الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

سكان خانيونس سعداء بإخلاء مستوطنة نفيه دكاليم التي كانت مركزا للإسقاط والقتل والتعذيب وإذلال الفلسطينيين

نشر بتاريخ: 19/08/2005 ( آخر تحديث: 19/08/2005 الساعة: 19:48 )
خانيونس -معا- تعتبر مستوطنة نفية دكاليم واحدة من أهم وأكبر المستوطنات في قطاع غزة ، بالرغم من أنها شيدت متأخرة ، ويعني اسمها ( واحة النخيل) حيث يعود إنشاؤها إلى توفر مساحات شاسعة من الأرض غرب مدينة خانيونس نتيجة التوسعات الجنوبية الكبيرة لمستوطنة جاني طال .

وكانت البداية عام 1982 بوضع العديد من الكرفانات جنوب مستوطنة جاني طال ، ثم أعقبها إسكان المهاجرين الروس ومن شرق أوروبا ، ليتم بعد ذلك إعلانها كمستوطنة جديدة في أيار عام 1983 وأقرتها اللجنة الوزارية لشؤون الاستيطان في حكومة الليكود.

وأقيمت المستوطنة على مساحة 600 دونم من أراضي المواطنين أملاك الحكومة الواقعة بين مخيم خانيونس وساحل خانيونس حتى باتت المستوطنة تمثل حصار غربياً للمخيم وتمثل مع امتداد مستوطنة جاني طال ما يشبه حذوة الفرس حول مخيم خان يونس.

وعلى مدى السنوات التالية استمرت المستوطنة في التوسع والتمدد من عدة جهات فمن الناحية الغربية كانت تتمدد على حساب أراضي المواطنين في منطقة المواصي ومن المنطقة الشرقية كانت تتمدد على حساب أراضي المخيم المحاذي لها تماما . ووصل التوسع إلى أوجه خلال الفترة من 1994-1997 حيث تمت مصادرة مئات الدونمات من أراضي الفرا والنجار. وخلال انتفاضة الأقصى تم توسيع المستوطنة بنحو 200 دونم يعود غالبيتها إلى المهندس محمد الفرا، حتى باتت مساحة المستوطنة تقدر بنحو 3500 دونم.

وتضم المستوطنة أربعة أحياء سكنية ومنطقة صناعية، والأحياء هي : حي الاشكنازيم، حي السفارديم، حي اليمينيين، وحي التونسيين، إضافة للمنطقة الصناعية. وهي تعتبر مستوطنة صناعية مجتمعية "يشوف كهيلاتي" وهي من أكثر المستوطنات كثافة ويقطنها وفق المجلس الإقليمي للمستوطنات في غزة "ييشاع" 2300 مستوطن بما يمثل نحو 30 % من مستوطني القطاع وبها ما يزيد على 700 وحدة سكنية. وقبل الانتفاضة وصل عدد سكانها إلى 3000 مستوطن سرعان ما انخفض عددهم إلى أقل من النصف بسبب أعمال الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية .

وتعتبر هذه المستوطنة المركز الرئيس للإستيطان في جنوبي قطاع غزة، حيث تحوي اكبر عدد سكان ، وتوجد فيها جميع الهياكل الإدارية للمستوطنات ، فيوجد فيها المجلس الاقليمي لمستوطنات القطاع وقيادة الشرطة الصهيونية في القطاع وبها مركز الحياة الثقافية والتعليمية للمستوطنين الذي أقام جامعتين للطلاب، والطالبات، وسكن داخلي، ودار للحضانة، 3 مدارس مختلفة ابتدائية، إعدادية، ثانوية وتضم مستشفى مركزي لاستقبال وعلاج سكان المستوطنات، كما أقيمت بها مدرسة المتدينين التي كانت في مستوطنة ياميت.

ويوجد في المستوطنة فرع لبنك مزراحي، ومكتب بريد، ومركز للشرطة، وسوق تجاري كبير، وكنيسان للصلاة، ومحطة وقود، وحديقة حيوان ، وعدد من الملاعب ، وسلسلة من المطاعم الجميلة ، وفي منتصف الثمانينيات أقيم بها البرج المركزي للاتصالات في المستوطنات والذي يخدم أغراض الجيش والمستوطنين، وبجانبه تم إقامة معهد الدراسات الدينية وذلك لخدمة وتشجيع بقاء الجنود الذين يخدمون في المستوطنات والإقامة فيها.

أما المنطقة الصناعية بالمنطقة فتضم الكثير من الصناعات مثل مصنع الحديد والصلب و مصنع للألمنيوم ،ومصنع البيوت المتنقلة، ومصانع للزجاج وتجفيف الخضار، وتم نقل عدد من الصناعات الخطرة للمستوطنة كالبويات وبعض الكيماويات.

ونظراً لملاصقة حدود المستوطنة مع مخيم خانيونس فقد تحولت محاورها المختلفة خلال انتفاضة الأقصى إلى ساحة مواجهة دامية ارتقى خلالها عشرات الشهداء وأصيب المئات من الجرحى لا سيما محيط حاجز التفاح الذي يمثل بداية حدود المستوطنة من الناحية الشمالية والذي أصبح خلال انتفاضة الأقصى أحد المناطق الأكثر سخونة وتفجرا.

وفي بداية الانتفاضة تمكن الأطفال الفلسطينيون من غزالة مساحات كبيرة من حدود المستوطنة الشائكة، ولكن سرعان ما شيدت قوات الاحتلال سوراً خرسانياً بارتفاع ثمانية أمتار.

وعلى مدى الانتفاضة توغلت قوات الاحتلال مراراً من المستوطنة في أجزاء متفرقة من المخيم خاصة المخيم الغربي وبلوك I ودمرت أكثر من 750 منزل تدميراً كاملاً بينها عشرات العمارات السكنية فضلاً عن تدمير مسجد والتدمير الجزئي لنحو ألفي منزل آخر.

وخلال عمليات التوغل كانت تتحول أزقة وشوارع المخيم الفقيرة إلى ساحات حرب حقيقية تستخدم فيها قوات الاحتلال كل قواتها وإمكانتها العسكرية في وجه مقاومة مسلحة ببضعة أسلحة خفيفة وعبوات محلية الصنع، وفي كل مرة كانت قوات الاحتلال توقع خسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم .

وتسابقت فصائل المقاومة الفلسطينية إلى شن عمليات استشهادية في عمق المستوطنة وعلى مواقعها العسكرية ضمن استراتيجية الرد على جرائم الاحتلال. ويشير المواطنون إلى فرحتهم الكبيرة بالإنتهاء من إجلاء المستوطنون عنها ، فهم يعتبرونها أحد أهم مراكز الإذلال والتعذيب ، فبداخلها يوجد مركز رئيس للشاباك والمخابرات الاسرائيلية ، حيث كانت تتم عمليات الإسقاط للفلسطنيين ، وتمارس فيها كافة أشكال التعذيب للمعتقلين سواء في الانتفاضة الأولى أو الثانية ، وكانت انطلاقا لمعظم عمليات الاجتياح والتوغلات التي شهدها المخيم الغربي ، وتسببت في استشهاد ما يزيد عن مائة شهيد من شهداء الانتفاضة بمدينة خانيونس ،

المواطن احمد أبو مصطفي يقول لقد دفنت في هذه المستوطنة عام 1988 في بداية الانتفاضة الأولى وقد كسرت أطرافي الاربعة فيها ، أنا سعيد جدا بزوال هذه المستوطنة التي أمعنت في قتل والتنكيل بنا .

ويشير المواطن اسماعيل أبو عكر 45 عام والذي استذكر ابنه الشهيد محمد 10 أعوام فيقول أبراج المراقبة الموجودة على حدود المستوطنة هي التي قتلت ابني وهو ذاهب إلى البقالة ليشتري حاجيات المدرسة من المحل القريب من البيت ولكن ظلم الجنود جعلتهم يطلقون النار على ابني الصغير بغيرسبب ، أنا في غاية السعادة للبدء الجيش والمستوطنين بالانسحاب عن أرضنا التي اغتصبوها عنوة .