الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

قدورة فارس: فتح تعاني الشلل واليباس وفقدت قانون المحبة وتغولت فيها عقلية الاقصاء والمركزية خلقت جيشا من المستزلمين

نشر بتاريخ: 07/09/2006 ( آخر تحديث: 07/09/2006 الساعة: 23:00 )
رام الله- معا- وجه قدورة فارس الوزير والنائب السابق والقيادي في حركة فتح انتقادات شديدة اللهجة للجنة المركزية لحركة فتح التي اختتمت اجتماعاتها في العاصمة الاردنية قبل ايام دون ان تصدر تعميما داخليا لكوادرها تطلعهم فيها على مداولاتها وما توصلت اليه من قرارات وتوصيات ما دفع كوادر الحركة لمتابعة وسائل الاعلام للوقوف من خلالها على ما جرى في اجتماعات المركزية.

واضاف فارس قائلا في مقال ارسله لوكالة معا اليوم" مثل كافة أعضاء حركة فتح..... هذه الحركة العظيمة صاحبة التاريخ الحافل بالنضال والعمل والبناء، أتابع ما يجري من تفاعلات وحراك في داخلها، وقد قرأت مثل كثيرين نص البيان الختامي الصادر عن اجتماع مركزية فتح في الأردن، إذ لا توجد أية وسيلة أخرى للاطلاع على أية قرارات تصدر عن مؤسسات الحركة سوى الصحف، حيث لا تعاميم داخلية ولا مجلة حركية أو جريدة أو أية وسيلة أخرى للتواصل، وعلى الرغم من أن البيان لم يتضمن قرارات وتوجهات عملية تقود إلى خلق مناخ جديد يؤدي إلى نفض الغبار واستنهاض الحركة واستخلاص العبر من سلسلة التراجعات التي كان أبرزها السقوط المدوي في الانتخابات التشريعية وهذه مفارقة، إلا أن المفارقة الأكبر كانت تكرار الدعوة والمناشدة لأعضاء فتح بالالتزام "بالشرعية" وهي مفردة باتت تستخدم كثيراً بمناسبة أو بدونها في الفترة الأخيرة وتحديداً بعد استشهاد القائد الرمز ياسر عرفات، وفي ذلك إيحاء للكوادر والأعضاء أن الشرعية هي أمر مقرون بالمركزية، وفي ذلك اختزال أناني وشخصاني للشرعية الحركية بمعناها الشامل".

وقال فارس ان فتح تعاني الشلل واليباس بعد ان فقدت قانون المحبة وتغولت فيها غقلية الاقصاء , واضاف قائلا" فبسبب هذه العقلية وهذا المنهج قد أصاب الحركة حالة من التيبس والشلل وغابت روح المبادرة والإبداع والتطوعية، ولم يعد أحداً يتحدث عن "قانون المحبة" والتسامح، فتغولت عقلية الإقصاء، وتراجعت قيم الانفتاح ونكران الذات، فبات عشرات الآلاف من الكوادر في حالة من الخمول والحيرة، فلا رؤية ولا خطة عمل تستوعب الطاقة الهائلة ولا تصور عقلي محكوم للخطة يخلق الأمل المطلوب لتحفيز كوادر الحركة لينطلقوا للعمل كخلية كما كانوا عليه دائماً".


وتابع فارس قائلا" لقد حل محل كل هذا عقلية الشك والتشكيك والتآمر، ووضع العراقيل أمام المبادرات الميدانية الخلاقة إذا كان هدفها الحركة والوطن ولم تجير لمصلحة هذا القائد أو ذاك، وبث مشاعر الإحباط لدى أعضاء وكوادر الحركة في إطار حالة ارتداد على الذات رعتها وعززتها المركزية التي حرص بعض أعضائها على استبدال الولاء للحركة وفكرها وبرنامجها بولاءات لشخوصهم مما خلق جيشاً من التابعين والمستزلمين".

وفيما يلي النص الكامل للمقال:

مثل كافة أعضاء حركة فتح..... هذه الحركة العظيمة صاحبة التاريخ الحافل بالنضال والعمل والبناء، أتابع ما يجري من تفاعلات وحراك في داخلها، وقد قرأت مثل كثيرين نص البيان الختامي الصادر عن اجتماع مركزية فتح في الأردن، إذ لا توجد أية وسيلة أخرى للاطلاع على أية قرارات تصدر عن مؤسسات الحركة سوى الصحف، حيث لا تعاميم داخلية ولا مجلة حركية أو جريدة أو أية وسيلة أخرى للتواصل، وعلى الرغم من أن البيان لم يتضمن قرارات وتوجهات عملية تقود إلى خلق مناخ جديد يؤدي إلى نفض الغبار واستنهاض الحركة واستخلاص العبر من سلسلة التراجعات التي كان أبرزها السقوط المدوي في الانتخابات التشريعية وهذه مفارقة، إلا أن المفارقة الأكبر كانت تكرار الدعوة والمناشدة لأعضاء فتح بالالتزام "بالشرعية" وهي مفردة باتت تستخدم كثيراً بمناسبة أو بدونها في الفترة الأخيرة وتحديداً بعد استشهاد القائد الرمز ياسر عرفات، وفي ذلك إيحاء للكوادر والأعضاء أن الشرعية هي أمر مقرون بالمركزية، وفي ذلك اختزال أناني وشخصاني للشرعية الحركية بمعناها الشامل".

فالمركزية التي لم توفق في شيء في السنوات الأخيرة سوى في عزل نفسها عن أطر ومؤسسات وجسم الحركة، وفي الوقت ذاته يظن أعضاؤها أن بوسعهم الاستمرار في استخدام الشرعية بهذا الشكل الفظ لتكريس حالة الجمود والتشرذم والاصطفافات المصلحية الذاتية والشلل والحيرة التي لا يجد المرء صعوبة في قراءتها على وجوه ومن خلال سلوك أعضاء الحركة.

أوافق ومعي كل أعضاء فتح أن الشرعية الصحيحة لها سحر وقوة وبدونها لا يمكن لأي إطار أن ينتظم وأن يعمل، ولكنا نعلم أنها لا تؤخذ مجزوءة ومفصولة عن سياقها، فمصدر الشرعية الأول والأساس في حركة فتح هو مؤتمرها العام ونظامها الأساسي والذي عقد للمرة الأخيرة قبل سبعة عشر عاماً، وهو الذي منح المركزية تفويضاً بقيادة الحركة لمدة أربع سنوات، ونتيجة لإدارة الظهر للمؤتمر والنظام الأساسي باتت الشرعية مخطوفة من قبل حفنة قليلة، وليتها استخدمتها فيما يعود بالنفع على الحركة، فمن يفترض فيهم أن يكونوا حراساً وحماةً للشرعية الأصيلة، قوضوها وأعادوا إنتاجها وتفصيلها على مقاس مصالحهم الشخصية، واختلقوا الذرائع والحجج للتهرب من استحقاقاتها الموجبة، ويفترض فيمن هم مثلوه أن لا يستغربوا من ذلك فقد كان أحد الأخوة أعضاء المركزية قد قال في مقابلة نشرتها صحيفة الأيام. " إن شرعية المركزية هي شرعية نضالية وليست انتخابية بل هي كشرعية الأب لا تنتهي إلا بالوفاة" وقد ظننته يعبر عن رأيه الشخصي آنذاك، إلا أن الحقائق والأحداث تثبت بشكل قاطع أن هذا رأي المركزية بشكل عام، وفي ضوء هذا الاختزال القاسي لحركة عمل في إطارها آلاف الكوادر والكفاءات في كل مجالات العمل والنضال، فإن النتائج تبدو طبيعية، فبسبب هذه العقلية وهذا المنهج قد أصاب الحركة حالة من التيبس والشلل وغابت روح المبادرة والإبداع والتطوعية، ولم يعد أحداً يتحدث عن "قانون المحبة" والتسامح، فتغولت عقلية الإقصاء، وتراجعت قيم الانفتاح ونكران الذات، فبات عشرات الآلاف من الكوادر في حالة من الخمول والحيرة، فلا رؤية ولا خطة عمل تستوعب الطاقة الهائلة ولا تصور عقلي محكوم للخطة يخلق الأمل المطلوب لتحفيز كوادر الحركة لينطلقوا للعمل كخلية كما كانوا عليه دائماً.

وحل محل كل هذا عقلية الشك والتشكيك والتآمر، ووضع العراقيل أمام المبادرات الميدانية الخلاقة إذا كان هدفها الحركة والوطن ولم تجير لمصلحة هذا القائد أو ذاك، وبث مشاعر الإحباط لدى أعضاء وكوادر الحركة في إطار حالة ارتداد على الذات رعتها وعززتها المركزية التي حرص بعض أعضائها على استبدال الولاء للحركة وفكرها وبرنامجها بولاءات لشخوصهم مما خلق جيشاً من التابعين والمستزلمين.
هل كان أحداً يصدق أن ما تعرضت له الحركة خلال العام الأخير لم يترتب عليه أية إجراءات ضد أي كان، وإن أحداً من الصف القيادي الأول لم يبادر لتسجيل سابقة يقول فيها أنه من موقعه كمسؤول يتحمل تبعات ما حصل ويستخلص العبر ويتنحى، أو أن تعرض قضية أي مقصر أو متسبب في تشويه سمعة الحركة لفسادة أو سوء استخدامه للمال العام أو النفوذ أمام المحكمة الحركية التي جاء تشكيلها في إطار الخطوات الإصلاحية في الحركة، فهذه المحكمة لم تنظر حتى الآن في أية قضية جدية، وقد اكتشفنا ضمناً بعد اجتماع "الشرعية الأخير" أن المسؤول عن سقوط الحركة وتراجعها هم أعضائها وكوادرها الميدانيين الذين حملوا الحركة وبرنامجها ودفعوا برضى ثمن ذلك سنوات عمرهم في سجون الاحتلال وسهروا وتعبوا وكدوا تعبيراً عن إيمانهم بها وبرسالتها، وبكوا دماً وهم يرقبوا سلسلة التراجعات التي سجلت بسبب الفراغ القيادي، ويمكن ملاحظة محاولة تصدير الأزمة إلى قواعد الحركة ظلماً من تصريحات لأحد أعضاء المركزية إذ قال أن المؤتمرات الحركية القاعدية سوف تلفظ الفاسدين والذين أساءوا للحركة؟؟!! وهو يعلم تماماً أن هؤلاء الذين تصدر الأزمة إليهم إنما هم من شرفوا الحركة بعملهم ونضالهم، ولم يكن هؤلاء يوماً في مراكز القرار ولم يتصرفوا بمال ولم يكونوا في مواقع النفوذ، بل عملوا متطوعين مفاخرين بولائهم لحركتهم وفكرها، وكانوا ضحايا مثل غيرهم، فالمؤتمرات القاعدية تشمل فقط الفئة النقية المناضلة التي عملت مخلصة من أجل الحرية والاستقلال، فوفقاً لتصريحات عضو المركزية يجب أن تذهب الحركة لتبحث عن الفاسدين والمسيئين في فقوعة أو مراح رباح أو عين عريك، وفي كل قرانا ومخيماتنا ومدننا وفي ذلك تجني على الحقيقة، فمن تبوؤا المراكز والمواقع وأشغل الواحد منهم عشرة مواقع ومازال هم من يحتاجوا إلى من يقيم تجربتهم ويحكم عليها... هؤلاء فوق المؤتمرات القاعدية ولا يخضعوا لمحاسبتها وليسوا أعضاءاً فيها، فكيف علينا أن نقتنع أن مركزيتنا جادة في الإصلاح!

وأمام كل هذا وفي ضوء التعقيدات الموضوعية أمام إمكانية عقد المؤتمر السادس "سنام الشرعية" وهي معوقات معظمها سببها الاحتلال، حيث يستحيل أن يتم جمع كل أعضاء المؤتمر في مكان واحد، فإن الحل هو أن يلتئم المؤتمر في أربعة مناطق هي الضفة الغربية، قطاع غزة، الشتات والسجون، على أن يعقد المؤتمر في وقت واحد وأجندة واحدة، حيث تقوم كل منطقة باختيار ممثليها للأطر الحركية المختلفة وفقاً للنسبة التي يجري التوافق عليها بالنسبة لكل منطقة آخذين بعين الاعتبار جملة من المعايير التي تحدد حجم تمثيل كل منطقة من المناطق الأربعة. وقد يبدو هذا الحل "المخرج" غير منطقياً بالنسبة لأولئك الراغبين في عدم عقد المؤتمر، ولكن أذكرهم أن أهم ما ميز حركة فتح هو مرونتها وروح المبادرة والخلق للتعامل مع التعقيدات الكثيرة التي رافقتها منذ نشأتها حتى الآن.

ولذلك إذا توفرت النوايا الصادقة والإرادة المخلصة يمكن للمؤتمر الحركي أن يعقد في ظرف خمسة أشهر ... لهذا يتطلع كل أبناء الحركة وكثير من مؤيديها من أبناء الشعب الفلسطيني.