الخميس: 09/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الهيئة المستقلة: الاحتلال والانقسام عدوا منظمة حقوق الانسان الفلسطينية

نشر بتاريخ: 17/04/2012 ( آخر تحديث: 17/04/2012 الساعة: 19:29 )
رام الله - معا - أكدت الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء، أن استمرار الاحتلال، وحالة الانقسام، يتركان آثارا مدمرة على منظومة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.

جاء ذلك في المؤتمر الصحافي، الذي عقدته الهيئة، اليوم، في رام الله، لعرض تقريرها السنوي السابع عشر حول وضع حقوق الإنسان في مناطق السلطة الوطنية للعام 2011.

وأكد المفوض العام للهيئة، الدكتور أحمد حرب أن أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية خلال العام الماضي، ورغم وجود بعض المؤشرات الإيجابية، بعيدة عن الصورة التي التزمت بها السلطة الوطنية ومكوناتها.

وقال: واصلت دولة الاحتلال خلال العام الماضي انتهاكاتها لحقوق الإنسان الفلسطيني، حيث استمرت السياسات والممارسات الإسرائيلية، التي قوضت من فرص التنمية على مختلف الصعد في الأراضي الفلسطينية".

وأضاف د. حرب: أقرت سلطات الاحتلال خلال العام 2011، بناء 26837 وحدة استيطانية، وصادرت 52515 دونما، وهدمت 495 منزلا ومنشأة، واقتلعت 76418 شجرة، واعتقلت نحو 3300 مواطن، وقتلت خلال هذا العام 180 مواطنا، بينهم 21 من الأطفال.

وأشار إلى أن العام الماضي شهد تفاقم ظاهرة الاعتقال الإداري بحق المواطنين، وأوضح أن قوات الاحتلال خلال العام 2011، قامت بتحويل أكثر من 88 فلسطينيا إلى الاعتقال الإداري، بما فيهم رئيس المجلس التشريعي وعدد من نوابه.

وأضاف د. حرب إن دولة الاحتلال استمرت في تنفيذ سياسة الاعتقال التعسفي بحق الفلسطينيين، وقد بلغ عدد الأسرى الأمنيين حتى نهاية العام 4500 أسير، وزعوا على كافة السجون، والمعتقلات، ومراكز التحقيق الإسرائيلية، وذلك رغم إطلاقها سراح 1027 أسيرا في إطار صفقة تبادل الأسرى خلال العام الماضي.

وأشار د. حرب إلى ازدياد حجم البناء الاستيطاني في الضفة خلال الفترة التي يغطيها التقرير بنسبة 20%، وبين استمرارا البناء في 115 مستوطنة بالضفة، وتجريد الأراضي في 15 مستوطنة أخرى تمهيدا لتوسيعها، إضافة إلى إنشاء نحو 50 منشأة صناعية وحدائق في الأراضي الفلسطينية، أما في مدينة القدس فرصد مصادرة وسلب 3158 دونما، وقطع وخلع وحرق 1098 شجرة، وهدم 41 مسكنا كان يعيش فيها 282 مواطنا منهم 177 طفلا، وتهديد 134 مسكنا بالهدم، إضافة إلى هدم 56 منشأة، وتهديد 17 منشأة أخرى.

وأكد د. حرب أن المستوطنين قاموا بالاعتداء على 88 مكانا مقدسا، فيما قتل خمسة مواطنين من ضمنهم طفلان، وأصيب أكثر من 1000 آخرين، على يد المستوطنين أو قوات الاحتلال، أو حوادث متصلة بالمستوطنات.

وقال: أظهرت معطيات أن اعتداءات المستوطنين ضد المواطنين الفلسطينيين المعروفة باسم (جباية الثمن) سجلت رقما قياسيا خلال العام 2011، حيث وقع نحو 601 اعتداء نفذها مستوطنون ضد الفلسطينيين وأملاكهم ومقدساتهم، وضد قوات الأمن الإسرائيلية مقابل 504 اعتداءات نفذها المستوطنون العام 2010، و433 اعتداء العام 2009.

وأشار د. حرب إلأى تسجيل مائة انتهاك خلال العام 2011 بحق صحافيين من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين، مقارنة بـ 139 انتهاكا العام 2010، وأكد أن للسياسات الإسرائيلية بالغ الأثر في تقويض جهود السلطة عن أداء مهامها، وتحمل مسؤولياتها القانونية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وواجبها في توفير الأمن والأمان للمواطن، وبسط سيادة القانون، وفي الوقت ذاته، ترفض دولة الاحتلال التعامل مع السلطة في الضفة من منطلق سيادي، بل إنها تقوض جهودها المستمرة في بسط سيادة القانون، وذلك عبر الاجتياحات المستمرة للمدن، واغتيال المواطنين واعتقالهم، بحجة ذرائع أمنية واهية.

وقال د. حرب إن التقرير رصد وفاة 147 شخصا في أراضي السلطة في ظروف غير طبيعية، توزعت على النحو التالي: 91 حالة في القطاع من ضمنها 30 حالة في حوادث الأنفاق، مقابل 56 حالة في الضفة، وكان من بين العدد الإجمالي باستثناء الوفيات في الأنفاق 36 طفلا في الضفة، و20 طفلا في القطاع، و22 من النساء، تسعة منهن في الضفة.

وأضاف: شهد العام 2011 ارتفاعا في عدد الوفيات غير الطبيعية التي سجلتها الهيئة بالمقارنة مع العدد المسجل في 2010 (126 حالة)، وذلك بعد أن انخفض عدد الحالات المسجلة العام 2010 عن العامين 2009 (236 وفاة)، و2008 (191 وفاة)، كما ارتفعت نسبة الأطفال الذين توفوا في ظروف غير طبيعية في هذا العام (31% من 117 وفاة إذا استثنيت وفيات الأنفاق) عن نسبتهم العام 2010، التي لم تتجاوز الـ 17% من عدد الوفيات، كما ارتفعت نسبة النساء اللواتي توفين في ظروف غير طبيعية العام 2011 (19%)، عن النسبة المسجلة العام 2010، التي لم تتجاوز الـ 12%.

وتابع: لإن للانقسام آثار كارثية على منظومة حقوق الإنسان في الضفة والقطاع، حتى بات هذا الانقسام مهدرة للحقوق ومسكتا لنبضها، فمعظم الانتهاكات المرتبطة بالاحتجاز التعسفي، واشتراط السلامة الأمنية لتقلد الوظائف العامة، وعدم تنفيذ قرارات المحاكم، وتلك الانتهاكات المرتبطة بحرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة والسلامة البدنية، (...) يمكن إرجاعها بشكل أو بآخر إلى تطورات ونتائج الانقسام السياسي.

وأوضح د. حرب أن الهيئة سجلت 5 حالات وفاة داخل السجون ومراكز الاحتجاز التابعة للمكلفين بإنفاذ القانون، وقعت جميعها في القطاع.

وأكد د. حرب أم العام 2011 شهد العديد من الاعتداءات على الحرية الشخصية للصحافيين، وقال: رصدت الهيئة اعتقال ما لا يقل عن 31 صحافيا في كل من الضفة والقطاع، حيث ألقت هذه الاعتقالات التي مست بحرية الرأي والتعبير، بظلالها السلبية على العاملين في الحقل الإعلامي، وشكلت هاجسا للعديد منهم، حال دون قيامهم بنقل الأحداث بكل حرية، وذلك خوفا من الملاحقة، والاعتقال التي تمت بحق الصحافيين.

وأكد د. حرب أن فشل جهود تحقيق المصالحة، واستمرار الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس في الضفة والقطاع، انعكس سلبا على منظومة حقوق الحقوق والحريات العامة، التي تعرضت لانتهاكات كثيرة من قبل طرفي الانقسام، أهمها عمليات الحرمان التعسفي من الحرية، وعدم سلامة الإجراءات القانونية في عمليات القبض والتفتيش والاحتجاز، ومصادرة الحريات العامة والتضييق عليها، وعدم احترام قرارات المحاكم، وتقديم المدنيين إلى القضاء العسكري، والاستمرار في سياسة اعتبار الفحص الأمني عبر ما يعرف بـ "السلامة الأمنية"، شرطا لتقلد الوظيفة العمومية، وفي العديد من مناحي الحياة الأخرى.

وأكد د. حرب أن الهيئة سجيلت تراجعا حدة الانتهاكات خلال الأشهر القليلة التي أعقبت المصالحة، إلا أنها تخشى بقاء التحسن في حالة حقوق الإنسان، ومنظومة الحقوق والحريات في الأراضي الفلسطينية مرتبطا بالقرار السياسي، أمام تشابه الظروف التي قد تساعد فيما إذا استمرت إلى عودة حدة الانتهاكات التي تميزت بها السنوات التي واكبت الانقسام.

وأضاف: إن استعادة الحريات الأساسية، واحترام حقوق الإنسان، واستعادة الحياة الديمقراطية بإجراء الانتخابات المحلية والتشريعية والرئاسية، مطلبان أساسيان من أجل مستقبل مستقر للجميع في الأراضي الفلسطينية، خاصة في ظل بيئة تزداد فيها المطالبة بقضايا الإصلاح، والتغيير والديمقراطية، ومكافحة الفساد، واحترام حقوق الإنسان.

وتابع د. حرب إن الهاجس الأمني لدى الأجهزة الأمنية قد يؤدي في بعض الظروف، إلى انحراف في عملها، نتيجة الإحساس المبالغ فيه لدى القائمين على أمورها، بكونهم المسؤولين عن تحديد المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني، وليس المؤسسات السياسية والتشريعية المنتخبة أو القضائية، في الوقت الذي لم تضمن فيه اجراءات السلطة، عمل الأجهزة الأمنية من حيث التزامها بالقانون، وصلاحيات منتسبيها كضابطة قضائية، حيث لا تزال ممارساتها في القبض، والاحتجاز والتفتيش، وجمع المعلومات، وإشرافها على مراكز الاحتجاز الخاصة بها، بعيدة عن رقابة النيابة العامة المدنية، حيث أتاح غياب الرقابة على أعمالها، مجالا لها لتفسير القانون على طريقتها.

ودعا د. حرب الجهات المسؤولة، إلى اتخاذ إصلاحات جذرية، فيما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، مطالبا السلطة بدعوة المجتمع الدولي لممارسة الضغط على حكومة الاحتلال لتحمل مسؤولياتها بموجب القانون الدولي ووقف الاستيطان، وإنهاء الاحتلال باعتباره سببا رئيسا لانتهاك حقوق الإنسان، وعائقا أمام إقامة الدولة وتقرير المصير.

وطالب د. حرب السلطة باتخاذ إجراءات مناسبة لتعزيز استقلال القضاء، وضمان عدم تدخل الأجهزة الأمنية في شؤونه، واحترام قرارات المحاكم وتنفيذها دون تأجيل أو تلكؤ، وإصدار قانون تشكيل المحكمة الإدارية بما يضمن التقاضي فيها على درجتين ضمانا لتحقيق العدالة، داعيا بالمقابل حماس، إلى التراجع عن قرار تشكيل مجلس أعلى للعدل، ووقف عرض المدنين على القضاء العسكري.

وطالب د. حرب حماس بإنهاء الولاية والسلطة الإدارية على المجلس الأعلى للقضاء، والسماح بإعادة تشكيل المحاكم النظامية وفق قواعد القانون الأساسي، وقانون السلطة القضائية، وعدم عرض المدنين على الجهات القضائية العسكرية، والالتزام بالتشريعات بعرض المتهمين المدنين على القضاء المختص، والتعامل بشفافية وموضوعية مع الشكاوى الواردة ضد الأجهزة التابعة لها، ومحاسبة مرتكبي جرائم الاحتجاز.

وحث د. حرب الجهات المسؤولة في الضفة والقطاع، على التحرك لحمل الأجهزة الأمنية على التوقف عن اعتقال وتوقيف واستدعاء الصحافيين، وإزالة كافة القيود المفروضة على ممارسة عملهم، وتشكيل لجان تحقيق مستقلة من مؤسسات حقوق الإنسان ونقابة الصحافيين، في كافة الحالات التي وقعت فيها انتهاكات، ومحاسبة المتورطين.

وطالب بإلغاء إجراء "المسح الأمني، مؤكدا بالمقابل ضرورة إجراء الانتخابات المحلية، وتفعيل عمل المجلس التشريعي.
كما بين أن على السلطة اتخاذ مجموعة من الخطوات، قبل إصدار قانون جديد للضريبة.

من ناحيتها، ذكرت المديرة التنفيذية للهيئة رندا سنيورة، أنه رغم حصول تراجع في عدد الشكاوى مقارنة مع العام 2010 (3828 شكوى)، إلا أنه لوحظ تكرار عدد من الانتهاكات التي سجلت خلال السنوات الماضية، وأكدت أنه منذ بداية الانقسام، يلاحظ أن بعض أنماط الانتهاكات تتكرر.