الجمعة: 17/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

ألحان "الثورة".. تلهم فتيان "الهبة" وتشعل الميدان

نشر بتاريخ: 10/01/2016 ( آخر تحديث: 21/10/2021 الساعة: 17:29 )
ألحان "الثورة".. تلهم فتيان "الهبة" وتشعل الميدان

بيت لحم- تقرير حياة حمدان- معا- اعتاد الفلسطينيون مع كل مرحلة نضالية يخوضونها على نمط متجدد من الأناشيد والأغاني الوطنية الحماسية، التي تشحذ الجماهير نحو مقاومة الاحتلال والوقوف في وجهه حتى نيل الاستقلال والحرية.

وتحدد وقائع المواجهة مع الاحتلال طبيعة الكلمات والالحان التي تمتزج بها الأغنية الوطنية، إذ ترتفع وتيرة الصوت واللحن عندما يتعلق الأمر بمواجهة مسلحة أو مظاهرات رشق الحجارة، بينما تخفت وتتراجع هذه الوتيرة عندما يكون النضال شعبي عام يعبر عن احتجاج سياسي مرتبط بمرحلة مفاوضات أو توتر سياسي تمر به القضية.

الهبة الحالية امتازت بكم كبير من الاغاني والاناشيد الوطنية الهادفة لالهاب مشاعر الشباب والتي تسهب في بثها قنوات فضائية مرجعيتها فصائل المقاومة الفلسطينية، ومما ميز هذه الاغاني انها تقوم على ذكر أسماء الشهداء وتشيد بأعمالهم ليضحوا مثالا يحتذى لأقرانهم وليسيروا على دربهم ليكونوا الشهداء القادمين.
وبما أن غالبية الشهداء هم من الفتيان والاطفال تعالت أصوات في المجتمع الفلسطيني تنتقد ظاهرة الاناشيد التي تدعو صراحة للإستشهاد وتنفيذ عمليات الطعن والدهس، باعتبار أنها الدافع الأساسي وراء ما يقوم به الأطفال والفتية من عمليات لا تحاكي ما ينفذه البالغون وتنتهي باستشهادهم دون أي تأثير بالجانب الآخر.

"عشاق الطعن" و"أخت المرجلة" من الاناشيد التي بتَّ تسمعها في الشوارع تنطلق صادحة من داخل سيارات يقودها فتية وشبان بدا عليهم الانفعال، ومن خلفَها أغان أقل حدة في الكلمة واللحن مثل أغنية "يا يمة" لمحمد عساف و"فلسطيني" لطوني قطان، و"بهمش" لقاسم النجار، و"أرعبنا إسرائيل" لشادي البوريني، وغيرها من الاغاني.
"بهمش"
الفنان الفلسطيني قاسم النجار من مدينة نابلس، ساهم "فنيا" في الهبة الشعبية من خلال اصدار اغنية "بهمش" وقال: "كوني فلسطيني فمن واجبي المساهمة في هذه الهبة بطريقتي كفنان، مثل اي فلسطيني سواء صحفي او شاعر او طفل، كل انسان فلسطيني يأخذ دوره في مساندة الهبة".

واعتبر النجار في حديث لوكالة معا أن اغنيته ساهمت برفع معنويات الناس وفي ظهور القضية الفلسطينية من جديد، ولو بشكل بسيط على ساحة الاعلام الدولي.

"انا اهتم بنبض الشارع ومصطلحات الشارع وعلى سبيل المثال اغنية (بهمش) حصلت على اهتمام كثير من الناس لانها مصطلح قريب ويومي ومتعارف بينهم، كما يقول النجار.
وظهر مصطلع (#بهمش) خلال الهبة الحالية بعد الموقف الذي تعرض لها الحاج زياد أبو هليل عندما وقف في وجه جنود الاحتلال لمنعهم من أطلاق النار على المتظاهرين في الخليل وكلما هدده الجنود بإطلاق النار عليه كان يرد عليهم قائلا "بهمش" وهي الكلمة التي تلقفها رواد مواقع التواصل الاجتماعي لتصبح رمزا من رموز هذه الهبة الجماهيرية.
وتابع النجار "المقاومة لكل شخص في مجاله، ولا أشجع ابدا الطفل بالشروع بعمليات الطعن، ولكني في الوقت نفسه أشجعه أن يحلم بأن يصبح طبيبا، ويحلم بالبحر، والحرية".

الفنان قطان و"فلسطيني"
ورأى الفنان الفلسطيني طوني قطان صاحب أغنية "فلسطيني" أن اسلوبه لا يهدف للعنف او الانتقاد بل للحرية، محاولا اختيار الكلمات التي تزيد من الوعي الفكري للمستمع وليس الانفعال السلبي. وقال: إن الوطنية ليست بالعنف وللمقاومة اسلوب وطرق شرعية يجب اتباعها".

واشار قطان في حديث لـ معا الى أن اغنية "فلسطيني" اصدرها تضامنا مع الهبة الشعبية، قائلا إن كلماتها واضحة ولا تحرض للعنف.

ولا يفضل الفنان قطان ان يجاري الاحداث في كتابة كلمات الاغاني الخاصة به، مثل بعض الفنانين الذين يحاولون مجاراة شعور الناس ويكتبون مع التيار، فهو يتبع اسلوبا يمنح المستمع طريقة جديدة وافكارا مسالمة وهادئة، حسب قوله.
الأثر النفسي
عرّفت الاخصائية النفسية حكمت بسيسو الاغنية الشعبية على أنها لحن ثوري انفعالي يتم الاستعانة به للتعبير عن كلمات تثير العاطفة لتتغلب على العقل، فيحدث ردة فعل انفعالية تجاه هذه الانتهاكات.

واشارت بسيسو في حديث لوكالة معا الى أن الاغاني الشعبية هي جزء من التراث الكامل، ولكن المشكلة عند الشباب انهم مقبلون على ثقافة الاغاني ولكن غير ملمين بباقي عناصر الثقافة، داعيةً الشباب الى قراءة الكتب التي تتكلم عن اعماق القضية الفلسطينية لفهم القضية تاريخيا وضمنيا.

الفراغ.. المشكلة الأكبر
وقالت بسيسو إن السبب الذي يساعد في دفع الشاب الى التأثر بالاغنية الثورية هو الفراغ، والفراغ هو الوقت الذي لا يستطيع الفرد ملؤه، ويواجه الانسان فيه صراعات عقلية وعاطفية بسبب عدم وجود وسيلة يفرغ طاقته بها، فعندما يستمع الشخص الى الاغنية الثورية التي تحرك مشاعره فإن هذا الفراغ يستدعي أن يبحث الشاب عن حل للمشكلة.

"في فلسطين يعتبر الشاب أن المشكلة والمعيق للحياة هو الاحتلال، لذلك يلجأ الى ابسط الادوات التي تخطر على باله وتكون في متناول يده، وعلى سبيل المثال ان يذهب الى الحاجز ويلقي الحجارة"، تقول بسيسو.

ورأت بسيسو أن من اهم العوامل التي تؤثر في نفسية المستمع للاغنية الثورية هي ضعف التواصل داخل العائلة، لان الام والاب كل منهما يقوم بدوره التقليدي، ولكن يجب دائما احتضان الابن وتوعيته والاستماع لافكاره وما يدور في خاطره، ليحظى بحقه من الارشاد المحبب الموصل بداية من العائلة مرورا بالمدرسة وحتى المؤسسات الترفيهية والثقافية، كلها تصب في أن يتطور سلوكه وفكره بعيدا عن التأثر السلبي.