السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

على شارون أن يتخذ المزيد من المبادرات أحادية الجانب

نشر بتاريخ: 29/08/2005 ( آخر تحديث: 29/08/2005 الساعة: 13:00 )
ترجمة معا- لقد حدث هذا في العام 1965، حيث دفع محبي لعبة الملاكمة آلاف الدولارات للحصول على مقعد حول حلبة الملاكمة ليشاهدوا محمد علي كلاي وسوني ليستون يتنافسان على لقب العالم في الوزن الثقيل، وإنتهت المباراة منذ الدقيقة الأولى بضربة قاضية، صدرت صيحات الغضب والثورة من الجماهير المحتشدة، فلقد حضروا لمشاهدة عرض مباراة وقضاء وقت ممتع, ولكن وقبل أن يستقر بهم المقام، ها هو ذا ليستون مطروح أرضاً, الرجل الضخم الهائل، ممدد طريحاً على أرض الحلبة.

مفاجآت من هذا النوع حدثت في معارك " حياة وموت بالنسبة لنا هنا، ففي العام 1967، حيث كانت اسرائيل خلال تلك الفترة, ما يسمى ب " فترة الانتظار" كانت اسرائيل تراقب بقلق ، تقضم أظافرها قلقاً من هجوم مصري، ومن ثم، وكما حصل في حلبة الملاكمة،اسرائيل الضعيفة، الفقيرة، فجأة وبدون سابق انذار, تمسح اسرائيل الدموع عن الوجنتين وانطلقت الى الفعل والعمل، وخلال أيام ستة استطاعت أن تهزم ليس فقط مصر، بل ومعها سوريا والأردن.

بعد ذلك، دخلت اسرائيل في ثمانية عشرة سنة دامية في لبنان، "فيتنامنا المصغرة"، ولم يكن لديها ابداً الجرأة على اتخاذ قرار المغادرة، حتى أتى باراك، الذي أخرجنا من هذا الكابوس ما بين ليلة وضحاها.

خلال الأسبوع الماضي، اسطورة إخرى وقعت او تهاوت فجأة، الحرب الأهلية الدامية التي كان يمكن أن تقع اذا ما حاول من يكون أن يفكك أو يزيل المستوطنات، لم تحدث، وذلك بعد أن تم ترويع المجتمع الاسرائيلي، المتطرفين ومجلس ييشع تحولوا الى نمور من ورق، فخلال ثمانية أيام استطاعت الحكومة أن تخلي 25 مستوطنة بمن فيها من الاف المستوطنين في قطاع غزة والضفة الغربية.

لم يقتل شخص واحد، ولم تحدث حرب أهلية،لم يحدث أي شيءمن ذلك الذي تم تخويف الناس به على مدى الاشهر الماضية
إنه دان حالوتس، وشعاره الفائق الروعة, " مهذب لكن حازم" ، وتحديداً الانتشار الكثيف للجنود وقوات الشرطة الذين نفذوا الإخلاء بدون بنادق وهذا ما أنجح " الخطة الخدعة "، أن رئيس الاركان " حالوتس" محفور الآن في ذاكرة المواطنين كشخص قد يكون من المحتمل أن يقود هذه البلاد في يوم ما في القادم من الأيام.

في هذه الأثناء، فان شارون لا يزال حياً ويقاوم، إنه البطل الحقيقي- الرجل الذي حلم بِ ونفذ " انفصالاً أحادي الجانب"، لقد بدد الاسطورة التي خلقها المستوطنين، معظمهم متدينين، ودولة علمانية لا تستطيع أن تفرض ارادتها الديمقراطية على المهووسين من معسكر التبشيريين, هكذا اعتقد هؤلاء, ويبدو انهم امنوا بذلك وصدقوه, والأهم من ذلك، أنه" شارون" أوجد سابقه سوف تسمح لاسرائيل بأن تتخذ قرارات صعبة, عندما يحين الوقت اللازم لمثل تلك القرارات، وعندما يجب التحرك الى الأمام باتجاه طريق السلام وترسيم الحدود.

لقد أوضح شارون أن القرارات السياسية تتخذ من جانب الحكومة وليس بمرسوم إلهي تتم صناعته وصياغته من قبل الاوصياء على الله في ارضه.

متطرفوا الليكود وضعوا " عقداً سياسياً" على رأس شارون، اعتقدوا للحظة انهم امتلكوه, وكان هدفهم الحقيقي هو تلطيخ اسمه، ودفعه الى الخارج" طرده" باسرع وقت ممكن، لا أستطيع أن أتذكر أن شخصاً واحداً قد تمت إهانته بهذا الشكل الجماعي والقدح به بهذا الشكل العلني كما حدث لشارون، وتم خذلانه بهذا الشكل.

في لجنة الشؤون الخارجية والأمن، إيفي إيتان وأوزي لنداو، عاندوا كمجموعة من " زعران" الحي، ولم يتحرك ولو عضو واحد من أعضاء الليكود للدفاع عنه.

إن شجاعة شارون، تركت الرئيس بوش والقادة الاوروبيين فاغري الأفواه، لقد حلق عاليا بموقفه ذلك في عيونهم, ووصل الى مكانة لم يستطع أن يصلها أي قائد اسرائيلي من قبل، أما هنا في اسرائيل، فقد تم " مسحه" بالوحل، وتم إضعاف موقفه وسلطاته ضمن صفوف حزبه.

الاستطلاعات التي تبرز دائماً في هكذا احداث أظهرت أن نتانياهو والذي عانى من أكبر هزيمة مخزية في تاريخ الانتخابات يتفوق على شارون" في الورق والاستطلاع" ويظهر أن لنداو يبدو في المقدمة،، هذا ليس فقط غير ثابت, لكن علامة على أن الليكود ملتزم باستعادة البطولات والاحلام," اسرائيل هي ضفتي الاردن"، ولن أنظر الى هذه الاستطلاعات بشكل جدي, وإن مجرد تخلي عشرين عضو كنيست عن مقاعدهم لكل من نتانياهو ولنداو وفيجلين لن يكون سهلاً.

على شارون أن لا يلقي بالا الى أؤلئك الذين يقدمون له النصح بالتخلي عن الليكود, أو الدعوة لانتخابات مبكرة, وطالما لا توجد أغلبية في الكنيست ضده، فعليه أن يستمر بالعمل مع هذه الحكومة بشكلها القائم، فبامكانه أن يستغل الوقت في عمل الاصلاحات اللازمة على الميزانية, والتي يمكن أن تسهل الحياة على اؤلئك الفقراء , والجوعى, التي سببتها سياسات نتانياهو، وأن يستمر في القيام بمبادرات أحادية الجانب حتى الوصول الى ترسيم حدود دائمة لإسرائيل، خطوة خطوة.
بدلاً من إجبار شارون على ترك الليكود، على مستشاريه الأوفياء أن يخبروه، حاول الحفاظ على الحكومة الحالية حتى انتخابات 2006، فان معسكر - الأبيض والازرق- سوف يقدمون لك كل الدعم الممكن، إن بامكانك عمل ذلك "اريك" ما عليك سوى الاستمرار ونحن معك.


يوئيل ماركوس
هآرتس 26/8/2005