الأحد: 28/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

قضية السفير السعودي في واشنطن هل تشكل مقدمة لضرب ايران?

نشر بتاريخ: 16/10/2011 ( آخر تحديث: 16/10/2011 الساعة: 17:17 )
بيت لحم- معا- اعتبرت الصحف الاسرائيلية والعالمية خطة اغتيال السفير السعودي لدى واشنطن خطة هواة لا تنسجم مع طريقة واسلوب طهران ومخابراتها، وانها اثارت اسئلة اكثر مما قدمته من اجوبة رغم اصرار الرئيس الامريكي اوباما على وجود ادلة دامغة لا تقبل الشك ؟

وتساءلت صحيفة هأرتس الاسرائيلية الناطقة بالعبرية في تحليل مطول نشرته اليوم " الاحد " فيما اذا كانت القضية مقدمة لضرب ايران ؟ وذلك بغض النظر عن رصانة وفحص الادلة المقدمة .

وارجعت الصحيفة غياب رد فعل اسرائيل رسميا على هذه القضية التي اشغلت العالم ووضعت المنطقة على فوهة البركان الى انشغال الاخيرة بقضية الجندي غلعاد شاليط وصفقة تبادل الاسرى .

وقالت الصحيفة ان القضية تعج بعلامات الاستفهام لدرجة انها القت بظلالها على الشرق الاوسط برمته خاصة وان الاعلان عنها جاء على شكل اعلان مقتضب خال تقريبا من التفاصيل المتعلقة بالامور العملياتية وطريقة التنفيذ، مكتفية بالقول بان الامن الفدرالي الامريكي اكتشف علاقة ايرانية بمؤامرة لاغتيال الفسير السعودي في واشنطن وتفجير السفارة الاسرائيلية في العاصمة الارجنتينية بيونس ايرس .

واضافت الصحيفة بان التفاصيل المتعلقة بالخطة التنفيذية قليلة جدا ومن واقع الفحص والتمحيص يمكن القول بان تخطيط العملية غير سليم وتشوبه الكثير من العيوب ويمكن وصفه بتخطيط الهواة الامر الذي عزز عدم ثقة العالم بالاعلان الامريكي .

وسارع خبراء في الشأن الايراني ينتمي غالبيتهم للموقع الالكتروني Gulf 2000" " لصاحبه "جيري سيك" لتقديم المساعدة لايران وطرح الشكوك المتعلقة بحقيقة مسؤوليتها عن المؤامرة فيما ذهب البعض الاخر الى مدى ابعد من خلال طرح نظريات المؤامرة قائلين بانها من نسج خيال الادارة الامريكية بتغطية ودعم كاملين من المؤسسة الامنية والاستخبارية الامريكية التي فبركت القضية لادانة ايران كجزء من محاولة الولايات المتحدة ايجاد اجماع شعبي ضد ايران كمقدمة لانزال ضربة عسكرية صاعقة بها .

ومقابل كل هذه الشكوك والتساؤلات تمارس الادارة الامريكية ضغوطا كبيرة على وكالة الطاقة النووية الدولية لحثها على نشر ما قيل عن ادلة جديدة توافرت لدى الوكالة خلال الاشهر الماضية تتعلق ببرنامج ايران النووي .

وفي هذا السياق قالت الصحيفة الامريكية نيويورك تايمز ان الامر يتعلق بمعلومات غاية في السرية تؤكد اجراء ايران تجارب تكنولوجية مخصصة لبناء سلاح نووي .

وعودة للنظريات التي يتداولها الاعلام العالمي والامريكي على وجه الخصوص في محاولة لفهم ابعاد واسباب الاتهام الامريكي هناك من قال بان جهاز الموساد الاسرائيلي هو من يقف وراء الاتهام بهدف التسبب بحرب امريكية ايرانية مسترجعين الدور الاسرائيلي الحاسم في تجميع واختلاق ما سمي في حينه بالادلة التي ادت في النهاية الى احتلال العراق .

واستنادا للتجربة وبعيدا عن عقليات المؤامرة والمؤيدين لها فان الامريكيين والعالم اجمع يتذكرون جيدا بان الرئيس الامريكي السابق جورج بوش استخدم معلومات استخبارية غير صحيحة مفادها بان صدام حسين يطور برنامجا نوويا وعلى اقل تقدير برنامجا لانتاج السلاح البيولوجي حتى يعطي مصداقية لقراره غزو العراق عام 2003 فمن يضمن عدم عودة هذا السيناريو مرة ثانية وعدم قيام الاستخبارات الاسرائيلية والامريكية بفبركة ادلة وتقديرات امنية معينة تقدمها للمستوى السياسي كما حدث في حالة العراق .

وفي باب التحليل قالت هأرتس الاسرائيلية بانه من الصعب التصديق بان ايران ذات الباع الطويل في العمليات " الارهابية" التي تميزت بالدقة والذكاء والجرأة ستلقي بمسؤولية عملية بهذه الاهمية والحساسية على كاهل مواطن امريكي من اصل ايراني الذي اتضح فور اعتقاله بان الويسكي احب المشروبات اليه، اضافة الى البعد الزمني حيث ان اخر عملية ارهابية وقعت على الاراضي الامريكية وكان لايران علاقة بها كانت عام 1980 ونفذها "ديفيد ثيادور بالبليد وهو مواطن امريكي من اصول افريقية سبق واعلن اسلامه حيث استخدمته ايران لاغتيال احد معارضيه "علي اكبر طبطبائي الذي كان يشغل منصب الملحق الاعلامي في سفارة ايران لدى واشنطن ابان حكم الشاه .

وفر القاتل الذي الذي غير اسمه بعد اشهار اسلامه الى "داود صلاح الدين " الى كندا ومنها الى العاصمة الايرانية طهران حيث يقيم فيها حتى الان والذي قال قبل ايام في مقابلة مع الموقع الالكتروني "كريستيان ساينس مونيتور " بانه ومن واقع تجربته وفهمه لا يمكن ان تعمل المخابرات الايرانية بالطريقة التي اعلنتها واشنطن .

ورغم كل هذا لا يمكننا تجاهل حقيقة مسؤولية قوات القدس ووزارة المخابرات الايرانية عن تنفيذ وتخطيط العديد من العمليات التي وقعت خلال العقدين الماضيين، ونفذت على يد ايرانين ولبنانيين واخرين ضد معارضي النظام المقيمين في برلين وفينا وروما وباريس اضافة الى مسؤوليتهم عن تفجير السفارة الاسرائيلية في الارجنتين عام 1992 وبعدها بسنتين ونصف تفجير المركز الثقافي اليهودي في العاصمة الارجنتينية ايضا وفقا لصحيفة هأرتس .

واخيرا ورغم الصمت الرسمي الاسرائيلي وعدم صدور موقف علني من القضية فان اجهزة الامن الاسرائيلية تعلم بان ايران ليست مؤهلة فقط لتنفيذ عمليات من هذا النوع مبدئيا ولكنها ايضا تبادر اليها وتتأمر طيلة الوقت لتنفيذها مستندين في هذا التقدير لما ينسبه الامن الاسرائيلي لايران من محاولة تفجير السفارات الاسرائيلية في العاصمة الاذرية "باكو " والقاهره ودول غرب افريقيا تلك المحاولات التي تمت بالتعاون ما بين قوات القدس وحزب الله اللبناني وذلك كجزء من محاولات الحزب اللبناني الشيعي تنفيذ عمليات انتقامية ردا على اغتيال مغنية .

وكذلك يشترك السعوديون في الاعتقاد الجازم بصحة الاتهامات الامريكية لايران حيث قال وزير الخارجية سعود الفيصل اثناء زيارته لاستراليا الاسبوع الماضي "سنحمل ايران مسؤولية اية عملية توجه ضدنا ملمحا الى ان القضية الاخيرة ليست الاولى التي تثار فيها شبهات حول دور ايران في عمليات من هذا النوع".