الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

في دراسة حديثة لباحث فلسطيني: مشكلة الجفاف التي يعاني منها البحر الميت تهدد وجوده

نشر بتاريخ: 08/01/2007 ( آخر تحديث: 08/01/2007 الساعة: 10:04 )
غزة- معا- أكدت دراسة حديثة على أن البحر الميت يعاني من مشكلة الجفاف والانحسار منذ أكثر من أربعين عاماً وأن هذه المشكلة تشكل تهديداً حقيقياً لوجوده.
وتشير التقديرات إلى أن مستوى سطحه قد انخفض في السنوات الأربعين الماضية أكثر من 28 متراً فقد كان مستوى سطحه يدور عند -393 متراً تحت مستوى سطح البحر المتوسط بينما وصل الآن إلى أكثر من -421 متراً، جاء ذلك في دراسة أعدها الباحث الفلسطيني إبراهيم محمود فرج حبيب من مدينة غزة ، للحصول على درجة الماجستير من معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة بعنوان "جفاف البحر الميت الأسباب والآثار".

وأكدت الدراسة أن هذا الانخفاض أدى إلى تقلص مساحته لتصبح أقل من 660 كم2 بعد أن كانت أكثر من 1000كم2، ناهيك عن الآثار البيئية السلبية التي ظهرت عقب استفحال المشكلة ومنها ارتفاع نسبة الملوحة في مياهه وتملح المياه الجوفية نتيجة لدخولها في التكوينات الصخرية التي كانت تملئها مياه البحر الميت، وكذلك ظهور الحفر الانهدامية التي أدت إلى غرق بعض المواطنين وانهيار الطريق المحاذي لشاطئ البحر الميت من الجهة الأردنية، أما تأثيراتها الاقتصادية السلبية فظهرت بوضوح على قطاعي السياحة والصناعات الاستخراجية لكلٍ من إسرائيل والأردن.

وتناول حبيب في دراسته موضوع البحر الميت بكل أبعاده وخلفياته التاريخية والسياسية، وتطرق إلى مشروع قناة البحرين الأحمر- الميت مشيراً إلى خلفياته التاريخية والمشاريع السابقة به، وركز على المشروع الجديد موضحا أخطاره السياسية والاقتصادية على الجانب الفلسطيني خصوصا على قضيتي المياه والحدود.

فصول الدراسة

واشتملت الدراسة على خمسة فصول، الأول تناول دراسة البحر الميت طبيعيا من ناحية جيولوجيته وطبوغرافيته والمناخ والتربة، والثاني مائية البحر الميت من حيث دراسة وتحليل للتذبذب التاريخي لمستوى سطحه من أجل الوقوف على تاريخية المشكلة واستعرض المصادر المائية له وعالجها بالبحث والتحليل، واستطاع الباحث من خلالها أن يضع الموازنة المائية الصحيحة للبحر الميت وأن يبني على أساسها نتائجه التي توصل إليها حول العجز المائي السنوي وأسباب مشكلة الجفاف والدول المتسببة فيها, وأظهرت نتائجه أن البحر الميت لن يجف أبدا في ظل وجود المعطيات الجغرافية الحالية. وأن العجز المائي السنوي في الموازنة المائية يقدر بحوالي 1600مليون م3؛ وتمثل السياسات المائية لدول المنطقة السبب الرئيسي بنسبة 80-83%؛ بينما تعتبر الصناعات الاستخراجية السبب الثاني بنسبة 17-20%؛ أما الدول المتسببة بالمشكلة فكانت إسرائيل أولها بنسبة 58%, تلتها الأردن بنسبة 29%؛ ثم سوريا بنسبة 12%, بينما جاءت لبنان بنسبة 1%.

أما الفصل الثالث فتناول علاقة البحر الميت بقوم لوط لمعرفة مدى تأثير عذابهم عليه, وقد استطاع الباحث أن يتوصل فيه إلى انجازٍ علمي جديد يفسر شكل العذاب الذي حل بالقوم والكيفية التي حدث بها، والفصل الرابع فقد تناول السياسات المائية لدول المنطقة التي تعتبر السبب الرئيسي للمشكلة، والفصل الخامس استعرض مشاريع قناة البحرين بكل خطوطها وأبعادها التاريخية والسياسية والاقتصادية والبيئية, وأسباب توقف السابق منها وتوضيح أفضلها, ثم بحث في المشروع الجديد (الأحمر- الميت) موضحاً لأخطاره المختلفة خصوصاً على الفلسطينيين, ومبيناً لسلبياته الكثيرة, موضحا دوافع معارضيه من كل الأطراف.

نتائج الدراسة

وتوصل الباحث إلى مجموعة من النتائج كان من أهمها أن المشروع المطروح حالياً ليس حلاً مثالياً وهناك مشاريع أفضل منه، وأنه سيضر بالمصالح الفلسطينية والعربية، وأن هذا المشروع لا يمكن أن يكون بديلاً عن قناة السويس بأي حال من الأحوال.

وأشار حبيب ان عامل الجفاف الذي تعاني منه المنطقة بشكلٍ عام هو السبب غير المباشر للمشكلة ونتيجة لهذا السبب فإن سطحه كان يتناقص بمقدار 0.5 سم سنوياً، سبق وأن تعرض البحر الميت قبل هذه المشكلة إلى انخفاض منسوب سطحه إلى أقل من -400م تحت سطح البحر أكثر من ثلاث مرات كانت في (1340م)،(1740م)،(1770م)، وتعرض البحر الميت لتذبذب واضح في مستوى سطحه بين الارتفاع والانخفاض بلغ حوالي 83 متراً في الفترة من 100 قبل الميلاد إلى 40 بعد الميلاد.

جدير بالذكر أنه ورد في عدد من الدراسات التي تحدثت عن المشكلة بعض المعلومات المغلوطة وغير الدقيقة وقد قام الباحث بالتحقيق فيها وصححها وهي تتركز حول الآثار الجيولوجية لمشروع قناة البحرين وحجم الموازنة المائية للبحر الميت وإمكانية جفاف البحر الميت خلال الخمسين عام القادمة، ومشروع قناة البحرين يمكن أن يكون بديلاً لقناة السويس والآثار البيئية لمشروع قناة البحرين.

يشار ان الباحث حبيب حصل على درجة الماجستير بتقدير ممتاز في الجغرافيا التطبيقية عن هذه الدراسة، وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التعاون بين معهد البحوث والدراسات العربية وإحدى الجامعات الفلسطينية والتي تتمثل في جامعة النجاح الوطنية في مجال الإشراف على الرسائل العلمية.