السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

احمد رفيق عوض - دوستوفسكي فلسطين

نشر بتاريخ: 09/05/2006 ( آخر تحديث: 09/05/2006 الساعة: 22:55 )
كتب ناصر اللحام - ليس لاحمد رفيق عوض من يكاتبه ، ففي روايته الجديدة " بلاد البحر" يجتاز احمد رفيق عوض خط اللاعودة في الابداع الادبي ، ويشغل مفاعل الرواية الفلسطينية من دون اذن محمد البرادعي او كوفي عنان .

وبالفعل ان احمد رفيق عوض هو جنرال الرواية الفلسطينية . وبلاد البحر ، رواية اخرى ، يتمكن احمد رفيق عوض خلالها من اقناعنا بأنه الروائي الفلسطيني رقم واحد ، ومن غيره اصلاً ؟

وفي زمن تعاني فيه الامة من عسر الانجاب الثقافي ، اقول ومن دون تردد ان فلسطين تستطيع اليوم ان تستبشر بهذا الروائي العظيم الذي زلزل برواياته " العذراء والقرية" و " قدرون" و " نهاية القرن " و"مقامات العشاق والتجار " و" القرمطي " وعكا والملوك " و " بلاد البحر" هزّ عرش اتحاد الكتاب وحطَّم الرقم القياسي كماً ونوعاً.

ولو تترجم اعماله لنافست الخيميائي واحدى عشرة دقيقة للكاتب باولو كويلو ، ولجلست الى جانب عمارة يعقوبيان وروايات احلام مستجانمي ، ولقد ترددت اذا كنت اتصل بالروائي احمد وأبارك له هذه الرواية، ام انني اكتب عنها فأوفيه شكرنا لقوة ارادته وابداعه الذي يخفى عن كثيرين او هم لم يجرؤوا بعد على الاعتراف به ...

وحين يسألني زملائي لماذا لا يوجد افلام سينمائية فلسطينية قوية؟؟ كنت اقول لهم " لانه لا يوجد رواية فلسطينية قوية وأقول " ان تطور الفيلم المصري انما بسبب وجود روايات نجيب محفوظ وانيس منصور واحسان عبد القدوس ومثله الفيلم السوري بسبب محمد الماغوط وحنا مينه وهكذا، وانا على قناعة تامة بأن احمد رفيق عوض ، هو دوستوفسكي فلسطين ، قد يعتبره البعض في رام الله انه مصاب بداء الصرع وانا اقول نعم ، انه داء الصرع الذي اصابنا جميعنا فحوَّلناه سلوكياً الى السياسة وحب المال والنساء، ولكن هو نجح في تحويل عصارته الى ابداع حقيقي ...

واذا نتذكر روايات دوستوفسكي الجريمة والعقاب ، والابله ، والاخوة كارمازوف وغيرها فاننا نتذكر او نقارن معها روايات ابن قرية يعبد، الفلاح الفلسطيني الذي يشبه النيص احمد رفيق عوض .

هو في روايته الاخيرة ، يطلب منا ان نتعلم من الحيوان ، وان نكف عن الاعتقاد بأن المكان الوحيد المناسب للحيوان هو ان نأكله ونضعه في بطوننا ، وانا برأيي ان القنفذ وحين يشعر بالخطر يخبىء رأسه في داخل كتفيه فلا يتمكن الصياد من ذبحه ، فيلجأ الصياد الى القاء القنفذ في اناء ماء ، وما ان يخرج رأسه ليتنفس حتى يهجم عليه الصياد ويذبحه ، ونحن كصحفيين نقول لاحمد رفيق عوض، لا تخف يا "ابو ضرار" ، تنفس وتنفس ولن نسمح لاي يد لتمتد لتقطع عنق ابداعك العربي الاسلامي الوطني والثقافي .

اعرف، وانا الذي زاملت الروائي ابوضرار لسنوات ثلاث، انه تعرض للاهمال والظلم ، بل ان العديد من " الرموز الثقافية" في رام الله تناوبوا على التقليل من اهمية ما يكتبه ، ومن باب العتب نقول انهم لم يكونوا قد اكتشفوا موهبته بعد، ولكن ذلك الزمان قد ولَّى ، وان " ابوضرار" استاذ الكيمياء والاعلامي القدير الذي اعتقل واتهم ونبذ واستثني قد تمكن الان من البقاء ، وان يغرس ريشته مثل منقار النسر في جسد الرواية الفلسطينية التي انتظرت فارساً مثله .

وانا ادعو وزير الثقافة الفلسطيني شخصيا ، الى ابراز هذا الروائي وان يلتقيه السيد الرئيس، مع علمي ان جلالة الملك عبدالله الثاني قد كرَّمه عام 2002 ومنحه جائزته ، فلماذا لا يكرمه رئيسنا ؟

ما لا يدرك في الحس لايدرك في الحلم يقول عوض في روايته "بلاد البحر" ويقول ان الخبز هو كتاب الله ، ويقارن احوال فلسطين قبل 700 سنة وبين الان ، ويتحدث عن قلاوون ( ليدفعنا نسأل من هو قلاوون العصر ؟؟ ) .

ويتحدث عن حزب المصانعة ايام المماليك ولماذا يخدم اهل فلسطين الاحتلال ويعملون في مستوطناتهم ويفضلون الذل على ترك وطنهم ؟؟ وفي مقارنته يقول ان بغداد مقدسة كالقدس ومكة وملعون من لا يبكيها ، ولا ينكر ان الفلسطينيين سريعوا الاشتعال و محتدون ..

ويتحدث ابوضرار عن رجل غاضب قال له وهو يهاجر ( رام الله هذه ، مدينة يطلب منها ان تحافظ عل كل القيم ولكنها تفاوض على كل القيم ... بل تفرط بها ) ثم يضيف( المجتمع التافه لا يهزم الاحتلال ).

لن احرق لاحمد رفيق عوض الرواية ، وساترك القارىء يحكم عليها ، ولكن اذكركم انه يقول ان الفرق بين العدل والانتقام كالفرق بين النار التي تنضج الطعام وتلك التي تحرق الغابة .. ويضيف ان يوم الحساب ضرورة عقلية وليست دينية فقط .