الثلاثاء: 14/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

كلمة د.سلام فياض في افتتاح الملتقى السنوي الثالث لسوق رأس المال

نشر بتاريخ: 02/11/2009 ( آخر تحديث: 02/11/2009 الساعة: 22:54 )
بيت لحم -معا- فيما يلي النص الكامل لكلمة رئيس الوزراء د.سلام فياض في افتتاح الملتقى السنوي الثالث لسوق رأس المال، والتي ألقاها نيابة عنه وزير الاقتصاد الوطني د.حسن أبو لبده.

الأستاذ الدكتور رامي الحمد الله، رئيس مجلس إدارة سوق فلسطين للأوراق المالية

معالي الأخ ماهر المصري، رئيس مجلس إدارة هيئة سوق رأس المال

معالي الأخ منيب المصري، رئيس مجلس إدارة شركة فلسطين للتنمية والاستثمار

ضيوفنا الأعزاء من جمهورية تشيلي والدول العربية الشقيقة

السيدات والسادة الحضور "مع حفظ الألقاب"

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

إنه لمن دواعي سروري أن أكون اليوم معكم، ومن على هذه المنصة (منصة الملتقى السنوي لسوق رأس المال الفلسطيني) وللعام الثالث على التوالي، في هذا الحدث الاقتصادي المتخصص والمميز، والذي تلتقي فيه وتتفاعل خلاله حصيلة خبرات وتجارب محلية وعربية ودولية ذات شأن ورفعة.

وإنني لأشعر بالفخر والاعتزاز بوجودي معكم، في هذه المدينة المقدسة والغالية، مدينة السلام ومهد سيدنا المسيح عليه السلام، لنفتتح معكم فعاليات الملتقى السنوي الثالث لسوق رأس المال.

وهنا، فأنني أشعر وبثقة، أن بإمكان اقتصادنا الوطني تحقيق نقلة نوعية رغم الاحتلال وممارساته وقيوده، وان مجرد انعقاد هذا الملتقى، وجمعكم الكريم، خير دليل على ذلك، وهو ما يؤكد ثقتنا بقدرات وإمكانيات شعبنا على التحدي والبناء، وقدرة القطاع الخاص على الاسهام الفاعل في عملية البناء والتنمية القائمة على مبادئ الاقتصاد الحر واحترام قوانين السوق، وفي إطار تحمل السلطة الوطنية لمسؤولياتها الوطنية والاجتماعية في توفير شبكة الأمان الاجتماعي.

السيـدات والسـادة،

إن مجرد انعقاد هذا الملتقى المهني والمتخصص وللعام الثالث على التوالي، وبهذا المستوى من المهنية والاحتراف، يشكل خطوة إضافية في عملية البناء والتطوير، وتوفير كافة متطلبات الارتقاء بعمل وأداء قطاع الأوراق المالية في فلسطين، وإلى جانب ذلك فان الملتقى بدورته الحالية يمثل جسراً إضافياً لارتباط الاقتصاد الفلسطيني، وفي القلب منه قطاع الأوراق المالية مع محيطه العربي والدولي، وإن تواجد هذه النخبة الهامة من الضيوف الأعزاء، والمتمثلة سواء بمجموعة من رجال الأعمال من جمهورية تشيلي الصديقة، وكذلك الشخصيات البارزة من الدول العربية الشقيقة، إلا دليل عملي على فرص التشبيك والتواصل التي بات الملتقى يقدمها للاقتصاد الفلسطيني ومجتمع رجال الأعمال في فلسطين.

إن إتاحة الفرصة للإخوة والأشقاء والأصدقاء من سيدات ورجال الاعمال من داخل الوطن وخارجه للقاء على أرض فلسطين يمثل حدثاً هاماً يستحق منا كل الدعم والمسانده، ونوليه كل الاهتمام والتقدير، حيث يشكل هذا الملتقى القناة المهنية الأكثر نضجا لتمكين الوفود من الاطلاع على واقع حالنا، وعلى الفرص الاستثمارية الواعده في الاقتصاد الفلسطيني، على أساس حوار المال والأعمال والفرص المجدية للشراكات الاستثمارية، باعتبار ذلك يمثل حجر الأساس للتعاون وبناء الشراكات، والذي يشكل أولوية لعمل السلطة الوطنية، ويحظى بكل الدعم والمسانده في إطار أجندة السياسات الوطنية للحكومة، وذلك انطلاقاً من قناعتنا بالدور الذي ينبغي للقطاع الخاص أن يضطلع به في قيادة الاقتصاد الوطني.

وفي ذات الوقت فان أرضنا واقتصادنا كما هو حال الانسان الفلسطيني، يواجه تحديات متنوعة بفعل ممارسات الاحتلال الاسرائيلي، وتداعيات حالة الصراع المستمرة، إلا أن المتمعن في واقعنا الاقتصادي والاجتماعي يكتشف دون عناء كبير العديد من قصص الشراكة والنجاح الهامة، فقصص النجاح في قطاع المال والأعمال والاستثمار قدمت نموذجاً ليس فقط على إمكانية البقاء والاستمرار، بل وتحقيق العوائد الربحية المجزية لمستثمريها، وقد كشفت حلقات الملتقى السابقة، ومؤتمرات الاستثمار التي تم تنظيمها وخاصة خلال العامين الماضيين، فرصاً كبيره للتعاون وأبرزت نماذج نجاح بارزة لدى القطاع الخاص وقدرتها على الوصول والتشبيك وتقاسم النجاح مع الاصدقاء والشركاء، والذين وجدوا، وبالرغم من ظروفنا، طريقاً للاستثمار وتقاسم العوائد والأرباح.

السيـدات والسـادة،

إن دعوتنا وحرصنا على تمكين قطاعنا الخاص من ولوج أسواق جديدة، وفي ذات الوقت دعوة قطاع الأوراق المالية للانفتاح على المحيط على أسس من الدراية والشراكات المدروسة، تستند الى استمرار المؤشرات الايجابية التي يحققها هذا القطاع، سواء بمقارنة ادائه مع العام 2008، وكذلك بالمقارنة مع أداء أسواق المال في الدول المجاورة. فرغم الأزمة المالية العالمية، ما زال مؤشر القدس، ومنذ بداية العام الحالي، يحتل موقعاً متقدماً بين الأسواق العربية من حيث نسبة النمو، مقارنة بما كان عليه نهاية العام السابق، وما حصول سوق فلسطين للأوراق المالية على المركز الثاني عربياً، والمركز الثالث والثلاثين من بين 178 دولة، في مجال حماية المستثمرين وبخاصة صغار المستثمرين، إلا شهادة واضحة على قدرة هذا السوق على تقديم المزيد من الفرص الواعدة للمستثمرين.

وان استمرار دعوتنا وترحيبنا بدخول المستثمرين لفلسطين، لا يتأتى إلا من خلال النهوض بدور القطاع الخاص وامساكه بدفة القيادة، ومن خلال مؤسسات القطاع العام القوية والقادرة على مساندة هذه العملية، بالاضافة إلى قيام قطاع الأوراق المالية بالدور الفاعل المنوط به، وبما يمثله من ثقل اقتصادي باعتباره بوابة الاستثمار وبوابة الدخول الى الاقتصاد الفلسطيني.

السيـدات والسـادة،

إن الرؤية الاقتصادية الفلسطينية تتمثل في إنشاء سوق اقتصادية حرة تنافسية ومتنامية ومتنوعة، يقودها القطاع الخاص في ظل انسجام هذه السوق وانفتاحها على الأسواق العربية والدولية، مع ضرورة توفير أساس اقتصادي لمجتمع حر وديمقراطي تسوده العدالة وحكم القانون.

إن الاقتصاد الفلسطيني ورغم الصعوبات التي نواجهها، يتمتع بإمكانيات كبيرة للنمو والتطور في المستقبل، إضافة لكونه الآن يمتلك مزايا ذاتية قادرة على تحقيق النهوض الاستثماري. ففلسطين تقع في منطقة إستراتيجية تتوسط دول الخليج العربي وغرب أوروبا وروسيا، وتمتلك نظاماً مصرفياً متقدماً يحظى بثقة المواطنين، ولا يضع أي عقبات أمام حركة رأس المال والاستثمار الخارجي، إضافة إلى انخفاض معدلات التضخم، وانخفاض التعرفة الجمركية، وإنخفاض ضريبة الدخل التي لا تتعدى 15%، إلى جانب ما تم تحقيقه من أنظمة عصرية تنظم وتسهل التداول بالأسهم في سوق فلسطين للأوراق المالية دون قيود، بل هي متقدمة على العديد من الأسواق المجاورة على هذا الصعيد.

السيـدات والسـادة،

لقد أثبت القطاع الخاص في فلسطين دوماً قدرته الفائقة على الصمود والتغلب على العقبات، وكان دوماً قادراً، كما كل قطاعات شعبنا الأخرى على النهوض من تحت الركام ليواصل عملية البناء والتطلع للحرية. وقد لعب القطاع الخاص دوراً مميزاً في تعزيز الصمود الوطني، وفي تحقيق درجات متقدمه من الربحية والتنافسية، إضافة لكونه مرتكزاً أساسيا لحماية المشروع الوطني، حيث أظهر فاعلية ومبادرة في محاولات التغلب على الأزمة الداخلية التي تعصف بالمشروع الوطني.

وعلى الرغم من الأوضاع الصعبة التي عانى منها الاقتصاد الفلسطيني، إلا أنه، وبسبب الإصرار على الصمود والنجاح، تمكن من تحقيق إنجازات ملموسة وبقدرة تنافسية عالية في مجالات مختلفة، بما في ذلك في مجال الصناعات الهامة، كصناعة الأدوية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وغيرها. كما وهناك العديد من قصص النجاح الأخرى في مجالات استثمارية مختلفة ساهمت وتساهم في تحقيق رؤيتنا الوطنية بخلق واقع ايجابي على الأرض. يمكننا من الصمود، ويشكل روافع إضافية في الطريق إلى الحرية، والوصول إلى تحقيق أهدافنا الوطنية المنشودة المتمثلة في إنهاء الاحتلال، وتحقيق الاستقلال الوطني وإقامة الدولة الفلسطينية العتيدة وعاصمتها القدس، وما يوفره ذلك من قفزات نوعية في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

السيـدات والسـادة،

وفي هذا الإطار، وضعنا رؤيتنا المتمثلة في وثيقة برنامج عمل الحكومة " فلسطين: انهاء الاحتلال، وإقامة الدولة"، والتي تتركز بجوهرها على استكمال بناء المؤسسات القوية القادرة، ووفق أعلى معايير الكفاءة والادارة السليمة، وكما هو معلوم لديكم فان الاحتلال كان دوماً سبّباً محورياً ورئيسياً لكثير من مشكلاتنا، ونحن أمام واقع يتطلب منا توجيه كافة جهودنا لانهاء هذا الواقع، وبما يمكن من الاسراع في الخلاص من الاحتلال. إن هذا يستدعي منا تضافر كل الجهود لاصلاح أوضاعنا في أمور لا يستطيع الاحتلال إعاقتها، كما أنه لا يجوز التعامل مع ممارسات الاحتلال كمبرر للعجز أو الفشل أو الإفشال الذاتي.

إن جوهر وثيقة برنامج عمل الحكومة يقوم على أساس البناء، وخلق واقع ايجابي على الأرض، نعم أيها الأخوات والأخوة، البناء من أجل التعجيل في إنهاء الاحتلال، البناء على الرغم من الاحتلال لإنهاء الاحتلال، وما يتطلبه ذلك من إقامة بنية تحتية وبناء مؤسسات قوية وقادرة على الفعل، ومأسسة آليات الحكم والإدارة كافة، فعلينا أن نعمل ونستمر في العمل ما دمنا قادرين على ذلك، ولكن لا يمكن تحقيق كل هذه الطموحات والأهداف دون تضافر كافة الجهود وتعاونها في سبيل بناء دولة عصرية حديثة.

السيـدات والسـادة،

لقد جاءت خطتنا لإنهاء الاحتلال وبناء الدولة الفلسطينية حتى العام 2011، انطلاقاً من رؤيتنا بضرورة العمل من أجل توفير مقومات الصمود لأبناء شعبنا في مختلف المناطق، باعتبار ذلك يشكل الركيزة الأولى في الجهد المتواصل والهادف إلى إنهاء الاحتلال. وباختصار فإن ما تنطوي عليه هذه الخطة هو أن ننطلق إلى حالة الفعل والمبادرة، وما يتطلبه ذلك من بناء المؤسسات القوية والفاعلة والقادرة على تقديم الخدمات لسائر المواطنين، ودون أي تمييز، وفي كافة المجالات الأمنية والخدماتية وعلى صعيد البنى التحتية، وبما يعزز صمود شعبنا وثباته على أرضه، والأهم تعزيز ثقة شعبنا في القدرة على النجاح ومراكمة الانجاز، ولنضع العالم أمام واقع لا بديل أمامه سوى تحمل مسؤولياته في انهاء الاحتلال، وتمكين شعبنا من بسط سيادته الوطنية على دولته المستقلة.

إن وثيقة برنامج عمل الحكومة تقدم رؤية متكاملة على الصعيد الوطني والتنموي، وبما يمكن من تعزيز قدرة ومكانة منظمة التحرير الفلسطينية على التحرك في الملفات السياسية، ومن موقع أقوى في مواجهة السياسات الاسرائيلية ومحاولاتها للتغلب من الاستحقاقات المطلوبة منها، وفقاً لحطة خارطة الطريق وخاصة وقف الاستيطان في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة في القدس ومحيطها، ووقف الاجتياحات، بالاضافة إلى رفع الحصار عن شعبنا، وخاصة في قطاع غزة، كمقدمة لا يمكن القفز عنها للانطلاق في عملية سياسية جادة ومتوازنة وذات مصداقية، وبمرجعية واضحة تؤدي فعلياً إلى انهاء الاحتلال، وليس الاستمرار في تكريسه أو تجميله بأشكال مختلفة.

إن الجهد الوطني لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية خلال عامين، هو استحقاق فلسطيني داخلي قبل أن يكون استجابة لمساعي المجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة، فالدولة هي الهدف المباشر لنضالنا الوطني، والسعي لإقامتها يشكل رافعة للجهد الوطني الحثيث لإنهاء الاحتلال.

السيـدات والسـادة،

إن هذه الوثيقة تشكل أساساً قوياً للاجماع الوطني، وحشد الطاقات لضمان إنهاء الاحتلال ونيل الاستقلال، ومسؤوليتنا أن نوفر الأسباب الكفيلة بتحقيق ذلك، من خلال تعزيز الجهد بكافة مساراته كرافعة لإنهاء الاحتلال، وتصويب مسار البناء والتنمية، والإصرار على فرض وقائع ايجابية بالرغم من الاحتلال للتعجيل في إنهائه، هذا هو الفكر الذي يوجهنا، ونحن لا نراهن على الاحتلال بل نراهن على شعبنا وعدالة قضيته ومكانتها لدى أحرار العالم، فالطريق إلى الحرية لن تكون مفروشة بالورود إطلاقا.

إن رؤيتنا الاقتصادية تتمثل في تمكين مختلف القطاعات الاقتصادية الفلسطينية للقيام بدورها، ومن هذا المنطلق كانت مبادرتنا لعقد مؤتمرات الاستثمار خلال المرحلة الماضية في بيت لحم ونابلس ولندن وغيرها، وسنستمر في استكمال بناء مؤسساتنا الاقتصادية واقتصادنا الوطني وتنظيم علاقاته المحلية والعربية والدولية، ولا يخفى عليكم الأولوية التي نوليها لمعالجة مواطن القصور والخلل في التشريعات والأنظمة لتمكين قطاعنا الخاص من المساهمة الفاعلة في البناء الاقتصادي.

ومن هنا، نتوجه لكافة المستثمرين في الداخل والخارج، ونجدد دعوتنا لهم لخوض تجربة الاستثمار في فلسطين في مختلف القطاعات، وعلى رأسها قطاع الأوراق المالية، التي ستحقق وبلا شك عوائد مجزية لقاء استثماراتهم.

السيـدات والسـادة،

إن خطتنا لبناء الدولة تضعنا أمام عنوان وطني وسياسي موحدٍ وجامع. فنحن عندما نتحدث عن استكمال بناء المؤسسات، فإننا نتحدث عن شطري الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة، فالدولة لن تنجز إلا بعودة الوحدة. وعندما نتحدث عن الانتخابات فأننا نتحدث عن قطاع غزة والضفة الغربية على حدٍ سواء. وان تحقيق هذا الأمر يتطلب منا جميعاً الاسراع في تحقيق المصالحة الوطنية، وصون وحدة هذا الوطن، وحماية وحدة مؤسساته على طريق بناء دولتنا المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف.

السيـدات والسـادة،

وفي الختام، أتمنى لهذا الملتقى وفعالياته النجاح والتوفيق وتحقيق أهدافه المرجوة، عبر الخروج بتوصيات وآليات تمكننا من المضي قدماً نحو المزيد الانجازات.

واسمحوا لي أن أتوجه بتحية خاصة للضيوف الأعزاء رجال الأعمال من جمهورية تشيلي، وتمنياتنا لهم بإقامة طيبة في ربوع وطنهم الأم فلسطين، نأمل أن تحدث زيارتهم ولقاءاتهم مع قطاع الأعمال الفلسطيني في مختلف المحافظات نتائج ايجابية، تحقق المردود المتوقع منها وكذلك النفع لكافة الأطراف، وأتوجه أيضاً لبقية الضيوف الكرام من الدول العربية الشقيقة بتحية الأخوة والمحبة والتقدير، ونتمنى لهم إقامة طيبة في وطنهم الثاني فلسطين، ونقول لهم حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً.


شكراً لكم جميعاً وفقكم الله،،،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بيت لحم

02 تشرين ثاني 2009