الخميس: 16/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

فروانة:"القوة المفرطة" سياسة دائمة الممارسة في التعامل مع الأسرى

نشر بتاريخ: 22/10/2009 ( آخر تحديث: 22/10/2009 الساعة: 11:02 )
غزة- معا- أكد الباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة أن اللجوء لاستخدام "القوة المفرطة" في التعامل مع الأسرى سياسة ثابتة وممنهجة لدى كل من يعمل في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وبشكل خاص لدى كل من يعمل في سجون ومعتقلات الاحتلال.

وأضاف أن الجهات السياسية والأمنية الإسرائيلية العليا قد باركت هذه السياسة وشجعت على اقترافها، وفي السنوات الأخيرة شكلت رسمياً قوات خاصة مزودة بأسلحة مختلفة، بما فيها الأسلحة النارية ذات الذخيرة الحية القاتلة المحرمة دولياً، وعرفت تلك القوات باسم "نخشون" و"ميتسادا" وهدفها قمع الأسرى والتفنن في إذلالهم تحت حجج واهية، بل وأحياناً تفتعل التصادم والاحتكاك بغرض إيجاد مبرر لاستخدام القوة والقمع، كفرض ارتداء الزي البرتقالي أو إجبارهم على التفتيش العاري، أو الطلب من الأسرى تأدية حركات مشينة.

جاء ذلك في تقرير أصدره اليوم لمناسبة الذكرى الثانية لأحداث معتقل النقب الصحراوي، حينما احتج المعتقلون هناك على سوء المعاملة من قبل الإدارة في الثاني والعشرين من تشرين أول/ أكتوبر 2007، فتدخلت القوات الخاصة وأفرطت في استخدام القوة مستخدمة أسلحة غريبة مما أدى إلى إصابة قرابة 250 معتقلا واستشهاد الأسير محمد صافي الأشقر، بعد إصابته بعيار ناري في الرأس.

واسترشد فروانة بما كشفت عنه صحيفة هآرتس العبرية عقب تلك الأحداث من أن سلطات السجون ترفض الكشف عن الأسلحة التي استخدمتها وحدات 'ميتسادا' في قمع المعتقلين في معتقل النقب. ولم يستبعد فروانة استخدام أجساد الأسرى كحقل تجارب لأسحة معينة لم يُكشف عنها، كما تستخدم أجسادهم لتجارب الأدوية الخطيرة.

وفي هذا الصدد أدان فروانة وبشدة صمت المجتمع الدولي بكافة مؤسساته الحقوقية والإنسانية، تجاه ما وصفه باستمرار الاستخدام المفرط للقوة بحق المعتقلين الفلسطينيين العُزل في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي، ما منح سلطات الاحتلال الضوء الأخضر في التمادي في سياستها المؤلمة دون رادع وبعيداً عن الملاحقة والمحاسبة لمقترفيها، ما أدى إلى استشهاد وإصابة المئات من الأسرى.

وأوضح أن سبعة أسرى قد استشهدوا داخل سجون ومعتقلات الاحتلال نتيجة استخدام "القوة المفرطة" والرصاص الحي، وذلك منذ آب/ أغسطس عام 1988 ولغاية اليوم، وهم: أسعد الشوا وبسام السمودي واستشهدا بتاريخ 16-8-1988 في معتقل النقب، ونضال ديب واستشهد بتاريخ 8-2-1989، وعبد الله أبو محروقة واستشهد بتاريخ 12-9-1989 في معتقل أنصار 2 بغزة، وصبري عبد ربه استشهد بتاريخ 7-7-1990 في معتقل عوفر، وموسى عبد الرحمن واستشهد بتاريخ 18-1-1992، إضافة إلى محمد الأشقر الذي استشهد بتاريخ 22-10-2007 في معتقل النقب.

وأضاف أن جميع هؤلاء الأسرى استشهدوا اثر إصابتهم بأعيرة نارية أطلقت عليهم عمداً من قبل حراس السجن أو القوات الخاصة، خلال احتجاجات الأسرى العزّل على أوضاعهم الصعبة، أو الإدعاء بأن الأسير حاول الاقتراب من الجندي، أو محاولته الهرب.

وأشار فروانة إلى أن عدم استشهاد أي معتقل منذ أكتوبر 2007 ولغاية اليوم لا يعني بالمطلق تراجع استخدام هذه السياسة، بل على العكس تصاعدت بشكل أكثر تنظيماً ومنهجية، وأن عمليات القمع واستخدام القوة المفرطة بحق المعتقلين مستمرة ومتصاعدة بشكل ملحوظ وغير مسبوق بشكل فردي أو جماعي، وأدت إلى إلحاق الأذى المعنوي والجسدي بحق المئات من المعتقلين.

وعن طبيعة تلك الوحدات التي شكلت خصيصاً لذلك، قال إن "نخشون" تعني في القاموس العبري القوة والصلابة والقسوة، فيما 'ميتسادا ' اسم له دلالة تاريخية بالنسبة لليهود، وأن لا اختلاف فيما بين عناصر ميتسادا ونخشون من حيث التدريب والتسليح وحتى المهام والأهداف، وإن كانت وحدة نخشون قد شكلت لقمع الأسرى ووحدة ميتسادا لإنقاذ محتجزين، إلا أن الوحدتين قد استخدمتا وتستخدما لقمع الأسرى، وأفرادهما مزودون بأحدث الأسلحة لقمع إرادة الأسرى العزل، وأضاف أن هذه الوحدات ترتدي زياً مميزاً كتب عليه 'أمن السجون'، وتضم عسكريين ذوي أجسام قوية وخبرات وكفاءات عالية جداً، ويمتلكون مهارات قتالية وقدرات بدنية، ومزودة بأسلحة متنوعة وحديثة منها السلاح الأبيض، والهراوات، والغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي بأنواع مختلفة، وأجهزة كهربائية تؤدي إلى حروق في الجسم، وأسلحة تطلق رصاص حارق، ورصاص الدمدم المحرم دولياً، ورصاص غريب يحدث آلاماً شديدة.

وأشار فروانة إلى وجود فرقة خاصة من تلك الوحدات في كل سجن ومعتقل على حدة، وتعمل على مدار الساعة دون توقف وبمقدورها اقتحام الغرف وقمع الأسرى ليلاً أو نهاراً والسيطرة على السجن، ولدى أفرادها القدرة الفائقة والإمكانيات الكبيرة في التنقل من سجن لآخر إذا تطلب الأمر ذلك. فيما تتلخص مهامها في الحراسة والأمن، ونقل المعتقلين بين السجون أو للمحاكم، واستهداف حياة الأسرى وقمعهم وإذلالهم واقتحام غرفهم وإجبارهم على تنفيذ أوامر إدارة السجن والقضاء على أي ظاهرة احتجاج من قبلهم بكل الوسائل المتاحة لديهم، وفي أحيان كثيرة فرضت بالقوة التفتيش العاري واعتدت بالضرب المبرح على الأسرى، أثناء نقلهم من والى السجن، وألحقت بهم الأذى الجسدي والنفسي .

وأظهر فروانة في تقريره أن جرائم تلك الوحدات امتدت في كثير من الأحيان للمساس بالمشاعر والرموز الدينية، متمثلة بقذف المصاحف الشريفة على الأرض والدوس عليها وتدنيسها ورميها في دورات المياه وتمزيقها، كما حصل في معتقل مجدو ونفحة منتصف عام 2005، وهذا ما أكدته لجنة الداخلية البرلمانية في الكنيست الإسرائيلية بعد زيارتها التفقدية لسجن مجدو، حيث أكدت تمزيق نسختين من المصحف الشريف، واعتبرت أن الحادثة شاذة.

وناشد فروانة المؤسسات الدولية تحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية والإنسانية والتحرك الجاد والفوري لوقف الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأسرى وبشكل منظم وممنهج من قبل تلك الوحدات القمعية أو من قبل أفراد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.