الأحد: 01/06/2025 بتوقيت القدس الشريف

العليا الإسرائيلية تلغي الحكم الصادر بشأن قضايا عملية الرصاص المصبوب

نشر بتاريخ: 23/06/2011 ( آخر تحديث: 23/06/2011 الساعة: 18:44 )
غزة- معا- الغت المحكمة العليا الإسرائيلية يوم امس الأربعاء الموافق 15 يونيو 2011 حكما سابقا يشطب دعوى رفعها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وترافع فيها المحاميان ميخائيل سفارد وكرميئيل بوميرانتز نيابة عن 1046 من ضحايا عملية "الرصاص المصبوب".

وتم شطب الدعوى بصورة غير قانونية في شهر إبريل 2011، عندما أصدرت المحكمة قراراً استناداً فقط إلى ما قدمته الدولة، منكرة من الناحية الفعلية حق المركز في الرد، وتم الطعن في هذه المخالفة الإجرائية، وكانت النتيجة القرار الإيجابي الصادر بتاريخ 15 يونيو 2011، وسيتم الآن تعيين هيئة قضائية جديدة وستستمر القضية.

وقال المركز: "يشكل هذا القرار الناجح خطوة هامة باتجاه ضمان الحق المشروع للضحايا في اللجوء إلى المحكمة والحصول على إنصاف قضائي فعال، وإن السياسات والممارسات المطعون فيها في هذا الالتماس من شأنها أن تحرم الضحايا بصورة شاملة من الحق في الوصول إلى العدالة، وتكرس مناخ من الحصانة المقيتة، وتسهم بشكل فعال في خلق إطار يخلو من المساءلة بشأن قطاع غزة".

وقدم الالتماس الأول إلى المحكمة العليا الإسرائيلية بتاريخ 21 ديسمبر 2010 ضد دولة إسرائيل بالنيابة عن 1046 من ضحايا عملية "الرصاص المصبوب".

وطالب الالتماس المحكمة العليا بإصدار أمر لنيابة الدولة بالتوقف عن إثارة مسألة التقادم في القضايا المدنية التي يتم رفعها مستقبلاً أمام المحاكم الإسرائيلية، وحسبما يرى المركز، فإن الحق في الوصول إلى المحاكم يقتضي أن ي مبدأ التقادم يمكن أن يسري فيما يتعلق بتلك القضايا المدنية فقط عندما ترفع إسرائيل الحصار غير القانوني المفروض على قطاع غزة.

وكان البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) قد عدل قانون الأضرار المدنية الإسرائيلي في عام 2002، حيث خفّض مدة التقادم في هذه الأنواع من القضايا المدنية إلى عامين فقط بدلاً من سبعة أعوام كما كانت في السابق، ويمنع الحصار المفروض على قطاع غزة هؤلاء الضحايا من الالتقاء بمحامييهم الإسرائيليين ومن دخول إسرائيل من أجل تقديم شهاداتهم أمام المحاكم الإسرائيلية.

ونتيجة للعقبات المادية والمالية والقانونية التي تفرضها إسرائيل، يمنع سكان قطاع غزة، بمن فيهم الآلاف من ضحايا عملية "الرصاص المصبوب" من السعي إلى الحصول على الإنصاف أمام المحاكم الإسرائيلية، وهو ما يشكل انتهاكاً منظماً لحقوق الإنسان الأساسية.

وتتعلق المسألة التي يتناولها هذا الالتماس بالحق في إعداد ورفع دعاوى التعويض عن الأضرار المدنية أمام المحاكم الإسرائيلية بالنيابة عن ضحايا عملية الرصاص المصبوب.

ويقر القانون الدولي العرفي بحق الضحايا في الإنصاف (بما في ذلك التعويض) في حال حدوث انتهاك للقانون الدولي، ولكن الضحايا الفلسطينيين من سكان قطاع غزة يواجهون حالياً عدداً من العقبات الواضحة التي تحول دون وصولهم إلى العدالة، في انتهاك لحقوقهم الأساسية، و يواجه المدعون ثلاث عقبات رئيسية هي:

مبدأ التقادم: بموجب القانون الإسرائيلي، يجب تقديم شكوى تتعلق بأضرار مدنية خلال عامين من تاريخ الحادث، وإلا فقد الحق في التعويض نهائياً. ونتيجة للحصار الجائر المفروض على قطاع غزة، والعدد الكبير لضحايا عملية "الرصاص المصبوب،" فإن عقبة العامين هذه تعني بأن الضحايا لا يتمكنون غالباً من رفع دعاواهم خلال الفترة الزمنية المحددة. قبل الأول من أغسطس 2002، كانت مدة التقادم هي سبعة أعوام.

العائق المالي: تطلب المحاكم الإسرائيلية من المدعين عادة دفع رسوم تأمين للمحكمة قبل بدء النظر في الدعوى، وبينما تخضع هذه الرسوم لقرار المحكمة، إلا أنها تطبق دائماً على المدعين الفلسطينيين، وليست هنالك قيمة محددة للرسوم، حيث تحددها المحكمة حسب القضية.

وفيما يتصل بالدعاوى الخاصة بالأضرار التي تلحق بالممتلكات، تشكل الرسوم نسبة من قيمة الممتلكات التي ترفع الدعوى بشأنها، ولكن في الدعاوى المتصلة بالقتل أو الإصابة فلا يوجد إطار محدد.

وحسب تجربة المركز، لا يقل مبلغ الرسوم عادة عن 10 آلاف شيقل (حوالي 2800 دولار أمريكي)، ولكنه يمكن أن يكون أن يصل إلى رقم أعلى من ذلك بكثير، في قضية رفعها المركز مؤخراً، طلب من المدعين دفع رسوم تأمين بقية 20 ألف شيقل (نحو 5600 دولار أمريكي) لكل حالة من حالات القتل الخمسة موضوع الدعوى.

بالتالي فإن الانتهاكات الجسيمة تساوي عوائق مالية كبيرة أمام الوصول إلى العدالة، حيث تشكل رسوم التأمين هذه عقبة لا يمكن التغلب عليها في وجه الوصول إلى العدالة، ببساطة لا يمكن للمدعين من غزة، الذين يعانون من تدهور أوضاعهم الاقتصادية بسبب الاحتلال والحصار الجائر، أن يتحملوا هذه الرسوم، وبالتالي تسقط دعاواهم ويتم شطبها.

العوائق المادية: بموجب القانون الإسرائيلي، لكي تكون الشهادة سليمة، فإنه يتعين على الضحية أو الشاهد أن يمثل أمام المحكمة لكي يتم استجوابه. ولكن، ومنذ عام 1967، لم تسمح سلطات الاحتلال الإسرائيلي ولو لشخص واحد بمغادرة قطاع غزة للتوجه إلى المحكمة، على الرغم من طلب المحكمة لذلك.

ونتيجة لذلك، يتم شطب دعاواهم وإسقاطها علاوة على ذلك، لا يستطيع محامو المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، على الرغم من أهليتهم، دخول إسرائيل لتمثيل موكليهم أمام المحاكم.

ونتيجة لذلك، يضطر المركز إلى توكيل محامين في إسرائيل (بتكلفة أكبر)، ولكن الموكلين لا يستطيعون دخول إسرائيل للالتقاء بمحامييهم، وترفض كافة الطلبات التي يقدمها المحامون من أجل السماح لهم بدخول قطاع غزة للالتقاء بموكليهم وزيارة مسرح الجريمة وغير ذلك.

وهذا بالضرورة يؤثر على قدرة المحامين على تمثيل موكليهم، وهو ما يقوّض حق الضحايا في الحصول على إنصاف قضائي فعال.

ويطعن الالتماس الذي قدمه المركز وترافع فيه المحاميان ميخائيل سفارد وكرميئيل بوميرانتز في مدة التقادم البالغة عامين، ويطالب المحكمة بإصدار أمر احترازي يعلق فترة التقادم هذه ويسلك الالتماس الضوء على عدد من المعيقات أمام العدالة الناجمة عن السياسات الإسرائيلية، بما في ذلك حصار الجائر المفروض على قطاع غزة، ويمثل الالتماس تطويراً لرسالة وجهتها مؤسسة عدالة في السابق إلى النائب العام الإسرائيلي.

وقد قدم هذا الالتماس نيابة عن 1046 من ضحايا عملية "الرصاص المصبوب" يمثلون الغالبية العظمى للدعاوى التي تم إعدادها في أعقاب العدوان، وتغطي دعاواهم فعلياً كافة انتهاكات القانون الإنساني الدولي، ومن بينها أكثر أفظع القضايا المتصلة بالعدوان، بما فيها تلك المتصلة بعائلات السموني وأبو حليمة والداية.