتها في تلمس الطريق وإطلاق الخطى الأولى لتنفيذ برنامجها.

ثانيا : في إسرائيل أفرزت الانتخابات أحزابا لا تختلف كثيرا عن الصورة السابقة لحكومة إسرائيل مما ينبيء ان البرنامج السياسي للحكومة الجديدة بقيادة (اولمرت) لا يختلف كثيرا عن البرنامج السابق و القائم على أساس انه لا يوجد شريك في الجانب الفلسطيني كي تفاوضه إسرائيل وان على هذه الأخيرة أن ترسم حدودها بما يتوافق ومصلحتها المستقبلية .

واما موقفها من حكومة حماس فهو عدم الاعتراف بها عقابا لها على عدم الاعتراف بحق إسرائيل بالوجود وعدم تفكيك جناحها العسكري.ومن جانب آخر لن تمس إسرائيل بحماس مكافأة لها على التزامها بحالة الهدوء.

ثالثا: المجتمع الفلسطيني يعيش حالة من التدهور الأمني والاقتصادي مما يثير أجواء من الإحباط وسط الجماهير الفلسطينية وهذا يضاعف من مسؤوليات حماس التي تتعرض للابتزاز السياسي مقابل الدعم المالي من المجتمع الغربي.

رابعا: المقاومة تتعرض لهجوم إسرائيلي شرس على الفصائل المقاومة مع تركيز هذا الهجوم على حركة الجهاد الإسلامي التي تعتبر رأس حربة المقاومة هذه الأيام ومعها الأجنحة العسكرية لحركة فتح وبحسب ما ذكرت سابقا فان الأمور لا تبشر بخير وخاصة فيما يتعلق بمشروع (اولمرت) الذي يقضي بفصل القدس عن الضفة الغربية وضم المستوطنات الى حضنه وإقامة منطقة عازلة في الأغوار وكل ذلك يقابله انتقادات الجانب الفلسطيني من الرباعية والدول الغربية ناهيك عن الضغوط الغربية.

في ضوء ما ذكر الا نخرج باستنباط يقول ان الحلقة تضيق أكثر فأكثر على الشعب الفلسطيني ؟ الإجابة بلا تردد نعم .ولكن دعونا نكن أكثر عمقا لنفهم الأمور بجميع أبعادها وحسب رؤية استراتيجية لا نتقف عند اللحظة الراهنة وانما ابعد من ذلك .

ان ما تتعرض له حكومة حماس من ضغوط هدفها تحصيل اكبر قدر من التنازلات لان السياسة الإسرائيلية المتصفة بالصلف والعنجهية لا تقبل حكومة فلسطينية متشبثة بالحقوق التاريخية ولان إسرائيل تتسلح بالرباعية وعلى رأسها أمريكا فان حماس لن تستطيع أن تكسر هذا الجليد إلا بأحد أمرين .

الاول: ان تقدم تنازلات مجانية لإسرائيل وهذا ما لا تستطيعه حماس ولا يقبله الشعب الفلسطيني.

اما الثاني: فهو في مدى جاهزية حماس وقدرتها على التخريب . وعذرا على المصطلح الذي أراه الأقرب إلى المعنى المراد فعلى حماس ان تفهم العالم اسرائيليه وغربيه وشرقيه .

وانا أؤكد على شرقية الإخوان (المتآمرين) ان تفهمهم انها أي حماس لن تقف مكتوفة الأيدي امام محاولة هذه الأطراف إفشالها وان الجميع سيدفع الثمن وان أحدا لم ينج من غضبتها اذا فشلت هذه الايام .حيث نبالغ باستخدام لغة حوارية وظاهر بروتوكولية في محاولة منها لإزالة المخاوف عند الأطراف المشككة وهذا لن يجديها نفعا . وسندرك ذلك قريبا ولا يفوتنا القول ان الأنظمة العربية تحتاج حماس الى أموال هذه الأنظمة .

وأما فيما يتعلق بإسرائيل وانتخاباتها وما أفرزت من نتائج فلا بد من الإشارة اولا ان إسرائيل يحكمها منذ قيامها قادة من معسكر يمين الوسط وان اختلفت التسميات سواء كانوا العمل او الليكود او كاديما وان السياسات التي ينفذها هؤلاء القادة هي سياسات مصادرها تنسجم مع رؤية المراكز الاستراتيجية في إسرائيل بدءا من المؤسسة الأمنية والعسكرية مرورا بالمؤتمرات الصهيونية . وما ينبثق عنها من قرارات وتوصيات وعلى رأس هذه المؤتمرات مؤتمرات "هيرتسيليا" وكذلك هناك مراكز للبحوث والدراسات المعتبرة عندهم .

وأخيرا هناك آراء رجال الفكر والإعلام والخبراء ورجال السياسة التاريخية في الدولة ولا يعني هذا ان رؤساء الحكومات هم نسخ مكررة او دمىً متحركة وان هناك حاجزا للحركة لرئيس الحكومة يجب الا يتجاوزه والا أطيح به عبر انتخابات مبكرة . وهذا ما يفسر قصر عمر الحكومات عندهم.

وهناك ظاهرة مرتبطة بهذا الموضوع لا نجد مثيلا لها في العالم وهي استطلاعات الرأي في إسرائيل التي غالبا ما تكون سببا في تقديم موعد الانتخابات في حال أعطت هذه الاستطلاعات نسبا متدنية للحكومة او الحزب الحاكم.

نخرج من ذلك كله ان إسرائيل تعيش مأزقا مما دفعها للبحث عن حلول لمأزقها الذي دخلت به جراء المقاومة والجهاد فابتدعت الانسحاب الاحادي الجانب وترسيم الحدود عبر مصادرة الأراضي وضم مناطق من الأراضي التي احتلت في العام 1967 مما يبقي الصراع قائما بل ومتأججا .

هذا ناهيك عن قضية القدس التي تضفي على الصراع صبغة دينية وكما لا ننسى قضية اللاجئين التي تتفاقم مشكلاتهم مع تزايد النسل في أوساطهم . فكيف ستتعامل إسرائيل مع هذه المعضلة ؟ وهل الحدود ستحل جميع مشاكلها ؟ وماذا عن المقاومة والجهاد؟ الم تدرك إسرائيل ان أساليب المقاومة في تطور دائم .؟

فكلما اقامت اسرائيل عائقا ابتدعت المقاومة أسلوبا جديدا . وهذا تجلى فيما حصل في غزة . فعندما حوصرت وأقيم من حولها السياج الأمني ثم بعد ذلك وجدت إسرائيل نفسها في ورطة . فربما سيكون حال الضفة حال غزة . حصار خانق ثم يفضي الى النتائج التي أفضى إليها خنق غزة.

وهذا التحدي يفرض واجبات جسام على عاتق المقاومة والفصائل المجاهدة.

وماذا عن الشعب الفلسطيني الذي انهكته سنوات الحصار والقتل والتدمير وزاد من معاناته الفلتان الامني والتدهور الاقتصادي .

كل هذا لا اتوقع له حلا سحريا او قريبا وقد تكون هذه المعاناة بيئة خصبة للغضب والسخط .وعلى من يذل شعبا بأكمله ان يتوقع الاسوأ بالنسبة له والاسوأ لم يقع بعد.

المكتب الإعلامي لحركة الجهاد الإسلامي - الضفة الغربية
السبت 1/4/2006