الأحد: 26/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحاجة ناصرة تحلم بنصر قريب تسمعه بإحساسها لا بآذانها الصماء

نشر بتاريخ: 25/08/2005 ( آخر تحديث: 25/08/2005 الساعة: 22:06 )
غزة- معا- حينما تراها تشعر أن الحزن والمعاناة قد خطّا على وجهها خريطة من الويلات والحزن التي ترى في ملامحها جسورا من الأصالة امتزجت بكمّ كبير من الشجن يشعرك أن الدنيا قد جارت على الحاجة و أدبرت.... إنها الحاجة ناصرة التي فقدت سمعها و لم يحزنها الأمر بل راقها كثيراً أن تبتعد عن نحيب و عويل المواطنين جراء الجرائم الإسرائيلية.

الحاجة ناصرة تسكن في القرية البدوية التي تبعد عن مستوطنة "نيسانيت" أقل من 50 متراً و تسكن مع ابنها سالم أبو عتيق الأب ل 17 طفلاً من زوجتيه, لم تكن إقامتهم في القرية البدوية أزلية و إنما جاءت على إثر هدم بيتهم في المنطقة الصناعية في بيت حانون ما حذاهم للبحث عن منزل يأويهم بأرخص الأثمان و أقلها تكلفة فوقع الخيار على القرية البدوية النائية التي اضمحلت فيها كل ملامح الحياة البشرية من ماء و كهرباء وغيره.

و إن كانوا قد وجدوا رقعة تجمعهم فهم بالتأكيد لم يجدوا في هذه الرقعة أدنى شبه من الحياة الآدمية من غياب المنزل الذي يأويهم و حتى غياب أشد ضروريات الحياة من غاز للطهي و ثلاجة و كل ما يصنف تحت بند أثاث فوضع العائلة بل و القرية ككل يعيدك إلى الحياة البدائية.

سالم أبو عتيق حدثنا عن حياته في المنطقة الصناعية بوجود منزل يجمعه مع أمه و أبنائه و زوجتيه قائلاً "و إن كنا نعاني الأمرين من الانتهاكات الإسرائيلية في السابق إلا إننا كنا في الجنة مقارنةً بما نعانيه الآن فالأمر في السابق كان مصبوغاً بصبغة آدمية في الوقت الذي انعدمت فيه كل نواحي الإنسانية في الوقت الحالي بعدم توفر ضروريات الحياة فالحياة انتقلت بنا من سيء إلى أسوأ ".

وعبر سالم عن سعادته الشديدة برحيل القوات الإسرائيلية الذين جاوروه سنوات طويلة مستنزفين من عمره و عمر أبنائه وأمه العجوز ذات ال 73 عاماً ومن راحة باله و بالهم داعياً ربه أن يعودوا بلا رجعة ولا عودة.

أما الحاجة ناصرة التي أصاب الصم أذنيها و لم يدنو من إحساسها و قلبها فقد أدركت سبب قدومنا و بلبلت عدة كلمات مشيرة إلى المستوطنة و عبرت لنا عيناها عن فرحة عارمة تكتسح قلبها لانسحاب الإسرائيلين.

حاجة في ال 73 من عمرها تستحق أن تختتم حياتها بفرح لا أن تنتقل من مأساة إلى أخرى, انسحاب الإسرائيليين سيريحها و عائلتها نفسياً و يشعرهم بالأمان و لكن ماذا سيقدم لهم الانسحاب على صعيد الحياة المادية و الشخصية.