الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

جولة على متن المدمرة الامريكية التي ستحمي اسرائيل من هجوم صاروخي

نشر بتاريخ: 29/10/2009 ( آخر تحديث: 31/10/2009 الساعة: 09:22 )
بيت لحم- معا - تجلس مجموعة من ضباط وضابطات البحرية الامريكية في غرفة مظلمة تقع اسفل المدمرة الامريكية " هيجينز" يتابعون من على شاشات تسمرا امامها خطوطا رادارية تتراكض على شاشات المراقبة ورغم ان الصورة الظاهرة على شاشاتهم لا تعتبر جميلة بشكل خاص لكنها ستثبت في يوما ما الفرق بين هجوم صاروخي مكثف يلحق ضرارا كبيرا في العمق الاسرائيلي وبين الصمود امام هجوم متعدد الجبهات.

بهذا الوصف استهل المراسل العسكري روني بن يشاي تقريره عن جولة خاصة قام بها على متن مدمرة امريكية تشارك في المناورات الامريكية الاسرائيلية المشتركة بدات قبل اسبوع وتشارف الان على نهايتها .

واستقبل القبطان الامريكي كارل موزر مجموعة الصحفيين التي صعدت اليوم " الخميس"على متن مدمرته بكلمات حارة قائلا " منذ تأسيس اسرائيل وجدت علاقات صداقة متينة بينها وبين الولايات المتحدة الامريكية وما المناورات الحالية التي اشارك فيها الا جزءا من منظومة العلاقات الوثيقة وطويلة الامد التي تربطنا ".

وفي معرض رده على سؤال الصحفيين حول ما الذي يمكن ان يقوله لرجاله المشاركين بالمناورات قال القبطان مارك : " نحن مقاتلون مهنيون نعرف كيف نقوم بكل المهام التي قد تطلب، منا كاعتراض الصواريخ واسقاطها الى اطلاق صواريخ توماهوك وانا اريد ان يعلم ذلك كل من ينظر الينا بعيدا كان او قريب ".

ويدرك القبطان مارك جيدا بان احد الاهداف التي حددت للمناورات الجارية حاليا هو نقل رسالة غير متحفظة وواضحة مفادها بان الولايات المتحدة الامريكية تقف على يمين اسرائيل في كل السناريوهات المحتملة ودبلوماسية السفن الحربية والمدافع اختطها البريطانيون في القرن التاسع عشر .

وتعتبر المدمرة التي يقودها القبطان مارك احد المكونات الاساسية التي ساهمت بها الولايات المتحدة لانجاح واتمام المناورات كونها ستكون ومعها مدمرات اخرى من ذات الطراز اول الواصلين للمنطقة في حال تعرضت اسرائيل لهجوم صاروخي مكثف علما بان المدمرة " هيجينز" تستطيع الوصول الى شواطئ حيفا انطلاقا من مكان تمركزها في عرض البحر المتوسط خلال اقل من يوم واحد وهذا اقل بكثير من الوقت الذي تحتاجه بطاريات الصواريخ الاعتراضية الارضية حتى تكون مستعده وجاهزة للمنازلة.

المشكلة الاساسية ...... الصواريخ الايرانية

دشنت المدمرة " هيجينز" قبل عشر سنين وقاعدتها الاساسية تقع في سان ديغو ويخدم على متنها 257 رجلا بينهم 45 ضابطا ومجنده يعملن في كل المجالات والوظائف ومن الصعب ان لا تتأثر بمستوى المساواة بين الرجل والمرأة على متن المدمرة والمثير اكثر من وجهة نظر اسرائيلية اسم المدمرة التي تحمل اسم الكولونيل الامريكي ورجل المارينز ورجل الاسطول الامريكي ريتش هيغينز الذي قتل في لبنان على يد مقاتلي حزب الله .

المناورات او التدريب المشترك الذي حمل اسم " جونيفر كوبرا " الذي تشارك فيه المدمرة هو الخامس من نوعه ولكنه يعتبر الاكبر في تاريخ علاقات التعاون الامريكية الاسرائيلية وبمشاركة منظومات اسلحة تشارك مسبقا في اي تدريب مشابه مثل صواريخ " THAAD " والرادار بعيد المدى المنصوب في منطقة النقب ويفضل الجانبان الاسرائيلي والامريكي احاطة سيناريوهات التدريب ومجريات المناورات بجدار سميك من السرية ويفرضون التحدث عن هذا الامر ولكن وبنظرة الى منظومات الاسلحة المشاركة وماهيتها يمكن التخمين بان التدريب يحاكي سيناريو تعرض اسرائيل لهجوم صاروخي قد ينطلق من ايران او سوريا او لبنان او من جميعها في ذات الوقت.

حتى حدود معينية بامكان اسرائيل الدفاع عن نفسها بمساعدة منظومة صواريخ حيتس وباتريوت التي تمتلكها ولكن حين يدور الحديث عن هجوم صاروخي يشمل اطلاق مئات الصواريخ الباليستية دفعة واحدة تتحول حينها الكمية الى نوعية وتتفوق على المنظومة الاسرائيلية وستكون اسرائيل بأمس الحاجة للمساعدة الامريكية من اجل اعتراض الصواريخ واسقاطها وهذا بالضبط ما اعدت له المدمرة هيغينز حيث بامكانها اداء مهمة اعتراض الصواريخ بواسطة الصواريخ المعترضة من طراز " هارفون " وفي نفس الوقت قصف العدو ومواقعه بواسطة صواريخ توماهوك .

ويمكن وصف المدمرة بخلية صواريخ كبيرة ومنصه كبيرة من الحديد والفولاذ اعدت لتحمل منظومة " ايغينز " المخصصة لاعتراض الصواريخ الباليستية والصواريخ الجواله ومكافحة الغواصات وسفن السطح على حد سواء وتضم منظومة " ايغينز " صواريخ من طراز " SM2 ?- SM3" القادرة على اسقاط صواريخ ارض – ارض القادمة من ايران مثل صواريخ سجيل وشهاب 3 وكذلك صواريخ سكود بكافة انواعها التي قد تنطلق من سوريا حيث اكد احد ضباطها قائلا " لا يوجد لدينا مشكلة في اسقاط صواريخ سكود بطيئة السرعه " ما يعني ضمنا والحديث للمحلل بن يشاي بانه اذا لم توجد مشكلة في التعامل مع الصواريخ السورية فانه يوجد مشكلة في التعامل مع الصواريخ القادمة من الفضاء البعيد اي القادمة من ايران وتسير بسرعه اعلى .

وكون التدريب الحالي في اساسه تدريبا معلوماتيا فانه لا يتضمن اطلاقا حيا للنار او الصواريخ والغرفة الوحيدة الفاعله داخل المدمرة الامريكية هي " مركز المعلومات الحربية " المظلمة والتي تشكل قلب المدمرة التنفيذي والميداني حيث يجلس فيها عدد من ضباط البحرية قبالة شاشات كمبيوترية ويتابعون اشارات الرادار ذات القدرات الهائلة والذي يمنح الجالسين في المركز القدرة على متابعة اهداف تتحرك في مجال بسرعة تفوق سرعة الصوت بعشر مرات اضافة الى متابعة الصواريخ التي تسير بسرعة اقل من سرعة الصوت وتدميرها .

وتولى سلاح الدفاع الجوي الاسرائيلي القيادة العامة للتدريب الحالي حيث يقوم السلاح المذكور ونقاط المراقبة والتتبع المرتبطة به بنقل المعلومات الواردة اليه الى غرفة المعلومات الحربية وذلك بواسطة كابل موصل بالمدمرة التي يمكن مشاهده خارطة اسرائيل كاملة على شاشاتها الحربية موصوفه باسهم تشير الى مختلف الاتجاهات والاهداف والتي تعطي اشارة بان الرادار يمشط المنطقة بشكل كامل وفاعل .

ولاعتبارات امن الميدان يرفض الامريكيون تبادل الحديث مع الصحيفيين حول مدى التتبع والتدمير الذي تتمتع به منظومات التسليح التي تحملها المدمرة حيث قال لهم احد الضباط مبتسما " هذا الامر مرتبط بنوع وماهية الصاروخ المعادي ومكان تواجدنا اضافة الى سرعة الصاروخ والكثير جدا من التفاصيل الاخرى ومن حيث المبدأ يفضل ان نتواجد مباشرة قبالة منصة اطلاق الصواريخ حتى نتمكن من اساقطها وكلما حلق ابعد وسار في الفضاء اسرع سيكون امر اسقاطه اكثر صعوبة ولكننا جاهزون للتعامل مع جميع التحديات ".

وصعد الصحفيون من غرفة المعلومات الحربية الى جسر حيث التقوا بالقبطان كارل الذي فضل عدم اشباع فضولهم باصداره بعض التصريحات " الدبلوماسية " تحت رقابة ضابطات امن لضمان عدم تصوير منظومات سرية وبعد سيرهم عدة امتار على متن المدمرة عرض عليهم القبطان بفخر شديد المدفع العملاق " 127مم " والذي يستطيع اطلاق قنابل عنقودية ايضا دون ان تراقبة محكمة عليا او منظمة بتسيلم وفقا لتعبير المحلل بن يشاي .

وحاول الصحفيون المرة تلو الاخرى توجيه الاسئلة الصعبة المتعلقة بايران وحزب الله والصواريخ لكن القبطان مارك الذي يمكنه ان يشكل قدوة حسنة لكل ضباط وقادة الجيش الاسرائيلي يعرف جيدا ما عليه قوله وكيف يقوله وزيادة في الامن والامان كانت تراقبنا ضابطات مختصات بالعلاقات العامة ولكنهن كن مسرورات من اداء قبطان المدمرة .

واخيرا ورغم الابتسامات والانفتاح على الصحفيين من الخطأ الجسيم النظر للتدريب على انه حركة علاقات عامه ولكن توجد له قيمة عملية كبيرة جدا كونه يمنح قوات الدفاع الجوي ومنظومات اعتراض الصواريخ الاسرائيلية القدرة على التواصل السريع والارتباط مع منظومات امريكية مقابلة لها والقدرة على قامة قيادة مشتركة وتشكيل لغة مشتركة يمكن ان تشكل وقت الجد والعزم الفرق بين سقوط مئات الصواريخ على قلب اسرائيل دون رادع او معترض وبين اسقاطها قبل ان تضربنا .

وقال القبطان كارل " من ناحيتي ان اكثر الاشياء اهمية في التدريب الحالي هي الحديث مباشرة ووجها لوجه مع ضباط الجيش الاسرائيلي واستخلاص العبر المشتركة والاستفادة من الدروس ومعرفة الاشياء الممكنة وغير الممكنة ولكن التعاون ليس مطلقا رغم كل ذلك ".

واخيرا ابتسم القبطان ورد على احد الصحفيين الذي قال بان التعاون غير اجباري اذا تم نقل جميع المعلومات الواردة من الردارات الى الجيش الاسرائيلي قائلا " غالبيتها ولكننا نحتفظ ببعضها لانفسنا ".