الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

اجراء جديد: حظر تنقل المشاة المقدسيين قريباً من الحواجز العسكرية

نشر بتاريخ: 23/07/2005 ( آخر تحديث: 23/07/2005 الساعة: 20:00 )
القدس -معا- فيما تحولت الحواجز العسكرية المنتشرة حول مدينة القدس الى مصائد وكمائن تصطاد المقدسيين ممن تلاحقهم الشرطة او دوائر الضريبة الاسرائيلية المختلفة ، بدأت شرطة حرس الحدود الاسرائيلي اليوم بتطبيق اجراءات جديدة عند هذه الحواجز ، تحظر على المشاة من المقدسيين السير في طرقات جانبية تجاور حواجز تفتيش كتلك المقامة في منطقتي بيت حنينا ، ومخيم شعفاط الى الشمال من المدينة المقدسة .

فقد طاردت دوريات من حرس الحدود المنتشرة على هذه الطرقات المقدسيين ومنهم سكان الضواحي الواقعة في محيط هذه الحواجز وحالت دون وصولهم الى اماكن عملهم ووظائفهم في مناطق مثل ضاحية البريد ، وبلدة الرام ، وطلبت من هؤلاء العودة للاصطفاف في طوابير الانتظار عند هذه الحواجز والمرور عبرها.

وقال ضابط من حرس الحدود اشرف على تطبيق هذه الاجراءات ، بأنها اجراءات جديدة عهد لقواته بتطبيقها ، وسيتم ذلك على نحو دقيق ، واضاف هذا الضابط ، وهو من احدى القرى الدرزية داخل الخط الاخضر ، ان الحواجز نصبت ليدقق جنودها في هوية القادمين الى القدس ، والمغادرين لها ، وبالتالي فأي تجاوز لها هو خرق للقانون ، حتى على حملة البطاقة الزرقاء .

وروت احدى المواطنات من سكان حي نسيبة وتدعى مارلين شبيطة ، ان جنود حرس الحدود منعوها من سلوك طريق يمر بالقرب من حاجز بيت حنينا قريباً من الحي بالرغم من انها اعتادت سلوك هذا الطريق ، وصولاً الى ضاحية البريد ، حيث تعمل هناك ، وأصرّ الجنود على عودتها حيث الحاجز المقام على الشارع الرئيسي - رام الله القدس .... فيما جرى استجواب مواطن آخر من شعفاط ويدعى فهد جميل علقم من قبل ضابط من حرس الحدود الذي سأله ان كان من سكان شعفاط - البلد ، ام من سكان مخيم شعفاط ، وما اذا كان يصوت في انتخابات الكنيست ام لا ورفض هذا الضابط ابراز تعليمات مكتوبة حول قرار منع التنقل في المنطقة الواقعة بين ضاحية البريد ، ومشروع نسيبة ، حين سأله احد المواطنين من بيت حنينا ، ويدعى ابراهيم التميمي عنها ، وعن قانونيتها، ابلغه بنبرة حازمة بأن عليه مغادرة المنطقة والمرور عبر الحاجز المقام على الشارع الرئيسي ، تحت طائلة الاعتقال والمساءلة القانونية ، في هذا الوقت كانت القوة التي يشرف عليها الضابط المذكور ، تحتجز ثلاث فتيات فلسطينيات تبين من التحقيق معهن بأنهن يحملن بطاقة هوية الضفة الغربية ، والى جوارهن خمسة شبان ، جرى احتجازهم أيضاً للحجة ذاتها ، اي محاولة الدخول الى القدس دون تصريح.

وتنتشر على مداخل الاحياء الفلسطينية داخل الحدود البلدية المصطنعة للقدس حواجز تفتيش رئيسية ، منها : حاجز مخيم شعفاط ، حاجز حزما ، حاجز بيت حنينا ، وحاجز الزعيم ، اضافة الى حاجز رابع الى الشمال الغربي من مدينة القدس على المدخل الرئيسي لقرية بيت إكسا .. وقد تحولت هذه الحواجز مجتمعة الى مصائد وكمائن للمقدسيين من قبل الشرطة الاسرائيلية التي كثّفت من حملة فحص المركبات وتحرير المخالفات لاصحابها ، في حين تولت طواقم مشتركة من " التأمين الوطني " وضريبة الدخل الاسرائيلية توقيف مطلوبين لها ، بعدم تسديد الضرائب ، أو رسوم التأمين لهاتين الدائرتين الاسرائليتين .

ومع استمرار بناء الجدار حول مدينة القدس والمتوقع ان ينتهي البناء بجميع مقاطعه حتى اوائل ايلول القادم ، فإن التحذير من مخاطره وآثاره خاصة على القطاعين التعليمي والصحة بدأت تظهر من الآن ، وهو ما دفع بقطاعات التعليم والصحة في المدينة المقدسة في الآونة الأخيرة الى عقد اجتماع طارىء لها ، تدارست فيه تداعيات اقامة الجدار على هذين القطاعين ، خاصة ان نحو 75% من العاملين في هذين القطاعين هم من ابناء الضفة الغربية ، وبالتالي فإن بناء الجدار حول القدس سيحرم مؤسسات التعليم والصحة من كادرها التعليمي والطبي والتمريضي ، ويقدّر د. عرفات الهدمي ، مدير مستشفى المقاصد الطبي ، ورئيس جمعية المقاصد ، اعداد المتضررين المقدسيين من اقامة هذا الجدار في المجال الصحي بأكثر من مائة ألف مقدسي ، حيث لن يتمكن هؤلاء من الوصول الى مشافي ومراكزالمدينة الصحية ، مستبعداً في الوقت نفسه ما تطرحه جهات اسرائيلية حكومية أو بلدية من امكانية ان تقوم المستشفيات الفلسطينية في القدس بفتح مراكز متقدمة لها في المناطق التي سيعزلها الجدار خاصة في مخيم شعفاط وضاحية البريد.

ويرى محمد صوان ، رئيس اتحاد المعلمين الفلسطينيين ان الاجراءات الجديدة التي ستطبق مع اكتمال بناء الجدار والذي يتزامن من انتهاء العمل به مع بدء العام الدراسي الجديد ستنعكس سلباً على اكثر من مائة مدرسة في مدينة القدس تشكل الهيئات التدريسية من ابناء الضفة الغربية الجزء الاكبر منها ، اضافة الى اعداد كبيرة من الطلبة ينحدرون من قرى وبلدات تقع خارج الحدود البلدية المصطفّة للقدس .

وقلل صوان من ادعاءات بلدية الاحتلال في القدس التي تتحدث عن استئجار ابنية لمدارس وغرف صفية ، وتسيير خط حافلات بتمويل منها الى الاحياء التي سيعزلها الجدار ، وقال : اذا كانت الاحياء الواقعة في قلب المدينة المقدسة وغير المعزولة بالجدار تعاني من ضائقة شديدة ، ومن انعدام اي مساعدة ، فهل يمكن لهذه البلدية ان تخصص مبالغ طائلة لاحياء تقرر التخلص من عشرات الآلاف من سكانها ومواطنيها ؟؟ ....

ولعل ما يواجهه قطاعا الصحة والتعليم من مشكلات خطيرة تهدد مستقبل هذين القطاعين هو ما دفع بالقائمين على مؤسسة فيصل الحسيني من تكثيف جهود المؤسسة لحشد ما يمكن من تمويل لدعم مؤسسات الصحة والتعليم وقطاع الشباب في المدينة المقدسة - كما يقول عبد القادر الحسيني - رئيس مؤسسة فيصل الحسيني، التي اقامت مؤسسته قبل يوم حفل عشاء خيري في فندق " غراند بارك " في رام الله ، هدف الى تجنيد مزيد من المال من رجالات الاعمال الفلسطينيين في مدينة رام الله تحت شعار (( اشتر زمناً في القدس )) وهو الشعار الذي اطلقه القائد الراحل فيصل الحسيني ، وطاف فيه بلدان العالمين العربي والاسلامي بحثاً عن اموال تقوي صمود المواطنين المقدسيين ومؤسساتهم .

ويرى عبد القادر الحسيني ، ان دعم هذه القطاعات تحتل اولوية بالنسبة الينا ، وقد تمكنا عبر السنتين الماضيتين من توفير المساعدة للعديد من المدارس ... لكننا نحتاج الى المزيد لتأمين احياجات أخرى أساسية ....ويبدو ان تأثير الجدار حول القدس يتعدى قطاعات التعليم والصحة والشباب ، الى قطاعات اخرى منها القطاع الاقتصادي في البلدة القديمة من القدس ، حيث يزيد عدد المحال التجارية التي اضطر اصحابها الى اغلاقها على مدى السنوات الاربع عن 250 محلاً تجارياً ، كما تفيد بذلك معطيات مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية - بسبب الركود التجاري والسياحي ، والضرائب الخيالية التي فرضت على اصحاب المحلات مما اضطرهم لاغلاق محالهم والتحول الى عمال في المشاغل الاسرائيلية من فنادق ومطاعم ، وغيرها ، او الانتقال بأشغالهم الى مناطق الضفة الغربية .

الى ذلك افادت معطيات عرضتها لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين في مخيم شعفاط الى وجود اكثر من 100 الف لاجىء فلسطيني في محافظة القدس سيتأثرون بصورة مباشرة من جدار العزل حول مدينة القدس - كما يقول عادل محيسن ، مسؤول هذه اللجنة ، فيما يؤكد المحامي ضيف الله ابودهوك ، ان نحو 40 الفاً من هؤلاء اللاجئين هم من ابناء العشائر البدوية الذين رحلوا وطردوا من مناطق سكناهم في محيط المدينة المقدسة خلال السنوات القليلة الماضية سواء في منطقة جنوب شرق القدس ، او في منطقتها الشمالية الغربية ، وتدل عملية عزل هؤلاء على ان سياسة (( ترانسفير الصامت )) التي تطبقها سلطات الاحتلال في المدينة المقدسة - تستهدف بصورة اساسية معالجة ديمغرافيا اللاجئين والتخلص من هذا العدد الكبير منهم ، فيما يبدو انه معالجة اسرائيلية صامته ، لواحد من اكثر الملفات التي تقلق الدولة العبرية ، الا وهو ملف اللاجئين .

يذكر ان مخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين والذين لا يبعد عن القدس سوى مسافة خمسة كيلومترات هو المخيم الوحيد الواقع داخل حدود الدولة العبرية، وكان قد ضم الى الحدود البلدية المصطنعة للقدس عقب احتلالها عام 1967 ، وكان الوزير حاييم رامون من حزب العمل صرّح مؤخراً بأن قرار ضم مخيم شعفاط الى حدود اسرائيل كان خطأ استراتيجياً ، وبالتالي فهو غير آسف الآن على التخلص منه واخراجه الآن خارج حدود اسرائيل .