الخميس: 09/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

استنكارات واسعة لحظر المآذن في سويسرا

نشر بتاريخ: 01/12/2009 ( آخر تحديث: 01/12/2009 الساعة: 14:48 )
بيت لحم- معا- استنكر عدد من رجال دين مسلمين ومسيحيين، وممثلي مؤسسات اليوم الثلاثاء، الاستفتاء الشعبي الذي نُظم أول أمس الأحد وأيد فيه قرابة 57 بالمائة من السويسريين حظر بناء المآذن في بلدهم.

فقد استهجن الشيخ محمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، ورئيس مجلس الإفتاء الأعلى، نتيجة الاستفتاء الشعبي في سويسرا التي تمخضت عن مساندة منع بناء المآذن في المساجد المقامة على أراضيها.

وعبر الشيخ حسين في بيان وصل "معا" نسخة منه، عن أسفه الشديد لإعطاء ذلك القرار صفة الإجماع الشعبي، فاتحة المجال واسعا للآراء "المتطرفة" التي تناهض الإسلام وتحاربه.

واعتبر الشيخ أن هذا التهاون يفتح الباب واسعاً للتطاول على مختلف الأديان ومقدساتها، الأمر الذي قد يصل إلى حد يصعب ضبطه، ويزيد من حدة الصراع والكراهية بين أصحاب الديانات والعقائد.

وثمن الشيخ الأصوات الأوروبية والعالمية التي شجبت هذا القرار، معتبرا أن القرار السويسري يشكل إساءة بالغة تضاف إلى مسلسل الإساءات المتكررة المنضوية تحت غطاء حرية التعبير.

ودعا الشيخ المسلمين للقيام بواجبهم نحو نصرة إسلامهم ورسولهم الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بكل الوسائل والأساليب العقلانية والحضارية التي تنسجم مع الصورة الحقيقية المشرقة للإسلام الحنيف، أمام هذه الهجمة الشرسة على دينهم ورموزهم وشعاراتهم، مطالبا بوقفة عالمية صارمة تجاه الإساءة للأديان والرموز الدينية حسب تعبيره.

وفي هذا السياق، أدان الدكتور الشيخ تيسير رجب التميمي قاضي قضاة فلسطين ورئيس الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات منع بناء المآذن في سويسرا بعد الحملة الدعائية غير المسبوقة التي قادها ما يسمى بـ "حزب الشعب السويسري اليميني المتطرف" والحزب المسيحي اليميني بهدف تشويه صورة الإسلام والمسلمين في سويسرا.

وأكد الدكتور التميمي أن الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا هي أحزاب مغمورة تطمح إلى الشهرة بأي ثمن، واجتذاب الأضواء بغض النظر عن المسلك والوسيلة، محذراً من تكرار هذا الخطوة وبالأخص بعد إعلان زعيمة حزب الشعب الدنماركي بيان جيرز خارد وجيرالد فيلدرز زعيم حزب الحرية المتطرف الهولندي وماريو بورغيزيو النائب في البرلمان الأوروبي عن حزب رابطة الشمال الإيطالي اليميني المتطرف تأييدهم لهذا الاستفتاء ومطالبتهم حكومات بلادهم لإجراء مثل هذا الاستفتاء.

وطالب قاضي قضاة فلسطين الحكومة السويسرية والإتحاد الأوروبي إعلان رفضهما هذا الاستفتاء العنصري وعدم الرضوخ لمطالب الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تعمل على إثارة الفتن الدينية والنعرات الطائفية وتعميق الكراهية والبغضاء وتأجيج الصراع بين أتباع الحضارات والديانات وتهدم الجهود التي تبذل لتعزيز الحوار والتفاهم بين الشعوب، مشيراً إلى أن دوائر معادية للأديان هي التي تقف وراء هذه القرار.

وكذلك، أكد الدكتور حنا عيسى أستاذ القانون الدولي، على ان الاستفتاء جاء تعبيراً عن فهم خاطئ ليمينٍ سويسري يرفض التعايش السلمي بين مختلف الشعوب والقوميات والاقليات بمعنى اخر التعصب الديني الاعمى الذي لا يرى الا نفسه.

واضاف ان المتتبع للحركات السياسية والدينية في سويسرا كاتحاد يجمع العديد من القوميات واللغات يستدرك نتيجة الاستفتاء التي لم ترضي المجتمع الدولي المعاصر على اعتيارها خطوة غير مقبولة على مستوى العلاقات الدولية والتفكير العصري للتعايش بين الشعوب والامم، ولماذا في الاونة الاخيرة يزداد عقد المؤتمرات المتعلقة بحوار الاديان والتي في خلاصتها يظهر مدى التقارب بين الاديان بهدف توحيد المبادئ والقيم الانسانية والتي في جوهرها تستمد قوتها من الدين نفسه.

كما واستنكرت وزارة الثقافة المقالة اليوم الثلاثاء، الاستفتاء الذي نُظم في سويسرى الذي ينص على حظر بناء المآذن في بلدهم.

وقالت الوزارة المقالة في بيان صحفي وصل "معا" نسخة منه، "إنها تستنكر وبشدة نتائج الاستفتاء الذي سيتم بموجبه حظر بناء المآذن في سويسرا, معتبرة إياه تعدٍ على حرية الأديان والمعتقدات في دولة تُعرف باحترامها لهذه الحريات.

وأضاف بيان الوزارة إن النتائج المترتبة على هذا الاستفتاء ستؤدي إلى تكريس روح الكراهية والحقد بين الديانات وستوتر العلاقة بين الجالية المسلمة والدولة السويسرية كما وستلقي بضلالها على النسيج الاجتماعي داخل سويسرا إذ يقدر عدد المسلمين فيها ب 400 ألف مسلم.

ودعا البيان الحكومة السويسرية إلى العدول عن هذا القرار والاستماع إلى صوت العقل, داعية أيضا المثقفين والمفكرين من شتى الأديان والطوائف في سويسرا والعالم إلى الوقوف أمام تطبيق هذا القرار وحفظ العلاقة مع المسلمين من أي نتائج قد تترتب على تطبيقه والتصدي إلى بعض الأحزاب المتطرفة والتي قامت بحملة من التعبئة والتشويه ضد الإسلام والمسلمين قبل الاستفتاء.

وفي نفس الموضوع، نددت رابطة علماء فلسطين بطرح الحكومة السويسرية، وما ترتب على ذلك من رفض الأغلبية لبناء مآذن جديدة في سويسرا، معتبرة ذلك "تعد على الحرية الدينية للمسلمين".

وقال الشيخ حامد البيتاوي رئيس الرابطة في الضفة الغربية: "إن هذه الخطوة تمس عقيدة مليار ونصف المليار مسلم في العالم"، مضيفاً أن هذا الأمر "سيؤدي لنشر الكراهية والعنف بين شعوب العالم، خاصة أن هناك أقليات في العالمين العربي والإسلامي تعيش بأمن وطمأنينة وتمارس حريتها الدينية بشكل كامل".

وطالب في تصريح مكتوب الحكومة السويسرية بالعدول عن هذا القرار، داعياً العقلاء في أوروبا كافة إلى التدخل ووضع حد لأية محاولات لنشر الكراهية بين أتباع الديانات، واستذكر رئيس رابطة علماء فلسطين محاولات كل من فرنسا بمنع الحجاب في الجامعات والمانيا بمنع إقامة أضخم مسجد في المانيا.

والجدبر بالذكر انه يعيش في سويسرا نحو أكثر من 300 ألف مسلم، من مجموع سكان البلاد وعددهم قرابة سبعة ملايين، حيث يعد الإسلام أكثر الديانات انتشارا في سويسرا بعد المسيحية، ويوجد أربعة مساجد في كافة أنحاء سويسرا، وفي السنوات الأخيرة رفضت كل طلبات بناء المآذن.