الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

في الشيخ جراح .. الأم قلقة على مصير أسرتها والأب ينتظر نكبته الثانية

نشر بتاريخ: 12/10/2009 ( آخر تحديث: 12/10/2009 الساعة: 22:10 )
رام الله – معا - لا تستطع المواطنة المقدسية أم صلاح تخيل كيف ستكون ردة فعلها إزاء محاولة تهجير أسرتها من المنزل الذي عاشوا فيه أربعين عاما وأنجبوا فيه أطفالهم، وتسعى جاهدة للابتعاد عن التفكير بتلك اللحظة التي تترقبها بقلق شديد بين الفينة والأخرى.

وكلما اقترب تاريخ الـ(15) من الشهر الجاري، يزداد التوتر والقلق لدى المواطنة أم صلاح وزوجها عبد المعطي أبو قطيش، سيما أن هذا الموعد مرتبط بمصير عائلتهم المكونة من شاب وأربعة فتيات.

تلك العائلة المتواضعة في تفاصيل حياتها تنتظر هذه الأيام حلول نكبة جديدة لها، بعد أن أصدرت ما تسمى المحكمة المركزية الإسرائيلية بداية العام الجاري قرارا يطالبهم بإخلاء منزلهم الكائن في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة وحددت لهم تاريخ 15 من الشهر الجاري موعدا أخيرا لتنفيذ قرار الإخلاء في إطار السياسة الإسرائيلية المغلفة بالقانون لتصفية الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة وتحديدا في حي الشيخ جراح.

وتقول ام صلاح البالغة من العمر (48 عاما)، لـ (معا)" اشعر بان يوم الخميس المقبل سيحمل لنا كارثة جديدة لان أسرتي مهددة بإجراءات سلطات الاحتلال التي لا نعرف متى سوف تتحرك ضدنا لإجبارنا على اخلاء المنزل الذي شيدناه بعرقنا ".

وتتابع " اشعر بقلق كبير تجاه مصير اسرتي وخاصة مستقبل بناتي الثلاثة اذا ما تم تهجيرنا من منزلنا"، موضحة انه بعد يوم الخميس المقبل سيكون مصير اسرتها في مهب الريح.

وأضافت بنوع من الحزن " اكثر شيء في الدنيا هو الانتظار ، فكيف يكون الأمر عندما تنتظر وقوع كارثة تضع مستقبلك ومستقبل أسرتك في المجهول"، في إشارة الى مخاوفها من ان يتم إلقاء أسرتها في الشارع اذا ما أقدمت سلطات الاحتلال على تنفيذ قرار الإخلاء بالقوة .

وقالت " نحن لن نغادر منزلنا وأرضنا لأنه جزء من ماضينا وحاضرنا وذكرياتنا وسوف نبقى ننتظر مصيرنا".

وتابعت " عشرة عمر أمضيناها في هذا المنزل الذي تزوجت فيه وأنجبت أطفالي كلهم فيه، وها نحن ننتظر تهجيرنا منه "، ولا تتوقف ام صلاح التي ولدت في مدينة القدس المحتلة، عن لوم المؤسسات والجهات الرسمية والاهلية وتتهمهم بالتقصير تجاه مساعدة زوجها وأسرتها في مواجهة المخاطر المحدقة.

وقالت " لا يعقل كل هذا الإهمال والتقصير حيث لم نتلق اية مساعدة من احد ولا حتى اتصال هاتفي، والأدهى من ذلك ان أغلبية المسؤولين لا يعرفون موقع منزلنا في الشيخ جراح رغم انه في موقع قريب من المسجد ".

وبالنسبة لزوجها عبد المعطي "ابو صلاح"، فان تهجيره عن منزله تمثل له نكبة جديدة من الهجرة والتشرد كونه ذاق طعم التشريد والتهجير من قريته الأصل عمواس عام 1967 أي حينما كان يبلغ من العمر (14 ) عاما، وها هو ينتظر تهجير جديد من منزله في القدس المحتلة.

ويقول ابو صلاح " نحن جماعة مؤمنين بالقدر واقول لا حول ولا قوة الا بالله ، لكن اسفي يكبر حينما اجد نفسي لوحدي في مواجهة دولة كاملة تسعى لترحيلي وترحيل أسرتي من جديد"، مؤكدا ان قراره هو الصمود في منزله ورفض الانصياع لقرارات تهجيره عن منزله.

وأضاف " اكثر ما يؤلمني هو ان هناك بعض الجهات بدلا من مساعدتي على الصمود تسعى لدب اليأس في نفسي "، مطالبا المسؤولين والجهات الفلسطينية الرسمية بتحمل مسؤولياتها ودعمه في مواجهة هذا الخطر المحدق باسرته وبمصيرهم.

وأوضح ان نجاح سلطات الاحتلال في تهجيره عن منزله تمثل في الأصل نقطة البداية لتهجير بقية سكان الحي، خاصة وان سلطات الاحتلال ستعمد الى جلب مستوطنين متطرفين للعيش في منزله الامر الذي يتوجب العمل من اجل وقف هذه الاستهداف لمنزله الذي يقع في بداية حي الشيخ جراح من الجهة الجنوبية.

ودلل ابو صلاح على المخاطر المحدقة بمنزله وبالحي كله، بما قامت به سلطات الاحتلال من استيلاء على قطعة ارض قريبة من منزله تصل مساحتها إلى خمسة دونمات مزروعة بأشجار الزيتون، حيث قاموا بإحاطتها بالأسلاك الشائكة ومصادرتها الأمر الذي قاد فيما بعد الى محاولة استهداف منزله المقام في قطعة ارض تصل مساحتها 900 متر.

ومع اقتراب الموعد الذي حددته المحكمة الإسرائيلية لإخلاء منزله، لا يستطيع ابو صلاح تجنب المقارنة بين ما حصل معه ومع عائلته عندما تعرضوا للتهجير من قريتهم عمواس وتدميرها وما يحصل معه الان.

ويقول " تهجيرنا اليوم أصعب بكثير على نفسي من التهجير الذي لحق بعائلتي عام 67 لأننا تعرضنا في تلك الفترة لتهجير جماعي وبشكل مفاجئ دون ان نعلم ذلك ، لكن اليوم أنا انتظر وقوع التهجير بحق وبحق أسرتي ولا املك سوى الدعاء لله تعالي لكي يجنبنا معايشة تلك اللحظات ".

ولا ينسى ابو صلاح في الوقت ذاته إطلاق صرخات العتاب تجاه المسؤولين في القدس المحتلة والذين حسب قوله تركوه منذ سنوات لوحده يواجه مصيره.

ويتكون منزل ابو صلاح من اربع غرف صغير إضافة إلى مطبخ وحمام صغيرين، حيث يؤكد ان عيون سلطات الاحتلال والمستوطنين تتجه نحو السيطرة على الأرض وليس تجاه المنزل المتواضع.