الإثنين: 06/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

فروانة: انشاء محاكم خاصة بالأطفال يعني اقرار الاحتلال ضمنيا بأخطائه

نشر بتاريخ: 26/09/2009 ( آخر تحديث: 27/09/2009 الساعة: 10:07 )
فروانة: انشاء محاكم خاصة بالأطفال يعني اقرار الاحتلال ضمنيا بأخطائه
غزة- معا- اعتبر الأسير السابق، الباحث المختص بشؤون الأسرى، عبد الناصر فروانة، بأن قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي القاضي بانشاء محاكم خاصة بالأطفال الفلسطينيين الذين يجري اعتقالهم، بأنه قرار شكلي دون تغيير جوهري على طبيعة واجراءات المحاكم، وهو محاولة من قبل الاحتلال لتجميل صورته أمام الرأي العام العالمي، ويعني ضمنياً إقراره بأخطائه في التعامل معهم.

وأضاف أن هذا القرار يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية تجاه أطفال فلسطين الذين تعرضوا للاعتقال والمحاكمات "الجائرة" على مدار سنين الاحتلال، والبحث الجدي في كيفية إنصافهم وتعويضهم بما يتناسب وحجم الضرر النفسي والجسدي والاجتماعي الذي لحق بهم جراء اعتقالهم غير القانوني، ومحاكماتهم في محاكم لم تراعِ طفولتهم، وبذات الوقت العمل الضاغط لوضع حد للإنتهاكات المتواصلة لحقوقهم الأساسية.

جاءت تصريحات فروانة هذه في أعقاب أنباء نشرت في الصحافة العبرية تفيد باقتراب العمل في المحاكم الخاصة بالأطفال الفلسطينيين الذين يجري اعتقالهم خلافاً لما كان متبعا طوال سنين الاحتلال الـ 42، والتي أعلن عن إنشائها بتاريخ 23 آب / أغسطس الماضي، وفقاً للأمر العسكري رقم ( 1644 ) الذي وقع عليه اللواء غادي شماني القائد العسكري المنطقة.

وقال فروانة: "إن قرار إنشاء محاكم خاصة بالأطفال هو قرار متأخر جداً ، وكان من المفترض أن تتخذه سلطات الاحتلال منذ بدء احتلالها لفلسطين ، يرافقه إجراءات قانونية وقضائية تراعي حقوق الأطفال وتحترم احتياجاتهم الخاصة استناداً للمواثيق والأعراف الدولية ، وأن الشروع بالعمل اليوم وفقاً لهذا القرار لا معنى ولا قيمة فعلية له ، ما لم يرافق تلك المحاكم خطوات ملموسة وإجراءات فعلية تُلازم سير المحاكمة وتحترم حقوق الأطفال منذ لحظة اعتقالهم".

وأضاف "أن إقدام الاحتلال على اتخاذ هكذا قرار يعني ضمنياً إقراره بأخطائه الجسيمة على مدار العقود الماضية في تعامله مع الأطفال الفلسطينيين المعتقلين، ومحاكماتهم أمام محاكم عسكرية عامة واصدار أحكاماً بحقهم بالسجن الفعلي لسنوات طويلة وصلت في كثير من الأحيان للسجن المؤبد لمرة أو لمرات عديدة، وبالتالي على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية".

المحكمة المقصودة لا تختلف عن سابقاتها

وفي السياق ذاته أكد فروانة أن المحكمة العسكرية الخاصة بالأطفال والتي أعلن عن انشائها، لم تغير تعريف القاصر الفلسطيني، حيث أنه وحسب القضاء العسكري الإسرائيلي فإن السن الأدنى لتقديم الأطفال لمحاكمتهم في محاكم عسكرية هو ( 12 سنة ) بعدما خُفض في آب 1999، فيما كان قبل هذا التاريخ ( 14 عاماً ) وكثير من الأطفال حوكموا بهذا السن وصدر بحقهم أحكام عالية، فيما لا تزال سلطات الاحتلال تعتبر أن الفلسطيني الراشد هو من أتم 16 سنة من العمر، وأن اعتقال الأطفال هو الملاذ الأول ولأطول فترة ممكنة، بخلاف القانون الدولي الذي يعتبر أن الإنسان راشداً ابتداء من سن 18 عاماً، وأن اعتقال الطفل يعتبر الملاذ الأخير ولأقصر فترة ممكنة.

وأوضح بأن المحكمة المذكورة أيضاً لا تختلف في جوهرها ومضمونها وطبيعتها، عن المحاكم العسكرية القائمة والتي كان يحاكم فيها الأطفال بجانب البالغين أمام القضاء العسكري، ما لم يُعلن عن اتخاذ اجراءات قانونية وقضائية تترجم فعلياً وتحترم حقوق الأطفال وتراعي احتياجاتهم الأساسية وفقاً للإتفاقيات والمواثيق الدولية.

وأوضح فروانة بأن المحاكم الخاصة بالأطفال ووفقاً لكافة المعطيات، فهي وان اختلفت أسماؤها، فلن تختلف عن سابقاتها من حيث المضمون، وأنها ستكون جزءا من نظام قضائي غير نزيه وغير مستقل، يستند في محاكماته للفلسطينيين على أحكام قانون الطوارئ البريطاني للعام 1945، يخضع لإدارة الجهات السياسية، وعقلية ومزاجية جهاز المخابرات "الشاباك"، ولتدخل النيابة العسكرية العامة، وتعتمد على قوانين عسكرية، وفي كثير من الأحيان يحتكم في إصدار الأحكام ومدتها إلى عوامل عدة منها طبيعة الأجواء السياسية والأمنية العامة والتنظيم الذي ينتمي إليه الأسير و مكان سكناه وإقامته... الخ دون مراعاة العمر أو الجنس.

وأشار إلى أن الفلسطينيين لا يقرون بشرعية تلك المحاكم ولا يعترفون بها، باعتبارها محاكمات جائرة وتفتقر لأدنى إجراءات المحاكمة العادلة، والأطفال شأنهم شأن الكبار كانوا ولا يزالوا ضحايا لتلك المحاكم.

لا تغيير على الموقف الإسرائيلي في تعامله مع الأطفال

وأشار فروانة بأن لا شيئاً جديداً طرأ أو يمكن أن يطرأ على الموقف الإسرائيلي عقب إنشاء تلك المحكمة ، فيما يتعلق بتعامله مع الأطفال الفلسطينيين الذين اعتقلهم أو من سيعتقلهم لاحقاً، وأن تعامل الاحتلال مع الأطفال لن يتغير، طالما هدفه سلب طفولتهم وتحطيمها والقضاء عليها وتشويه مستقبلهم ،وطالما أن المجتمع الدولي ومؤسساته المختلفة صامتة وغير مبالية بما يجري بحق الأطفال الفلسطينيين.

( 326 ) طفلاً في سجون ومعتقلات الاحتلال

وكشف فروانة إلى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت منذ العام 1967 ولغاية اليوم عشرات آلاف الأطفال ، منهم قرابة ( 7800 طفلاً ) اعتقلتهم منذ بدء انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر 2000، ولا تزال تحتجز منهم في سجونها ومعتقلاتها ( 326 طفلاً ) وغالبيتهم (157 ) طفلاً في معتقل عوفر، و( 92 طفلاً ) في مجدو، و( 63 طفلاً ) في ريمونيم، و( 3 ) قاصرات ضمن الأسيرات، والباقي موزعين على سجون أخرى، فيما مئات آخرين تجاوزوا سن الطفولة وهم داخل السجن، وهؤلاء جميعاً حوكموا في محاكم عسكرية إسوة بالكبار وصدر بحقهم أحكاماً قاسية دون مراعاة لأعمارهم، وأن العديد من الأسرى ممن اعتقلوا وهم أطفال قد أمضوا عقود من أعمارهم في سجون الاحتلال تفوق السنوات التي أمضوها خارج السجن قبل اعتقالهم.